رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

من ينقذهم من «دكاكين» التعليم الخاص.. استغاثة عاجلة من مهندسي مصر للمسئولين

نقابة المهندسين-أرشيغية
نقابة المهندسين-أرشيغية


تعد مهنة الهندسة بجميع أقسامها من المهن الرائدة في مصر؛ نظرا لما تشكله من أهمية بالغة على المستويين المحلي والدولي، وهذه المهنة وأصحابها في مصر يواجهون العديد من المشاكل، الأمر الذي دفعهم للتوجه باستغاثة عبر جريدة "النبأ" للمسئولين في الدولة؛ من أجل النظر إليهم والتدخل الفوري لحل مشاكلهم وإرجاع للمهنة هيبتها التي كانت موجودة عليها في السابق.


المهندس محمود نعيم عبد العزيز.. أشار إلى أن مكانة المهندس الآن لم يعد لها قيمة أو كرامة في ظل ما تشهده المهنة من انحدار مستمر بسبب التعليم الهندسي الخاص في مصر، لافتا إلى أن هناك الكثير من المهندسين يعملون برواتب ضعيفة للغاية نظرا لكثرة الأعداد المنبثقة عن التعليم الخاص، ما جعل المهندس مغلوب على أمره، لأن تلك الظروف وضعته بين خيارين إما أن يرضى بهذه المرتبات الضعيفة أو يبحث عن عمل آخر كبديل وكلاهما مر. 


وقال المهندس محمود، إنه  لا توجد عدالة في هذه المهنة، بمعني أن هناك بعض المهندسين دخلوا هذه المعاهد الخاصة من الثانوية العامة أو الدبلومات بمجاميع ضعيفة جدا لا تتجاوز الـ60 أو 70% وللأسف دخلوا نقابة المهندسين واستلموا كارنيهات وزاولوا المهنة بشكل طبيعي.


وأوضح أنه في ظل هذه الأوضاع المتردية،عندما يتقدم المهندس للعمل في شركة بيتم الموافقة فورا حتى لو كان الراتب ضعيفا؛ نظرا لوجود آخرين يتقاضون نفس المرتب رغم ضعفه، مشيرا إلى أن أعداد المعاهد في زيادة وأن كارنيه النقابة عبارة عن معاش فقط، ولازم تجدد علشان لما تكبر وتتقدم في السن تقدر تحصل على معاش ثابت وهو أصلا لا قيمة له.


واستكمل: "عندما طالبنا من النقابة التدخل لحل هذه المشكلة، برروا هذا الموقف بأنه قرار من وزارة التعليم العالي"، مشيرا إلى أن المهنة أصبحت عبارة عن سبوبة لا أكثر ولا أقل، وأن النقابة أصبح شغلها الشاغل جمع المال من هذه المعاهد على حساب المهنة، والمتضرر هو المهندس الذي لم يعد له قيمة في سوق العمل وأنهي كلامه بتوجيه استغاثة للمسئولين بسرعة التدخل لحل هذه الأزمة. 


المهندس طارق ونيس عبد الغني، من خريجي الأكاديميات الهندسية الخاصة بمصر، يقول لـ"النبأ": "تخرجت من الثانوية العامة في المملكة العربية السعودية عام 2013 وبعد إجراء المعادلة لشهادة الثانوية العامة المصرية حصلت على نسبة معادلة تقارب الـ97% لأفاجأ بعدها بأن تنسيق أقل كلية هندسة حكومية يتجاوز النسبة التي حصلت عليها، حيث إن المقاعد التي منحتها لنا وزارة التعلم العالي كحاصلين على الثانوية العامة من الخارج لا تزيد عن 5% من أعداد المقاعد الإجمالية للتعليم العالي ككل؛ مما اضطرني لدخول أحد المعاهد الهندسية الخاصة والتي كانت نسبة القبول به91% للثانوية العامة المصرية وعلى الرغم من ذلك كانت هنالك شريحة كبيرة من الطلاب دون المستوى المطلوب لدراسة العلوم الهندسية وعلمت بعدها أن الكثير من المعاهد تقبل طلاب بنسب تصل إلى 60 % في الثانوية العامة المصرية فأين العدل وأين المبدأ في ذلك؟.  


وتساءل.. هل يتساوى من حصل على نسب تتجاوز الـ90% في الثانوية العامة بمن حصل على نسب أقل من ذلك بكثير في الحقوق والفرص، أليس ذلك فسادا واستهتارا وإضاعة للحقوق وتنقيصًا من قدر مهنة من اسمى المهن وأهمها عبر التاريخ وعلى مستوى العالم أجمع.


وأكد طارق ونيس، أن نقابة المهندسين تلعب دورًا رئيسيًا في الوضع الراهن للمهنة؟ ألم تشاهد نقابة الأطباء في دفاعها المستميت عن منتسبيها وحقوقهم، حيث وضعت شروطا صارمة للانضمام لكليات الطب الخاصة، ونقابة الصيادلة التي طبقت حد أدني يتخطى الـ90% في الثانوية العامة للالتحاق بأي كلية صيدلة خاصة.


واختتم "ونيس" كلامه قائلا: "لا شك أن المؤسسات التعليمية الخاصة موجودة في كل الدول بل هي أحد أعمدة الاقتصاد فيها، ولكن لا بد من التنظيم ووضع حدود، بحيث لا تصبح أي مهنة مهما كانت مجالا للتربح والاستثمار دون النظر إلى العملية التعليمية ومستوى الخريج"، مشيرا إلى أن التعليم عماد الوطن وبه يتقدم ويسمو، وأن المهندس المصري في السابق كانت له هيبته والعالم كله شهد بذلك وخاصة في دول الخليج، وضربت به الامثال في الكفاءة والبراعة والدقة.


وطالب المهندس طارق ونيس، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسرعة التدخل العاجل وإلزام نقابة المهندسين بالقرارات المناسبة في هذا الشأن وفي مقدمتها الالتزام بتطبيق قرار الجمعية العمومية لنقابة المهندسين في عام 2015 والتي أقرت بأنه لا مهندس تحت 85%.  


وصرحت المهندسة غادة شاهين، عضو نقابة المهندسين لـ"النبأ"، بأن مشكلة معاهد الهندسة في مصر أنها لا تراعي المعايير الهندسية، وأطلق عليها مؤخرا "دكاكين الهندسة"، لافتة إلى أن هذه المعاهد لم تكن حديثة، بل تمتد لسنوات ماقبل الثورة، وأن ما يحدث الآن من تلك المعاهد لم يكن أحد يتوقع أن يصل حجم الضرر منها إلى هذا الحد.


وأوضحت أن الموضوع يتلخص في قبول تلك المعاهد لطلبة الثانوية العامة الحاصلين على 60% و 70 % و 80%، دون مراعاة لمبدأ تكافؤ الفرص، ثم نجد المحتوى الأكاديمي لتلك المعاهد، أيضا، لايتناسب مع احتياجات سوق العمل وحتى معايير مهنة الهندسة، لنجد في النهاية خريجين غير كفء وبأعداد كبيرة غير مدروسة تفوق استيعاب سوق العمل، مما أدى إلى حدوث بطالة بنسبة كبيرة في قطاع المهندسين.


وأوضحت "شاهين"، أن هذه المعاهد أضرت بالمهنة وبسمعة المهندس المصري داخل وخارج مصر، ولفتت إلى أنه في دولة الكويت أصدرت جمعية المهندسين قرارات بعدم التجديد لعدد كبير من المهندسين خريجي تلك المعاهد، ما تسبب في حدوث مشكلة كبيرة في سنة من السنوات.


وتساءلت لمصلحة من يتم الإضرار بالمهنة لهذا الحد؟، ولماذا لم يتم غلق تلك المعاهد المسيئة لمهنة الهندسة في مصر؟، بتكاتف من نقابة المهندسين ووزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات؟


واستكملت المهندسة غادة شاهين: "لا نستطيع إنكار البعد الاجتماعي للمشكلة، فإصرار الأباء على إلحاق لقب مهندس أو مهندسة بأبنائهم وإصرار الطلبة للحصول على هذا اللقب حتى يتسنى لهم إيجاد فرصة أفضل سواء في مجال العمل أو الزواج، وكذلك محاولة بعض المستثمرين لتحقيق أرباح دون النظر إلى كفاءة الخريج أو ما تحدثه هذه المعاهد من تدمير لمهنة عظيمة مثل الهندسة يشكل جزءا كبيرا من المشكلة"


وأكدت أن هذا ألامر خطير جدا ولايتحمل التهاون، ونحتاج لقرارات حاسمة توقف أو تغلق هذه المعاهد وتستطيع أن تستمر في أي نشاط استثماري آخر بما يحقق لها أرباحا دون الإضرار بمهنة الهندسة والإساءة لسمعة المهندس المصري، مشيرة إلى أنه من السهل وضع حلول وبدائل لهذه المشكلة إذا توافرت الإرادة.


وكانت نقابة المهندسين الحالية خرجت بعدة قرارات وصفتها بأنها تاريخية بخصوص ملف تنظيم التعليم الهندسي الخاص في مصر، تتمحور تلك القرارات حول وضع حد أدني للمعاهد والكليات الخاصة يتمثل في نسبة 10% عن أقل نسبة قبول لأقل كلية هندسة في جامعة حكومية في تنسيق عام 2019، ووفق تراخيص أي معاهد جديدة لمدة 5 سنوات.

ويرى أعضاء صفحة "اتحاد مهندسي مصر خريجي حكومي" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن  قرارات النقابة تمثل حلاً شكليا لا قيمة له على الإطلاق، ومحاولة مخفقة لامتصاص الغضب العام للمهندسين بعد حالة التردي والسوء الذي آلت إليه المهنة، حيث يتجاوز عدد المعاهد والكليات الهندسية الخاصة في مصر الستين معهدا وكلية وبعدد خريجين يفوق الأعداد المطلوبة في سوق العمل بأضعاف مضاعفة.


وأوضح أعضاء الصفحة، في أحد منشوراتهم، أنه بالنسبة لهذا القرار فقد تجاهلت نقابة المهندسين الحالية متمثلة في المجلس الأعلى لها، قرار نقابة المهندسين في الجمعية العمومية لعام 2015، برئاسة النقيب السابق المهندس طارق النبراوي، التي تقضي بعدم قيد أي طالب حاصل على نسبة مئوية أقل من 85% في الثانوية العامة للعام الدراسي 2014/2015 والذي يجب أن يتم تطبيقه هذا العام على خريجي 2019/2020 وتم نشر هذا القرار في عدد من الصحف والجرائد المصرية، وعلى موقع يوتيوب، وعلى الصفحات والحسابات الرسمية للنقابة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مشرين إلى أن القرار الأخير يزيد من حجم المعاناة والبطالة بين المهندسين، فضلا عن منع القرار السابق الذي تم الاتفاق عليه وإصداره في جمعية عمومية لنقابة المهندسين في عام2015 سائلين لمصلحة من عدم العمل بهذا القرار؟.