رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

4 حكم من قصة ذبح سيدنا إسماعيل؟.. ولهذا السبب جعل الله يوم النجاة عيدًا!

النبأ


يستعد المسلمون في جميع أنحاء العالم لاستقبال العشر الأوائل من ذي الحجة، حيث يتنافسون في هذه الأيام على فعل كل ما يحبه الله ويرضاه لتتوج العشر بيوم العيد وذبح الأضاحي.


وتطرق العلماء إلى الحكمة مِن أمر الله تعالى لنبيه إبراهيم بذبح ابنه البكري ثم فداؤه بعد ذلك، وجعل يوم النجاة عيدًا تذبح فيه الأضاحي، وفيما يلي ذكر بعض منها:


تحقيق العبوديّة لله تعالى

بعد أن رزق الله سبحانه وتعالى نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام بولدٍ من هاجر هو إسماعيل عليه السلام، أحبه إبراهيم عليه السلام حبًا شديدًا وتعلق قلبه به.. فأراد الله سبحانه وتعالى أن يختبر نبيه إبراهيم عليه السلام فأمره أن يذبح ولده الوحيد وفلذة كبده إسماعيل بعد أن كبر.


وقد جاء هذا الأمر في رؤيا رآها إبراهيم عليه السلام في المنام: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات:102].. ومعلوم أن رؤيا الأنبياء وحي.


فذهب إبراهيم عليه السلام لولده وأخبره بما أمره الله به، فما كان من هذا الولد الصالح ابن السيدة التي وكلَّت أمرها لله تعالى في السابق إلا أن يستجيب لوالده ولأمر الله تعالى بكل حب وطواعية صابرًا محتسبًا، مُرضيًا لربه، وبارًا بوالده؛ قائلاً: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:102].


وهذا من تمام العبودية وكمال الامتثال لأمر الله تعالى سواء من الأب الذي أُمِر أن يذبح ولده الوحيد الذي طالما تمناه وبعد أن رزقه الله به على كبر، ومن الابن الذي لم يتذمر ولم يرفض بل هانت عليه نفسه إرضاءً لله تعالى، وأخبر والده أنه مُوطن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة اللّه تعالى، لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة اللّه تعالى.


ولما استسلم إبراهيم وولده لأمر الله تعالى وفوضا أمرهما إليه.. ذهبا سويًا إلى مكانٍ بعيدٍ وخلع إسماعيل قميصه ليكفنه والده فيه، وأضجع إبراهيمُ ولدَه على وجهه لئلا ينظر إليه فيشفق عليه.. ووضع إبراهيم عليه السلام السكين على رقبة ولده ليحزها، فسُلِبَت السكين حدها وجاءت البشرى فنودي إبراهيم عليه السلام: {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات:104- 106].


رحمة بـ"سارة" وجبرًا لـ"هاجر"

غارت السيدة سارة امرأة الخليل- صلى الله عليه و سلم- من هاجر وابنها أشد الغيرة فإنها كانت جارية، فلما ولدت إسماعيل وأحبه أبوه اشتدت غيرة سارة فأمر الله سبحانه أن يُبعد عنها هاجر وابنها ويسكنها في أرض مكة لتبرد عن سارة حرارة الغيرة وهذا من رحمته تعالى ورأفته، بل حكمته البالغة اقتضت أن يأمر بذبح ولد السرية فحينئذ يرق قلب السيدة عليها وعلى ولدها وتتبدل قسوة الغيرة رحمة ويظهر لها بركة هذه الجارية وولدها، وأن الله لا يضيع بيتًا هذه وابنها منهم، وليري عباده جبره بعد الكسر ولطفه بعد الشدة وأن عاقبة صبر هاجر وابنها على البعد والوحدة والغربة والتسليم إلى ذبح الولد آلت إلى ما آلت إليه من جعل آثارهما ومواطئ أقدامهما مناسك لعباده المؤمنين ومتعبدات لهم إلى يوم القيامة.


إنهاء فصلًا مؤلما من قتل البشر

يرى كثيرا ممن يحملون في قلوبهم كرها للإسلام والمسلمين أن ذبح الأضاحي يوم العيد مشهدًا دمويا ليس فيه رحمة، وردا على هؤلاء، وضح العلماء أن الله تعالى أراد من هذا الابتلاء لسيدنا إبراهيم وولده أن يُعطيَ للبشرية التي كان يسود فيها آنذاك - التضحيةُ بالبَشَرِ للآلهة درسًا؛ فالإلهُ الأوحدُ للبشرية أخبَرَنَا أنه ليس بحاجةٍ لقربان يُقَدَّمُ له مِن البَشَر، وعلَّمَنا أنَّ القربان لا يكون إلا بالحيوان، يُذبح لله، ويكون نفعُه للبشر.


وبذلك أنهى فصلًا مُؤلمًا، حزينًا، دمويًّا مِن قَتْل البَشَر للبَشَر باسم القُربان للآلهة، ولم يكتفِ اللهُ تبارك وتعالى بهذا التحريم، بل جَعَل يوم التحريم تاريخًا يُعاد كل سنة، كأنه يُذَكِّرنا بهذا القرار الصارم الذي لا رجعةَ فيه، بل جعل الأمر أكبرَ مِن هذا بكثير، فقد جَعَلَهُ عيدًا يحتفل به المسلمون في كل أنحاء الأرض، اليوم الذي نَجَتْ فيه البشريةُ مِن حُكمٍ لأعراف دمويَّةٍ كانتْ سائدةً لقرون طويلة.


فقَتْلُ الإنسان دون سببٍ حرامٌ في ديننا، ولا ذبحَ للإنسان مطلقًا تحت أي عذرٍ أو لأيِّ سبب غير شرعيٍّ كالقصاص مثلًا، أمَّا ما يفعله البعضُ باسم الديانات الإبراهيمية الثلاث، أو باسم الديانات الزائفة؛ فهو مخالفٌ للدين، وسيكون الله خصمهم يوم القيامة.


المسارعة إلى تنفيذ أمر الله


جاء أمر الله -تعالى- لنبيّه إبراهيم بذبح ابنه برؤيا رآها في منامه، ولم يتوانَ إبراهيم -عليه السلام- بتصديق هذه الرؤيا رغم صعوبتها، ومبادرته بالطاعة لأمر الله -تعالى-، وكذلك تجلّت الطاعة والمسارعة إلى تنفيذ أمر الله من إسماعيل -عليه السلام- عندما انثنى مباشرةً للخبر الذي جاء به والده، وانحنى لينفّذ أمر الله -سبحانه-.