رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغز «توريد» الغاز بأسعار مخفضة لمصانع «ديناصورات» نظام المخلوع

استخراج الغاز
استخراج الغاز

فى خطوةٍ اعتبرها عدد من المحللين والخبراء، عبئًا على كاهل الموازنة العامة للدولة، خفضت الحكومة سعر الغاز المورّد للمصانع مرتين خلال الـ«6» أشهر الأخيرة.

وجرى تخفيض أسعار الغاز الطبيعي المورّد لمصانع الأسمنت بنسبة 25%، ليصل إلى «6» دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بعد أن كان سعره «8» دولارات.

كما خُفضت أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الحديد والصلب والألومنيوم والنحاس والسيراميك والبورسلين إلى 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية. 

يأتي ذلك قبل أيام قليلة من اجتماع اللجنة الوزارية المُشكلة من رئيس الوزراء، لمُراجعة أسعار الطاقة والتي تجتمع كل «3» أشهر لمراجعة الأسعار.

وكان بعض نواب البرلمان والاتحاد المصري لجمعيات الاستثمار، قدموا اقتراحًا لوزارتي «المالية» و«البترول»، عن طريق وضع آلية جديدة لتسعير الغاز المورد للمصانع تحت مسمى «دولار الغاز» تتم مراجعتها شهريًا. 

واعتبر نواب البرلمان ذلك خطوة جيدة لزيادة الإنتاج الصناعي، ويخدم خطة الحكومة القاضية برفع نمو القطاع الصناعي إلى 10.7% بحلول عام 2020. 

ويصل حجم الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي خلال عام 2018/2019 إلى 2181.7 مليار قدم 3 بمتوسط يومي 5977.4 مليون قدم مكعب، وفقًا لتقرير صادر عن شركة إيجاس في شهر أكتوبر الماضى.

ويتصدر قطاع الكهرباء حجم الاستهلاك بنحو 1359 مليار قدم مكعب سنويًا، ثم قطاع الصناعة بنحو 490 مليار قدم مكعب سنويًا، ثم قطاع البترول ومشتقات الغاز بنحو 221 مليار قدم مكعب، وأخيرًا قطاع المنازل الذي يعد استخدامه الأقل بين القطاعات الأخرى بنحو 221 مليار قدم مكعب. 

من جهته، يُوضح الدكتور إبراهيم زهران، الرئيس السابق لـ«شركة أباتشي مصر»، إحدى شركات قطاع البترول المصري، أن تخفيض أسعار الغاز المورد للمصانع كثيفة استهلاك الطاقة، يعني أن الحكومة تدعم هؤلاء المستثمرين وأصحاب المصانع بنحو «3» دولارات في كل مليون وحدة حرارية بريطانية. 

ويُتابع أنّ كل مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز تُكلف الحكومة المصرية ما بين 6 إلى 7 دولارات، على الجانب الآخر، فهي خفضته نحو 3 مرات للمصانع حتى بلغت أسعار بيعه بين 4.5 إلى 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. 

ويُضيف: «الحكومة بتاخد من المواطن وتعطي لأحمد عز»، متسائلًا: «هل يقوم أحمد عز أو أي من أصحاب المصانع كثيفة استهلاك الطاقة بخفض أسعار مُنتجاتهم؟». 

واستكمل: «إذا لصالح من تعمل الحكومة؟ من أجل المواطن؛ أم لأجل محمد فريد خميس وأبو العينين وأحمد عز»، لافتًا إلى ضرورة تسعير الغاز المورد لصالح المستثمرين بنفس التسعيرة التي تتم محاسبة المواطنين بها، وهي بـ7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. 

وعن تبرير الحكومة بأن ذلك لأجل النهوض بالصناعة، يرى الرئيس السابق لـ«شركة أباتشي مصر»، أن المصانع الحكومية مثل "مصنع حلوان للحديد"، أو مصانع الأسمنت تُعاني من الإفلاس أو تم إغلاقها مثلما حدث مع الشركة القومية للأسمنت، رغم أنها كانت تستخدم مكونات وخامات مصرية، بعكس المصانع الخاصة التي تستخدم مكونات وخامات مُستوردة هي التي تتمتع بكل مميزات تخفيض أسعار الطاقة. 

في نفس السياق، يعتبر الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أنّ خفض أسعار الغاز المورد للمصانع كثيفة الاستهلاك ليس الحل الأمثل لتنفيذ الخطة الحكومية للنهوض بالصناعة، نظرًا لغياب قيم العدالة، فمن جهة أخرى لا يحصل المواطن على نفس تسعيرة الغاز التي يحصل عليها المستثمر وصاحب المصنع. 

ويُشير إلى أنه برغم كل المميزات والتخفيضات في سعر الطاقة للمصانع المصرية؛ إلا أنها لا تستطع منافسة المُنتجات المستوردة سواء في السوق المحلية أو حتى في الأسواق الخارجية، مضيفًا حتى أن هذه المصانع تبيع مُنتجاتها بالسعر العالمي سواء للمواطن أو للحكومة.

ويُقدر الخبير الاقتصادي حجم خسائر الحكومة بسبب تسعيرة الغاز الحالية بملايين الدولارات سنويًا، مُطالبُا بضرورة بيع الغاز للمصانع بـ"سعر التكلفة" على أقل تقدير. 

ويرى «النحاس» أن هناك إمكانية لعمل تبادل ما بين الحكومة والمصانع، بمعنى أن تُورد المصانع للحكومة مُنتجاتها بأسعار أقل من السعر الذي تبيع به، وبالتالي تعود الفائدة على المواطن.

لكن، الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، يرى أن القيمة التسعيرية للغاز المورد للمصانع كثيفة استهلاك الطاقة بسعر 4.5 أو 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية "عادل وأنه بسعر التكلفة". 

ويقول إنّ تخفيض سعر الغاز يعود بالنفع على البيئة وعلى خفض معدلات التلوث، ذلك لأنه يُشجع المصانع وبخاصة مصانع الأسمنت على العودة لاستخدام الغاز بدلًا من الفحم الذي بدأت تستخدمه قبل سنوات فائتة، معتبرًا أن الحفاظ على البيئة أمر هام جدًا، لأجل الحفاظ على صحة المواطنين. 

ويُتابع «القليوبي»، أن الحكومة تتبع آلية لتطوير المصانع وإحلال التكنولوجيا الحديثة بها، من خلال الاعتماد على الغاز الطبيعي باعتباره مورد الطاقة الأوفر اقتصاديًا والأكثر أمانًا مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى، مُطالبًا بعدم خفض تسعيرة الغاز للمصانع عن المعمول بها حاليًا، وإلا باتت هذه المصانع عبئًا على الدولة. 

ويُكمل أستاذ هندسة البترول، أن تسعيرة الغاز المورد للمصانع في مصر، تعد من الأقل بين دول الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن مصر تعتمد على تسعيرة عالمية للغاز الطبيعي وهي المرتبطة بسعر برميل البترول، والتي تعتمد على قياس "حجم الطاقة المُولدة من برميل البترول"، وتصل هذه التسعيرة عالميًا في هذه الآونة إلى نحو 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. 

على جهة أخرى، حددت مؤسسة "بحوث عربية أون لاين"، إحدى شركات البحوث المالية في السوق المصري، أن مصانع الحديد والصلب أولى المستفيدين من خفض أسعار الغاز، مقدرةً حجم الخفض في تكاليف إنتاج "البليت" إلى ما يقارب 190 مليون دولار. 

وتذكر، المذكرة البحثية الصادرة عن مؤسسة بحوث عربية في نوفمبر الماضي، أن أكثر مصانع الحديد المُستفيدة هي "مصانع عز"، لافتةً إلى أن مصانع الأسمنت سيكون تأثير خفض أسعار الغاز عليها محدودًا، بسبب الفائض الإنتاجي الكبير بالقطاع. 

وبحسب المذكرة البحثية، فإن قطاع الألومنيوم سيتأثر بمعدلات قليلة بسبب اعتماده بشكل ضخم على الكهرباء، وتُمثل الكهرباء نحو 75% من تكاليف إنتاج مصانع الألومنيوم.

يُذكر أن أحمد عز ومحمد فريد خميس ومحمد أبو العينين، من أبرز رجال الأعمال الذين ظهروا وتضخمت ثرواتهم فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.