رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة حكومية جديدة لـ«تنظيم إدار المخلفات» فى مصر

الحكومة
الحكومة

الشريف: مصر تُنتج ما بين 50 و60 ألف طن من المخلفات الصلبة يوميًا.. وحوالى 22 مليون طن سنويًا

السبع: نسبة إجمالى المخلفات التى يمكن استخدامها فى إعادة التدوير لا تتجاوز 20% فقط

ناهد يوسف: لا بد أن يكون هناك وعي من قبل المواطن لإنهاء أزمة النظافة بالبلاد 

خلال الأيام الماضية، بدأ البرلمان في مناقشة قانون مقدم من الحكومة لتنظيم إدارة المخلفات، ويتضمن القانون إنشاء هيئة عامة لتنظيم وإدارة المخلفات ومتابعة ومراقبة كافة العمليات المتعلقة بإدارة المخلفات على المستوى المركزي والمحلي، يعمل على الارتقاء بخدمة الإدارة الآمنة بيئيا للمخلفات بأنواعها. وكان مجلس الوزراء، وافق قبل عام، على هذا القانون.

إدارة المخلفات في مصر، بدأت قبل عقدين من الزمن، حيث توجهت مصر نحو إدارة أفضل لمخلفاتها، كبديل عن حرقها أو جمعها في مكبات غير صحية، وتمثل التغيير الأكبر آنذاك في منح القطاع الخاص حوافز للاستثمار في التخلص السليم من المخلفات وإعادة تدويرها لمواد خام يمكن استخدامها.

وخصصت الحكومة لهذا التوجه مليارات الجنيهات وتلقت في سبيله القروض والمنح المختلفة من منظمات متعددة الأطراف وهيئات تعاون دولية وحكومات غربية.

ولكن تراجع ذلك التوجه بإغلاق 15 شركة إدارة للمخلفات من القطاع الخاص منذ 2013؛ بسبب بعض المشكلات الهيكلية في منظومة إدارة المخلفات في مصر التي شَكلت عقبة أمام القطاع الخاص. 

وتضمنت تلك المشكلات أن أُطر العمل في مصر لا تنظم عملية جمع المخلفات، إضافة إلى أن السوق ليست داعمة للمنتجات الثانوية عن إعادة التدوير.

كما توقفت الحكومة عن سداد رسوم الخدمة للجهات التي تقوم بإعادة التدوير، والتي كانت تخفف من أثر العقبات التنظيمية، وتُطالب الشركات الخاصة في مجال إدارة المخلفات الحكومة بالتدخل عن طريق إجراءات تحفيزية لإنقاذ القطاع.

ويُوضح هشام الشريف، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتدوير المخلفات الزراعية (إيكارو) التابعة للقلعة القابضة، أن الحكومة لجأت للقطاع الخاص لإدارة المخلفات في المقام الأول بسبب أن عملية إدارة المخلفات غير فعالة وباهظة التكلفة.

ويُضيف الشريف، أن مصر تُنتج ما بين 50 و60 ألف طنً من المخلفات الصلبة يوميًا وهو ما يصل إلى 22 مليون طن سنويًا، حيث تبدأ تلك العملية بجمع المخلفات من المصدر، سواء كان منزلا أو شركة، ويكلف ذلك وحده نحو 480-1122 جنيها للطن في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. 

وفي مصر، تبلغ تكلفة جمع طن واحد من المخلفات 480 جنيها تقريبًا.

ويُشير «الشريف» إلى أنه لتمويل إعادة التدوير ومُعالجة المخلفات، أصدرت الحكومة في 2005 قانونًا بإدخال رسوم جمع المخلفات من المنازل والشركات على فاتورة الكهرباء، ولكن الرسوم التي جمعتها الدولة غطت 20% فقط من تكاليف جمع المخلفات.

ويُرجع الشريف جزءًا من المشكلة إلى أن جمع المخلفات فقط من شوارع القاهرة والإسكندرية، فيما تتكلف الإدارات المحلية بجمع المخلفات في المحافظات والمدن الأخرى بنفسها أو من خلال المنظمات غير الحكومية.

إلى ذلك يقول أحمد البري، رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات، إنه للتوسع في تمويل البرنامج أطلقت الحكومة البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة عام 2012، والذي يستهدف توجيه التمويل من الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية لتدشين وحدات متخصصة لإدارة المخلفات في أنحاء البلاد، وهو ما حدث بالفعل في أربع محافظات هي الغربية وكفر الشيخ وأسيوط وقنا.

ويُضيف «البري» أن القطاع الخاص حصل على حوافز للمُشاركة في إعادة التدوير ومعالجة المخلفات، بينها توفير الحكومة المخلفات الصلبة دون تكلفة، وتخصيص الأراضي لإقامة المنشآت المطلوبة لتصنيع المنتجات الثانوية الناتجة عن العملية والتي يمكن بيعها في السوق.

ويُتابع، أنه في بعض الحالات تعاقدت الشركات أيضًا على جمع المخلفات بأنفسها، وكحافز إضافي للشركات للدخول في السوق تعهدت الحكومة أيضا بدفع مقابل لإدارة المخلفات، يتم تحديده وفقا للاتفاق المبرم بين الطرفين.

ويلفت البري إلى أن شركات إدارة المخلفات تحقق ربحًا من بيع المنتجات الثانوية عن إدارة المخلفات، فضلًا عن رسوم الخدمة، ولعل أكثر المنتجات ربحًا هي الناتجة عن إعادة التدوير مثل العبوات المعدنية والبلاستيك والزجاج، والتي تولد عائدا يصل إلى 70 دولارًا للطن، حيث يُباع الوقود المشتق من النفايات لمصانع الإسمنت مقابل 30 دولارًا للطن، بينما يُباع السماد الطبيعي للمزارع بـ 3 دولارات للطن.

من جهته، يقول المهندس كريم السبع، المدير التنفيذي لمجموعة ريلاينس إحدى شركات إدارة المخلفات، إن نسبة إجمالي المخلفات التي يمكن استخدامها في إعادة التدوير لا تتجاوز 20% فقط، بسبب عدم وجود أنظمة كافية لترتيب جمع المخلفات ونقلها.

ويُضيف، أن 0.5% فقط من هذه النسبة تكون عالية القيمة، حيث تُجمع القمامة من منازل القاهرة الكبرى فحسب، أما بقية سكان الدولة فيتعين عليهم توصيل مخلفاتهم إلى أقرب مكب قمامة، أو الاستعانة بخدمات جامعي المخلفات غير الرسميين "الزبالين" كل صباح، بينما يسعى الزبالون لجمع القمامة عالية القيمة.

ويُوضح السبع، أن استخدام المخلفات لتخليق الوقود كان مجالًا مبشرًا في البداية، لكنه تراجع بشكل حاد حتى اضطرت 12 شركة على الأقل إلى الإغلاق، مشيرًا إلى أن الوقود المشتق من النفايات ظهر خلال أزمة نقص الغاز الطبيعي عام 2012 في مصر باعتباره بديلا محتملا للغاز والفحم المستخدم في إنتاج الإسمنت.

ويُشير السبع إلى أن انخفاض أسعار الفحم جذب أنظار الشركات بعيدًا عن الوقود الجديد، ومنذ بداية 2019 حتى الآن هبطت أسعار الفحم إلى النصف وارتفعت قيمة الجنيه، مما خفض تكلفة الاستيراد بنحو 50% لتصل إلى 1100 جنيه للطن، أما فحم الكوك المحلي فسعره أرخص، إذ يتراوح بين 750-800 جنيه للطن، وبالإضافة إلى كونه خيارا أرخص، يوفر الفحم ضعف الطاقة الحرارية التي يقدمها الوقود المشتق من النفايات.

وكانت تقدمت 93 شركة بعروض ضمن مناقصة التأهيل في شهر يونيو الماضي لبناء مشروعات جديدة لتحويل المخلفات إلى طاقة، بسعر نحو 1.4 جنيه لكل كيلووات ساعة.

ويتابع السبع، أن جمع النفايات ونقلها يكلف الدولة وحدها، لذا فإن الاستثمار في نظام أفضل لإدارة المخلفات سيُقلل من حجمها وتأثيرها على البيئة، ويوفر المواد الخام بتكلفة أرخص عن طريق إعادة التدوير، ويبلغ متوسط الرسوم العالمية لإعادة التدوير ودفن المخلفات في المدافن الصحية ما بين 33 إلى 120 دولارا للطن في العام، ولهذا طلبت شركات إدارة المخلفات التفاوض مع الحكومة على رسوم مماثلة في حدود 650 جنيها للطن.

من جانبها، تقول الدكتورة ناهد يوسف، رئيس جهاز إدارة المخلفات السابق بالبيئة، إنه لا بد أن يكون هناك وعي كبير من قبل المواطن المصري تجاه الحد من القمامة والمخلفات لإنهاء أزمة النظافة بالبلاد، مشيرة إلى أن أهمية حرص المواطن على نظافة مسكنه وشارعه ومدينته التى يقطن بها وبلده، ويجب أن يساعد المواطن عامل النظافة في عدم إلقاء المخلفات بالطرقات ولا بالشوارع الرئيسية ولا بالطرقات، وأن يلتزم بإلقائها في صندوق النفايات.

وبحسب تصريحات سابقة لـ«يوسف»، فإنه لكى تصير منظومة النظافة بالوضع الصحيح، لابد من الإسراع من جانب البرلمان في التصديق على قانون النظافة، لافتةً إلى أن القانون هو الذي يحدد تسعيرة المخلفات، ولابد أن يتم وضع تسعيرة محددة لكل فئة بملف النظافة، ويتم حسابها لكل وحدة سكنية.