رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الأبطال الحقيقيون لأشهر الأعمال السينمائية والدرامية (ملف)

شاهين والفخراني وزكي
شاهين والفخراني وزكي رستم


فى أحايين كثيرة يكون العمل الفنى مبنيًا على قصة حقيقية، لأن المؤلف يتأثر بشخصية ما، ويضعها فى القالب الدرامى لتقديمها للجمهور، ربما لا ينجح هذا العمل ولا يؤثر فى المشاهد، وفى مرات أخرى يكون علامة فى تاريخ السينما لا ينساه المشاهدون.


هناك شخصيات تركت فينا أثرًا لن ننساه ما بين الفتوة ورجل الدين والرجل «الحمش» أو «سي السيد». 


«النبأ» اختارت ثلاث شخصيات لتقدم أسرارًا وحكايات وراء ظهورها على الشاشة.


ولد عام 1905 في «درب الأتراك»

حكاية شخصية «سى السيد» بطل ثلاثية نجيب محفوظ

«سي السيد» الحقيقي الذى ظهر فى ثلاثية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، اسمه عبد الجواد محمد سعيد، ولد عام 1905 في درب الأتراك الذي تغير اسمه لشارع الشيخ محمد عبده خلف الجامع الأزهر بالقاهرة، وكان يعمل بالعطارة، أما والده فقد تزوج من تسع نساء أنجبت له ثلاث منهن، فكان لـ«سي السيد» أخ شقيق واحد أكبر منه بينما كان أخوته وأخواته لأبيه كثيرين في صعيد مصر حيث كان أبوه يسافر ليجلب بضاعته.


بدأ «سي السيد» العمل مع والده في محل العطارة منذ أن كان عمره 12 عاما، وكون سمعة طيبة حتى أصبح من أكبر تجار العطارة في الحسين. 


ولا يزال المحل قائما ويحمل نفس الاسم «البركة» ويقع في شارع جوهر القائد بحي الحسين بنفس مكانه منذ 160 عاما، ويديره الآن ابن «سي السيد» الحاج محمد عبد الجواد الذي ورث العطارة عن والده ويعاونه فيها أبناؤه سامح وإيهاب.


عاش سي السيد "الأصلي" في منزله الكائن بمنطقة الباب الأخضر أمام مسجد الحسين، وكان يفضل أن يرتدي الطربوش والجلباب البلدي الذي يتوسطه حزام من الحرير وقفطان (لبس يشبه لحد ما ملابس طلاب وشيوخ الأزهر)


كانت تربطه صداقة بكبار الكتاب والفنانين، وكانت جلساتهم المفضلة إما في قهوة الفيشاوي أو في محل العطارة الخاص به، وعلى رأس هؤلاء الكاتب الكبير نجيب محفوظ وأنيس منصور والمخرج الكبير حسن الإمام ويوسف السباعي.


وعن تفاصيل اليوم العادي في حياة أسرة سي السيد الحقيقي يقول ابنه الحاج محمد في أحد الحوارات الصحفية: «كانت حياتنا منظمة ودقيقة جدا، فكانت أمي تستيقظ مبكرا لتحضر لأبي طربوشه وتساعده في لبسه عند خروجه لصلاة الفجر ثم تبدأ في إعداد طعام الإفطار حيث كان أبي يعود ليفطر بعد الصلاة، ونكون نحن قد استيقظنا أنا وأخواتي فنقف أمامه ويجلس الى الطبلية وكنت أجلس معه أنا والبنتان الصغيرتان أما أخواتي الكبيرات فكن يأكلن بعده مع أمي لانشغالهم في أعمال البيت مش لأنه كان بيمنعهم زي ما قيل في الفيلم والرواية، وبعد الإفطار كان يذهب ليفتح الدكان، وبعد الظهر كان يعود إلى البيت لتناول طعام الغداء، وبعد الغداء كان ينام ساعة أو ساعتين ثم يستيقظ ليعود إلى المحل ولم أكن أراه عند عودته ليلا».


ويؤكد الحاج محمد في حديثه عاتبا على الكاتب نجيب محفوظ لما وصف به شخصية سي السيد في الفيلم فيقول:«كان والدي رجل صالحًا ورعًا، دائمًا ما يعقد حلقات الذكر داخل محل العطارة الخاص به حتى منتصف الليل ويحضر هذه الحلقات كبار العلماء والشيوخ في مصر مثل الشيخ محمد أبو الليل وهو من علماء الأزهر الشريف والمقرئين أمثال الشيخ البهتيمي والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ طه الفشني والشيخ محمد الفيومي المنشد الديني والشيخ محمود عبد الحق والشيخ عبد الباسط عبد الصمد".


ويستطرد ابن سي السيد الحقيقي كلامه ويقول إنه لا ينكر أن والده اتسم بالحزم والشدة والقسوة في بعض الأحيان، وأنه كان من الصعب عليه وعلى أخواته البنات الست التحدث إليه مباشرة في أي موضوع، لذا فقد كانوا يوكلون الأمر إلى والدتهم السيدة "أمينة".


ويتذكر كيف كانت تهرول أمه بالمبخرة وتمطره بالدعوات أو بكلام يفتح نفسه مثل "ربنا يفتح عليك ويوقف لك ولاد الحلال". 


ويستطرد قائلا:"ولكنه كان أيضًا يسمح لنا بقليل من الرفاهية، حيث كان يذهب بنا إلى منطقة روض الفرج لنستقل مركبًا تنقلنا إلى القناطر الخيرية، كذلك كنا نذهب معه إلى السينما لنشاهد الأفلام المحترمة فقط مثل فيلم "هذا جناه أبي" والذي قام ببطولته زكي رستم وفيلم "خلود" بطولة فاتن حمامة وعز الدين ذو الفقار". 


جدير بالذكر أن أبناء"سي السيد" في الرواية هم ثلاثة ذكور (ياسين وفهمي وكمال) وابنتان هما (عائشة وخديجة)، لكن الشخصية الحقيقية كان لديه ولد واحد و6 بنات.


توفى سي السيد عبد الجواد في 5 ديسمبر 1955، أي قبل عام واحد من صدور الثلاثية، وكانت وفاته صدمة كبيرة لابنه "محمد"، فلم يحصل على التوجيهية واكتفى بالثقافة لكي يباشر تجارة والده ويزوج أخواته البنات. 


ويذكر الحاج محمد أن نجيب محفوظ ظل يتردد عليه، وتخلل زيارته الأخيرة لمحل عطارة "سي السيد" عتاب بينهما عن الصفات التي أضافها على شخصية والده في الثلاثية، فقد وصفه بـ«المجون ومجالسته للعوالم»، وهي صفات لا تمت إلى "سي السيد" الأصلي بصلة، فما كان من محفوظ إلا أن أجابه ضاحكًا: « الأكلة ما تحلاش من غير بهارات».


والثلاثية.. روائع أدبية ألفها الأديب المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للأدب، تعد أفضل رواية عربية في تاريخ الأدب العربي حسب اتحاد كتاب العرب، تتكون الثلاثية من القصص الآتية بالترتيب: بين القصرين (1956)، قصر الشوق (1957)، السكرية (1957)، الشخصية الرئيسية بالروايات الثلاث هي شخصية السيد أحمد عبدالجواد، والقصص الثلاث تتبع قصة حياة كمال ابن السيد أحمد عبد الجواد من الطفولة إلى المراهقة والشباب ثم الرشد، وأسماؤها مأخوذة من أسماء شوارع حقيقية بالقاهرة بحي الجمالية التي شهدت نشأة نجيب محفوظ.


عند صدور الثلاثية في منتصف الخمسينات فوجئ «محفوظ» باهتمام كثير من النقاد بأعماله السابقة حتى أن الناقد لويس عوض كتب مقالا عنوانه: «نجيب محفوظ.. أين كنت»، سجل فيه أن الحفاوة بمحفوظ مبررة ولكنها تدين النقاد الذين تجاهلوه طويلا.


يركز محفوظ في السرد الروائي على النمط الإنساني لا على العقدة كما يعتمد على التحليل النفسي والنقد الاجتماعي بلا ميلودراما. 


ويصبح التاريخ في سطور الرواية "حيا مشهودا" في الأحداث والطرز السائدة في العمارة والأساس المنزلي والملابس والموسيقى والغناء والتقاليد والعلاقات الاجتماعية والسياق الاقتصادي.


يكتب إزاء شخوصه جميعا بنوع من الحيادية، ويرسم لكل نموذج إنساني تناقضه الداخلي العميق وأبعاده النفسية والموضوعية المستقلة عن النماذج الأخرى وعن شخصية المؤلف. 


حسب بعض النقاد لا نجد عند نجيب محفوظ على الشخصية الوحيدة الجانب.


كما يرى بعض النقاد أن هناك قطبين لأزمة المرأة خلال زمن الرواية التي تبدأ أحداثها عام 1917 أحدهما إيجابي يمثله السيد أحمد عبد الجواد والثاني سلبي تمثله زوجته أمينة والعلاقة بينهما بين ذات وشيء، علاقة غير متجانسة وغير متكافئة وغير إنسانية قوامها الاستبداد المطلق في طرف والخضوع المطلق في الطرف الآخر.


يعيب الناقد نجيب سرور على "جميع النقاد" عدم انتباههم إلى الكوميديا "الواضحة والبارزة جدا" في ثلاثية محفوظ مبديا دهشته من أن خط الكوميديا "فات كل نقادنا" رغم كون الكوميديا طابع أصيل للمزاج المصري الذي لا تستوقفه إلا النكتة الصارخة غير المعتادة.


علق طه حسين سنة 1956 عن الثلاثية قائلا: «أتاح للقصة أن تبلغ من الاتقان والروعة ومن العمق والدقة ومن التأثير الذي يشبه السحر ما لم يصل إليه كاتب مصري قبله».


تأثر نجيب محفوظ في ثلاثيته بمدارس غربية ثلاث: المدرسة الواقعية الفرنسية متمثلة في أونوريه دي بلزاك وجوستاف فلوبير، الطبعانية متمثلة في إميل زولا، مدرسة الروائيين الإنجليز الإدوارديين مثل جلزورذى وبنيت.


حُولت الروايات الثلاثة لأفلام سينمائية شهيرة.


ظهر فى مسلسل لعب بطولته يحيى الفخرانى

قصة «جوليوس» الخواجة عبد القادر «الحقيقى»

ترددت أقاويل كثيرة عن شخصية «الخواجة عبد الــقادر»، تلك الشخصية التي أداها باقتدار الفنان يحيى الفخرانى فى مسلسل شهير حمل الاسم نفسه، أُنتج في عام 2012، وعرض لأول مرة في شهر رمضان للعام 1433 هجريًا، من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج شادي الفخراني.


الخواجة عبد القادر.. هو مهندس أجنبى واسمه الحقيقي (جوليوس)، ولد لأم ألمانية وأب نمساوى عام 1907 ببلدة صغيرة بضواحى فيينا من عائلة تنتمى إلى ملاك الأراضى، درس الطب لمدة عام ثم تركها لدراسة الهندسة والتخصص في الكباري وبناء السدود فى جامعة فيينا، ثم جامعة ميونخ بألمانيا، وحصل على دبلوم طبقات الأرض.


جاء لمصر فى ثلاثينيات القرن الماضى ليعمل مهندسا فى خزان أسوان، متنقلا بين بلدان الصعيد فأحب مصر وتعلق بها رافضا الرجوع لوطنه.

 

وحصل على الجنسية المصرية حيث عاش فيها لأكثر من أكثر 25 عامًا، ويقول عن هذه الفترة: «أحببت مصر، وقد عملت بها خمسًا وعشرين عامًا، ومُنحت الجنسية المصرية الفخرية تقديرًا لخدماتى، وإن كنت لا أزال احتفظ بجنسيتي الأصلية إلا أننى لن أفكر فى ترك القاهرة، لأن بها ضريحَى الحسين وسيدتنا زينب».


فى عام 1933 انتقل الخواجة للسودان مع الشركة الإنجليزية "جيبسون وشركاه" لبناء خزان جبل أولياء على نفقة الحكومة المصرية، وذلك بعد الانتهاء من التعلية الثانية لخزان أسوان سنة 1932م.


قرأ الخواجة كثيرًا عن الأديان، ومن بينها الدين الإسلامى وقد جذبه الإسلام، وزاد عليه ملاحظته خلال عمله بالسودان سلوك المسلمين وأدائهم لشعائر الصلاة وصوم رمضان، وحلقات الذكر واستمع الى نوبات ومدائح المكاشفية وهى إحدى الطرق الصوفية السودانية وتنسب لمؤسسها الشيخ عبد الباقي المكاشفي (مؤسس الطريقة القادرية المكاشفية).


جذبته الموسيقى ونوبات والمديح وفكر فى أن يسلم وأن يلتقى بشيخ كبير فى العلم والمعرفة، وحكى الخواجة لأتباع الطريقة المكاشفية القادرية عن حلمه بأنه شاهد شيخًا سودانيًا فى المنام أكثر من مرة منذ أن كان فى بلده، وهو لا يفهم ولا يفسر طبيعة الحلم.


وسافر الخواجة إلى مدينة الشكينية فى السودان ليلتقي بالشيخ عبد الباقى وانتابته دهشة عارمة عندما رأى أمامه نفس الشيخ الذى يراه فى المنام الذى حينما رآه منذ الوهلة الأولى ناداه بـ«عبد القادر»، وبمرور الوقت تعلق الخواجه بالشيخ عبد الباقى المكاشفى وأشهر إسلامه.


يؤكد الخواجة عبد القادر من خلال حواره مع صحيفة «الأضواء» فى 11 مايو 1969، أنه بعد أربعة عشر شهرا بعثه الشيخ عبد الباقى المكاشفى للحج، ثم إلى مصر للدراسة فى الأزهر الشريف، وزوده كما قال بقدر من المال والضروريات الأخرى التى تكفى لقيامه بالرحلة.


لم يكتف باسم عبد القادر الذى أطلقه عليه الشيخ المكاشفى بل انتسب للشيخ واسمى نفسه حتى فى أوراقه الثبوتية عبد القادر عبد الباقى عمر المكاشفى، وظل متواصلًا مع الشكينيبة، رغم أنه كان يغادر السودان فى فترات متعددة.


لم تنقطع صلة الخواجة بمصر التى أحبها فعاد إليها وهو مسلم، وأظهر تدينه ووصل إلى دراو فأعجبته المنطقة لأنها شبيهة بمدن السودان وقراها، ولها ارتباط وثيق بهم من خلال تجارة الجمال التى تمر عبرهم من دارفور وكردفان، ولهذا بنى الخواجة عبد القادر خلوة على شاطئ النيل ليتعبد فيها، وأقام الشيخ الخواجة علاقات قوية مع عمدة القرية وبعض الأعيان فيها.


ونظرا لهيئته الحسنة ومظاهر عدم الحاجة والغنى ظن أهالى المنطقة أن له كرامات فى جلب المال والحصول على كنوز الفراعنة فى هذه المنطقة رغم أنه لم يكن يخرج من خلوته التى يتعبد فيها كثيرًا فاعتبروه رجلًا صالحًا وليًّا تسخر له كنوز الدنيا.


فى أواخر السبعينيات انتقل الخواجة إلى قرية ود أب آمنة الواقعة إلى الجنوب الشرقى من مدينة المناقل فى السودان حيث مات ودفن فيها؛ ففى عام 1980 طلب من أحد الجيران أن يحفر له حفرة بأبعاد متر واحد فى الطول والعرض والعمق لتساعده على قيام الليل لأنه يتعب من الجلوس الطويل ويريد أن يستند إلى (حائط) الحفرة وهو جالس يتعبد.


وكان من عادته أن ينام بعد أداء صلاة الفجر ويصحو عند الثامنة، وفى صباح يوم وفاته لاحظ الجيران أنه لم يصح فى موعده المعتاد، وعندما فتحوا الباب وجدوه ميتا فدفن فى غرفته لتصبح مثواه الأخير، ذات الغرفة التي شهدت أدعيته وابتهالاته ومناجاته والتى حفظت أسراره. 


فريد شوقى أنفق 27 ألفًا على إنتاجه.. وأنقذه من «منع العرض»

«الفتوة».. فيلم شهير مستوحى من حياة محمد زيدان المُلقب بـ«ملك الفاكهة»


يُعد فيلم «الفتوة» من العلامات الفنية الفارقة في صناعة السينما المصرية، وقد استلهم مخرج الروائع صلاح أبو سيف وقائع الفيلم من قصة حقيقية، وهي قضية تاجر الفاكهة والخضار ذائع الصيت وقتها محمد زيدان، والذي لقب في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات بـ«ملك الفاكهة»، هذا الرجل الذي عاش حياة ميلودرامية حتى وصل إلى علاقة وطيدة بالملك ورجال السراي ثم تحكم في سوق الخضار في مصر كلها. 


ووفقًا لقصة الفيلم العربي الشهير، يأتي هريدي (فريد شوقي) من قريته إلى سوق الخضار بحثًا عن فرصة عمل، وبعد العديد من المحاولات، يجد عملا لدى المعلم أبو زيد (زكي رستم)، الذي يعد أكثر التجار سطوة في السوق بأكمله، وبعد فترة ينفصل هريدي ويتزوج من المعلمة حسنية (تحية كاريوكا)، ويشكل معها ومع منافسي المعلم أبو زيد تحالفًا مضادًا لـ«أبو زيد»، ويحصل هريدي على البكوية وتقوى شوكته في السوق بمساعدة زوجته وشركائه ويتبدل حاله للأسوأ!! 


عُرض الفيلم في إبريل 1957 ولاقى الفيلم نجاحًا جماهيريًا في أول أيام عرضه، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، حيث فوجئ منتج الفيلم فريد شوقي بسحب الفيلم من دور العرض، بعد أن رفع ورثة المعلم محمد زيدان الشهير بـ«ملك الفاكهة» دعوى قضائية مستعجلة يطالبون فيها بوقف الفيلم وذلك بتهمة التشهير وقد توجه أنصار المعلم محمد زيدان إلى سينما "الكورسال" الذي يعرض الفيلم وتم سحب «الفتوة» من السوق، وهنا يصرخ فريد شوقي في مذكراته ويقول إن الفيلم الذي توقعت له نجاحًا كبيرًا وصرفت عليه 27 ألف جنيه، سيتحول إلى خسارة كبيرة لي، خاصة وأن محامي زيدان صرح في الصحف أن الفيلم يعد تشويهًا لرجل توفي ولأولاده الذين يدرسون في الجامعة!


وفي يوم نظر القضية في المحكمة، شعر فريد شوقي أن محامي عائلة زيدان رجل قانون قوي بينما محاميه شاب ضعيف، فطلب من القاضي أن يترافع عن نفسه، وقال إن فيلم «الفتوة» مستوحى من الخيال، وأنه لم يذكر سيرة محمد زيدان في الفيلم، وأن تشابه الأحداث مجرد مصادفة، وطالب المحكمة أنه إذا تم وقف عرض الفيلم فإنه يطالب أيضًا المحكمة بأن تنظر إلى كيفية تكوين ثروة محمد زيدان وعائلته خاصة أنه كان ملك سوق الفاكهة، وأنه كان يتاجر في السوق السوداء فقام القاضي برفض دعوى عائلة محمد زيدان وإعادة عرض الفيلم مرة أخرى على شاشات السينما.


وعن ملك الفاكهة الحقيقي، فقد عاش حياة صاخبة، ومات أيضًا بطريقة صاخبة جدًا، إذ تشير صحف ومجلات 1952 إلى حادثة قتل الحاج زيدان، كونها حدثًا كبيرًا يهز سوق الخضار في مصر كلها آنذاك.


ففي أحد أيام 1952 خرج "زيدان" من منزله قاصدًا سوق الخضار، حينها صادف شحاذًا وأعطاه حسنة، ليدعو له الأخير: «ربنا يكفيك شر طريقك»، لكن هذا لم يحدث، وصل زيدان إلى سوق روض الفرج، التي ما يسمع فيها صوت "كلاكس" سيارة الحاج زيدان، حتى يقف جميع الباعة والتجار ترحيبًا بمروره اليومي في الذهاب والعودة كما قالت إحدى الصحف أيضًا. 


وينهي "محمد زيدان" مهامه ثم يتوجّه إلى مزرعته في الجبل الأصفر، والتي استأجرها من وزارة الزراعة بمبلغ 32 ألف جنيه.


وبعدها ركب سيارته عائدًا إلى منزله مع سائقه الخاص وأثناء مروره بكوبري عزبة حافظ رمضان باشا في محافظة القليوبية استوقف السيارة 3 رجال، بحجة وجود حفرة كبيرة في الطريق، بعدها فوجئ "زيدان" وسائقه بإخراج الرجال الثلاثة أسلحةً وانهالوا على السيارة بالرصاص، ثم انضمت إليهم مجموعة أخرى كانت مختبئة خلف الأشجار، لإتمام مهمتهم، ليقتلوا "ملك الفاكهة" بـ 9 رصاصات!!


تواصلت أخبار جريمة القتل الكبيرة، فحين وصلت جثة ملك الفاكهة، كان في استقباله قرابة ألفين من رجاله، الذين ظلوا واقفين طوال الليل وحتى الثالثة ظهرًا، لتشييع جنازته، في حين رفض إخوته الـ 12 استقبال أي عزاء إلا بعد الثأر لعميد العائلة.


بدأت التحقيقات في مقتل ملك الفاكهة، وأُلقي القبض على سائقه الذي نجا من الموت بأعجوبة كما ذكر، وحامت حوله الشبهات، فكيف ينجو من وابل الرصاص الذي قتل زيدان، وقال ابن ملك الفاكهة إن السائق سيئ السمعة، وفي الغالب سهل عملية قتل أبيه، وباعه لخصومه، إلا أن السائق نفى ذلك تماما عن نفسه مبديًا تعجبه من عدم تحرك حرس "ملك الفاكهة" معه في تلك الرحلة!!


وفي ذلك الوقت نشرت الصحف تقارير تفيد بأن "زيدان" ترك 100 فدان، و100 ألف جنيه في البنوك، وحصصًا في 26 منزلًا بشبرا وبولاق، بجانب منزله في حي السكاكيني، كما كشفت الصحف آنذاك عن بنائه مسجدًا بروض الفرج وأنه كان يوزع على الفقراء 1000 رغيف يوميًا.


وبعد حركة يوليو 1952 رجح البعض، وترددت الأقاويل أن موضع اغتياله شارك فيه ذوي السلطة آنذاك وذلك بعد أن انتشر طغيان محمد زيدان.