رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«خطة الضم».. خطوة على طريق تحقيق حلم «إسرائيل الكبرى»

النبأ

«خلاف»: خطة غير شرعية وتخالف القوانين الدولية التى تمنع أى دولة ضم الأراضى المحتلة إلى سيادتها

«حسن»: إسرائيل تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق حلمها القديم من البحر للنهر

«شعث»: تشكل خطرا وجوديا على الأمن القومى العربى وتهدد ستة ملايين وستمائة ألف فلسطينى

على الرغم من الرفض الفلسطيني والعربي والدولي، تتواصل التحضيرات في إسرائيل لتنفيذ خطة ضم أراض فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة التي أعلنت عنها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمعروفة إعلاميا بـ«خطة الضم».

وهذه الخطة تعتمد على قيام إسرائيل بضم منطقة «غور الأردن»، والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة إلى سيادتها.

ووضع الخبراء عدة سيناريوهات لهذه الخطة منها:

السيناريو الأول يقضي بضم جميع أراضي المنطقة المصنفة "ج" بالضفة الغربية والتي تسيطر عليها إسرائيل بموجب اتفاقيات أوسلو الموقعة مع السلطة الفلسطينية، ويشمل ذلك «غور الأردن»، وجميع المستوطنات غير القانونية التي تضم حوالي 400 ألف مستوطن إسرائيلي.

أما السيناريو الثاني فيشمل ضم غور الأردن إلى إسرائيل، وهو منطقة إستراتيجية للغاية وغنية بالموارد، ويقطنها حاليا 56 ألف مواطن فلسطيني و11 ألف مستوطن إسرائيلي.

بينما يشمل السيناريو الثالث المرجح حتى الآن، ضم الكتل الاستيطانية الرئيسية -وهي معالية أدوميم وأرييل وغوش عتصيون- التي يبلغ عدد سكانها مجتمعة حوالي 85 ألف مستوطن إسرائيلي.

وسيؤدي ضم تلك المستوطنات إلى فصل أجزاء كثيرة من الضفة الغربية عن القدس المحتلة وبيت لحم، وخلق جيوب إسرائيلية في قلب أي دولة فلسطينية مستقبلية.

وربط بعض الخبراء بين خطة الضم وبين حلم إسرائيل الكبرى من النيل للفرات، ويشير الكثير من الخبراء إلى أن عدم وجود حدود لدولة إسرائيل حتى الآن، يؤكد أن الدولة العبرية ماضية وبقوة في تحقيق حلمها القديم من النيل إلى الفرات.

وبحسب آباء الصهيونية وكذلك آباء اليهود المتطرفين، فإن الحدود المتخيلة لـ"إسرائيل" ليست ضمن نطاق فلسطين التاريخية فقط، وإنما تتجاوز ذلك، فالعلم الإسرائيلي الذي يحده من الأعلى والأسفل خطان أزرقان متوازيان يشيران إلى أن حلم الدولة الكبرى ممتد بين نهري النيل في مصر والفرات في العراق.

ويقول الخبراء، إن دولة الاحتلال حتى هذه اللحظة ترفض وبشكل قاطع ترسيم حدودها وأن تضع أي خارطة واضحة ورسمية لموقعها الجغرافي مع الدول المجاورة ولها، لأن ذلك يتنافى مع حلمها الكبير.

ويقول الخبراء، إنه حسب خطة تيودور هيرتزل المعروفة، فإن «إسرائيل الكبرى» تمتد من حوض النيل إلى الفرات، وكل من يحدث في العالم العربي يصب في خانة الخطة الصهيونية للشرق الأوسط، وهذه الخطة تعني إضعاف الدول العربية المجاورة لإسرائيل وتفتيتها، كجزء من المشروع التوسعي الإسرائيلي، الذي يتضمن طرد الفلسطينيين، ومن ثم ضم كل من غزة والضفة الغربية لإسرائيل.

وأكد الباحث «إسرائيل شاهاك» أن المبدأ الذي وضعته خطة تيودور هرتزل المعروف بأبو الصهيونية العالمية في خلق دولة «إسرائيل العظمى»، هو حجر الزاوية الأساسي فى أهداف حكومة بنيامين نتنياهو الحالية.

ويقول الخبراء، إن المخطط الإسرائيلى فى كل الأحوال يستبعد وجود دولة فلسطينية، ذلك أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، يصر على أن تكون أرض فلسطين التاريخية وطنًا قوميًا لليهود، انطلاقًا من وعد بلفور.

يقول السفير هاني خلاف، سفير مصر السابق في ليبيا ومساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية، إن هناك رفضًا أمريكيًا حتى الآن لخطة الضم الإسرائيلية، مشيرا إلى أن أمريكا تشترط أن يتم تمرير هذه الخطة بعد مفاوضات صورية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تعلن بعدها الحكومة الإسرائيلية تنفيذ الخطة حتى مع رفض الجانب الفلسطيني، مؤكدا على أن هذه الخطة في حال تطبيقها سيكون لها تأثير سلبي كبير على حل الدولتين، لأنه بعد الضم لن يتبقى للفلسطينيين سوى قطاع غزة وجزء صغير من الضفة الغربية.

ولفت إلى أن هذه الخطة غير شرعية وتخالف كل القوانين الدولية التي تمنع أي دولة ضم الأراضي المحتلة إلى سيادتها، متوقعا أن يقتصر رد الفعل العربي على تطبيق الخطة على الشجب والاستنكار والإدانة ورفع الأمر لمجلس الأمن الذي سوف يصدر قرارًا بعدم شرعية القرار الإسرائيلي وينتهي الموضوع عند هذا الحد.

وعن علاقة خطة الضم بـ«مشروع إسرائيل الكبرى»، قال «خلاف»، إن اليهود خاصة اليمين الإسرائيلي المتطرف يرون أن فلسطين أرض موعودة لهم بمقتضى الوعد الإلهي وبناء على التراث اليهودي والتوراتي، مؤكدا أن إسرائيل لن تتوقف عند خطة الضم ولكنها تفكر في تحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل للفرات، مشيرا إلى أن العالم يتسامح مع الخطاب الديني الصهيوني الذي ينظر للصراع العربي الإسرائيلي من منظور ديني ولا يتسامح مع خطاب ديني آخر.

ويقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنّ هناك اتجاهين داخل إسرائيل في هذا الموضوع، اتجاه يرى أن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت سيؤدي إلى انهيار عملية السلام وأن ذلك مرفوض من جميع الأطراف العربية والدولية وأن ذلك يمكن أن يعرض إسرائيل لمشاكل كبيرة جدا، والاتجاه الآخر الممثل في حزب أبيض أزرق يرى ضم بعض المستوطنات، وهناك اتجاه آخر يرى ضرورة وجود ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى أن موقف السعودية والأردن ومصر وجامعة الدول العربية قوى ضد الخطة ويرى أن ذلك سيلحق أضرار بإسرائيل نفسها، ويرى أنه من الأفضل أن يكون ذلك من خلال المفاوضات.

وعن علاقة خطة الضم بحلم إسرائيل الكبرى، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك كتابًا لرئيس وزراء إسرائيل الأسبق، بيغال ألون، ذكر فيه أن إسرائيل من البحر للنهر، مؤكدا على أن إسرائيل تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا الحلم القديم، محذرا من أن قيام إسرائيل بتنفيذ خطة الضم دون أن يكون هناك رد فعل قوى وإجراءات قوية من جانب الدول العربية تجاه إسرائيل سيؤدي إلى انتهاء الدولة الفلسطينية لاسيما وأن إسرائيل تسعى إلى ضم كل الضفة الغربية. 

ويضيف الدكتور أسامة شعث، المناضل والسياسي الفلسطيني البارز، وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن خطة الضم هي ترجمة فعلية لـ«خطة ترامب» أو ما تسمى "صفقة القرن"، التي نصت صراحة أن "السيادة في الاغوار والمستوطنات ومناطق ج  و"القدس الموحدة" ستكون لإسرائيل، لذلك نحن كفلسطينيين نعتبر الضم خطة صهيوأمريكية.

وأوضح «شعث»، أن تنفيذ الضم لجزء من أراضي الضفة المحتلة عام ١٩٦٧م إلى السيطرة الإسرائيلية كليا بنسبة تزيد عن 30%، يعني فرض سياسة الأمر الواقع وبالتالي إخراج هذه المناطق من اَي مفاوضات مستقبلا، وبالتالي إنهاء اَي أمل لإقامة دولة فلسطينية، مشيرا إلى أن خريطة دولة فلسطين التي عرضها ترامب في صفقة القرن هي ذاتها خطة الضم الإسرائيلية وهي أشبه بالكانتونات المتباعدة والجزر المنعزلة عن بعضها، أضف لذلك ما ذكره ترامب في خطته بأن دولة فلسطين ستكون بلا سيادة ولا سيطرة على المعابر ولا حدود بحرية لها والأمن سيكون كله بيد الاحتلال، ولذلك فان خطة الضم هذه ستقضي على اَي أمل بقيام دولة فلسطينية على حدود الأراضي المحتلة.١٩٦٧م، ما يعني إنهاء حل الدولتين تماما.

وعن الموقف العربي والدولي من الخطة، أكد المناضل الفلسطيني، أن هناك إجماعا عربيا ودوليا لرفض خطة الضم قطعيا، لأنها ستشكل خطرا وجوديا على الأمن القومي العربي وستهدد الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، مشيرا إلى أن التداعيات التي ستنتج عن خطة الضم كثيرة وخطيرة منها، إنهاء وجود الدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧م، وهذا قد يعيدنا للمربع الأول في العقلية الصهيونية والأمريكية بإعادة طرح مشروع الوطن البديل، وهذا يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي، ومن التداعيات إلغاء حق العودة للاجئين بعد فرض قانون يهودية الدولة على كل فلسطين التاريخية، وعلى هذا الأساس لن يتمكن ستة ملايين لاجئ فلسطيني من العودة لديارهم الأصلية، لأن قانون القومية اليهودية لا يسمح بعودتهم، وهذا يعني توطينهم في دول الإقامة العربية ما يشكل وضعا ديموجرافيا جديدا في الوطن العربي وما يترتب عليه من التزامات سياسية واجتماعية واقتصادية، لذلك مبدأ التوطين مرفوض عربيا وفلسطينيا.

وأضاف «شعث»، أنه بمجرد تنفيذ خطة الضم فإن مصير أكثر من ستة ملايين وستمائة ألف فلسطيني يعيشون في أرضهم التاريخية سواء في فلسطين المحتلة 1948م أو المحتلة عام ١٩٦٧م سيصبحون بلا مواطنة استنادا إلى قانون القومية اليهودية، كما يعني حرمانهم من كل الحقوق السياسية والإنسانية، وهذا يضع الشعب الفلسطيني كله تحت نظام أبارتايد عنصري، ما سيزيد من التصعيد والمواجهة الشعبية لألة القمع الصهيونية العنصرية.