رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مدبولي والأطباء وضرورة تصحيح الخطأ

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين


«أؤكد على كل الشكر والتقدير للأطقم الطبية كلها التى تقوم بجهد هائل واستثنائى فى التعامل مع هذه الأزمة، إن هذا دور مقدس يقومون به فى هذه المرحلة شديدة الاستثنائية التى يمر بها الوطن، ومثلما نقدم لهم الشكر فاسمحوا لى، إننا نجد فى بعض المحافظات والأماكن أن هناك تغيبا وعدم انتظام من أطقم فى بعض الأماكن وهذا ما أدى للأسف بصورة أو بأخرى إلى حدوث تفاقم للإصابات أو حالات للوفيات نتيجة لعدم انتظام الأطقم الطبية فى القيام بعملها وعشان كده حرصنا على توجيه السادة المحافظين ووزارة الصحة أن تعمل كل الإجراءات لضمان انتظام عمل الأطقم الطبية وتوفير كل المستلزمات الخاصة بهم، ولكن من يتغيب أو لا ينتظم فى العمل فلا بد أن تُتخذ ضده كل الإجراءات».

الكلمات السابقة بأكملها هى نص ما قاله الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء قبل أيام قليلة وأدت إلى جدل كبير وثورة غضب بين عدد كبير من الأطباء.

من دون لف أو دوران ما قاله مدبولى سليم وصحيح لفظا، لكنه خاطئ سياسيا خصوصا فى توقيته، وحتى لو كان صحيحا فما كان ينبغى أن يقال بهذه الصورة، وأتمنى أن يبادر دولة الرئيس إلى تصحيح هذا الخطأ، خصوصا أنه إنسان مهذب ولم يعرف عنه العند أو المكابرة.
سيسأل سائل: وأين هو خطأ رئيس الوزراء.. أليس كل ما قاله صحيحا؟

قبل كتابة هذا المقال حرصت أن أسمع ما قاله د. مدبولى فى مقطع الفيديو، ونظريا الكلام ليس به خطأ، ولو قاله فى أى وقت آخر، لكان منطقيا وعاديا، وينطبق على كل الفئات والمهن فى مصر. فأى مهنة بها المخلصون والمقصرون والمتحمسون والكسالى، ووجد القانون لمكافأة المخلص ومعاقبة المتراخى.

لكن الخطأ الذى وقع فيه د. مدبولى أن كلامه جاء فى عز المهمة المقدسة التى يقوم بها الأطباء، وبقية الأطقم الطبية، ويقدمون فيها أرواحهم وأرواح أهاليهم وأحبائهم لعلاج المصابين.

أقول هذا الكلام بعد أن استمعت إلى ما يقوله الأطباء من منتدياتهم، وأخشى أن نفس قوى الشر تحاول أن تصطاد فى الماء العكر، وتفتعل أزمة جديدة كى تعود إلى المشهد مرة أخرى وبالتالى علينا ألا نعطيهم الفرصة.

الدكتور مدبولى كان موفقا جدا، حينما استقبل قبل أسابيع الدكتور حسين خيرى نقيب الأطباء بعد طول غياب، وبعدها التقت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد بالنقيب. هذا التحرك كان موفقا وسياسيا من الدرجة الأولى، وأدى إلى وأد فتنة كبيرة سعى إليها البعض بحسن أو سوء نية.

وفى الفترة الأخيرة حاولت الحكومة الاستجابة لبعض طلبات الأطباء العادلة، وبدأنا مرحلة جديدة شعارها التعاون، ثم جاء هذا التصريح ليشوش على هذا المناخ الجديد. المؤكد أن مدبولى لم يقصد إغضاب الأطباء وربما يكون قد تلقى تقديرات أو تصورات غير كاملة، مرة أخرى، ما قاله مدبولى سليم، لكن هذه العبارة الأخيرة عن المتغيبين لم يكن يفترض أن تقال.

كان سهلا على د. مدبولى أن يطلب من المحليات والأجهزة المختصة أن تتخذ الإجراءات ضد أى طبيب أو ممرض متغيب، لم يكن أحد من الأطقم الطبية سوف يعترض على ذلك، بل إن الأطباء المجتهدين والمنتظمين فى عملهم كانوا سيرحبون بذلك، لكن المشكلة أن الكلمات الأخيرة فى خطاب د. مدبولى أعطت انطباعا للأطقم الطبية أن هذا هو رأى الحكومة فيهم، رغم أن الرجل قال كلاما طبيا كثيرا فى حقهم، وسبقه فى ذلك رئيس الجمهورية وسائر المسئولين.

الأطباء وبقية الأطقم الطبية هم جنود المعركة ضد فيروس كورونا فى اللحظات الراهنة وبالتالى فليس من الحكمة أن نخسرهم مهما كان السبب خصوصا فى ظل النقص الشديد فى عدد المستشفيات والأسرّة والمستلزمات الطبية، وبالأخص لا يصح على القادة أن يشككوا فى الجنود أثناء سير المعركة.

الدكتور مدبولى رجل شديد الإخلاص والتفانى فى خدمة البلد، وأشاد به كثيرون منذ ظهور فيروس كورونا للجهد الهائل الذى يبذله والتحرك السريع الذى قام به هو وغالبية أعضاء الحكومة.من خلال معرفتى الشخصية بالدكتور مدبولى فإننى أتمنى منه أن يصحح هذا الخطأ غير المقصود فى أقرب فرصة ممكنة.
نقلا عن "الشروق"