رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

السفير رخا أحمد حسن: تركيا وقطر تمدان حكومة الوفاق الليبية بالمال والسلاح من أجل عيون الإخوان (حوار)

محرر «النبأ» فى حواره
محرر «النبأ» فى حواره مع السفير رخا أحمد حسن


قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية السابق، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنّ سيناء لن تكون جزءًا من صفقة القرن المزعومة، مؤكدا ثقته في كلام الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا الصدد، مشيرا إلى أنه لا يفهم سر صمت العالم العربي على التمدد التركي في المنطقة.

وأكد «حسن» في حواره لـ«النبأ» أنّ العلاقات بين مصر وتركيا لن تتغير إلا بزوال أردوغان وحزبه الحاكم رغم أن المعاملات الاقتصادية بين الدولتين في نمو، مشيرا إلى أن العرب تخلوا عن فلسطين وتركوها وحيدة في مواجهة إسرائيل، وأن تركيا وقطر تمدان حكومة الوفاق الليبية بالمال والسلاح من أجل عيون الإخوان المسلمين، معربا عن تخوفه من إنجرار مصر إلى حرب في ليبيا. وإلى تفاصيل الحوار.


كيف ترى الحديث عن تشكيل قوة بحرية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركة إسرائيل لحماية الملاحة البحرية بمياه الخليج؟

هذا الموضوع مرفوض من الكثير من الدول، على رأسها فرنسا وألمانيا وسلطة عمان والعراق، لأن هذه الدول ترى أن ذلك سيزيد التوتر في الخليج، وبعض الدول ترى أن إيران ليس أقل حرصا على أمن الخليج من الدول الأخرى، وبالتالي في تصوري أن مصير هذا التحالف سيكون مثل مصير «الناتو العربي».


كيف تراقب ما يحدث في اليمن لاسيما التطورات الأخيرة وانقلاب ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا على الحكومة الشرعية؟

ما يحدث في اليمن يؤكد أن الحرب والدمار الذي حدث لم يكن الهدف منه هو حماية الشرعية، ولكن الهدف هو فصل الجنوب عن الشمال، وتفتيت اليمن، وما يحدث، يؤكد أن اليمن يسير في مسار التقسيم وانفصال الجنوب عن الشمال، وبالتالي الموقف في اليمن صعب جدا، ونحن بصدد تقسيم اليمن إلى دولتين، شمال شيعي وجنوب سني، لاسيما بعد أعلنت إيران صراحة دعمها للحوثيين، وهذا سيؤدي إلى  إضعاف اليمن.


ماذا يعني وجود دولة شيعية موالية لإيران على حدود المملكة العربية السعودية؟

الشيعة اليمنيون أغلبهم من الأذيدية، وهو مذهب قريب من أهل السنة مثل الأباضية في سلطنة عمان، والأقلية هم من الشيعة الموالين لإيران مثل الحوثي المتأثر بمرجعية "قم"، وهم عنصر فعال قوى مسلح لأنهم أقلية، وفي النهاية هم مواطنون يمنيون.


ما رأيك فى الانتخابات الرئاسية بتونس في ظل ترشح العشرات ودفع حركة النهضة بمرشح للرئاسة؟

ستكون هناك منافسة شرسة بين تيار الإسلام السياسي المتمثل في حركة النهضة أو الإخوان المسلمين والتيار السلفي، وبين التيار المدني، ولن يتم حسم هذه الانتخابات من الجولة الأولى، حيث سيكون هناك تفتيت للأصوات في ظل وجود 26 مرشحا، والجولة الثانية ستكون بين مرشح النهضة ويوسف الشاهد، لأن الصراع سيكون على أشده بين التيار المدني والتيار الديني، وبالتالي كثافة التصويت هي التي ستحسم المعركة.


كيف ترى دفع حركة النهضة بمرشح للرئاسة؟

تيار الإخوان المسلمين المتمثل في حركة النهضة في تونس يمارس العمل السياسي منذ عصر الرئيس بورقيبة، وبالتالي هم متمرسون في العمل السياسي مثل حزب العدالة والتنمية التركي ولديهم أحزاب سياسية، ورئيس الحركة راشد الغنوشي سيترشح في الانتخابات البرلمانية، وسوف يكون رئيس الأغلبية في البرلمان المقبل، ولا ننسى أن راشد الغنوشي نصح الإخوان في مصر بعد ثورة 25 يناير بالتعاون مع  التيار المدني وعدم الانفراد بالسلطة لكنهم رفضوا فقال لهم: إنه يفضل أن يكون في المعارضة ولا يكون في السجن، بالتالي هم «فاهمين» اللعبة السياسية أكثر من الإخوان المسلمين في مصر، وبناء على ذلك سيكون للإخوان المسلمين وجود قوي في الشمال الإفريقي، في المغرب والجزائر وتونس وليبيا.


ما توقعاتك لنتيجة الانتخابات التونسية؟

هذا يتوقف على كثافة التصويت في الانتخابات، وبالتالي نجاح مرشح النهضة متوقف على كثافة تصويت التيار المدني في هذه الانتخابات، وبالتالي المعركة ستكون على أشدها بين التيار المدني والتيار الديني المتمثل في حركة النهضة والتيار السلفي، لاسيما وأن التيار المدني قوي جدا في تونس.


كيف تراقب المشهد في السودان؟

نجاح التجربة الديمقراطية في السودان يتوقف على  مدى حسن النوايا عند الأطراف المختلفة، لكن الاتفاق السياسي الذي تم التوقيع عليه بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير جيد رغم أنه غير مقبول من الجبهة الشعبية لتحرير السودان وبالذات جبهة ياسر عرمان، وبالتالي إذا سارت الأمور طبقا للاتفاق التي تم التوصل إليه بين الطرفين سيكون شيئًا جيدًا وسيؤدي إلى دخول السودان في عصر الديمقراطية.


كيف ترى ما يحدث في العالم العربي الآن؟

هذه نتيجة عدم وجود قيادة قوية تقود العالم العربي، هناك تنازع على القيادة إلى جانب الحروب الداخلية والتدخل في الشئون العربية من القوى الخارجية وعدم وجود معيار موحد يحكم السياسة العربية، الوطن العربي أصبح مستباحًا من قوى كثيرة، تركيا تقوم بالتمدد في العالم العربي وتتدخل في الشئون الداخلية لسوريا وتقوم بعمل منطقة عازلة داخل الأراضي السورية وتعمل على تقسيم سوريا وتمد حكومة الوفاق الوطني الليبية بالسلاح ولا أحد في العالم العربي يتكلم أو يعترض أو يتخذ موقفًا، تركيا تتدخل في الشئون الداخلية للعراق ولا أحد يتكلم، أين الدول العربية من تدخل تركيا في ليبيا؟


وماذا عن إيران؟

إيران دولة جارة للدول العربية، ولم تفعل لهم شيئًا، إيران لديها علاقات تجارية قوية مع الكثير من دول الخليج، حجم التبادل التجاري بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة وصل إلى حوالي 13 مليار دولار، هناك تنسيق أمني وحدودي بين الإمارات وإيران.


إذا أين المشكلة في العالم العربي؟

المشكلة في غياب القيادة، لا توجد قيادة في العالم العربي، المغرب العربي في وادي وشبه الجزيرة العربية في وادي، العراق يحاول أن يخفف من السطوة الإيرانية عليه، الصراع في العالم العربي ليس بين الإسلام السياسي والأنظمة القديمة أو الدولة العميقة، مشكلة العالم العربي في تشرذم السياسات، وعدم توحيد الصف، لا توجد مبادئ موحدة يتفق عليها العالم العربي.


في الفترة الأخيرة أصبح ينظر في الكثير من العواصم العربية لإيران على أنها العدو الأول للعرب وليس إسرائيل.. كيف ترى ذلك؟

مصدر الخطر الحقيقي على الدول العربية معروف وهو إسرائيل، العرب يعرفون العدو الحقيقي، العرب تخلوا عن الفلسطينيين وتركوهم لوحدهم في مواجهة إسرائيل، على العالم العربي العودة لقضاياه الرئيسية، والاتفاق على مفهوم موحد للأمن القومي العربي، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والاستثماري وعدم التدخل في الشئون الداخلية للعالم العربي.


كيف تنظر للدور التركي في ليبيا؟

تركيا تساند حكومة الوفاق الوطني، لأن أقوى جماعة مسلحة في الميليشيات الموجودة في طرابلس هي من جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي تركيا تريد ضرب عصفورين بحجر من تدخلها في ليبيا، فهي من ناحية تريد الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والتجارية، وفي نفس الوقت هي تمد جماعة الإخوان المسلمين بالسلاح وقطر تمدهم بالمال.


كيف ترى الدور المصري في ليبيا؟

مصر تدعم صراحة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، من أجل تأمين الجبهة الغربية لمصر، وهذا حقنا، لكن الخوف هو أن تنجر مصر إلى حرب في ليبيا، وهذه مشكلة كبرى لأنها في هذه الحالة ستواجه ميليشيات وليس جيوشا نظامية، ولن يكون حسما للمعركة في ليبيا، لاسيما وأن البيئة السكانية أصبحت حاضنة للميليشيات. 


لكن كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية التركية في ظل التمدد التركي في العالم العربي وتطاول أردوغان الدائم على مصر والقيادة السياسية؟

موقف أردوغان من مصر موقف شخصي، لأنه كان عنده آمال أن يكون لتركيا نفوذ في مصر في عصر جماعة الإخوان المسلمين، لكن هذا المشروع فشل، وبالتالي العلاقات المصرية التركية لن تتغير إلا بتغير الحزب الحاكم في تركيا والمتمثل في حزب العدالة والتنمية، ورغم ذلك هناك نمو في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وتركيا.


هل يمكن أن يتطور الخلاف على غاز المتوسط إلى مواجهة عسكرية بين الدولتين؟

هذا سيناريو مستبعد، لأن مصر لا علاقة لها بالصراع على غاز المتوسط، مشكلة تركيا مع قبرص شمالها وجنوبها.


كيف ترى الحديث الدائم والمتجدد عن صفقة القرن؟

أولا، لا يوجد شيء اسمه صفقة القرن، وسيناء لن تكون جزءًا من هذه الصفقة المزعومة، وهذا ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارا وتكرارا، ونحن نأخذ كلام الرئيس على أنه هو الثقة، كما أكد على ذلك المبعوث الأمريكي لعملية السلام والسفير الأمريكي في إسرائيل، والهدف من الترويج لهذه الصفقة هو التغطية على التوسع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة والدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل. 


وبالتالي من وجهة نظري لا يوجد شيء اسمه صفقة القرن، كما لا يوجد شيء اسمه السلام الاقتصادي، السلام الاقتصادي مرفوض ومضيعة للوقت، السلام الاقتصادي يكون بعد الاستقلال وإقامة دولة فلسطينية ذات حدود وسيادة حسب قرارات الأمم المتحدة، العالم كله يرفض الموقف الأمريكي ويرفض صفقة القرن ويتمسك بحل الدولتين، لكن الغريب أن الدول العربية مستسلمة لكل قرارات الرئيس الأمريكي المتعلقة بفلسطين، سواء موضوع القدس أو موضوع الجولان أو حتى موضوع المستوطنات.


ما أخطر العيوب الموجودة فى الطرح الحالى لـ"صفقة القرن"؟

من غير المنتظر أن تحقق صفقة القرن تقدما على طريق حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأنها تتجاهل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتجاهلت حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وتجاهلت وضع المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، وتجاهلت ترسيم الحدود للدولة الفلسطينية، ولأنها مرفوضة شكلا وموضوعا من قبل السلطة الفلسطينية وجميع المنظمات الفلسطينية والشعب الفلسطيني.


ما حقيقة سيناريو اندلاع حرب إقليمية في المنطقة في ظل التوترات الحالية؟

هذا مستبعد تمامًا؛ لأن أمريكا بعد فشلها في العراق وتسليمه على طبق من ذهب لإيران قررت عدم الدخول في حروب أخرى وهذا هو السبب في بحثها عن تشكيل ناتو عربي وعمل تحالفات عسكرية وحروب بالوكالة، أمريكا أصبحت  تدرك أن نشوب حرب إقليمة يعني تدمير المصالح الأمريكية في المنطقة، ما يحدث الآن هو حرب دبلوماسية باردة أستبعد أن تتحول إلى حرب ساخنة.


نائب قائد شرطة دبي ضاحي خلفان قال في إحدى تغريداته «لماذا كان ترامب أسدًا على العرب وأمسى أرنبًا أمام إيران؟».. كيف تعلق؟

كلام ضاحي خلفان "هجص"، أمريكا يهمها أن تكون إيران قوية ولكن في حدود معينة حتى لا تهدد مصالحة، حتى تبتز بها الدول العربية، وحتى تخيف بها الدول العربية، إيران هي المبرر الوحيد لوجود أمريكا في المنطقة العربية.


ما تقييمك للدور المصري في ملفات الشرق الأوسط المختلفة؟

الدور المصري غير مباشر، ولا يقوم على المبادرات، بالنسبة لسوريا مصر ترفض تقسيمها وترفض الوجود الأجنبي والتنظيمات الإرهابية فيها، رغم أن العلاقات بين مصر وسوريا مقطوعة ورغم أن مصر وافقت على  استبعاد سوريا من الجامعة العربية وهذا كان خطأ، وبالنسبة لليبيا مصر أصبحت طرفا في ليبيا وهي تؤيد خليفة حفتر وهذا موقف واقعي وغير مباشر، بالنسبة لليمن مصر رفضت دخول اليمن لأنه أدركت أنها حرب بلا نهاية، دور مصر له تأثير ولكنه لا يتخذ مبادرات لعمل اختراق للمشكلات.


كيف ترى مزاعم البعض من أن مصر تخشى من إقامة أنظمة ديمقراطية على حدودها؟

تدخل مصر في ليبيا والسودان من أجل الإخوان المسلمين، القوة الأساسية في طرابلس الآن هي جماعة الإخوان المسلمين، رئيس مجلس الدولة في ليبيا هو من قيادات الإخوان المسلمين، الكثير من وزراء حكومة الوفاق الوطني الليبية قيادات في "الجماعة"، وبالتالي الحديث عن أن مصر تخشى من إقامة أنظمة ديمقراطية على حدودها غير صحيح، والدليل أن مصر كان لها دور بارز في الوساطة الإفريقية التي أفضت إلى عقد اتفاق شراكة بين المجلس العسكري والقوى المدنية في السودان، والذي وضع السودان على طريق الديمقراطية والدولة المدنية.