رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد مازن يكتب من بكين: حتى لا تتكرر مأساة «الإثنين الأسود»

محمد مازن
محمد مازن


تسبب انخفاض أسعار النفط، يوم "الإثنين الأسود"، في صدمة الأسواق المالية العالمية، وحذر محللون من ركود عالمي بعدما أدت عمليات البيع التي أشعلها فيروس كورونا المسبب لكوفيد-19 إلى انخفاض الأسهم وعوائد السندات وأسعار النفط.


وفي يوم الاثنين، تراجعت العقود الآجلة للنفط بنسبة 26 بالمئة بعد فشل أوبك وغيرها من المنتجين الرئيسيين في الاتفاق على خفض الإنتاج الأسبوع الماضي، ولم تكن الأسهم العالمية بمنأى عن نفس المنحى في جميع القطاعات، حيث انخفضت الأسهم الأوروبية بأكثر من 6 بالمئة، وهبط مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 2000 نقطة في نهاية التداولات مسجلاً أسوأ يوم له منذ عام 2008.


ربما تكون هذه أحدث مظاهر الضرر الاقتصادي الناجم عن تفشي فيروس كورونا، لكن مع استمرار المخاوف من تفشي الفيروس الذي وصل إلى 104 دول، وناهز عدد المصابين به 110 آلاف شخص يوم الإثنين، يحذر المحللون من حدوث المزيد من الأضرار الاقتصادية على مستوى العالم.


وقالت كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث، يوم الإثنين، "سوف يكون لتفشي كوفيد-19 تداعيات اقتصادية كبيرة"، وبالتالي ستكون هناك حاجة إلى "سياسات مستهدفة كبيرة" لدعم الاقتصاد.


وكتبت جوبيناث في مدونة "سيكون لهذه الأزمة الصحية تداعيات اقتصادية كبيرة تعكس صدمات في العرض والطلب تختلف عن الأزمات السابقة"، موضحة أن " اضطرابات الأعمال أدت إلى خفض الإنتاج وخلق صدمات أمام العرض. كما أدى إحجام المستهلكين والشركات عن الإنفاق إلى انخفاض الطلب".


ووسط مؤشرات على كبح جماح الفيروس في الصين إلى حد كبير، ترتفع حالات الإصابة به في الخارج، ويتعرض الاقتصاد العالمي لمخاوف من الركود وسط المزيد من الاضطرابات في سلاسل الإمداد. 


وفي الأسبوع الماضي، خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.4 في المائة لعام 2020، وهو أدنى مستوى منذ الأزمة المالية في عام 2008، كما حذرت من أن تصاعد الوباء قد يدفع اليابان ومنطقة اليورو إلى الركود.


ومنذ اندلاعه تسبب الفيروس بأضرار جسيمة وأزعج بشدة الأداء الاقتصادي العالمي في النصف الأول من عام 2020، وبدأت أثار كوفيد-19 على أسواق الأسهم العالمية وسلاسل التوريد تطفو على السطح، والأسوأ من ذلك أن الوباء المستمر قد يغذي المشاعر الشعبية والقومية المناهضة للعولمة.


ووسط جنوح نحو الانعزالية من قبل بعض الأطراف وخطاب معاد للعولمة، يتفق الخبراء على أهمية التعاون والتنسيق العالميين لمكافحة الفيروس وبائيا وكذا أضراره الاقتصادية، ومن حيث مكافحة الفيروس، باعتبارها أول من تعامل مع تفشي المرض، حققت الصين تقدما أوليا في مكافحة الفيروس، ويمكنها تبادل المعلومات والخبرات مع الدول الأخرى لمساعدتها في مواجهة الصعوبات الحالية، وتعزيز الاتصالات وتبادل المعلومات الوبائية ذات الصلة وتدابير الرقابة الطبية يمكن أن يكون فعالا في احتواء الفيروس الذي ينتشر بسرعة في العديد من البلدان.


ومن حيث المصالح الاقتصادية، يرى الخبراء أنه من الضروري أن يتم العمل على آليات تنسيق لتعزيز التعاون وتقليل التأثير على التجارة إلى الحد الأدنى، فلا يزال بإمكان العالم العمل معا لتخفيف حدة الضربات عن طريق ضمان الأنشطة التجارية المعتادة، ويمكن إجراء التنسيق لمعالجة الصعوبات في سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية وقضايا التجارة ذات الصلة.


وقالت غوبيناث: "بالنظر إلى انتشار الوباء على نطاق واسع في العديد من البلدان، والروابط الاقتصادية الواسعة عبر الحدود، فضلاً عن الآثار الكبيرة للثقة التي تؤثر على النشاط الاقتصادي والأسواق المالية والسلع، فإن حجة استجابة دولية منسقة واضحة".


وأشارت كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أن البلدان التي تعتمد على التمويل الخارجي قد تجد نفسها في خطر "التوقف المفاجئ وظروف سوقة غير منتظمة" مما قد يتطلب تدابير مؤقتة لتدفق رأس المال.


ومن أجل منع الأزمة المؤقتة من الإضرار الدائم بالأفراد والشركات من خلال فقدان الوظائف والإفلاس، سيحتاج صانعو السياسة إلى تطبيق تدابير سوق مالية ونقدية ومالية هادفة لمساعدة الأسر والشركات المتضررة.
   

وقالت إنه يجب أن تكون البنوك المركزية مستعدة لتوفير سيولة كافية للبنوك وشركات التمويل غير المصرفية، خاصة تلك التي تقرض الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي قد تكون أقل استعدادا لمواجهة أي اضطراب حاد، مع الإشارة إلى أن الحكومات يمكن أن تقدم مؤقتًا والضمانات الائتمانية المستهدفة لاحتياجات السيولة على المدى القريب لهذه الشركات.


لا يمكن تجاهل أن المخاطر الناجمة عن الفيروس يمكن أن تتحول إلى تحد جيوسياسي، وبالتالي من الضروري لدول العالم أجمع بينما تكثف جهودها من أجل البحث عن علاج أو لقاح للفيروس أن تستأنف عملياتها الاقتصادية بالكامل وتضع الخطط المستقبلية.