رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالأرقام.. قائمة مكاسب وخسائر «الإصلاح الاقتصادى» من عبد الناصر لـ«السيسى»

رؤساء مصر - أرشيفية
رؤساء مصر - أرشيفية


شهدت الأسابيع الماضية جدلًا واسعًا بعد التحركات الحكومية الأخيرة لخصخصة عدد من الشركات، وما يتردد عن عزمها بيع «3» محطات للكهرباء لشركتي «زارو» الأمريكية، و«إدرا باور» الماليزية.


بدورها، تفتح «النبأ» ملف «خطط الإصلاح الاقتصادي» في مصر، منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر حتى الآن؛ لمعرفة إيجابيات وسلبيات هذه الخطط ومدى نجاحها أو فشلها، ومنها الخصخصة وبيع المرافق العامة، لاسيما أن خصخصة الشركات الحكومية بند أساسي في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي استندت إليه مصر للحصول على قرض بـ«12» مليار دولار من صندوق النقد الدولي.


خصخصة المرافق العامة

ذكرت صحيفة "المصري اليوم"، نقلا عن وكالة "بلومبرج"،  أن الحكومة تدرس عروضا من شركتي "زارو" الأمريكية، و"إدرا باور" الماليزية للاستحواذ على 3 محطات طاقة في مصر.


وكشفت الوكالة، التي تحدثت مع وزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمد شاكر، أن المحطات الثلاث بنيت بالاشتراك مع شركة "سيمنس" الألمانية، ومن شأن هذه الخطوة خفض الديون وجلب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها مصر بشدة.


ووفقا لوزير الكهرباء فإن الشركتين "زارو" و"إدرا" عبرتا عن اهتمامها بالمحطات المملوكة للدولة، موضحا أن الدولة تدرس عروض الشراء.


وأوضح مصدر في وزارة الكهرباء أن جميع العروض تدرس، ومن بينها بحث إمكانية طرح أسهم في البورصة، لافتا أن قانون الكهرباء الجديد يسمح للقطاع الخاص بمثل تلك الأنشطة.


وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد افتتح في يوليو 2018 محطات الكهرباء التي شيدتها سيمنس بتكلفة إجمالية بلغت 6 مليارات يورو (سبعة مليارات دولار)، حيث تولد كل محطة 4.8 جيجاوات من الكهرباء.


وفي يناير 2016، أعلنت الحكومة البدء في الخطوات التنفيذية لطرح حصص من خمس شركات – مدرجة أصلًا في البورصة – هي: الإسكندرية للزيوت المعدنية “أموك”، والشرقية للدخان “إيسترن كومباني”، والإسكندرية لتداول الحاويات، وأبو قير للأسمدة، ومصر الجديدة للإسكان والتعمير.


وفي يوليو 2017 بدأت الحكومة الترويج لطرح أسهم الشركات المملوكة للدولة في البورصة، تحت شعار تنشيط البورصة وزيادة رءوس أموال القطاع العام، لكن على عكس الحالات السابقة لبيع شركات القطاع العام، فإن عددًا كبيرًا من الشركات المطروحة اليوم تحقق أرباحًا، وتعدها الحكومة من نقاط القوة لديها، إذ تصل القيمة السوقية لهذه الشركات 430 مليار جنيه مصري، ويُنظر إلى هذه العملية كموجة جديدة من خصخصة القطاع العام، حتى وإن اختلفت طريقة البيع عن تجارب الخصخصة السابقة.


وكانت الحكومة قد قالت في مايو2018 إنها ستطرح حصصًا من 4 إلى 6 شركات حكومية في البورصة في فترة تمتد من يونيو 2018 وحتى مطلع 2019، لجمع ما بين 15 و18 مليار جنيه، على أن تُطرح الدفعة الثانية من الشركات المقرر بيعها خلال 2019، لجمع 30 إلى 40 مليار جنيه، ومن بين الشركات التي تستهدف الحكومة بيع حصص منها في البورصة "بنك القاهرة وبنك الإسكندرية وشركة الشرق الأوسط لتكرير البترول “ميدور” وشركة مصر للتأمين".


وعند النظر إلى الشركات المطروحة للبيع، نرى أنها شركات ناجحة وتحقق أرباحًا وتمتلك قاعدة سوقية ومالية ضخمة، فهي تشمل قطاع البنوك الوطنية الذي ستُطرح منه نسب مختلفة من ثلاثة بنوك، بالإضافة إلى واحدة من أكبر شركات التأمين في مصر، وهي «مصر للتأمين» التي تسيطر على 52% من السوق المحلية، كذلك ستُطرح نسبة من الشركة الشرقية للدخان «إيسترن كومباني» التي يبلغ رأسمالها المتداول في البورصة 1.5 مليار جنية مصري، وبلغت مبيعاتها 570 مليون جنيه مصري العام الماضي.


عبد الناصر ومحاولة تنموية

الوضع الاقتصادي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، عبر عنه البنك الدولي في تقرير له، حيث قال البنك الدولي، إنه في عهد عبد الناصر، تم إنشاء أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث، وبلغ عدد المصانع التى أُنشئت فى عهده 1200 مصنع، من بينها مجمعات مصانع ضخمة مثل مجمع الألومونيوم في نجع حمادي، ومجمع الحديد والصلب في حلوان، ومجمع الصناعات العسكرية في أبى زعبل، مجمع الألومونيوم في نجع حمادي، بالإضافة إلى السد العالي، وتأمين قناة السويس، وقانون الإصلاح الزراعي، وقانون التأميم.


وأعلن البنك الدولى فى تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من  1957 لـ 1967 بلغت ما يقرب من 7 ٪ سنويا، وهذا يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر عبد الناصر أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على عصر عبد الناصر.


وانعكست هذه الأرقام بشكل أساسي على مستوى الاقتصاد، وعلى أرقامه، فانخفضت البطالة في عهد عبد الناصر إلى ما دون الـ 10% في وقت كانت فيه طوال فترة الملكية تزيد عن هذا المعدل بل تصل في بعض الأحيان إلى 30% أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، وقبل نكسة 5 يونيو 1967 كان الاقتصاد قد وصل إلى ذروة نجاحاته، بعد نجاح خطط التحول الاشتراكي، وخطط التصنيع الاستراتيجي.


وبحسب دراسات اقتصادية، يعتبر جمال عبد الناصر من أهم الشخصيات التي حكمت مصر وعملت على تحسين أوضاع الاقتصاد، فعندما تسلم عبد الناصر حكم مصر كانت مصر دولة فقيرة متخلفة صناعيا، وقام عبد الناصر بالعديد من الخطوات للعمل على تحسين أوضاع الاقتصاد، وشهدت مصر في عهد عبد الناصر نهضة اقتصادية وصناعية كبيرة.


واستطاعت مصر فى عهد عبد الناصر أن تحقق الاكتفاء الذاتى من كل محاصيلها الزراعية ماعدا القمح الذى حققت منه 80% من احتياجاتها.


وصلت المساحة المزروعة أرز فى مصر إلى ما يزيد على مليون فدان وهى أعلى مساحة زرعت فى تاريخ مصر.


واستطاعت مصر تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويا، وكانت تلك نتيجةً لا مثيل لها فى العالم النامى كله حيث لم يزد معدل التنمية السنوى فى أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن اثنين ونصف فى المائة بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها فى العالم المتقدم باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية.


وبدأت مصر مع الهند ويوغوسلافيا منذ بداية الستينيات مشروعا طموحا لتصنيع الطائرات والصواريخ والمحركات النفاثة والأسلحة.


وحتى سنة 1967 كانت مصر متفوقة على الهند فى صناعة الطائرات والمحركات النفاثة، وتم صنع الطائرة النفاثة المصرية القاهرة 300.


وصنعت مصر أول صاروخين من إنتاجها بمساعدة علماء الصواريخ الألمان ولكن شابهما عيوب في أجهزة التوجيه.


وفى ظل النكسة حافظت مصر على نسبة النمو الاقتصادى قبل النكسة، بل إنّ هذه النسبة زادت فى عامى 1969 و1970 وبلغت 8 % سنويا.


حيث زادت مساحة الأرض الزراعية بأكثر من 15%.


ولأول مرة تسبق الزيادة فى رقعة الأرض الزراعية الزيادة فى عدد السكان.


وزادت مساحة الأراضى المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2،1 مليون فدان إلى حوالى 4 ملايين فدان.


كما تم خفض نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 بفضل مجانية التعليم فى كل مراحل الدراسة.


كما تم دخول الكهرباء والمياه النظيفة والمدارس والوحدات الصحية والجمعيات الزراعية إلى كل قرى مصر.


وتم ضمان التأمين الصحى والاجتماعى والمعاشات لكل مواطن، كل ذلك تم بدون ديون على مصر.


ولم تكن عملة مصر مرتبطة بالدولار الأمريكى بل كان الجنيه المصرى يساوى ثلاثة دولارات ونصف، ويساوى أربعة عشر ريالا سعوديا بأسعار البنك المركزى المصرى.


الاقتصاد في عهد السادات

وبالانتقال إلى عهد السادات، يرى جلال أمين، الخبير الاقتصادي، في كتابه قصة الاقتصاد المصري، أن دائرة الديون المحلية والخارجية توسعت بسبب الانفتاح الاقتصادي على الغرب، والتحول من الاشتراكية للرأسمالية، واتباع سياسات اقتصادية متناقضة، وعدم تجديد بنيته الإنتاجية، مضيفًا أن السادات لم يحسن ترشيد موارد القناة لتمويل احتياجات الاقتصاد، وبدأ التفريط في وسائل إنتاجها فازداد معدل البطالة، وتدنى مستوى المعيشة.


وتابع: "وصل الاقتصاد المصري إلى أدنى مستوياته، إضافة إلى انتشار الفساد وكثرة السرقة والتحايل على أموال الدولة، وارتفاع معدلات التضخم، وعلى الرغم من ضعف الاقتصاد إلا أن معدل الناتج القومي كان مرتفعًا، وبعد مقتل السادات تحول عمال المصانع إلى مشردين نتاج الخصخصة، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الإضرابات، بل احتلال العمال لمصانعهم، ما يعكس وضع تلك المصانع في هذا التوقيت".


إلا أن الأمور الاقتصادية هي من أضعفت الطبقة الوسطى بشكل أساسي وزادت من شريحة الطبقة الفقيرة مع ظهور فئات ضيقة مستفيدة ورجال أعمال استفادت من هذه القرارات وعرفت وقتها بـ"القطط السمان"،


الاقتصاد في حقبة مبارك

تقول بعض الدراسات، إن الرئيس الأسبق حسني مبارك الدولة تسلم الدولة من الرئيس محمد أنور السادات، وهي في أسوأ أحوالها الاقتصادية.


استكمل مبارك، سياسات الانفتاح التي بدأها السادات، بل وسع من آليات السوق الخاص وصولا لعملية الخصخصة التي طالت العديد من القطاعات والشركات الحيوية التي كانت تمثل ركنا أساسيا في الاقتصاد، محققة قدرًا من التوازن المجتمعي وسط فئة العمال، وتسببت سياسة الخصخصة في بداية التظاهرات الحقيقة ضد مبارك مثل احتجاجات عمال مصانع غزل المحلة عام 2008 وتجددها لاحقا، وكانت فئة العمال من أكثر الفئات تضررا من هذه السياسات، ولهذا كانت حاضرة في احتجاجات يناير 2011، إلا أن القطاع الخاص حافظ عليه مبارك مما ساهم في توفير قدر من الوظائف لقطاعات واسعة من الشعب، إلا أن دعمه للقطاع الخاص وعمليات الخصخصة المتزايدة أتت بنتئاج عسكية، على فئات الشعب المصري، وتقليل شريحة الطبقة الوسطى مقابل توسع الفقيرة، وتحكم فئة قليلة في الثروة، ما أوجد حالة من غياب العدالة الاجتماعية، التي كانت أولى مطالب ثورة يناير.


عهد السيسي

وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، دخلت مصر في برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي، حصلت بموجبه مصر على 12 مليار دولار على 4 دفعات أو شرائح، حظى هذا البرنامج بإشادات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية، فرغم ارتفاع الديون والأسعار، وارتفاع نسبة الفقر، إلا أن تقارير البنك الدولي تتحدث عن وجود مؤشرات إيجابية كثيرة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، منها ارتفاع الاحتياطي الأجنبي، وانخفاض معدل البطالة، وانخفاض العجز الكلي، وكذلك زيادة معدل النمو.


وتقول الحكومة في تقاريرها الدورية عن برنامج الإصلاح الاقتصادي، إن مصر تسير على الطريق الصحيح، وأن الشعب المصري سيجني ثمار التنمية قريبا.


التوسع في المديونية

وحسب بعض الدراسات، فإن إجمالي ديون مصر الخارجية نهاية عهد عبد الناصر لم يتجاوز 1.3 مليار دولار، مع الأخذ في الاعتبار ما قام به عبد الناصر من تمويل لإقامة السد العالي، ويذكر أيضًا ما تعرض له الاقتصاد بعد هزيمة 1967، وانقطاع المعونات الغربية والشرقية بشكل كبير، إلا أن المعونات العربية استطاعت أن تعوض هذه الإمدادات الغربية بشكل كبير عبر مؤتمر الاتفاقية العربية الموقعة بالخرطوم عام 1968.


كما أن حجم الإنفاق الكبير الذي تم في عهد عبد الناصر عبر الإنفاق على التنمية وتسليح الجيش، والعمل على زيادة الدخول والاستهلاك لأفراد المجتمع، وكذلك توجهاته القومية والأفريقية لمساعدة الحركات التحررية، وحرب اليمن، جعلت عبد الناصر مضطرًا للجوء للاقتراض من الخارج.


وقدر الدين الخارجي مع وفاة السادات وفق تقديرات المؤلف بنحو 14.3 مليار دولار.


ومبارك اعتمد نفس السياسة من توسع في الاقتراض من الخارج، وبخاصة بعد مضي السنوات الخمس الأولى من حكمه، وكانت سياسة الاقتراض الخارجي معتمدة في خطط التنمية بعصر مبارك لإيمان القائمين بالتخطيط في عهده بأهمية الاقتراض من الخارج، مما ساعد على تفاقم الدين الخارجي بشكل كبير نهاية الثمانينيات ليصل إلى 47.6 مليار دولار مع بداية عام 1990.


وكانت حرب الخليج الثانية المخرج لمبارك من أزمة المديونية عبر مساندته للغرب في ضرب العراق، وهو الموقف الذي ساندته الدول الخليجية عبر التنازل عن جزء كبير من مديونياتها، ودخول مصر في اتفاق مع البنك والصندوق الدوليين لتخفيض نحو 50% من ديونها الخارجية، فضلا عن إسقاط جزء كبير من الديون العسكرية، وبذلك استقر الدين الخارجي لمصر مع منتصف التسعينيات عند قرابة 27 مليار دولار.


وتعد فوضى بيع المؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة "الخصخصة"، أكبر سلبيات النظام، وانهارت المصانع بشكل واضح، حيث رصد مركز حقوق الأرض أنه منذ عام 2004 وحتى عام 2014 تم خصخصة عدد كبير من المصانع، ليكون إجمالي ما تم بيعه من شركات القطاع العام 413 شركة، ويستمر البيع في الزيادة ويصل عام 2006 إلى 642 شركة، وكانت حصيلة البيع 23 مليارا و737 مليون جنيه، وتمت تصفية 33 شركة وبيع 84 شركة للمستثمرين، وعلى غرار حقبة السادات وانتفاضة العديد من العمال، بسبب ضياع حقوقهم من أجل الخصخصة، وشهد هذا العصر احتجاجات عمالية شهيرة أشهرها يوم "6 أبريل 2008.


شبح مبارك يطل من جديد

كان الظهور الأول للخصخصة في عهد مبارك خلال حكومة الدكتور عاطف صدقي عام 1991 حين تم البدء في تنفيذ هذه السياسة الجديدة على الاقتصاد المصري، ووصل عدد شركات القطاع العام التي بيع بعضها أو بالكامل خلال الفترة من 1991 وحتى 2009 قرابة 407 شركات، وفقًا لدراسة معتمدة على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.


وبلغت حصيلة البيع آنذاك أكثر من 57.3 مليار دولار، 9% منها في عهد وزارة عاطف صدقي و21% في عهد وزارة كمال الجنزوري و21.6% في عهد عاطف عبيد و48.4% في وزارة أحمد نظيف، كما امتد نفوذ الخصخصة حينها إلى الهيئات العامة التي خرجت من الموازنة العامة للدولة وتحولت إلى شركات مثل الاتصالات والمياه والصرف الصحي والكهرباء والنقل العام والسكك الحديدية ومصر للطيران، وما تبع ذلك من ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات كان له تداعيات سلبية على المواطن ومعدلات الفقر فيما بعد.


وكان من الآثار المدمرة لهذا التوجه حينها القضاء على أكبر شركات القطاع العام التي كانت تمثل العصب الأساسي لمصر في كثير من المجالات، على رأسها شركة الكابلات المصرية التي صعدت على أنقاضها شركة السويدي للكابلات لامتلاكه حصة حاكمة في قرارات مجلس الإدارة، وعليه دخلت الشركة العريقة في غياهب الخصخصة والخسائر السنوية، الأمر نفسه تكرر في النيل لحليج الأقطان وأسمنت بني سويف والمراجل البخارية ثم الحديد والصلب وآخرها عمر أفندي.


يلاحظ أن توجه الحكومة نحو الخصخصة وبيع القطاع العام سيلقي بظلاله القاتمة على مستقبل الفقراء في مصر، وهو ما يهدد النسيج المجتمعي بصورة تلقي بمستقبل الملايين من المقهورين في هذا الوطن في ملعب رجال الأعمال والمستثمرين، يتلاعبون بمصائرهم أينما شاءوا ووقتما شاءوا، دون حماية لهم من الدولة التي رفعت أيديها عنهم بصورة شبه كاملة.


السداح مداح والانفتاح

يقول الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، إنه في عهد عبد الناصر كانت خطط التنمية الاقتصادية تعتمد على تأميم بعض الأصول والثروات من أجل تنفيذ مرحلة التنمية، وأن مرحلة الرئيس جمال عبد الناصر تميزت بالتوسع في التصنيع والزراعة وإقامة المشروعات العملاقة مثل السد العالي ومصانع الحديد والصلب والغزل والنسيج وغيرها، مشيرا إلى أنه حدثت بعض التعسرات في عهد عبد الناصر بسبب الحروب التي خاضتها مصر في عهده.


وأضاف «النحاس»، أنه في عهد السادات، تم تطبيق فكرة الانفتاح، بهدف جذب استثمارات جديدة من الخارج، ما أدى إلى انتشار سياسة «السداح مداح»، لكن التجربة فشلت والشعب خرج عليها لما صاحبها من فساد وزيادة نسبة الفقر وارتفاع الديون، وكادت أن تنتهي مرحلة السادات بإعلان مصر إفلاسها بسبب تراكم الديون.


وتابع الخبير الاقتصادي، أنه في عصر مبارك دخلت مصر عصر الخصخصة، وهذه السياسة نجحت في السنوات العشر الأخيرة من عهد مبارك، مشيرا إلى أن مشكلة خطة الإصلاح الاقتصادي الحالية أنها تعتمد بشكل رئيسي على التمويل الخارجي والداخلي، وأن نجاح التجربة أو فشلها سيظهر في 30 يونيو 2020، محذرا من أن دخول الدولة في مرحلة خصخصة المرافق العامة في هذا التوقيت، فكر غير سليم، لأنه سيؤدي إلى المزيد من المعاناة للمواطن البسيط الذي يكتوي يوميا بنيران الأسعار، متسائلا عن سبب لجوء مصر إلى خصخصة المرافق العامة في هذا التوقيت، هل هو من أجل تخفيض الديون، أن بسبب التعثر في جذب استثمارات جديدة الفترة القادمة، أم أن هناك قلق من مصادر التمويل الفترة القادمة، لاسيما وأن حجم الديون أصبح ضخم جدا ولا توجد موارد لسداده؟، لافتا إلى أن الكثير من دول العالم قامت بخصخصة محطات الكهرباء، لكن تطبيق التجربة في مصر في هذا التوقيت لا يناسب ظروف المواطن في ظل ارتفاع الأسعار إلى مالا نهاية.


وعن دور صندوق النقد الدولي في مراحل الإصلاح الاقتصادي المختلفة التي تم تطبيقها في مصر، قال النحاس، إن دور صندوق النقد الدولي كان سلبيا ومضرا، مشيرا إلى صندوق النقد الدولي كان سيؤدي إلى دخول مصر في مرحلة الإفلاس مرتين، الأولى في أواخر سبعينيات القرن الماضي، في عهد الرئيس السادات، والمرة الثانية كانت عام 2000 في عهد الدكتور كمال الجنزوري، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي يستغل مؤشرات الاقتصاد المصري «غير الحقيقية»، واستخدامها لأغراض سياسية، وبالتالي هو أضر بالاقتصاد المصري أكثر مما أفاده.


فشلت فشلا ذريعا

من جانبها تقول الدكتورة يُمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس، وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني السابق، أن تجربة الخصخصة في مصر فشلت فشلا ذريعا، لعدة أسباب منها، عدم وجود رؤية أو أليات عمل سليمة أو خطط للمتابعة والتقييم،  مشيرة إلى أن الهدف من الخصخصة هو زيادة الانتاج والتصدير وإنتاج سلع وخدمات تحل محل الواردات بالإضافة إلى توطين التكنولوجيا، وهذا ما لم يتم تحقيقه في تجربة الخصخصة في مصر.