رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة «ذبح» 36 ألفًا من «المعلمين المؤقتين»

طارق شوقي
طارق شوقي


يبدو أنّ أزمة المعلمين المنتهية عقودهم مع وزارة التربية والتعليم، فى مايو الماضي، ستظل قائمة خاصة مع حلول العام الدراسي الجديد دون أي مؤشرات تؤكد نية الحكومة في الاستعانة بهم، بالرغم من وعود مسئولى وزارة التربية والتعليم، الأمر الذي يفسر حالة الترقب والغضب التي يعيشها أكثر من «36» ألف معلم خلال الفترة الحالية. 


وتصاعدت الأزمة مع تواتر المعلومات حول لجوء وزارة التربية والتعليم لسد أزمة العجز بعيدًا عن المسابقات، وتعويضها من المكلفين بالخدمة العامة، وهو ما جعل المعلمين أصحاب «العقود المؤقتة» يتجهون مرة أخرى لتنظيم الوقفات والتظاهرات، أمام وزارة التربية والتعليم، وذلك بعد دعوات على مواقع التواصل الاجتماعى للرد على ما وصفوه بتجاهل الوزارة لهم، وعدم حسم موقفهم حتى الآن.


بدأت مشكلة المعلمين المؤقتين البالغ عددهم 36 ألف معلم، بعد إعلان الوزارة عن انتهاء العقود المقررة في مايو الماضي، ورفض مطالبهم بالتجديد، ومع تصعيد المعلمين ولجوئهم لتنظيم الوقفات الاحتجاجية، اضطرت الوزارة لإطلاق وعود بالاستعانة بهم في المسابقات، باعتبارهم أولوية مقابل عدد من الشروط منها الحصول على شهادة «المعلم المصري» وهو الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تهدئة غضب أصحاب الأزمة، الذين اعتبروا أنها بادرة أمل جديدة.


ففي يوليو الماضي، عقد الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم لشئون المعلمين، اجتماعًا للجنة المشكلة لبحث مشاكل المعلمين؛ وناقش خلاله تحديث قواعد بيانات العجز والزيادة فى أعضاء الهيئة التدريسية، لإعادة استغلال الزيادة وحصر العجز الفعلي، لبدء إجراءات تداركه مع المديريات التعليمية قبل بداية الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2019/2020.


كما بحث الاجتماع ملف المسابقة المؤقتة التي طرحتها الوزارة مطلع العام الحالي لوضع آليات عملية لتدارك العجز وتدريب قيادات المديريات التعليمية على تنظيم مسابقات للتعيين، وقد أوصت اللجنة بضرورة الاستعانة بمن انتهى تعاقده في المسابقة التي ستعلن عنها المديريات، بعد استكمال الشروط الخاصة بها والتي تعتمد على الكفاءة والمهارات المطلوبة للعمل.


اللافت فى الأمر أنه عقب خروج هذه التصريحات على لسان المسؤولين، بدأ المعلمون المؤقتون في التوافد على المراكز المتخصصة في تقديم دورات المعلم المصري، رغم الشكاوى من ارتفاع تكلفة الشهادة، والازدحام الشديد بتلك المراكز وسوء المعاملة، وذلك في محاولة لاستيفاء الشروط المطلوبة، للمسابقة التى كان متوقعا إعلانها في الشهر الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ليفاجأ المعلمون المؤقتون بأن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى تبحث عددًا من الحلول لسد العجز فى التخصصات المطلوبة فى أعضاء هيئة التدريس فى المدارس، تزامنا مع دخول العام الدراسى الجديد 2019/2020، ليس من بينها تنظيم أي مسابقات.


إذا أشارت الأنباء المتواترة إلى أنه جار التنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى، لتوجيه الخريجات اللاتي تؤدين فترة الخدمة العامة لتكون فى المدارس طبقا للتخصصات التى يوجد فيها عجز، وهو الأمر الذي أشعل ثورة وغضب المعلمين المؤقتين تجاه وزارة التربية والتعليم الذين يرون أنها تخلت عن وعودها تجاههم، وصلت لحد تنظيم الوقفات الاحتجاجية.


من ناحيته، قال أحد المعلمين المؤقتين، رفض الكشف عن اسمه، إنّ هناك أنباءً تتردد عن أنهم سيستعينون بنا بين الحين والآخر وحتى الآن لم يحدث أي جديد، متابعا لم يخرج علينا أي مسؤول ليكشف لنا الحقيقة بخصوص المتعاقدين حول موعد التقديم، وكذلك نوعية الاختبارات.


وأضاف، أن المسؤولين في البداية قالوا إن المسابقة ستكون في أول أغسطس وبعدها في آخر الشهر وحتى الآن لم يحدث أى جديد، متابعا الكل منتظر ولو إشارة من وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى، ولكنه يصر على التجاهل رغم عقده مؤتمرات وخروجه في تصريحات إعلامية.


وكتب أيمن صلاح، على أحد مجموعات المعلمين المؤقتين بـ«فيسبوك»: الإدارات بتلف حوالين نفسها بسبب العجز، والوزارة عاوزة تسد العجز ببلاش ومسابقات هتاخد وقت، نحاول منتعاونش معاهم لا تطوع ولا خدمة.. وإحنا مين يخدمنا لما نموت ونجوع.


وقال كمال مغيث، الخبير التعليمي، إنّ استعانة وزارة التربية والتعليم بالمكلفين بالخدمة العامة «كلام فارغ وغير المنطقي»، مشيرًا إلى أنه يمثل «التفافًا» على المشاكل الحقيقية التي تواجه الوزارة من عجز حقيقي بعدد المعلمين والإخصائيين.


وأضاف «مغيث» لـ«النبأ» أن هذا الإجراء جاء للتهرب من تعيين معلمين جدد؛ تطبيقًا لأوامر صندوق النقد الدولي، وسياسة الرأسمالية التي لا يجوز تطبيقها مع ملف التعليم، متابعًا: «نحن نعيش كارثة حقيقية.. كيف يتم صرف المليارات على بناء القصور دون حل المشكلات الحقيقة الخاصة بالتعليم».


وتساءل: ما علاقة المكلفين بالخدمة العامة بالتعليم؟ وهل يملكون الخبرة الكافية للتدريس حتى يمكن الاعتماد عليهم وهم لا يملكون أي مؤهلات؟، متابعًا: «نحن نعيش مأساة».


بدوره، قال عبد الحفيظ طايل، رئيس مركز «الحق في التعليم»، إنّ التعاون مع وزارة التضامن ليس جديدًا، مشيرا إلى أنه كان يتم الاستعانة بالمعلمين في مقابل مرتبات لا تتجاوز الـ105 جنيهات قبل عام 2011، وتم تعيينهم مع ثورة 25 يناير، وبعد نضال نقابة «المعلمين المستقلين»، وتمّت زيادة مرتباتهم لأضعاف.


وأضاف «طايل» لـ«النبأ» أنّ ما تفعله الوزارة تستهدف من خلاله التنصل من أزمة العجز في عدد المدرسين عبر التحايل على القانون وانتهاكه، بهدف عدم تحمل أي التزامات يستوجبها التعيين، مشيرا إلى أن الاستعانة بالمكلفين الخدمة العامة لن يكلف الوزارة أي أموال إضافية، وهو ما تسعى إليه الحكومة التى ترى أن التعليم سلعة وأنه يخضع للعرض والطلب ومقتضيات السوق دون اللجوء إلى التعاقدات وبصرف النظر عن القيمة الحقيقة من هذا الإجراء.