رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالصور.. ما لا يعرفه المصريون عن «ووهان» بؤرة كورونا الجديد

مدينة ووهان الصينية
مدينة ووهان الصينية


أصبحت مدينة ووهان الصينية بين ليلة وضحاها على كل لسان في العالم بعد الإعلان عن تفشي سلاسلة جديدة من فيروس كورونا. 


بالنسبة للكثيرين، لم تكن ووهان كلمة مألوفة حتى هذا الشهر، عندما دخلت المدينة الصينية إلى دائرة الضوء بعد اندلاع الفيروس القاتل.


وتبادر إلى ذهن البعض من التغطية السلبية عن الفيروس ومصدر اندلاعه من سوق للمأكولات البحرية تباع فيه حيوانات برية أن المدينة متخلفة ولا يزال يعيش أهلها في العصور الجاهلية، لكن في الواقع مدينة ووهان تعد واحدة من أكثر المدن تطورا وازدحاما بالسكان في الصين مثل شنغهاي وبكين، وليست هذه كل القصة:


أين تقع ووها؟


تقع ووهان، حاضرة مقاطعة هوبي وسط الصين، على بعد 430 ميلا إلى الغرب من مدينة شنغهاي و650 ميلا إلى الجنوب من العاصمة بكين.


تتمتع المدينة بموقع استراتيجي عند ملتقى نهر اليانغتسي وأكبر روافده نهر هان، ونظرا لموقعها، أصبحت ووهان معروفة كمحور رئيسي للنقل، وقارنها مراقبون أمريكيون بـ"شيكاغو".


ووهان هي موطن لأكثر من 11 مليون شخص، حيث تعد المدينة الأكبر والأكثر اكتظاظا بالسكان في وسط الصين، وسابع أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان في عموم البلاد. 


حافظت على وجودها في قائمة مدن "الفئة الأولى الجديدة" للمدن الصينية خارج المدن الأربع التقليدية (بكين وشانغهاي وقوانغتشو وشنتشن) منذ أن بدأت وسائل الإعلام الصينية في استخدام المصطلح في عام 2013.


بعد الإعلان عن انتشار الفيروس، تم عزل المدينة لمحاولة احتواء انتشار الفيروس الذي وصل اجمالي الحالات المؤكدة به في البر الرئيسى الصيني 17205 والوفيات 361 شخصا بنهاية يوم الأحد. تحرك السلطات لغلق ووهان يرجع جزئيا إلى الموقع الاستراتيجي للمدينة، حيث تعد منذ فترة طويلة نقطة نقل رئيسية.


محور رئيسي للنقل 


مع صعود السكك الحديدية فائقة السرعة في الصين على مدار العقد الماضي، أصبحت ووهان الآن تقاطعا رئيسيا لخطين رئيسيين من خطوط السكك الحديدية فائقة السرعة وهما خط ووهان- قوانغتشو بين الشمال والجنوب، وخط شنغهاي ووهان–تشنغدو بين الشرق للغرب.


ولدى ووهان خطوط مواصلات ممتازة تربطها بالمدن المحيطة والعديد من المواقع السياحية ذات المناظر الخلابة في هوبي.


وباعتبارها مدينة رئيسية، فإنها متصلة أيضا جيدا مع العالم الخارجي، فالمركز الجوي الرئيسي للمدينة- مطار ووهان تيانخه الدولي- يسير رحلات مباشرة إلى نيويورك وسان فرانسيسكو وكذلك لندن وطوكيو وموسكو والعديد من المدن الدولية الأخرى. وتضم ووهان أربع بعثات دبلوماسية لفرنسا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة.


قاعدة صناعية متطورة

وتعتبر ووهان على نطاق واسع المحور الاقتصادي والمالي للمناطق الوسطى من البر الرئيسي الصيني. 


فطالما كانت قاعدة صناعية ومدينة صناعية وتعد أيضا أحد المناطق التي تشجع التغييرات الصناعية الحديثة في الصين.


وأعادت ووهان تقديم نفسها في السنوات الأخيرة لجذب شركات التكنولوجيا الفائقة، وتملك شركة فوكسكون، وهي مورد رئيسي لشركة أبل، مصنعا هناك. 


وتضم ووهان ثلاث مناطق تنمية وطنية، وأربعة مجمعات تطوير علمية وتكنولوجية، وأكثر من 350 معهدًا للأبحاث، و1656 مؤسسة للتكنولوجيا الفائقة، والعديد من حاضنات المؤسسات، واستثمارات من 230 شركة مدرجة على قائمة فورتشن العالمية.


وتركز ووهان على صناعات السيارات والمعدات الطبية. فشركة بورش التي تتخذ من شانغهاي، لديها مصنعان في المدينة ونقل تحالف بيجو- ستروين مقره في الصين إلى ووهان في الآونة الأخيرة. ويقع مقر شركة دونغ فنغ الصينية للسيارات في ووهان.


وتمتلك رينو الفرنسية للسيارات عدة مصانع هناك. وتقوم شركات صناعة السيارات العالمية مثل هوندا وتويوتا وجنرال موتورز ببناء السيارات هناك.


مركز اقتصادي وتجاري مهم

واجتذبت ووهان استثمارات أجنبية من أكثر من 80 دولة، من خلال 5973 شركة أجنبية باستثمارات قدرها 22.45 مليار دولار أمريكي، من بين تلك الاستثمارات، تمثل الاستثمارات الفرنسية أكثر من ثلث الاستثمارات الفرنسية في الصين، وذلك بفضل ما تقدمه الحكومة الإقليمية من سياسات تفضيلية مختلفة لتشجيع الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك الحوافز الضريبية، وأسعار الفائدة المخفضة، والإعانات الحكومية.


وتعد ووهان مركزا مهما للاقتصاد والتجارة والمالية وتكنولوجيا المعلومات والتعليم في الصين، كما تعد ووهان واحدة من أكثر القوى التنافسية للتجارة الداخلية، حيث تنافس المدن الأولى في شنغهاي وبكين وقوانغتشو من حيث حجم مبيعاتها بالتجزئة، ووضع الناتج المحلي الإجمالي لووهان والمقدر بـ 1.48 تريليون يوان (288 مليار دولار) في عام 2018، وضعها في المرتبة العشرة الأولى بين المدن الصينية من حيث الناتج المحلي الإجمالي، بمعدل نمو سنوي قوي قدره 8 في المائة.


أكبر مدينة جامعية في العالم

ربما لا يعرف الكثيرون أن ووهان هي أكبر مدينة جامعية في العالم، حيث تضم 53 جامعة، بما في ذلك جامعة ووهان المرموقة التي تضم وحدها حوالي 60 ألف طالب.


وتستضيف المدينة مئات الآلاف من طلاب الجامعات، ومع بداية كل فصل دراسي جديد في فبراير وسبتمبر تشهد المدينة موجة من الهجرة الجماعية، حيث تتضخم حجم حركة المرور في الأحياء المحيطة بالمدارس بأكثر من 15 في المائة.


وتعد جامعة ووهان أيضا وجهة سياحية شهيرة، وتقع على تل لوجيا الخلاب، وتتمتع بإطلالة بانورامية على منطقة البحيرة الشرقية ذات المناظر الطبيعية الخلابة بالمدينة، كما يتدفق العديد على الحرم الجامعي في مارس وأبريل للاستمتاع بتفتح أزهار الكرز.


من الناحية الطبية، تضم المدينة مستشفيات كبرى من بين أفضل المستشفيات في الصين، ويصنف مستشفى تونغ جي فيها بالمرتبة الثالثة عالميا، في خدمات علاج المرضى.


كما تضم المدينة مستشفيات فرعية أخرى وعدد كبير من العيادات الطبية، وتعد مدينة ووهان ضمن أفضل ست مدن في تقديم الخدمات الطبية في البلاد. وتتمتع بنسبة 6.51 سرير مستشفى و 3.8 طبيبا لكل ألف شخص.


أهمية تاريخية ووجهة سياحية شهيرة

ينجذب أيضا عشاق التاريخ الصيني إلى مدينة ووهان لدورها المحوري في كل العصور الصينية، وهي مدرجة كواحدة من المدن التاريخية والثقافية الشهيرة من قبل الدولة وموطن أطلال مدينة بانلونج.


ويشتمل الموقع الأثري، الذي تم اكتشافه في الخمسينيات، على مقابر وقصر المدينة القديمة المسورة من عهد أسرة تشانغ.


بالإضافة إلى عوامل الجذب التاريخية، يزور المسافرون ووهان لمناظرها الطبيعية مثل جبل مولان، وهي منطقة جبلية مقدسة لكل من المؤمنين بالطاوية والبوذية.


وتعد ووهان نقطة انطلاق شهيرة لأولئك الذين يستكشفون منطقة سد الخوانق الثلاثة ذات المناظر الطبيعية الخلابة، أكبر محطة كهرباء في العالم. 


تعرف ووهان بأنها أحد "الأفران الأربعة" في الصين، حيث يمكن أن ترتفع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية في الصيف، كما تؤدي الرطوبة الشديدة على نهر اليانغتسي إلى مغادرة العديد من سكانها بأعداد كبيرة في الأشهر الأكثر سخونة من من يونيو إلى أغسطس.


لكن في الربيع والخريف، ينجذب السياح إلى ووهان لزيارة المعالم السياحية مثل برج الرافعة الصفراء الذي يشبه المعبد، والذي خُلد في قصيدة شاعر سلالة تانغ تسوي هاو حول حكيم يغادر على ظهر رافعة صفراء.


وتفتخر ووهان أيضا بمعبد قويوان الذي يعود تاريخه إلى 350 عاما إلى عهد أسرة تشينغ ومتحف مقاطعة هوبي، من بين أفضل المتاحف العامة في الصين.


أشهر الطعام والمأكولات 

على النقيض مما أثير من خفافيش وثعابين وقنافذ وغيرها من الحيوانات البرية على مائدة سكانها، تعد المدينة مركزا لمأكولات هوبي وتشتهر بأطعمتها الحارة، مثل الشاو كاو، واللحوم المشوية، والمعكرونة الحارة والجافة المزدانة بزيت الفلفل وصلصة الصويا.


كما تشتهر المدينة بشوارعها في الهواء الطلق، والتي تتميز بأكشاك تبيع مجموعة متنوعة من المأكولات البحرية واللحوم المطبوخة وغيرها من الوجبات السريعة في الشوارع.


وتم تتبع مصدر معظم، وليس كل الحالات الأولى المصابة بالفيروس، في سوق للمأكولات البحرية في مدينة ووهان الصينية ويعتقد أنها جاءت من اتصال بحيوانات حية مصابة بالفيروس في نفس السوق، الذي تم إغلاقه منذ ذلك الحين. 


ومدينة ووهان تجمع بين الحداثة والأصالة معماريا. 

وإلى جانب المباني التي تبدو على النمط الصيني القديم، ترتفع ناطحات السحاب في أجزاء من المدينة، مشكلة مع المساحات الخضراء وصفحات نخر اليانغتسي لوحة بانورامية رائعة للمدينة. 


وبالنسبة للووهانين وزوارها لا يشير الليل في ووهان بأي شكل من الأشكال إلى نهاية اللعب، إذ تعج المدينة بالعديد من الشوارع والأماكن المختارة لاحتساء الكوكتيلات على سطح بالطابق الخامس أو الجلوس على جانب الطريق.


وتتوفر لعشاق الليل أيضا حانات على الطراز البلجيكي والغربي، ولهواة الحصول على تجربة أصيلة أكثر عن الحياة الليلية الصينية، يمكنهم الاستمتاع بالكاريوكي، ويوجد في ووهان ملهى "كي تي في" في كل زاوية تقريبا لمن يريد الانضمام إلى الغناء.


وتقدم ووهان عددا من تجارب التسوق البديلة للتجارب التقليدية أو المألوفة، مثل طريق جيانغهان، الذي يتحول إلى سوق لصيد السمك في الليل، وشارع وادي البصريات للمشي. ولدى ووهان أيضا عدد من المناطق المستوحى تصميمها من مختلف البلدان الأوروبية.


تتداعى الهوية الثقافية لوهان، التي يطلق عليها اسم "مدينة على الأنهار"، على صفحات الممرات المائية المثيرة للإعجاب.


ولعبت المياه المتدفقة لنهر اليانغتسي ذات يوم دورا حيويا في ووهان كميناء تجاري داخلي. 


واليوم، مع جسر ووهان، الهيكل المعماري المميز على نهر اليانغتسي، لن تثنيها رائحة الموت غدا عن مواصلة دورها الحضاري في الربط بين الشرق والغرب.