رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ثغرات «خطيرة» تُفجر أزمة ارتفاع أسعار «فواتير الكهرباء»

وزير الكهرباء
وزير الكهرباء


مع إقرار الدولة لخطة الإصلاح الاقتصادى، وما ترتب عليها من «تعويم الجنيه» وخفض الدعم عن الطاقة، حدثت ارتفاعات متوالية فى أسعار «فواتير الكهرباء» الأمر الذي شكّل عبئًا على المواطنين.


وشكا مواطنون من ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء التى وصلت إليهم هذا الشهر، مشيرين إلى أنهم رغم ثبات معدل استهلاكهم، فإن قيمة الفواتير تزيد من شهر إلى آخر، لتصل الزيادة فى بعض الأحيان إلى 4 أضعاف، مبررين ذلك بأن عدم انتظام محصلى الكهرباء فى قراءة العدادات يجعلهم يقفزون دون ذنب منهم إلى الشرائح الأعلى فى الاستهلاك، وبالتالى المحاسبة على سعرها.


وأعرب المواطنون عن غضبهم من ارتفاع فواتير الكهرباء بصورة مبالغ فيها لا تتناسب مع الاستهلاك الفعلي، مناشدين وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر، بالتدخل العاجل ومحاسبة المقصرين، وخاصة أن معظمهم عجزوا عن سداد «الفواتير»، ومعرّضون أيضًا للحبس، ورفع «العداد».


وتقدم الأهالى ببلاغات واتهموا المحصلين وقارئي العدادات بالإهمال، وعدم متابعة القراءة الشهرية ووضع أرقام جزافية غير مطابقة للواقع.


وتحدّث أحد المواطنين لـ«النبأ»، رفض ذكر اسمه، قائلًا: «أحيانًا لا يأتى أحد لقراءة العداد، ويتم وضع قيمة استهلاك عشوائية قد تكون أكبر بكثير من قيمة الاستهلاك الحقيقية، كما أن شكل الفاتورة كارثي وغير مفهوم»، متابعا: «كل شهر بتيجى ليّ الفاتورة مرتفعة واشتكى للمحصل ويعدني بتعديل قراءات العداد ولكن هذا لم يحدث».


وأضاف: «فاتورة هذا الشهر فوجئت أنها بلغت 300 جنيه بعد ما كنت بدفع بس 100 جنيه، وأنا مش عندى تكييف مش شغال غير الثلاجة وبطفى جميع الأنور»، مستكملا: «الأغرب من ذلك أن الفاتورة لم تمثل الاستهلاك الحقيقى، القراءة فى الفاتورة أكثر بكثير من قراءة العداد الحقيقة، وفوجئت أني لي 1000 كيلووات زيادة على الفاتورة، يعنى المفروض مش أدفع فلوس من الأساس مش تيجي لي زيادة 200% عن الفاتورة الأصلية».


واستكمل: «رفضت دفع الفاتورة وقلت للمحصل عدل الفاتورة وبعدين هدفع».


الأمر لا يختلف كثيرا عن  شخص آخر ويدعى محمد قال: «نعلم أن هناك رفعا للدعم عن فواتير الكهرباء، لكن هناك مشكلات فعلًا فى معدلات القراءة، لأننى أحرص وزوجتي وأبنائي على ترشيد الاستهلاك، لم نعد نترك لمبة مضيئة فى حجرة لا نجلس فيها، وأغلب أجهزة الشقة مغلقة، أنا وزوجتى موظفان، ونقضى أغلب الساعات خارج المنزل، وبالتالى نحن نواجه مشاكل مضاعفة، ليس فقط فى قيمة الدعم المرفوع، بل أيضًا فى مغالطة القراءات».


واستكمل: «كنت بدفع 150 جنيها وفوجئت هذا الشهر أنّ الفاتورة وصلت إلى 1500 جنيه، ورفضت دفعها وتقدمت بشكوى».


وكشف مصدر مسئول بـ«وزارة الكهرباء»، عن أنّ هذه الأزمة ترجع لعدة عوامل، أهمها  أن البعض لم يستوعب قرار الدولة بخفض دعم الطاقة طبقا لخطة الإصلاح الاقتصادي، والتي تشمل رفع الدعم عن الطاقة ولكن بشكل تدريجي، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار الفواتير، بالإضافة إلى قلة عدد القرّاء والمحصلين بالنسبة لبعض مستخدمي العدادات القديمة، ما أدى إلى وجود قراءات وهمية وعشوائية، أما العدادات الذكية (الكارت) فلا توجد لمستخدميها أي مشكلة، فهم يستخدمون بقيمة ما يتم شحنه ويعلمون جيدًا أنّ هناك ارتفاعًا في سعر كيلو الكهرباء، مؤكدا أنه سيشكل لجنة طوارئ يكون هدفها سرعة الاستجابة لشكاوى المواطنين من عدم التحصيل حتى نتفادى دخولهم في شريحة أكبر.


وأضاف المصدر أن شركة شمال القاهرة لـ«توزيع الكهرباء»، اضطرت إلى سحب إيصالات الاستهلاك المطبوعة والخاصة بإصدار سبتمبر عن استهلاك شهر أغسطس؛ بسبب أخطاء فى حساب الاستهلاك بالفواتير، مضيفًا أنه صدرت تعليمات بسحب الإيصالات ووقف طبع الايصالات المتبقية لبعض الإدارات لحين تصحيح كل الأخطاء التي وقعت بـ«الفواتير».


وأوضح المسئول، أن هناك مغالطات كبيرة فى قيمة «الفواتير» استدعت من قيادات الشركة وقف توزيع الإيصالات على الإدارات؛ حفاظًا على حقوق المشتركين.


من ناحيته، أكد الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أنه لن يسمح بأى تجاوز فى حقوقهم التى تتمثل فى الحصول على خدمة جيدة ومميزة بدون أى انقطاعات بالإضافة إلى حقهم فى إصدار فاتورة سليمة بدون أخطاء تعبر عن استهلاكهم الفعلى.


وأوصى الوزير كل من يرى أن الفاتورة لا تتناسب مع استهلاكه الفعلى بأن يتقدم بشكوى وسيتم حلها فورا، قائلا: «انتهى عصر مقولة ادفع وبعدين اشتكى».


وأوضح شاكر أنه طالما هناك عنصر بشرى فلا بد أن تكون هناك أخطاء وإن كانت أخطاء بسيطة ينتج عنها مشاكل بفواتير الاستهلاك التى يعانى منها بعض المواطنين، لافتا إلى أنه يبذل قصارى جهده لحل تلك المشكلة حتى أنه يتلقى بنفسه مئات المشاكل على هاتفه الشخصي ويقوم بحلها.


وأكد وزير الكهرباء، أن مشاكل فواتير الاستهلاك لن تنتهى تماما إلا بعد الانتهاء من تحويل جميع العدادات التقليدية التي يبلغ عددها 30 مليون عداد إلى عدادات مسبوقة الدفع، وسيتم ذلك فى خلال 10 سنوات على الأقل.


وقال أيمن حمزة، المتحدث الرسمى باسم وزارة الكهرباء، إن وزير الكهرباء أصدر تعليمات لكافة رؤساء شركات توزيع الكهرباء بضرورة متابعة عمليات قراءة العدادات التي تقوم بها شركة "شعاع" المتعاقد معها للكشف وقراءة العدادات بشركات التوزيع المختلفة على نطاق الجمهورية.


وأضاف حمزة، أن وزير الكهرباء شدد أيضا على ضرورة تشكيل لجان مختلفة بالهندسات والقطاعات التجارية لإجراء تفتيش مفاجئ على كشافى "شعاع"، من خلال مقارنة القراءات التي يقوم كشافو "شعاع" بقراءاتها ومقارنتها بنسب الاستهلاك الموجودة بعداد الكهرباء من خلال اتخاذ عينات عشوائية.


ولفت إلى أن المشروع التجريبى لتركيب العدادات الذكية والذي يستهدف تركيب 250 ألف عداد ذكي، يجري العمل به على قدم وساق من خلال 6 شركات توزيع كبداية لتعميم التجربة على باقي الشركات، حيث تم تركيب ما يقرب من 80 ألف عداد من إجمالي التجربة والتي من المقرر الانتهاء من تركيبها جميعا بنهاية 2019.


من ناحية أخرى، تسعى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة إلى الحفاظ على حق الدولة فى تحصيل مستحقاتها من المواطنين بشكل عام ومن المخالفين وسارقي التيار الكهربائي بشكل خاص، من خلال عدة آليات؛ أهمها: الاعتماد محاضر شرطة الكهرباء للمخالفين، والتى يتم تحويلها بعد التصالح الى نظام الممارسة، علاوة على تركيب العدادات الكودية للمخالفين بالمناطق العشوائية والمخالفة.


ويلجأ المواطنون الذين لا يملكون عداد كهرباء، ويحاسبون بمحاضر سرقة التيار، إلى نظام «الممارسة» الذي يتم من خلاله تحديد الاستهلاك الفعلى لهم، فبعضهم يدفع أقل من استهلاكه الفعلى والبعض الآخر يدفع أكثر، والحقيقة أن الممارسة تضيع مئات الملايين على الدولة؛ لأنها تعد سرقة والمحاضر لا تحصل القيمة الفعلية للاستهلاك.


وتستعد وزارة الكهرباء خلال الشهر المقبل إلى تطبيق الزيادة الجديدة على قيمة ممارسة سرقة التيار على المخالفين بعد التوصل الشركة القابضة لكهرباء مصر إلى اتفاق نهائي بشأنها،


وفقا لمصدر مسئول بوزارة الكهرباء، فإن الزيادة على قيمة الممارسة ستكون ٤٣٠ جنيها شهريا بدلا من ٣٧٥ جنيها وسيتم تحصيلها على ما تم الاتفاق عليه، مؤكدا أن الهدف من تطبيق الزيادة على قيمة الممارسة تقليل الفاقد التجاري والفني وتعويض الخسائر التي تواجه شركات التوزيع.


وأضاف المصدر أنه حدثت زيادة في تحصيل فى غرامات سرقة التيار بنسبة 15% بعد زيادة أعداد موظفي الضبطية القضائية في شركات التوزيع من 350 إلى 500 موظف بجانب شن حملات مكثفة بالتنسيق مع شرطة الكهرباء.


وكشف أنه تم تحصيل نحو 955 مليون جنيه غرامات سرقة تيار على المخالفين بالمناطق العشوائية والعقارات المخالفة في الفترة من يناير وحتى يوليو الماضي من العام الجاري.


وتستهدف وزارة الكهرباء بنهاية العام الحالي تحصيل نحو مليار و200 مليون جنيه من غرامات سرقة التيار التي يتم تحصيلها في شكل محاضر على المخالفين، وتدرس وزارة الكهرباء زيادة قيمة الممارسة بنسبة 15% والتى يتم تحصيلها شهريا من أصحاب العقارات المخالفة غير المتعاقدين على تركيب العدادات الكودية، وتتراوح قيمة الممارسة الشهرية التي يتم تحصيلها من أصحاب العقارات المخالفة من 280 وحتى 325 جنيها وتصل في بعض الأحيان 400 جنيه كحد أقصى، وتقوم وزارة الكهرباء بزيادة قيمة الممارسة سنويا مع كل زيادة في أسعار الفواتير.


ووفقا لتقرير الشركة القابضة لكهرباء مصر، فإن إجمالي الهدر المالي السنوى بسبب سرقات التيار يصل إلى ١.٥ مليار جنيه.


وفى ذات السياق قال الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، إن نظام الممارسة عبارة عن محضر يتم تحريره بواسطة شرطة الكهرباء أو من خلال حق الضبطية القضائية نتيجة سرقة تيار كهربائي لإنارة الوحدات المخالفة بالمناطق العشوائية، مؤكدًا أنه من المستحيل تحديد الاستهلاك الفعلى للمواطن بنظام الممارسة.


وأضاف وزير الكهرباء أن قيمة غرامة سرقة التيار أو ما يعرف باسم الممارسة، نظام غير عادل للدولة والمواطن، فتدخل العنصر البشرى فى حساب قيمة الغرامة، لا يجعله دقيقًا.


من جانبه، أكد الدكتور أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أن نظام الممارسة يضمن جزءًا من حق الدولة الذى يهدر بسبب سرقة التيار الكهربائي، مؤكدًا أنّ نظام الممارسة هو عبارة عن محضر سرقة يتم تحريره من قبل شرطة الكهرباء أو من خلال حق الضبطية القضائية للعاملين بالكهرباء وقبل أن يتم تحويله للنيابة يطلب المواطن التصالح مقابل سداد غرامة مالية علاوة على تحديد قيمة يتم سدادها كل شهرين.


وأشار «حمزة»، إلى أن قيمة الغرامة يتم تحديدها وفقا لعدة عناصر مثل عدد اللمبات الموجودة بالوحدة وعدد الغرف ومساحة الوحدة وحصر الأجهزة الكهربائية المستخدمة، موضحا أن العنصر البشرى لا يمكن أن يحدد القيمة الفعلية للاستهلاك.


وأكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أن قيمة الممارسة التي يتم سدادها كل شهرين تعتمد على أسعار الكهرباء التى يتم الإعلان عنها، مشيرا إلى أنها يتم تعديلها مع الإعلان عن الأسعار الجديدة لشرائح الكهرباء سنويا لحين رفع الدعم نهائيا عن كاهل الدولة فى يوليو ٢٠٢١.