رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

العالم الخفى لـ«بيزنس الكافتيريات» داخل المستشفيات الحكومية

مستشفى قصر العينى
مستشفى قصر العينى - أرشيفية


أثارت واقعة «سكب زيوت» على مقاعد انتظار المرضى داخل مستشفى قصر العيني، لإجبارهم على عدم البقاء في هذه الأماكن واللجوء إلى الكافيتريات، حالة من الغضب الشديد بين المواطنين، خاصة أن هذه الواقعة ليست الوحيدة، وإنما تكررت في عدد من المستشفيات الحكومية الأخرى.


ولعل فكرة تأجير كافتريات المستشفيات إلى أفراد، أو جهات، لإدارتها تعد فكرة استثمارية ناجحة، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب المرضى البسطاء، خاصة في المستشفيات التي تستقبل الفقراء، حتى لا يتحول الأمر إلى «بيزنس» يعرض المواطنين إلى افتراء العاملين بهذه المستشفيات، ويصبح الأمر مرضًا وخراب ديار.


وتعرض مرضى كثيرون إلى مواقف مشابهة لما جرى في قصر العيني، حيث يقول “علي.م”، ٤٧ سنة، مريض بالصدر: “ذهبت لأحد مستشفيات الصدر بالقاهرة، للكشف وتلقي العلاج، ولأنه مستشفى يستقبل أعدادا كبيرة من المواطنين، كان من الطبيعي محاولة استثمار ذلك، من خلال دفع المرضى للحصول على مشروبات من الكافتيريا، ورفض انتظار أي منهم في أي مكان آخر بخلاف الكافتيريا”.


وأضاف لـ”النبأ”: “اضطررت لإنفاق ما معي على القعدة في الكافتيريا، خوفا من أن أغضب أصحاب المصلحة من التمرجية، والممرضين، فلا أحصل على الخدمة التي أريدها، والتي من المفترض أن تكون مجانية”.


وقال “مجدي.ع”، ٥٩ سنة: “كنت في مستشفى عام، في محافظة الجيزة، وفوجئت بالموظفين والتمرجية والممرضين، يجبرون المرضى على الشراء من الكافتيريا، وأكد بعضهم أن هذا يعود عليهم بالنفع، حيث يحصلون على عمولات، من الجهة التي تدير الكافتيريا”، فيما أشار مريض آخر يدعى “حسن.أ”، ٥٤ سنة، إلى أنه جاء من إحدى محافظات الصعيد للعلاج بالقاهرة، ولم يكن يعرف أن الأمور بدأت تتحول إلى بيزنس بهذا الشكل.


وقال لـ”النبأ”: “حضرت للعلاج بأحد المستشفيات، لأنني أعاني مشكلات بالكلى، ولكني وجدت نفسي غير قادر على الإنفاق، بسبب بينزنس الكافتيريات، والأسعار المرتفعة التي يجبرون المرضى على الشراء بها، وإلا يتم التعنت في التعامل معهم، ومنعهم من تلقي الخدمة التي يستحقونها".


وكشف مصدر بأحد المستشفيات الحكومية الكبرى، رافضا ذكر اسمه، عن أن تأجير الكافتيريات أصبح بالفعل بيزنس يستفيد منه الجميع داخل المستشفيات، وبالتالي فإنهم يريدون إجبار المرضى على دفع ما معهم، للشراء من هذه الكافتيريات وتعظيم أرباحهم، مضيفا: “مبقاش في حاجة اسمها ممعيش، أو مش عايز اشتري، خاصة إذا كان المريض يصطحب عددا كبيرا من ذويه، ففي هذه الحالة يتم إجبارهم على الشراء من الكافتيريات، أو طردهم من المستشفى”.


ونفى المصدر صحة ما ذكره مسؤولو مستشفى قصر العيني، من أن واقعة سكب الزيت على مقاعد انتظار المرضى، مجرد حالة فردية، تعود إلى استقبال الطوارئ بالمستشفى عددا كبيرا من المرضى يوميا، مضيفا: “دي حجة فارغة، وعذر أقبح من الذنب، لأنه لا يحق للموظفين أن يلجأوا لهذا التصرف غير السوي، لزيادة معاناة المرضى، وذويهم، لمجرد أن أعدادهم كبيرة، لأنه ليس ذنبهم أنهم يلجأون للمستشفيات المجانية، بسبب فقرهم.


ما تم كشفه عن عالم الكافتيريات والباعة الجائلين فى المستشفيات الحكومية وخاصة مستشفيات جامعة القاهرة التى كانت بطلة حلقة الأشهر الماضية عندما سكب أحد مؤجرى إحدى الكافتريات الزيوت على كراسى الزائرين والمرضى، دفعنا للتساؤل عن دور وزارة الصحة ومديري المستشفيات فى الرقابة على هؤلاء.


وقال صلاح محمد على، مدير إدارى بمستشفى قصر العيني، إن المستشفى يمارس الرقابة الظاهرية على الكافتيريا الموجودة به، وأن الكافتيريات المؤجرة ليست لنا رقابة مباشرة عليها. 


وتابع: أصحاب الكافتيريات لا يدققون فى تنفيذ البنود الموجودة فى كراسة شروط وعقد الإيجار لتسهيل مهمة الكافتيريا، وهو القضاء على جمهورية الباعة الجائلين داخل المستشفى.


وأضاف ياسر صلاح، مدير أمن قصر العيني، أنه يوجد بعض القصور الأمنى فى قصر العيني، وأن الكافتريات يعيبها بعض الأمور مثل غلاء الأسعار مقارنة بالأكشاك الخارجية، وتزاحم الزائرين والمرضى بشكل كبير كل يوم.


وتابع: يوجد قصور أمنى فى مراقبة أفعال أصحاب الكافتيريات، موضحًا أن ذلك القصور نتيجة الأعداد الكبيرة التي تأتي لـ«جمهورية قصر العيني» كما شبهها، قائلًا: «القصر يدخله يوميًا ما لا يقل عن ٦ آلاف شخص من جميع أنحاء الجمهورية بين زوار ومرضى، ما يؤدى إلى عدم السيطرة على البوابات التى يخترقها الباعة الجائلون، حيث لا يمكن منع زائر من اصطحاب منتجات غذائية أثناء زيارته للمريض. فهنا لا يمكن التفرقة بين الزائر والبائع المتجول إلا داخل الطرقات»، بالإضافة إلى عدم وجود قانون رادع يعاقب البائع المتجول عند إلقاء القبض عليه، حيث إن الموضوع ينتهى بغرامة لا تتجاوز الـ٥٠ جنيها.