رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسباب «انتعاشة» الاستثمار فى «الأموال الساخنة» بمصر خلال الشهور المقبلة

النبأ

على الرغم من ارتفاع التدفقات المالية الأجنبية إلى مصر منذ تعويم الجنيه قبل نحو 4 أعوام، إلا أن جزءًا منها يصنفه الخبراء كـ«أموال ساخنة» يضخها الأجانب عن طريق الاستثمار في أدوات الدين المصرية، وهي أموال سرعان ما تدخل للاقتصاد وتخرج منه باحثة عن فرص استثمارية أخرى ذات أرباح أعلى.


والأموال الساخنة هي عبارة عن تدفقات مالية من خارج الدولة بغرض الاستثمار والاستفادة من وضع اقتصادي معين مثل تدني سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة. 


وغالبًا ما تأتي في صورة استثمارات في أذون الخزانة أو السندات، وهي أدوات تقوم الحكومة بالاقتراض من خلالها، أو في أسهم الشركات المدرجة بالبورصة، للاستفادة من تدني سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة.


ويصف الخبراء والمحللون، أن الاستثمار في أدوات الديِن المصرية بأنه "مغرٍ"، حيث تصل نسبة الفائدة إلى 2.5%، وهو ما يُرشح التدفقات النقدية الأجنبية للعودة مرة أخرى؛ هذا على الرغم من نسبة عجز الموازنة التي تتراوح بين 8 إلى 8.5%. 


وبحسب بيانات البنك المركزي، فإن حيازة المستثمرين الأجانب لأدوات الدين المصرية تراجعت من 28 مليار دولار مطلع العام الجاري إلى 13 و14 مليار دولار حاليًا، بسبب جائحة فيروس كورونا. 


ويأتي ذلك، بينما شهدت مصر صافي تدفقات داخلة من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين للمرة الأولى منذ تفشي الجائحة، حيث قُدر صافي حجم الاستثمار في السندات وأذن الخزانة بنحو 400 مليون دولار، ولدى مصر حاليًا ثاني أعلى سعر فائدة حقيقي معدل بحساب التضخم على مستوى العالم.


ورجح المحللون، أن تكون الاستثمارات في الأموال الساخنة هي السبيل الأسرع والأكثر فاعلية سواء لمصر أو للاقتصاديات الناشئة، وأنه من المتوقع أن تشهد الاستثمارات في أدوات الديِن من السندات وأذون الخزانة معدلات تاريخية هذا العام. 


ويُوضح الدكتور عبد الرحمن عليان، الخبير الاقتصادي، أن هناك أسبابا كثيرة تجعل الاستثمار في الأذون والسندات المصرية مرغوب فيه، أبرزها ضمان الحكومة المصرية بشكل مباشر لها، وبالتالي ذلك يضمن للمستثمر الأجنبي حقوقه المالية.


ويقول إن معدلات الفائدة على الأذون والسندات المصرية أعلى من مثيلاتها في دول المنطقة أو من دول أوروبية بطبيعة الحال، أيضًا ميزة أخرى تجعل الاستثمار فيها أمر جيد، مضيفًا أنه أيضًا يمكن للمستثمر الأجنبي حق البيع والتصرف في الأذون والسندات، طالما سيبيعه لمؤسسات مالية. 


ويُضيف عليان، أن سندات وأذون الخزانة عبارة عن قرض، تستخدمه الحكومة لتغطية احتياجاتها المالية، لكن بدلًا من الاقتراض من مؤسسات مالية أو دول، فإنها تقوم بطرح سند أو أذن بفائدة غالبًا ما تكون مرتفعة، لترغيب المستثمرين في شرائه. 


إلى ذلك، يقول أبو بكر إمام، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار، إن أمر الاستثمار في أدوات الديِن متوقف على قدرة المستثمر الأجنبي في الأموال الساخنة، نظرًا لحجم المخاطرة في ظل الأزمة الحالية، خاصة وأن المستثمر في أدوات الدين يبحث عن عوائد سريعة بأقل مخاطرة ممكنة، مما يجعله "جبان" أما الأزمات ويقوم معظمهم بالتخارج والتوجه للأسواق الأكثر أمانًا مثل الولايات المتحدة بأسعار فائدة منخفضة.


ويدلل إمام على تخارج الاستثمارات الساخنة في العديد من الدول ومن ضمنها مصر، التي شهدت تراجعا بنسبة 50% في استثمارات أدوات الدين لتصل إلى 14 مليار دولار مقارنة بـ28 مليار دولار، وهو ما يوضح أن 50% من المستثمرين الأجانب في مصر قادرين على تحمل المخاطرة في ظل أزمة كورونا العالمية.


ويرى أبو بكر، أن المشهد حاليًا يشوبه الضبابية، لا أحد يعلم موعد انتهاء الأزمة، أو الأثر الكمي لها على الاقتصاديات المختلفة، مشيرًا إلى أنه على الرغم من ارتفاع العائد على أدوات الدين في الأسواق الناشئة، إلا أن قدرتها على جذب المستثمرين الأجانب تتفوق على مدى تأثرها بالأزمة، وحجم القيود التي تفرضها على تخارج المستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى قدرة المستثمر على تحمل المخاطرة.


وبحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن الأموال الساخنة، تسببت في نزيف للعملة الصعبة، حيث تُشير البيانات إلى ارتفاع صافي عوائد الاستثمار الأجنبي التي خرجت من مصر إلى 6.3 مليار دولار، خلال عام 2018، وهو رقم يقارب كل ما دخل مصر من استثمار أجنبي مباشر في نفس العام.


وتُضيف في تقريرها الصادر في يناير 2020، أن مصر يخرج منها نحو18.7 مليار دولار صافي استخدامات قصيرة الأجل في شكل قروض وأوراق مالية وودائع بالنقد الأجنبي مستحقة السداد معظمها خلال فترة ثلاثة أشهر إلى سنة، إضافة إلى 5.2 مليار دولار التزامات عرضية وضمانات مقابلة على الديون المستحقة معظمها خلال ثلاثة أشهر. ولكن تبقى الاحتياطيات الدولية عند مستواها اللازم لتغطية ثمانية أشهر من الواردات، وتعتمد السياسات الحالية على تغذيتها عبر إعادة الاقتراض الخارجي، وهذا هو "فخ المديونية". 


ومن أهم الجهات المقرضّة لمصر: سندات دولية: 16.3 مليار دولار، الصين 6.3 مليار دولار، ألمانيا 2.9 مليار دولار، اليابان 2.3 مليار دولار، فرنسا 1.3 مليار دولار، الولايات المتحدة 1.5 مليار دولار، دول أخرى 17.4 مليار دولار، الدول العربية "السعودية والإمارات والكويت" 22.2 مليار دولار، المؤسسات الدولية 30 مليار دولار.