رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«3» لواءات وخبير إرهاب دولى يكشفون تفاصيل جديدة عن انفجار معهد الأورام

انفجار معهد الأورم
انفجار معهد الأورم


من جديد، عاد الإرهاب الأسود يستهدف مصر بـ«عمليةٍ قذرةٍ»؛ بعد انفجار سيارة مفخخة أمام معهد الأورام بالمنيل، وهو الحادث الذي أثار كثيرًا من علامات الاستفهام، وأصبح «لغزًا محيرًا» للمتابعين لطريقة عمل تلك التنظيمات الإرهابية، وللخبراء الأمنيين.


بالرجوع قليلًا إلى الوراء، نجد أنّ وزارة الخارجية البريطانية أصدرت فى 20 يوليو الماضي، بيانًا مهمًا نشرته على موقعها الإليكتروني وحذرت فيه رعاياها الموجودين والمسافرين إلى مصر من عمليات إرهابية محتملة، قبل وقوع الحادث بـ«14» يومًا.


وجاء في بيان الخارجية البريطانية أنه «من المرجح جدًا أن ينفذ إرهابيون هجمات في مصر، وبالرغم من أن الهجمات غالبًا ما تحصل في محافظة شمال سيناء، فإنه لا يزال هناك خطر ماثل بوقوع هجمات إرهابية في عموم البلاد».


وأوضح البيان، أنّ «الهجمات قد تكون عشوائية تستهدف قوات الأمن المصرية، وأماكن العبادة، والتجمعات والأماكن العامة الكبيرة التي يرتادها الأجانب»، ثم صدور قرار بإيقاف الخطوط الجوية البريطانية لرحلاتها إلى مطار القاهرة الدولي لمدة «7» أيام بالتزامن مع خروج البيان ثم تلى ذلك استئناف الرحلات.


أما «الداخلية» فقد كشفت في بيان رسمي لها، أن التحريات المبدئية عن حادث الانفجار توصلت إلى وقوف حركة حسم التابعة لـ«جماعة الإخوان» وراء تجهيز السيارة المتسببة في الانفجار. 


وتبين من هذا الحادث الإرهابي «القذر»، وجود تغيير في استراتيجية التنظيم الإرهابي، فمن المعروف أن «حسم» تُنفذ عمليات الفردية كاستخدام الانتحاريين والعبوات والأحزمة الناسفة وليس «السيارات المُفخخة».


كما أنّ المنطقة المحيطة لمعهد الأورام «حيوية»، والتخطيط لتنفيذ عمل إرهابي فيها يحتاج إلى دقة عالية في التخطيط والتنفيذ بالإضافة إلى وجود عدد لا حصر له من المفاجآت المعوقة لنجاح العملية، وهو ما تحاول «النبأ» تحليله وفك طلاسمه خلال السطور التالية.


يرى اللواء رفعت عبد الحميد، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير في العلوم الجنائية ومسرح الجريمة، أنّ سائق السيارة المُفخخة تحت التدريب «غشيم» فهو لا يعرف السير في الطريق الصحيح من العكس معتقدًا بجهله «أن كله رايح جاي» وكان يسير بسرعة كبيرة واصطدم بـ«3» سيارات وانفجرت خزانات الوقود بالسيارات وما يحمله هو من كميات من المواد المتفجرة.


وأوضح «عبد الحميد» لـ«النبأ» أن السائق كان ناقلًا وشاحنًا ووسيطًا فقط، وأول مرة يتم تكليفه بعملية فهو غير مسئول عن التنفيذ، فوظيفته تقف عند النقل للمكان المُحدد للتخزين والتنفيذ في مجال آخر حيوي يُحدث أكبر عدد من الضحايا بعد أن ينضم إليه الشركاء المسئولون عن التنفيذ.


وتابع: «منطقة المنيل مكان حيوي ولكن أغلب مرتاديه من أصحاب السيارات، فهم غير مترجلين وهو ما يعني أن هذا الهدف غير مغرٍ ولا يحصد عددًا كبيرًا من الأرواح».


وأوضح أن السيارة تم «تفخيخها» بعبوات محلية وبدائية الصنع تتكون من مواد كيميائية تستخدم في أغراض الصناعة والزراعة، والكمية ليست عددية ولكنها كيفية.


وأكد أن التنظيم الإرهابي المسئول عن الحادث فشل في إيجاد ثغرة أمنية لاستغلال فعاليات تنظيم بطولة الأمم الإفريقية ولكن هناك إرادة شعبية ساندت الدولة على تأمين البطولة، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي خطط لاستهداف صلوات عيد الأضحى وأنه يعتقد أن هذه السيارة كانت في طريقها للتخزين واستخدامها في استهداف المسلمين أثناء الصلاة.


وبشأن ما نشرته بعض القنوات الإخبارية العربية من تكهنات بأن السيارة المُفخخة كانت في طريقها لاستهداف مديرية أمن الجيزة قال الخبير في العلوم الجنائية ومسرح الجريمة: «كل دي فرضيات لا أقتنع بها والمديرية حولها صدادات وموانع أمنية كثيفة يصعب اختراقها وإذا حدث لا تنجح في استهداف الدروع البشرية».


وقال الخبير في العلوم الجنائية ومسرح الجريمة: «قد يكون قائد السيارة المُفخخة ليس مصري الجنسية بل مرتزق أجير».


وأضاف اللواء رفعت عبد الحميد، أن الدولة المصرية نجحت في تصفية قيادات التنظيمات المتطرفة بضربات استباقية وجهها رجال القوات المسلحة والشرطة، متابعًا: «الصف العاشر في التنظيمات دي بيلعب على أخر كارت لإحداث شو إعلامي وإثارة البلبلة في الشارع المصري وإثبات قدرتهم على المواجهة وهو ما ثبت عكسه تمامًا خلال السنوات الأخيرة».


وعن تحذيرات الخارجية البريطانية لرعاياها بمصر قال «عبد الحميد»: «دا تحذير مرفوض شكلًا وموضوعًا، يحموا بلادهم أولًا مش يتكلموا عن مصر، إحنا عندنا رعايا لـ«192» دولة أجنبية اشمعنى بريطانيا بس هي اللي تحذر، وإذا كان عندهم معلومة لماذا لا يتم تقديمها لمصر بشكل رسمي».


وتابع: «هناك اتفاقيات دولية لمكافحة الإرهاب تلزم بريطانيا بالتنسيق مع مصر للإبلاغ عن أي معلومات مُسبقة للهجمات الإرهابية وعليهم الالتزام بها واحترامها ولماذا لم يحذروا قطر وتركيا».


من ناحيته، قال اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة سابقًا، إنّ عملية تفجير السيارة المفخخة هو أمر مُمنهج ومستمر من جماعة الإخوان الإرهابية، فهي تتبنى سياسة «الأرض المحروقة» التي تتمثل في تفجير المواطنين وتعريض حياتهم للخطر دون أي ذنب وكذا استهداف المنشآت العامة؛ لخفض الروح المعنوية وهو أمر ليس بجديد.


وتابع: «الجماعات الإرهابية تلجأ إلى هذا الأسلوب الخسيس لإحداث خسائر في الأرواح وضرب الأهداف منذ زمن بعيد، كما أن الجماعة تحاول تخريب الاقتصاد المصري منذ ثورة 30 يونيو».


وأكد وكيل جهاز المخابرات سابقًا، أن الجماعة الإرهابية تعاني من ضعف وغير قادرة على المواجهة، متابعًا:«حركة حسم وخلية الكويت ومن على شاكلتهم جميعها مسميات لجماعات وعناصر إرهابية خرجت من رحم جماعة الإخوان، وتلك التنظيمات تعتمد على عناصر يتم استقطابها نتيجة الحالة الاجتماعية والمشاكل التي يعاني منها المجتمع».


وطالب «رشاد» أجهزة الدولة «السيادية» بضرورة إعادة النظر في عملية السيطرة على استيراد المفرقعات وتداولها داخل البلاد.


ويقول العميد حاتم صابر، خبير مكافحة الإرهاب الدولي، الانفجار المدوي أمام معهد الأورام قد يكون نجم عن خطأ في التنفيذ أثناء سير السيارة بمحيط المكان وفقًا للمعلومات المتوفرة عن الحادث، مرجحًا أن هذه السيارة كانت متجهة إلى مكان آخر مقرر ومُعد مسبقًا لتنفيذ عملية إرهابية.


وأوضح أنه من المعروف داخل تلك التنظيمات الإرهابية أن المسئول عن نقل السيارات المفخخة والمواد المتفجرة والعبوات الناسفة يكون شخصًا مختلفًا تمامًا عن العنصر المُكلف بتنفيذ العملية.


وعن فرضية التخطيط للحادث الإرهابي ردًا من الجماعات الإرهابية على ضبط السلطات الكويتية خلية إرهابية بدولة مرتبطة بجماعة الإخوان في مصر وتسليمها للسلطات المصرية، قال خبير مكافحة الإرهاب الدولي، إنه قد يكون هذا أمر صحيح خاصة وأن تلك الشبكات الإرهابية التي تعمل داخل العمق المدني ترتبط بخلايا أخرى بالخارج متابعًا: «لكننا لا نستطيع الجزم مئة بالمائة أن هذا الحادث له علاقة وثيقة بسقوط خلية إرهابية بدولة الكويت الشقيقة».


واستطرد قائلًا: «دائمًا يكون في تخطيط مُسبق لتنفيذ عمليات إرهابية؛ لإثارة البلبلة في الشارع المصري».


وأضاف أن حركة حسم الإرهابية هي في الأصل منشقة عن جماعة الإخوان ولها أهداف تسعى لتحقيقها على أرض مصر وتتخذ من العنف وسيلة لتصل لغايتها وتحقيق مرادها ليس أكثر من التخريب والدمار الشامل.


وأكد العميد حاتم صابر، أن حركة حسم تنتابها حالة من انعدام تواجدها على الساحة، فهي ليس لها قوة تذكر في مصر، وأن عملياتها على الأرض قد تكون معدومة وتنفذ على فترات متباعدة، مشيرًا إلى أن «حسم» ليس لها ثمة علاقة بما يدور ويحدث بمنطقة شمال سيناء.


وتابع: «لا نستطيع أن نقول بأن حسم استغلت ثغرات أمنية بمنطقة الحادث فهذا أمر يصعب إقراره إلا بثبوت أن هذا المكان كان المستهدف للتفجير أو حدث خطأ غير مخُطط له».


وعن التكهن بفشل منفذي تلك العملية على استهداف موكب أحد الشخصيات السياسية أو الأمنية وتفجير السيارة عن طريق الخطأ، قال إنّ كل هذه فرضيات وتكهنات سابقة لوقتها؛ نظرًا لعدم توافر المعلومات الوفيرة في الواقعة وقيام رجال البحث في جمع المعلومات وإجراء التحريات اللازمة وتتبع خط سير السيارة المُفخخة.


وأكد العميد حاتم صابر، أن مصر تشهد حالة اكتساح كامل لجذور الإرهاب على أراضيها، وأنه لا توجد في العالم دولة استطاعت وقوف العمليات الإرهابية نهائيًا.


وأشار خبير مكافحة الإرهاب الدولي، إلى أن مصر في عام 2013 وصل عدد العمليات الإرهابية بها إلى «280» عملية في السنة، ولكن بعد جهود الأجهزة الأمنية والضربات الاستباقية لذيول الجماعات أصبحت النسبة لا تتخطى الـ«6» عمليات في السنة، وهو ما يؤكد قدرة الأمن المصري ومجال مكافحة الإرهاب، فالأمن المصري في حالة يقظة تامة مدافعًا عن وطنه بكل حزم وقوة.


بدوره، أكد اللواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق وعضو المجلس القومى لـ«مكافحة الإرهاب»، أنه لا يستطيع الجزم بأن حركة حسم الإرهابية أو غيرها وراء تنفيذ الحادث، مضيفًا أنه ينتظر ما ستعلن عنه أجهزة الأمن الفترة المقبلة.


وأوضح أن أي حديث عن ضخامة الانفجار كلام غير منطقي وغير علمي، متابعًا: «حادث عادي وتافه وغير ذلك يبقى كلام فارغ».


ونفى عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب كل ما أثير عن أن حمولة  السيارة تخطت الـ«600» كيلو متفجرات، مؤكدًا أنه يستحيل لأي سيارة ملاكي كالتي تم استخدامها في الحادث أن تتحمل هذه الكمية وتسير بها بشكل طبيعي».


وأشار اللواء فؤاد علام، إلى أن معهد الأورام بالمنيل لم يكن هو المستهدف إطلاقًا ولكن قائد السيارة كان في طريقه لتنفيذ عملية إرهابية بمنطقة أخرى لم يتم تحديدها حتى الآن، ولكن الصدفة أوقعته في خطأ السير عكس الاتجاه والاصطدام بسيارة أخرى ما أدى إلى الانفجار.


وتابع: «لابد أن تكون السيارة المفخخة مُعدة مُسبقًا قبل التحرك لتنفيذ الحادث، ووسيلة التفجير إما أنها كانت بالاصطدام أو كان المُفجر في يد السائق نفسه».


وعن نوع المفجر أكد «علام» أن التحقيقات ستكشف أنه من النوعيات البسيطة غير شديدة الانفجار ولو كانت مادة كيميائية حديثة شديدة الانفجار فكانت الكارثة ستكون أكبر بكثير من ما وقع.


وأضاف أن خطورة الحادث تتمثل في كيفية اختراق قائد السيارة لأجهزة الأمن والكمائن المتواجدة بالشوارع، متسائلًا: «كيف تواجدت هذه السيارة في وسط القاهرة ولم يتم ضبطها».


وطالب اللواء فؤاد علام في نهاية حديثه لـ«النبأ» الرئيس السيسي بضرورة توفير الأجهزة الحديثة التي تقوم بالكشف عن السيارات المسروقة والتي يتم تغير ملامحها، بالإضافة إلى النظر في منظومة استخدام التكنولوجيا الحديثة في مكافحة الإرهاب.