رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كيف «تخدعك» الشركات والمحال الكبرى فى موسم «الجمعة البيضاء»؟

أرشيفية
أرشيفية


مع موجة «غلاء» الأسعار في مصر، وزيادة نسبة الركود في الأسواق، بدأت محال تجارية ومواقع التسويق الإلكترونية، إطلاق مبادرات لتخفيض الأسعار وتقديم عروض ترويجية بهدف تنشيط حركة البيع والشراء، تحت اسم «الجمعة البيضاء».


تعد «الجمعة البيضاء» حدثًا مأخوذًا عن يوم التسوق العالمي في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى والذي يعرف بـ«الجمعة السوداء»، وتصل نسبة التخفيضات وخصومات على منتجات الشركات والمتاجر المشتركة فيها إلى 90%.


ويعود تسمية الجمعة السوداء إلى القرن الـ19، والذي ارتبط مع الأزمة المالية عام 1869 فى الولايات المتحدة والذي شكل ضربة كبرى للاقتصاد الأمريكي، حيث كسدت البضائع وتوقفت حركات البيع والشراء؛ ما سبب كارثة اقتصادية في أمريكا.


وتعافت منها عن طريق عدة إجراءات منها إجراء تخفيضات كبرى على السلع والمنتجات لبيعها بدلًا من كسادها وتقليل الخسائر قدر المستطاع، ومن ذلك اليوم أصبح تقليدا في أمريكا، وتطرح كبرى المتاجر والمحال والوكالات تخفيضات كبرى على منتجاتها تصل إلى 90%.


وظهرت مبادرة «الجمعة البيضاء»، في الوطن العربي ومصر، عن طريق أحد مواقع التسوق الإلكتروني عام 2014 كرد على يوم الجمعة السوداء الخاصة بأسواق ومتاجر أمريكا وأطلق عليه اسم «الجمعة البيضاء»، وتم اختيار اللون الأبيض بدلا من الأسود لخصوصية يوم الجمعة في الشرق الأوسط.


فيما توسعت الشركات المصرية خلال هذا العام في الحدث وجعلته يمتد طوال شهر نوفمبر ولا يقتصر على الجمعة الأخيرة فقط من الشهر، بهدف تخفيض الأسعار بشكل كبير لتشجيع الاستهلاك والتخلص من البضاعة الراكدة.


وطرح هذا الحدث، الذي ينتظره الجميع، عددًا من التساؤلات وعلامات الاستفهام لدى كثير من المواطنين، حول هل العروض الخاصة بـ«الجمعة البيضاء» وهمية أم لا؟.


وفي هذا السياق، كشفت بعض الدراسات التي نشرها موقع «سكاي سبورتس»، عن أرقام صادمة، تؤكد أن تخفيضات هذا اليوم وهمية، مؤكدة أن «الجمعة السوداء» من العام الماضي، كانت أقل تكلفة في أوقات أخرى من السنة، وشملت الدراسة 94 منتجًا ذات إقبال عال بين المستهلكين، مثل شاشات التلفزيون والكاميرات والساعات التكنولوجية.


ووجدت الدراسة، أن 87 % من المنتجات كانت أقل تكلفة في أيام السنة الأخرى، غير أيام «الجمعة السوداء»، ما يكشف عن «خدعة كبيرة» تستخدمها الشركات لتسويق المنتجات خلال هذه الفترة.


وفي المقابل، نصحت مؤسسة «ويتش»، التي تدير دراسات حول الاستهلاك، بالبحث بشكل دقيق والتحقق من أسعار المنتجات طوال العام.


وقالت الدراسة إن أكثر من نصف المنتجات تباع بسعر أقل من المعرض خلال «الجمعة السوداء» في فترة الأشهر الستة التي تليها.


وخلال عام 2017، دشن رواد موقع التواصل الاجتماعي على «تويتر» هاشتاج بعنوان «جمعتنا بيضا»؛ لفضح عروض وتخفيضات الشركات الوهمية.


وكشف أحد المواطنين الأساليب التي تعمل بها الشركات في «الجمعة البيضاء»، قائلًا: «حابب أنبهكم بس إن الـBlack Friday في مصر نصباية كبيرة والحاجة لو كانت بـ100 بتفضل بـ100 زى ما هي ويكتب جنبها خصم 50% وإن السعر القديم كان 200، حتى معظم المحلات الكبيرة بتعمل الحركة دي للأسف».


كما أكد طارق متولي، نائب السويس وعضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن موسم «الجمعة السوداء» تخطى اليوم الواحد ببعض المراكز التجارية ليصل إلى أكثر من أسبوعين خلال شهر نوفمبر ليتسابق عدد أكبر من المستهلكين لشراء سلع لا احتياج إليها، أو في حقيقة الأمر لا تساوى ما أنفقته لشرائها.


وأوضح «متولي» أنّ المتاجر تلجأ إلى الإعلان عن تخفيضات لا مثيل لها على مدار العام، للتخلص من بضائع رديئة الصنع، إما لأنها تُباع بخلاف سعرها الحقيقي، أو على وشك انتهاء الصلاحية؛ لتحقيق ربح من بيعها حتى وإن كان البيع بسعر يُقارب سعر التكلفة أو أقل قليلًا بدلًا من تحمل خسارة أكبر.


وأشار إلى أن 90% من الصفقات التي يتم عرضها خلال الجمعة السوداء تكون أقل تكلفة في أوقات أخرى من العام، حسب تحقيق نشرته مؤسسة "ويتش" التي تدير دراسات حول الاستهلاك والتبضع.


وأكد النائب دور جهاز حماية المستهلك في تحذير المواطنين من العروض الوهمية التي تطلقها بعض المحال لاستقطاب الجماهير، والتأكد من سعر المنتجات قبل وبعض التعرض لعدم خداعهم بعروض على عكس الحقيقة، بالإضافة إلى تكثيف التحريات والتنسيق مع الجهات المعنية لزيادة الرقابة على الأسواق والمولات والسلاسل التجارية الكبرى للتأكد من عروض أسعار المنتجات المعلنة، وأيضًا للتأكد من عدم قيام البعض برفع أسعار المنتجات عن السعر الحقيقي، ثم يقوم بعمل خصم عن المعلن عنه بهدف خداع المستهلك وتضليله للإقبال على شراء المنتجات بعروض وهمية.


ومن ناحيته، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن حدث الجمعة البيضاء فيروس عالمي انتشر في العالم، لا يخضع إلى لأي جهة رقابة، متابعًا: «هو مبادرة من التجار لتنشيط حركة البيع والشراء».


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن التجار لديهم بضائع راكدة في المخازن، ما يجعلهم يستغلون أي فرصة مثل الجمعة البيضاء وعيد الأم لإحداث رواج والتخلص من تلك السلع لإكمال دورة رأس المال.


وأكد «النحاس»، أن معظم الشركات التى تمتلك علامة تجارية بالفعل تقدم تخفيضات جيدة وعروضًا حقيقة ولكن بهدف التخلص من البضائع الراكدة، والنزول بالموديلات الجديدة خلال الموسم القادم.


وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الفترة الماضية شهدت تسوقا حقيقيًا وعروضًا جادة، ليس بسبب رقابة من الحكومة ولكن حرصًا من التجار والشركات والمستثمرين، لتوفير «الكاش» اللازم لبضائع جديدة.


بدورها، قالت سعاد الديب، عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، إن الجمعة البيضاء أو السوداء بدعة ظهرت في بعض الدول خلال السنوات الماضية، محذرة المستهلك المصري من شراء منتجات خلال أيام عروض الجمعة البيضاء.


وأضافت في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن المستهلك ينساق إلى العروض والتخفيضات دون النظر إلى السلعة قبل وبعد التخفيضات ويضطر للشراء بأي ثمن كانت السلعة، قائلة: «وبعدها يكتشف المواطن عدم إمكانية استرجاع السلعة».


وأشارت «الديب»، إلى أن دور جهاز حماية المستهلك بشكل عام ليس رقابيًا على المحال التجارية، ولكنه يقتصر على رفع ثقافة المواطن الاستهلاكية، ومساعدته في استرداد حقه.


وأوضحت عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، أن السنوات الماضية شهدت ورود شكاوى كثيرة من المواطنين، حول «الجمعة البيضاء» سواء كانت نتيجة الزحام أو العروض الوهمية.