رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد مازن يكتب من بكين: الصين ترفع شعار "قلق نعم، ذعر لا" والروبوتات في الطريق إلى ووهان

محمد مازن
محمد مازن



مع استمرار تفشي كورونا الجديد في الصين وأنحاء أخرى في العالم، وتزايد عدد حالات الوفيات والإصابة به يوما بعد يوم، من الطبيعي أن يشعر الناس بالقلق، ووتوجه أنظار الجميع إلى الصين، لمتابعة وتقييم استجابتها للفيروس، باعتبارها مركز الزلزال أو المصدر.
السرعة تستقر
في الواقع، لا يزال فيروس كورونا الجديد شديدا، لكن لا داع للذعر، هذا ما تؤكده الأرقام والحكومة هنا. فقد توفى حتى نهاية الثلاثاء ما مجموعه 490 شخصا بسبب المرض، فيما تم الإبلاغ عن 24324 حالة إصابة مؤكدة و3971 حالة جديدة مشتبه بها.
لكن بإلقاء نظرة على الأرقام في اليومين السابقين، يلاحظ أن سرعة انتشار الفيروس قد استقرت. فقد سجلت يوم الثلاثاء 65 حالة وفاة جديدة، بزيادة حالة واحدة عن معدل يوم الاثنين وقدره64 حالة، في حين أبلغ عن وفاة 57 حالة يوم الأحد.
وبالإضافة إلى عدد المتعافين الذي تجاوز عدد المصابين في الأيام الأخيرة، تراجع عدد الحالات الجديدة المشتبه بها يوم الثلاثاء لليوم الثاني على التوالي إلى 3971 حالة جديدة مشتبه بها، مقارنة مع 5072 حالة تم الإبلاغ عنها يوم الاثنين و5173 حالة يوم الأحد.
وبحساب معدل الوفيات عن طريق تقسيم عدد الوفيات على عدد الأفراد المصابين بالمرض، يلاحظ أن نسبة حالات الوفيات الحالية الناجمة عن العدوى بفيروس كورونا الجديد في البر الرئيسي الصيني انخفضت إلى حوالي 2.1 بالمئة.
وبلغ معدل الوفيات خارج مقاطعة هوبي 0.16 بالمئة، لكن في ووهان، حاضرة المقاطعة وبؤرة الفيروس، سجل حوالي 4.9 بالمئة، ما يمثل 74 بالمئة من إجمالي الحالات على مستوى الصين.
وبمقارنة معدل الوفيات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا مع أوبئة سابقة يصبح العدد أقل بكثير.
على سبيل المثال، وصل معدل الوفيات الناتج عن إنفلونزا أتش1 أن1 (الخنازير)، الذي نشأ من الولايات المتحدة في 2009 إلى 17.4 بالمائة، ومعدل الوفيات بسبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الحادة (ميرس) في عام 2012 إلى 34.4 بالمائة، في حين أن معدل الوفيات بسبب الإيبولا بلغ 40.4 بالمائة
ودوليا، في الوقت الذي أبلغت فيه أكثر من 20 دولة عن تسجيل حالات على أراضيها، إلا أن عدد الإصابات بشكل عام لا يقارن بالنسبة للصين. ولم تسجل سوى حالة وفاة واحدة حتى الآن، ولم تصل تأكيدات بوجود إصابات في أفريقيا أو أمريكا اللاتينية.
وأكدت منظمة الصحية العالمية أن الفيروس لم يصل بعد إلى مرحلة "وباء"، أو انتشار مرض جديد في جميع أنحاء العالم.
العلم يتقدم
وبينما يتوقع العلماء باستمرار ظهور نقطة انعطاف، لم تأت هذه النقطة بعد، ويصعب التنبؤ بموعد دقيق لها، لكنها ستأتي عاجلا أم أجلا. قد تأتي في غضون أيام أو أسابيع، وحينها ستدخل المعركة ضد الفيروس مرحلة حاسمة. والتعويل هنا يتمحور حول العلم.
وفي هذا الصدد ، تلقت الجهود العلمية دفعة أمس الثلاثاء، حيث حدد فريق بحثي تابع للأكاديمية الصينية للهندسة نوعين من الأدوية الفعالة ضد فيروس كورونا الجديد، واقترح إدراجهما في برنامج تشخيص وعلاج الالتهاب الرئوي الجديد.
كما حُددت أدوية مثل فوسفات الكلوروكين كأدوية فعالة في التجارب السريرية في كبح فيروس كورونا الجديد، حسبما ذكر مسؤول بوزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل على تطوير لقاح ضد فيروس كورونا.

استجابة أكثر قوة
وبينما تم الكشف عن ثغرات خلال رحلة التفشي فيما يتعلق باستجابات الحكومة لحالة الطوارئ وشفافية المعلومات، إلا أن الاستجابة أصبحت أكثر قوة، وباتت خارطة طريق مجابهة الفيروس واضحة، وسط موقف منظم من الشعب.
وفي أحدث تطور في ووهان، بؤرة الفيروس، استقبل مستشفى هوشينشان، وهو مستشفى تم بناؤه حديثا لعلاج مرضى الفيروس، 45 مريضا أمس. ويتوقع أن يعمل المستشفى، سعة 1000 سرير، بكامل طاقته في الأيام الثلاثة أو الخمسة القادمة مع 1400 موظف طبي. وأصبح مستشفى آخر (لوشينشان)، سعة 1200 سرير، على وشك الاكتمال.
وتخطط ووهان لبناء 8 مستشفيات أخرى على طراز فان تسانغ " الجاهز" لعلاج مرضى فيروس كورونا، الذين يعانون من أعراض أقل حدة في مناطق مختلفة، وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية.
وقالت السلطات المحلية إنها ستحول ستاد هونغشان ومركز ووهان الدولي للمؤتمرات والمعارض إلى مستشفيات لتوفير 1000 سرير.علاوة على ذلك، تم إرسال 2000 عامل طبي جديد لدعم مقاطعة هوبي، بحسب الحكومة المركزية.
ومن المتوقع أن يصل عدد العاملين الطبيين المتوجهين إلى ووهان لمكافحة تفشي فيروس كورونا إلى 10 آلاف اليوم الأربعاء.
وتطبق ووهان و14 مدينة في مقاطعة هوبى بوسط الصين، والتي تتصدر المعركة ضد الفيروس، إجراءت تأمين ومراقبة مشددة على حركة الناس والسيارات.
تدابير عالية للوقاية
واتخذت الصين أعلى مستوى من تدابير الوقاية والسيطرة على الوباء، حيث أعلنت مدن كثيرة أخرها هانغتشو، حاضرة مقاطعة تشيجيانغ بشرق الصين، يوم الثلاثاء، أنها ستغلق جميع الأماكن العامة غير الضرورية، وحثت السكان المحليين على البقاء في منازلهم.
وفي المدن الكبرى مثل بكين وشانغهاي وشنتشن وغيرها، تبنت المجمعات السكنية إدارة مغلقة أو شبه مغلقة، لمنع غير المقيمين من دخولها.
ويتم الآن تقديم خدمات البريد السريع، التي كانت يتم تسليمها عند الباب في الأيام العادية، بطريقة تجنب اتصال عمال شركات الشحن بشكل مباشر مع المرسل إليهم. وطالبت مؤسسات وشركات الموظفين بالعمل من البيت. ويجرى استخدام التكنولوجيا وتطبيقات التواصل الاجتماعي يوميا لمتابعة الطلاب من قبل جامعاتهم ومدارسهم.
ومع إنتهاء عطلة عيد الربيع والعودة إلى العمل أمس الاثنين، أصبح ارتداء الأقنعة إلزاميًا في مترو بكين ويُطلب من الذين يرفضون ذلك المغادرة. وتمر فرق صحية ومجتمعية على الشقق، للاستفسار عن ظهور أية أعراض والتذكير بطرق الوقاية واعطاء ارقام الطوارئ وعناوين المستشفيات ذات الصلى بالفيروس.
وبعد العودة الى العمل، طالبت معظم الشركات والمؤسسات موظفيها بالحجر الصحي لمدة أسبوعين بعد عودتهم. وبشكل عام، قلل معظم الصينيين أنشطتهم واتصالاتهم مع العالم الخارجي بشكل كبير لتجنب العدوى، واستجابة للترتيبات المحددة.
وبات كل شئ عن الحالة الصحية لكل شخص وسجله في السفر، ومع من اتصل بهم، في بلد تعداده 1.4 مليار شخص، معروفا للسلطات المعنية.
وفي أحدث الأخبار السارة، تعمل الصين على روبوت لتشخيص الفيروس، ليحل محل الممرضين في الخطوط الأمامية، حفاظا على سلامتهم ومنعا للعدوى.
إن ما يجري الآن يثبت بالفعل قدرة الصين على التعبئة، وأن الصين، حكومة وشعبا، لا تدخر أي جهد لمحاربة هذا الفيروس، وتدفع من أجل الوقاية والسيطرة عليه بشكل سريع ومنظم ودقيق.