رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«حرب خارج الحدود».. مُخطط «الموساد» و«CIA» لتوريط مصر فى مستنقع ليبيا

السيسي وأردوغان
السيسي وأردوغان

يشهد الملف الليبي يوميًا تطوراتٍ وأحداثًا متلاحقةً خطيرةً، والتي تؤكد أن الأيام المقبلة ستكون حُبلى بالمزيد من التغيرات الساخنة. 

ودفعت التطورات المتلاحقة في هذا الملف البعض داخل مصر إلى طرح فكرة «حرب الضرورة»؛ بعد موافقة البرلمان التركي التصويت، على مشروع قرار يقضي بإرسال قوات إلى ليبيا لدعم الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، بحسب ما قاله الرئيس رجب طيب أردوغان.

حرب الضرورة

وسط هذه الأجواء الملتهبة، تحدث البعض داخل مصر عن مصطلح «حرب الضرورة»، مؤكدين أن مصر ستكون مضطرة للدخول في حرب في ليبيا.

وقال اللواء الدكتور سمير فرج، المدير الأسبق لإدارة الشؤون المعنوية، إن مصر مستعدة إذا ما اضطرت إلى ما يسمى «حرب الضرورة» بسبب التدخل التركي في ليبيا.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي مقدمة برنامج "القاهرة الآن"، الذي يعرض عبر شاشة عبر شاشة "الحدث"، أن مصر اشترت طائرات الرافال وحاملة الطائرات ميسترال وأحدث 4 غواصات في العالم من ألمانيا، وأصبحت سادس قوة بحرية على المستوى العالم، مشيرًا إلى أن هذا القرار كان وراءه رؤية استراتيجية مستقبلية للقيادة السياسية.

وتابع أنه عندما قسم الرئيس عبد الفتاح السيسي الحدود البحرية بين مصر، قبرص، واليونان بالإضافة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي كان يعلم أن مصر ستكون مستهدفة في الفترة المقبلة.

وحول اجتماع الرئيس بكبار مسئولي الدولة، قال "فرج"، إنه كان مؤتمرًا مصغرًا للأمن القومي المصري، مفصلًا: "مجلس الأمن القومي هو من يتخذ قرارات مصيرية للدولة، ومتحدث الرئاسة أكد أنه جرى بحث الموقف الليبي وسد النهضة".

وأشار إلى أنه منذ فترة ظهر مصطلح "شرق المتوسط"، لافتًا إلى أن هذه المنطقة تبدأ بليبيا ثم مصر، إسرائيل، لبنان، سوريا، اليونان، وقبرص، متابعًا: «برز هذا الأمر مع ثورة اكتشاف الغاز في المنطقة، ووثيقة أمريكية ذهبت قبل نحو 4 أعوام، إلى أن مصر تعوم على بحيرة من الغاز، كما أن هذه المنطقة مليئة بالغاز ما عدا تركيا".

وقال الكاتب الصحفي والإعلامي عماد الدين أديب، في مقال له بعنوان «حرب الضرورة»، إن حرب الضرورة هي تلك الحرب التي تدخلها الجيوش مرغمة دون خيار؛ كي تمنع اعتداء أو تردع عدوا أو تحمي حدودًا، أو تحافظ على ثروات ومواقع وأهداف استراتيجية لا غنى عنها، ولا تفريط فيها، ولا يمكن التفاوض حولها.

وأضاف «أديب»، أن حرب الضرورة هي حرب الحفاظ على السيادة والكرامة الوطنية، والممرات الاستراتيجية والثروات الوطنية، وحينما يكون العدو شريرًا وأحمقا، يعيش في عالم افتراضي، غير عابئ بسيادة الآخرين، غير مكترث بالقوانين الدولية، وتقع الحرب حينما لا يكون هناك مجال للتعقل مع العدو، ولا أمل في حوار، ولا إمكانية للأخذ والرد، ولا سبيل للتفاوض.

واستطرد أن حرب الضرورة حينما يكون عدوك هدفه هو الحرب ذاتها بمعنى «الحرب للحرب» ولا شيء يرضيه ولا يوقفه عنها، حرب الضرورة يلجأ إليها العقلاء حينما تستنفد كل سبل التعقل مع الآخر، وحتى لا يفهم العدو أن تعقلنا هو ضعف أو تخاذل أو قبول بشروطه المذلة، حرب الضرورة هي حرب الدفاع عن الأرض والعرض والشرف والسيادة وبقاء الدولة الوطنية، حرب الضرورة، هي قتال كُتب علينا يتعين علينا أن نخوضه مهما كان الثمن، مؤكدا أن خير نموذج «لحرب الضرورة» الآن هو التهديد الشرير الأحمق الذي يمثله «أردوغان» لمصالح مصر في ليبيا والمتوسط.

تكرار السيناريو السورى

كما حذر البعض من تكرار السيناريو السوري في ليبيا.

فقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن هناك من يريد تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى ولو حدث ذلك فسيأتي الدور على دول أخرى بالمنطقة.

التدخلات الخارجية غير العربية

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خطورة التدخلات غير العربية في أزمتي ليبيا واليمن، وطالب بوقف التصعيد في ليبيا والعودة إلى مسار الحل السياسي.

وأعرب الأمين العام عن انزعاجه من حالة التصعيد الخطير التي تشهدها الساحة الليبية، والتي من شأنها أن تساهم في إذكاء الأوضاع العسكرية والأمنية على الأرض، وخاصة حول العاصمة طرابلس، وتعقيد الجهود العربية والدولية الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية متكاملة للأزمة الليبية.

التدخلات الخارجية غير المشروعة

وخلال الأيام القليلة الماضية أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالات هاتفية بكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، طالبهم خلالها بضرورة وضع حد "للتدخلات الخارجية غير الشرعية" في الأزمة المستمرة في ليبيا، مؤكدا على "ثوابت الموقف المصري الهادف إلى استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، ودعم جهود مكافحة الإرهاب وتقويض نشاط المليشيات المسلحة، وكذلك وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة في ليبيا التي من شأنها زيادة تفاقم الوضع، وكذلك مساندة جهود الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية التي تمثل تهديدا ليس فقط على ليبيا بل على الأمن الإقليمي ومنطقة البحر المتوسط ".

وفي تصريحات للصحف المصرية الحكومية والخاصة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: «لن نسمح لأحد أن يعتقد أنه يستطيع السيطرة على ليبيا والسودان ولن نسمح لأحد بالسيطرة عليهما، ولن نتخلى عن الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر".

وأضاف أنه "أمر في صميم الأمن القومي المصري"، مشيرا إلى أن السودان وليبيا "دول جوار" مباشر لمصر.

إردوغان وحلم عودة الإمبراطورية العثمانية

وزعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن ليبيا وبلدان شمال إفريقيا تراث لبلاده، وقال في خطاب نقلته قناة “تي آر تي” التركية: “لتركيا حوض تاريخي وحضاري كبير، والبحر المتوسط وشمال إفريقيا هما جزءان مهمان من هذا الحوض، لذا فليبيا هي تراث لدولتنا العثمانية، وللضابط مصطفى كمال أتاتورك، والذي كان ضابطًا في تلك الفترة، وقام بتجييش الليبيين في درنة وطرابلس وبنغازي للتصدي للقوى الاستعمارية عام 1911 وحارب معهم ضد الاستعمار، وقد أصيب في عينه في حرب درنة، وقد حمل الإصابة مدى الحياة بفخر واعتزاز على حد زعمه.

وكشف الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، عن أن تركيا في سبيل تحقيق أهدافها ترغب في إحياء وجود تنظيم الإخوان في ليبيا بعد طرده من مصر، متهما أنقرة بمحاولة زرع عناصرها الإرهابية المنتمية للجماعة داخل بلاده.

المرتزقة في ليبيا

وظهر جدل حول وجود مرتزقة من روسيا وتشاد والسودان تقاتل إلى جوار المشير خليفة حفتر، وأيضا قيام أردوغان بإرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا للقتال مع حكومة الوفاق الليبية.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن عملية نقل الجهاديين السوريين إلى ليبيا بدأت في شهر أكتوبر الماضي، وإنه يتم تجنيدهم وترغيبهم للقتال إلى جانب حكومة الوفاق مقابل  2000 دولار أمريكي للمقاتل.

وأضاف أن “غالبيتهم من فصائل موالية لتركيا من السلطان مراد والمعتصم، بالإضافة لفصائل أخرى من مكونات الجيش الوطني.

وقال مدير المرصد إن هؤلاء المقاتلين تحولوا بعد محاربة النظام السوري، إلى “مرتزقة بأيدي تركيا التي استخدمتهم في عملية نبع السلام واحتلال مناطق في شمال شرق سوريا وعفرين.. هم من ارتكبوا مجازر تنفيذا لأوامر تركيا”.

كما أكد أن ليبيا تضم أيضا “مرتزقة من الروس في سوريا” تقاتل بجانب قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

ونفى مكتب فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، صحة مقاطع فيديو مُتداولة تُظهر وجود مقاتلين سوريين في أحد المعسكرات التابعة للحكومة في ليبيا، ووصفها بأنها "محض أكاذيب وافتراءات"، مؤكدا أنها لقطات من مدينة إدلب السورية. 

ووجهت حكومة الوفاق الوطني الليبي سهام الاتهام لمرتزقة روس تقول إنهم يشاركون في القتال في البلاد، منددة بهذا التدخل.

وتردد أن هؤلاء المقاتلين المتعاقدين ينتمون إلى منظمة شبه عسكرية تدعى «مجموعة فاجنر»، وترتبط بمقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتحدثت تقارير إعلامية غربية كثيرة، وتحديدًا أمريكية، عن هذه المشاركة.

وقال مسئول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء اشتداد حدة الصراع في ليبيا، وسط تقارير عن وجود مرتزقة روس يدعمون قوات خليفة حفتر على الأرض.

وقال المسئول لرويترز إن الولايات المتحدة تواصل الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، لكنه أضاف أن واشنطن لا تقف إلى جانب أي طرف في الصراع.

المخابرات المصرية تراقب عن كثب

يقول اللواء عبد الرافع درويش الخبير العسكري والإستراتيجي، إنه في حال دخول قوات عسكرية تركية إلى ليبيا، فإن ذلك سيؤدي إلى تأزم الوضع في ليبيا، مشيرا إلى أن المخابرات المصرية تراقب عن كثب كل تحركات تركيا في ليبيا، مؤكدا أنه يدعم فكرة «حرب الضرورة» التي يطرحها البعض، لافتا إلى أن ليبيا تمثل العمق الاستراتيجي للأمن القومي المصري، وبالتالي مصر لن تنتظر حتى ينصب «أردوغان» صواريخه في ليبيا وضرب القاهرة.

وأوضح أن «إردوغان» يسعى إلى ضم الدول العربية من جديد إلى إرث الدولة العثمانية، مطالبا مصر بوضع مصلحة مصر والأمن القومي فوق أي اعتبار وفوق أي تحالفات، مؤكدا أن كل الدول تبحث عن مصالحها في ليبيا.

توريط مصر فى المستنقع الليبى

من ناحيته، يقول اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري والإستراتيجي، إن الموقف المصري مما يحدث في ليبيا واضح ومعلن، وهو دعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر عن طريق السلاح والتدريب والمشورة وبدون تدخل عسكري مباشر، لأن ما يحدث في ليبيا يعد تهديدًا للأمن القومي المصري، مستبعدا أن تقوم تركيا بالتدخل عسكريا بشكل مباشر في ليبيا، ولكن تدخلها سيكون من خلال تقديم سلاح ومعدات وخبراء للمساعدة في التخطيط وخلافه.

ولفت الخبير العسكري إلى أن اقتحام الجيش الوطني الليبي طرابلس وإسقاط حكومة السراج عملية في منتهى الصعوبة، لاسيما وأن السراج يكتسب شرعيته من المجتمع الدولى ومن الأمم المتحدة.

وأضاف «فؤاد» أنه يخشى من أمريكا رغم علاقة مصر الطيبة معها، لكنه يخشى من قيام الولايات المتحدة الأمريكية بـ«توريط» مصر في المستنقع الليبي، لاسيما وأن هناك سوابق تاريخية في هذا الموضوع، فكلما نهضت مصر تأتي بعض القوى الغربية لوقف هذا النهوض من خلال توريد مصر في حروب خارج حدودها كما حدث في حرب اليمن، وبالتالي هو يخشى من أن تقوم الولايات المتحدة بجر رجل مصر داخل ليبيا، وبالتالي ضرب مصر بشكل غير مباشر. 

ولا يستبعد الخبير العسكري أن يكون ذلك هو تفكير أمريكا ومخابراتها (cia) والموساد الإسرائيلي، مؤكدا ثقته بأن مصر منتبهة لكل هذه المخططات، وأن القيادة السياسية لا تريد توريط مصر في ليبيا، ولكن دورها يكون بشكل غير مباشر من خلال دعم الجيش الليبي، لافتا إلى أن كل طرف في ليبيا يحاول تطبيق استراتيجيته دون أن يصطدم بالطرف الأخر.

وأوضح أن الوضع في ليبيا معقد جدا، ومصر تراقبه وتدعم الجيش الليبي بشكل مباشر دون قوات، مشددا على رفضه التام لفكرة «حرب الضرورة» التي يطرحها البعض، مشيرا إلى أن مصر لها من التجارب السابقة ما يجعلها لا تورط نفسها بشكل مباشر في ليبيا، لافتا إلى أن مصر رفضت المشاركة بقوات عسكرية في حرب اليمن، رغم طلب السعودية ذلك، مستبعدا أن تقوم مصر بالتدخل بشكل مباشر في ليبيا.

وأكد أن المقصود بالدول الأخرى في تصريحات وزير الخارجية التركي هي مصر،  وبالتالي الخوف من أن يكون الهدف من كل ما يجري في ليبيا هو استهداف مصر، لافتا إلى أن مصر حذرة جدا، وتدعم بكل قوة الجيش الوطني الليبي، ولكن بشكل غير مباشر، مستبعدا تماما فكرة تقسيم ليبيا، مؤكدا أن حل الأزمة الليبية بالطرق الدبلوماسية في يد المشير خليفة حفتر.

ما يحدث فى ليبيا «خطير»

ويضيف اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والإستراتيجي، أن ما يحدث في ليبيا خطير ويجب التعامل معه بحكمة، مشددا على ضرورة أن يكون التدخل المصري من خلال تحالف دولي وليس تدخلا فرديا أو ثنائيا، لاسيما وأن مصر تقوم بتنفيذ خطة طموحة للتنمية، وبالتالي دخولها ليبيا بشكل منفرد ربما سيؤدي إلى التأثير بالسلب على خططها الطموحة في التنمية، مشيرا إلى أن حرب الضرورة هي حرب دفاعية تلتزم بالحدود.

وأكد ضرورة تشكيل جبهة دولية للوقوف في وجه تركيا، ومشددا على أن حل الأزمة الليبية يتطلب توحيد المواقف الدولية من الأزمة، لاسيما الموقف الروسي وأمريكي، مضيفا أن كل الاحتمالات «واردة» في الأزمة الليبية.