رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالأرقام.. «ألغاز» صفقة استيراد الغاز الإسرائيلى وقائمة «الرابحين والخاسرين»

النبأ

فى 15 من يناير الجاري، أعلنت وزارة البترول بدء استيراد الغاز من إسرائيل، في صفقة قُدرت بنحو 19 مليار دولار.

وكانت شركة «دولفينوس» المصرية وقعت صفقة لاستيراد الغاز من حقل تمار وليفاثيان من إسرائيل في فبراير 2018 بنحو 15 مليار دولار، ثم عدّلت الاتفاقية حتى وصلت إلى 19 مليار دولار، لاستيراد نحو 85 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. 

قبل ذلك بنحو 15 عامًا، كانت مصر تزود إسرائيل بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، وفق اتفاق وقع بين الشركة القابضة للغاز الطبيعي "إيجاس" مع شركة شرق البحر المتوسط للغاز "إي إم جي" المالكة لخط الأنابيب "عسقلان-العريش" في 2005، لتصدير 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويا لإسرائيل ولمدة عشرين عاما.

بحسب تصريحات وزير البترول طارق الملا، فإنّ مصر حققت الاكتفاء الذاتي منذ أكتوبر 2018، وأنه سيتم تسييل الغاز في المصانع المصرية، ثم تصديره إلى أوروبا والعالم. 

لكن الحساب التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية على موقع تويتر "إسرائيل بالعربية"، قال غير ذلك، حيث ذكر أن "الغاز الطبيعي الإسرائيلي، الذي سيبدأ التدفق من حقل ليفياثان الذي يقع شرقي البحر المتوسط، مُخصص للاستخدام في السوق المحلية المصري". 

وتمتلك مصر محطتي إسالة، الأول "مصنع إسالة دمياط" ويُعرف باسم الشركة المصرية الإسبانية، ويُشار إليه اختصارًا باسم SEGAS، وهو أول مصنع للتسييل في مصر تأسس في 2002، وبدأ إنتاجه في 2004. وتمتلك شركة يونيون فينوسا الإسبانية وإيني الإيطالية نسبة 80% من المصنع، بينما تمتلك الشركة القابضة للغاز الطبيعي "إيجاس" 10%، والهيئة العامة للبترول 10%.

ومصنع الإسالة الثاني "مجمع إدكو" والذي يعدّ أكبر مجمع إسالة للغاز الطبيعي في مصر، ويتواجد على بعد 50 كم شرق الإسكندرية، وبدأ إنشاؤه في 2002، وتُقدر التكلفة الاستثمارية للمشروع نحو مليار و120 مليون دولار.

أسعار الغاز الإسرائيلى

ووفقًا لدراسة صادرة عن «إيكومونست»، فإن القيمة المُعلنة لصفقة الغاز، ستصل إلى 15 مليار دولار مقابل 64 مليار م3، تعني أن سعر المليون وحدة حرارية ستُقدر بنحو 6.5 دولار، بخلاف نفقات النقل والتوزيع المطلوبة لتوصيل الغاز إلى المستخدم النهائي. 

وتُضيف الدراسة، أن ذلك يعني بيع الغاز للمُستهلك النهائي بسعر "يتراوح بين 7.5 و8 دولارات للمليون وحدة الحرارية، مقارنة بتكلفة إنتاج الغاز المحلي في مصر والتي تتراوح بين 1.75 دولار و3.5 دولارات للمليون وحدة الحرارية بعد اقتسام النفقات مع الشركاء الأجانب"، أو بسعر بيع الغاز في أوروبا الذي يبلغ 5.8 دولارات للمليون وحدة الحرارية. 

وتُشير الدراسة إلى أن سعر الغاز الإسرائيلي المرتفع يعنى فشل إمكانية تصديره إلى أوروبا، بسبب الفارق السعري، لكن قد تكون الجهة الوحيدة التي يمكن تصريف الغاز الإسرائيلي إليها دون خسارة هي دول شرق آسيا "الصين – كوريا الجنوبية – اليابان"، ولكن ذلك سيتطلب تسييل الغاز، بما قد يرفع أسعاره إلى 12 دولار للمليون وحدة حرارية. 

من ناحية أخرى، ذكرت هيئة البث الإذاعية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني في وقت سابق من الشهر الماضي، أن سعر بيع الغاز الإسرائيلي لمصر لن يقلّ عن سعر عقود بيع الغاز داخل إسرائيل. وأضافت أن السعر سيكون مربوطًا بسعر برميل النفط من خام برنت القياسي، أي نحو 4.8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وبعد إضافة أسعار النقل والضخ سيتراوح السعر فيما بين 5 و5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.

خسارة 15 مليار دولار

خلال الأشهر الماضية، جرى تخفيض أسعار الغاز الطبيعي المورّد لمصانع الأسمنت بنسبة 25%، ليصل إلى 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بعد أن كان سعره 8 دولارات.

كما خُفضت أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الحديد والصلب والألمونيوم والنحاس والسيراميك والبورسلين إلى 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية. 

ويصل حجم الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي خلال عامى 2018- 2019 إلى 2181.7 مليار قدم 3 بمتوسط يومي 5977.4 مليون قدم مكعب، وفقًا لتقرير صادر عن شركة إيجاس في شهر أكتوبر الماضي.

ويتصدر قطاع الكهرباء حجم الاستهلاك بنحو 1359 مليار قدم مكعب سنويًا، ثم قطاع الصناعة بنحو 490 مليار قدم مكعب سنويًا، ثم قطاع البترول ومشتقات الغاز بنحو 221 مليار قدم مكعب، وأخيرًا قطاع المنازل الذي يعد استخدامه الأقل بين القطاعات الأخرى بنحو 221 مليار قدم مكعب. 

ويرى الدكتور إبراهيم زهران، رئيس شركة أباتشي مصر الأسبق، والخبير البترولي، أن استيراد مصر للغاز من إسرائيل في غير محله في الوقت الحالي، خاصة أن مصر لديها احتياطات وإمكانات كبيرة، في وجود حقل ظهر ونور، وشمال الإسكندرية وغيره. 

وفي سبتمبر 2018 أعلن طارق الملا، وزير البترول، الاكتفاء ذاتيًا من الغاز الطبيعي، أي أن إنتاج مصر من الغاز أصبح يكفي الاستهلاك، مع ارتفاع إنتاج حقل غاز "ظُهر" العملاق وزيادة الإنتاج من بقية الحقول.

ويُضيف "زهران" أن أسعار الغاز المورد من إسرائيل ستصل إلى نحو 8.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بعد إضافة "مصروفات النقل وخلافه"، وبالتالي فإن أسعارها ستكون أغلى من أسعار الغاز المحلي، مشيرًا إلى أنه إذا كانت مصر تريد الاستيراد لأجل الإسالة والتصدير، فإن الجزائر "أكبر مصدر للغاز في إفريقيا" تبيع الغاز بأسعار تبدأ من 2.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية. 

ويُتابع، أن وسائل إعلام إسرائيلية أعلنت خلال الأسبوع الماضي، مع بداية تصدير الغاز لمصر، أن إسرائيل ستربح نحو 15 مليار دولار بسبب صفقة تصدير الغاز لمصر، بفضل أسعار البيع. 

ويُشير الخبير البترولي، إلى أنه إذا تم استهلاك الغاز محليًا، ستكون خسارة، ذلك لأن الحكومة خفضت أسعار الغاز المورد للمصانع بما يتراوح بين 4.5 إلى 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية، مقارنة بأسعار الغاز الإسرائيلي التي تبلغ 8.5 دولار للمليون وحدة حرارية. لافتًا إلى أن ذلك يعني خسارة تُقدر بنحو 4 إلى 4.5 دولار في كل مليون وحدة حرارية.

ويُكمل، أنه حتى إذا تم استهلاكه في القطاع السكني، والتجاري الصغير "المحلات"، والتي تُحاسبها الحكومة بـ7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، فإنها ستُحقق خسائر أيضًا. ويتساءل:" من سيتحمل الخسارة، الحكومة أم مصانع القطاع الخاص؟"، مشيرًا إلى ضرورة مراجعة الأسعار في الاتفاقية.

من جهته، يقول الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول ونائب رئيس جامعة فاروس، إن القيم السعرية للغاز المورد من إسرائيل "مُتغيرة" وليست ثابتة، إضافة إلى أن الحكومة المصرية ليست المُستوردة للغاز، وإنما شركة قطاع خاص "دولفينوس".

ويُضيف، وبالتالي، فإن الموازنة العامة لن تتحمل خسائر، متوقعًا أنه قد يكون للحكومة ووزارة البترول والمالية "اليد العليا" في تحديد أسعار بيع الغاز الإسرائيلي، إذا تم استهلاكه محليًا.

ويُشير «أبو العلا» إلى أن الغاز الإسرائيلي سيخلق حالة من التنافس مع الغاز المحلي، بما سيدفع أسعار الغاز إلى الانخفاض، موضحًا أن "تكاليف إسالة الغاز" لن تُضاف إذا تم استهلاكه محليًا، لأن الإسالة تكون لأجل تصديره عبر سفن التغييز إلى أوروبا أو شرق أسيا. 

ويختم حديثه: "أعتقد أن أسعار الغاز الإسرائيلي مرتفعة ومغالى فيها".