رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«النبأ» في زيارة خاصة إلى التبت.. كيف خلصت الصين سقف العالم من الفقر؟ «صور»

جانب من الزيارة
جانب من الزيارة


تزامنا مع احتفال الصين بالذكرى السبعين لتأسيسها واحتفال التبت المنطقة الصينية المعروفة بـ"سقف العالم" بالذكرى الستين لإقامة نظام الحكم الديمقراطي الذي ألغى القنانة، عقدت النسخة السادسة من "منتدى تنمية التبت ٢٠١٩ "في لاسا بمشاركة دولية هى الأكبر في تاريخ المنتدى.

ويعد الإصلاح الديمقراطي في التبت هو أعظم وأعمق تغيير اجتماعي في تاريخ التبت، ومن خلال إلغاء نظام القنانة، وهو نظام إقطاعي قاتم ومتخلف، استطاعت التبت إنشاء نظام اجتماعي جديد حرر الناس وجعلهم أسياد الوطن والمجتمع، بما يضمن حقوقهم في جميع الأمور.

وبعث الرئيس الصيني "شي جين بينغ" برسالة تهنئة لمنتدى تنمية التبت 2019، الذي افتتح واختتم يوم الجمعة في لاسا، حاضرة منطقة التبت ذاتية الحكم في جنوب غربي الصين، وأكد الرئيس أن التبت، الواقعة على هضبة تشينغهاي-التبت، تعد منطقة حدودية مهمة تضم سكان الأقليات العرقية، وحاجزًا مهمًا للأمن الايكولوجي، ومنطقة مهمة لحماية الثقافة المميزة للأمة الصينية ومقصدا سياحيا عالميا مهما.

وفي ظل قيادة الحزب الشيوعي الصيني، حققت التبت أكثر التحولات الاجتماعية اتساعا وعمقا في تاريخها منذ بضعة عقود فقط، حيث تحرر ملايين الأقنان وأصبحوا سادة البلد والمجتمع، وبفضل الدعم القوي من الحكومة المركزية والشعب في جميع أنحاء البلاد، اتحد سكان التبت في نضالهم لتحويل التبت القديمة الفقيرة والمتخلفة إلى تبت جديدة تتميز بالازدهار الاقتصادي والثقافي والتقدم الاجتماعي الشامل والبيئة الأيكولوجية السليمة والحياة السعيدة للشعب.

واقع جديد وتغيير كامل
هذا هو الواقع الذي أكده الرئيس الصيني، وتعيشه، حاليا، التبت، فقد استغلت المنطقة فرص التنمية واستطاعت أن تبني تبت جميلة وسعيدة ومزدهرة، مختلفة تماما عما كانت، لم تعد التبت منطقة منعزلة مغلفة بالغموض والأساطير، بل تنفذ اليوم سياسة أكثر انفتاحا على العالم، وتجرى تعاونا بشكل أوسع مع العالم.

وفي زيارتي إلى المنطقة بدعوة من مكتب الإعلام لمجلس الدولة الصيني والحكومة الإقليمية ضمن 69 ضيفا أجنبيا لحضور "منتدى تنمية التبت ٢٠١٩" وهي الزيارة الأولى لي إلى هناك، لمست تطورا كبيرا في مشاريع البنية التحتية، طرق وسكك حديدية تشق الجبال الشاهقة كالثعابين، وخطوط طاقة على ارتفاعات عالية، وأبنية متباينة الارتفاعات، تتناسب مع الخصوصية الثقافية للمنطقة، والمستقبل الذي تراه الحكومة المركزية لها.

"المنطقة تغيرت بالكامل في السنوات الستين الماضية".. عبارة سمعتها عدة مرات على ألسنة مسئولين مركزيين وإقليميبن، لكنهم في الوقت نفسه يتحلون بالواقعية، ويؤكدون أن مهمتهم لا تزال طويلة وشاقة والتحديات كثيرة.

إن الصين تحكم هناك بالتنمية والتكنولوجيا، صورة مغايرة تماما لتلك التي يروجها الدلاي لاما، وغيره من متلهفي العودة إلى الأيام المظلمة والمتخلفة للقنانة الإقطاعية، لم تقف الحكومة الصينية مكتوفة الأيدي أمام التضاريس الوعرة للمنطقة بل سخرت إمكاناتها ومواردها من أجل تحقيق التنمية الشاملة لأهالي تلك المنطقة (عدد السكان 3.44 ملايين والمساحة 1.2 مليون كم مربع).

قرية شيغا مونبا نموذجا
على الطريق الواصل بين نيبنغتشي ولاسا (نحو ٤٠٠ كم)، توقفنا في قرية شيغا مونبا، حيث تنتصب قرية جميلة، بيوتها متراصة بشكل منظم وألوان جميلة وسط الجبال، على أنقاض قرية قديمة لم تكن تحظى بأي شروط لحياة آدمية.

وافتتح مطار ميلين الذهي هبطنا فيه في سبتمبر٢٠٠٦، ويعد ثالث مطار في التبت بعد قونغ غار في لاسا وتشامدو بامدا، ويبعد مسافة ٤١ كم عن مدينة يينغتشي التي تعرف باسم "عرش الشمس" على ارتفاع ٢٩٤٨ متر فوق سطح البحر.

وفي الوقت الحالي تستخدمه ٤ شركات طيران فقط هي إير تشاينا والتبت إيرلاينز وسيتشوان إيرلاينز وتشاينا ثاوثيرن إيرلاينز لتسيير رحلات إلى ٧ مدن صينية. ويجرى العمل وساق على رفع سعة المطار ليستوعب ٧٥٠ ألف راكب بحلول ٢٠٢٠ ثم ١.٤ مليون بحلول ٢٠٣٠. 

وسيتم ربطه بالمدن الكبرى مثل بكين شانغهاي وهانغتشو وكونمينغ قريبا، ويعد هذا المطار أول اختيار مناسب السائحين للدخول والخروج من التبت؛ نظرا لارتفاعه المنخفض وثراء المنطقة هناك بالأوكسجين.

وبنيت قرية شيغا مونبا في ٢٠٠٣ لإعادة توطين سكان محافظة موتو على الحدود مع نيبال، من سكان القرية الذين جرى توطينهم المزارع باي ما دينغ تسنغ. ويسكن ياي حال جميع سكان القرية في منزل مكون من طابقين مزود بمكان لتربية الحيوانات وتحيطه الخضرة من كل جانب. 

وانتقل باي إلى تلك القرية في ٢٠٠٣ مع والده من محافظة موتو، في إطار برنامج حكومي محلي لتحسين حياة الفقراء. وقال وهو يتذكر أيامه الأولى في المنطقة "حياتي كانت صعبة من جراء نقص البنية التحتية والطرق الممهدة ووسائل النقل".

ويوجد بالقرية 74 منزلا يسكنها 324 شخصا، ويعتمد سكانها وهم بالأساس من قوميات التبت ولوبا و مونبا على الزراعة وتربية الماشية، وتحديدا ثيران الياك وحصد موارد الغابات.

وعملت الحكومة المحلية على تطوير وتحديث القرية من جميع الجوانب، وإنشاء مصنع للورق، كما أقامت متحفا لبيع المشغولات اليدوية التي ينتجها أبناء القرية. المنازل في القرية كلها حديثة ومزودة بكافة الخدمات من مياه وكهرباء وصرف وإنترنت.

لقد حولت الحكومة القري إلى منزل جميل للسكان المحليين، وتستطيع أن ترى تضامنهم مع الحكومة وتقديرهم لهذا التحول بتعليق صورة الرئيس الصيني ش جين بينغ على جدران بيونهم من الداخل وصورة أخرى للقيادات الصينية السابقة. تقريبا هو نفس الحال في البيوت التي قمنا بزيارتها.

إن أول انطباع يمكن أن يسجل عن التبتي هو الإحساس بالفضول المصحوب بكرم الضيافة. فقد جاهد الرجل وأسرته في تقديم ما لذ وطاب من مشروبات منتجات مشايته وبيئته لنا.

ومن كرات التزامبا التقليدية المصنوعة من الشعير ولبن ثور "الياك" إلى شاي الزبدة والفواكه، تستطيع أن تلحظ محدودية المطبخ التبتي الريفي الذي يعتمد بالأساس على ما تحصده أيديهم من محاصيل يزرعونها أو من الغابات المجاورة أو ما ينتجونه من لبن الثور الأسود كثيف الشعر.

وقال "باي"، إنه بنى منزله بمساعدة الحكومة من خلال قرض ميسر كما يزرع في حوالي 9 فدادين شعيرا وأعشابا طبية يتم تصديرها إلى الخارج. ويتراوح متوسط دخل الأسرة في القرية الآن بين 3 آلاف و3500 يوان ( دولار واحد يساوي 6.9 يوان) شهريا. وتعتمد القرية على إنتاج الورق والسياحة وإنتاج الفواكه فضلا عن مواردها التقليدية.

وضربت الصين نموذجا في انتشال الفقراء وتحسين حياة الريفيين. ففي عام 2015، حددت الحكومة الصينية هدفا للقضاء التام على الفقر بحلول عام 2020 لإنشاء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل، ونجحت في انتشال 13 مليونا و860 ألف نسمة من الفقر في الريف عام 2018. وفي نهاية نفس العام انخفض تعداد الفقراء في الصين إلى 16 مليونا و600 ألف، مقابل 98 مليونا و990 ألف نسمة في 2012.

وحققت منطقة التبت تقدما حاسما في قضية التخفيف من الفقر في عام 2018، بانتشال 180 ألف شخص من تحت خط الفقر، ففي العام الماضي، أطلقت أكثر من 700 مشروع لتخفيف وطأة الفقر، ودرّبت 36 ألفا من المزارعين والرعاة المنكوبين بالفقر، ووفرت 47 ألف وظيفة جديدة في مجال الحماية البيئية، وفقا لما ذكر تشي تشا لا رئيس الحكومة المحلية.

وتعتمد المنطقة في تحقيق هدف عام 2019 على الجمع بين "استراتيجية تخفيف وطأة الفقر مع استراتيجية التنشيط الريفي، ومواصلة اتخاذ التدابير بما في ذلك التنمية الصناعية وخلق فرص العمل، واستكمال مشاريع نقل الفقراء، وتسريع بناء البنية التحتية والخدماتية في المناطق الفقيرة"، وفقا لما ذكر رئيس الحكومة المحلية تشي تشالا لنا.

ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي للتبت بنسبة 10 بالمئة هذا العام، ومتوسط دخل سكان المناطق الريفية بنسبة 13 بالمئة، والسكان في المناطق الحضرية بنسبة 10 بالمئة.

والمُضيئ في تلك الجهود أن مدينة لاسا حاضرة منطقة التبت أعلنت مؤخرا عن إخراج آخر 44 ألف شخص من تحت خط الفقر في العام الماضي، ما يشير إلى انتصار الحملة ضد الفقر، الذي كانت الظروف الطبيعية القاسية جزءا من أسباب رسوخه في المنطقة.

المنطقة للجميع وكذلك الثمار والكسب
إن حكومة التبت تعمل بجد لتعزيز إحساس الناس من جميع العرقيات بالمشاركة والكسب، وضمان أن ثمار التنمية يتقاسمها الجميع، ومنذ عام 2013، تم خلق أكثر من 273 ألف وظيفة حضرية جديدة. 

وفي عام 2018، بلغت نسبة البطالة المسجلة في المناطق الحضرية 2.83 بالمئة، فيما زاد نصيب الفرد من الدخل الموجه للإنفاق بواقع 10.2 بالمئة و 10.8 بالمئة لسكان المناطق الحضرية والريفية على الترتيب.

وتبرز قرية تراشينغ التابعة لبلدة لولانغ السياحية الدولية كمثال بارز أيضا على جهود الحكومة في القضاء على الفقر الريفي. وتقع القرية على الطريق الوطني ٣١٨، المصنف من بين أجمل الطرق في الصين، على الطريق الذي يشق الجبال واحدا تلو الآخر بشكل ثعباني يمكنك أن تلحظ جهود الحكومة الصينية في الحفاظ على البيئة، أنهار نظيفة ووديان وسهول بكر جميلة، وتتمتع البلدة بمناظر خلابة ووسائل نقل مريحة ومواردبشرية وطبيعة وافرة.

وحققت القرية قفزة تنموية كبيرة وارتفعت دخول سكانها بشكل كبير بفضل خطة محلية تقودها بلدة لولانغ للسياحة الدولية، مدعومة بفكر مبتكر لتعزيز الفنادق العائلية وغيرها من الصناعات المرتبطة بالسياحة اعتمادا على الموارد المحلية.

قابلنا فيها "دا وا" وتعني القمر باللغة التبتية، وهو رجل تبتي أباً عن جد، من مظهره وملامحه يستشف الناظر من الوهلة الأولى أنه مجرد مزارع بسيط لم يأخذ حظه من التعليم، لكنه في الواقع يتمتع بحذاقة في التعامل مع التكنولوجيا ويدير منزله الآن باحترافية كفندق صغير.

وتنتشر الفنادق العائلية بكثرة في القرية الصغيرة في إطار جهود الحكومة المحلية لرفع مستوى معيشة القرويين وتعزيز التنمية السياحية في نيينغتشي، ومساعدة التبت على التحول الى مقصد سياحي دولي.

ويستخدم الرجل البالغ من العمر 46 عاما، ويعول 3 أبناء، هاتفا ذكيا في الترويج للنُزُل العائلي والرد على أسئلة الراغبين في تأجير سرير أو غرفة منفصلة للاستمتاع بجمال الطبيعية وسحر المناظر الخلابة في المنطقة المحيطة.

وعلى منضدة بسيطة تتوسط غرفة الضيافة الرئيسية، يضع دا وا رمز الاستجابة السريعة (آر كيو) الخاص بفندقه العائلي الصغير على تطبيق ويتشات، لمسحه عند الدفع أو الرغبة في الإطلاع على عروضه وخدماته.

ويستخدم الرجل، أيضا، موقع "ويبو" الصيني الذي يعتبر نسخة تطبيق "تويتر" الشهير لتعزيز عمله التجاري.

تبلغ مساحة النزل العائلي نحو 400 متر مربع، ويحتوي على 9 غرف و18 سريرا. ويقدم ثلاث وجبات للمقيمين حسب الطلب، كما أنه مزود بخدمة الواي فاي، فيما يعمل أفراد عائلة دا وا على خدمة الضيوف بمبدأ توزيع الأدوار فيما بينهم مثل الموظفين في الفنادق العادية.

وبحسب ما ذكر لنا المسئولون المحليون من بيانات، يوجد بالقرية 327 عاملا في السياحة موزعين على 66 منزلا و51 فندقا عائليا تضم أكثر من 1200 سرير، وفي 2018 استقبلت القرية إجمالي 75 ألف سائح وحققت إيرادات بلغت 4.6 ملايين يوان بينها 2.85 مليون يوان للفنادق العائلية. وقد عززت الخصائص الصناعية المتصلة بالزراعة وتربية الحيوانات.

يقول "دا وا" إنه يستضيف 30 سائحا على الأقل شهريا، ويجني حوالي١٠ آلاف يوان، ما يمثل قفزة كبيرة مقارنة بدخله السابق من عمله الزراعي.

"لولانغ".. مشروع سياحي رائد بخصائص تبتية

وتبرز التنمية الأكثر إعجابا واتفاقا مع العصر الجديد في بلدة لولانغ نفسها. البلدة السياحية تشبه المنتجع لكن يزيد عليها أنها متكاملة تنمويا، لا تحتاج إلا القليل من خارجها، فتعتمد على مشاريعها الإنتاجية الخاصة لتغذية المنشآت السياحية، إلى جانب مركز فني يتولى التخطيط السياحي والصناعات ذات الصلة اعتمادا على الموارد المحلية.

لولانغ تبرز كنموذج رائع يجمع بين التنمية الإيكولوجية والتكنولوجية بخصائص تبتية محلية. وتقدم الحكومة هذا المنتجع الجبلي كمشروع رائد في إطار جهودها إلى تحويل التبت إلى مقصد سياحي دولي، في إصلاح هام تؤكد من خلاله على أن الاصلاح الديمقراطي الذي تابعته الحكومة في المنطقة يتوافق مع الاتجاه التاريخي للعصر والتطلعات الأساسية لجميع المجموعات العرقية في التبت، ويلبي المطلب الحقيقي للشعب للتقدم الاجتماعي.

وتفتخر بلدة لولانغ التي تشتهر باسم سويسرا الشرق وتعني" وادي ملك التنين" و" المكان الخالد" بمناخ معتدل وكميات كافية من الأوكسجين رغم ارتفاعها الذي يصل في أعلى نقاطها إلى أكثر من 5 آلاف متر. 

وفي المنطقة ذات المناظر الطبيعية الخلابة التي تبلغ مساحتها 10 كيلومترات، يمكن للمرء أن يجد مناظر طبيعية واسعة النطاق بما في ذلك الأنهار الجليدية والجبال والأودية والغابات والبحيرات، كما يمكنه أن يختبر الحياة التبتية التقليدية بخصائصها الفريدة.

وتعد لولانغ وجهة رائعة للسياح الذين يريدون تجربة أسلوب الحياة التبتي الريفي التقليدي بمفهوم يجمع بين" التناغم بين الإنسان والطبيعة والحداثة والهدوء والابتكار والاستجمام والراحة".

اصطحبنا مدير المنطقة ويدعى شي بينع هوي في جولة تفقدية للمركز الفني وقال إن "البلدة أقيمت المنطقة باستثمارات ضخمة من حكومة مقاطعة قوانغدونغ الصينية بقيمة ٣.٨ مليار يوان لمساعدة التبت، ما يدل على تضامن المقاطعات الصينية مع بعضها والتفافها حول أهداف الحكومة المركزية بينما تمضي قدما في تحقيق أهدافها المحلية.

وتجمع البلدة التي تشبه المنتجع منشآت تجارية وصناعية وسياحية ومنطقة خدمات داعمة ومركز إداري ومنطقة مشاة تجارية.

وتشهد البلدة على حجم التطور السياحي في المنطقة. ومنذ افتتاحها أمام العامة في عام 2016، استقبل المنتجع أكثر من مليون وافد، ما عزز النمو الاقتصادي المحلي ورفع دخل الناس الذين يعيشون في المناطق الريفية المحيطة.

وبني المركز الفني باستثمارات بلغت ١٣٠ مليون يوان. ويتضمن حضانة لريادة الأعمال وقواعد تدريب ومراكز تمويل وخدمات مالية ويوفر مناطق عمل للشركات. ويعتمد على أفكار خلاقة في الإقامة مبنية على الإبداع والأزياء والراحة والاستجمام وإقامة أنشطة ثقافية بانتظام لتلبية مطالب الفئات المختلفة.

كما يستفيد من مزايا الاقتصاد الرقمي واستخدام إنترنت الأشياء. ويقدم في سوبر ماركت ملابس تبتية محلية وأواني حجرية ومنتجات خشبية محلية وبخورا تبتيا ومنتجات غابات من أعشاب وفطر وفواكه جافة ولحوم ثيران الياك المطبوخة للبيع وفقا لنماذج بيع متصلة وغير متصلة بالانترنت.
 كما يوجد مركز تجاري سياحي ثقافي يضم 458 منتجا وأكثر من 2000 سلعة من 17 فريقا محليا موزعين على 7 مناطق تبتية. 
 
كما يحتوي على مطبخ مركزي ومركز توزيع للطعام يوفر خدمة توزيع الأغذية والمشروبات الطازجة لبلدة لولانغ الدولية ويثري الثقافة الغذائية. ويستفيد المركز من الكمبيوتر العملاق تيانخه-2 ويعمل على جذب الموارد وفرق البحث العلمي والقوة التقنية للمقاطعات والمناطق الأخرى إلى التبت، فضلا عن إقامة مشاريع خاصة في الطب الوراثي والبيولوجي التي تشتد الحاجة إليها في التبت.

الازدهار المشترك
وبالقرب من مدينة يينغتشي نفسها تجد قرى استفادت جيدا من التطور الذي شهدته المدينة. وفي قرية با جي يمكنك أن تلحظ الثراء بشكل واضح يبدو على سكان القرية التي تبعد عن مدينة نينغتشي ٥ كم فقط. 

منازل واسعة مكونة من طابقين أو ثلاثة يحيط بكل منها حديقة خاصة تجمع اشجارا وإزهارا متنوعة، وعند دخولك لأي منها تتأكد من صدق هذا الإحساس على الفور.

دخلنا إلى منزل، وقالت المرشدة المرافقة واسمها الانجليزي"جيسكا" وهو بالطبع ليس اسمها الصيني الحقيقي إنه رجل ثري اسمه لوه سانغ. ويصل دخل الرجل السنوي إلى ٤٠٠ ألف يوان. ويملك لوه الذي يعيش في منزل فخم يبدو من الديكورات والتشطيبات والأثاث الفاخر في منزله المكون من ٣ أدوار ٨ سيارات وشاحنتين، حيث يكسب رزقه من تأجير هذا الاسطول في الأعمال اللوجيستية.

لفت الرجل الذي يفصله عن الستين اقل من عامين إلى انه غير نشاطه أكثر من مرة، حيث كاني نقل مواد حجرية وانشائية من الغابات لاستخدامها في انشاء البناياتـ لكن اضطر الى تغيير نشاط عمله الى السياحة بعد تشديد الحكومة للاجراءات المحافظة على البيئة والغابات.

ولم يظهر الرجل غضاضة في ذلك، قائلا ان "ما تفعله الحكومة بالطبع هو الصحيح ويصب في صالح المنطقة والبيئة".

ويسكن القرية 476 شخصا بمجموع 100 أسرة ، بما في ذلك 189 عاملا. وفي عام 2018 وصل إجمالي الدخل الاقتصادي للقرية إلى أكثر من ٢١ مليون يوان ونصيب الفرد الواحد من الدخل القومي للقرية ٢٥ ألف و٧٠٠ يوان.

وأحسنت قرية "با جي" الاستفادة من فرص البناء الحضري في مدينة نينغتشي لإنشاء كيانات اقتصادية مثل فريق نقل للسيارات والتعاونيات المهنية في الزراعة والتربية. من خلال التطوير المستمر. وقدمت القرية نموذجا تعاونيا في التنمية الاقتصادية يعتمد على جذب الأعمال والاستثمار وتحقيق الأرباح الجماعية وتقاسمها. 

وتتوفر بالقرية حديقة للخدمات اللوجستية الصناعية، ومع الوقت تم تحسين الوعي البيئي تدريجيا في هذه القرية. ففي عام 2018 ، كسبت (18.14 مليون يوان صيني) من النقل والصناعة الحقيقية والسياحة واللوجيستيات والتجارة .

لا تقدم بدون التعليم وتعزيز صحة الإنسان
ما سبق هو بعض الأمثلة على جهود الحكومة لتحسين حياة الريفيين في التبت، ولكن هذا ليس كافيا لإعداد إنسان جيد، ومن هنا حرصت الحكومة على إعطاء جل الاهتمام لتعليم وصحة سكان المنطقة. 

وتحت شعار"خلق كل الظروف لنمو صحي للطلاب وإسعاد المدرسين والتنمية المتناغمة للمدرسة" تمسكت مدرسة نينغتشي الابتدائية رقم ٢ في مدينة نينغتشي الجميلة بالإصلاح والتحسين والتميز ومواكبة العصر والابتكار الرائد منذ تأسيسها العام ١٩٧١.

وتقدم المدرسة مثالا للتعايش السلمي بين أبناء القوميات العرقية المختلفة حيث يدرس أكثر من ١٨٠٠ طالب من قوميات الهان والخوي والتبت والمونبا واللهوبا والدنغ جنبا إلى جنب في ٢٤ فصلا للغة التبتية و٢٠ فصلا اللغة الصينية. 

وإلى جانب تعليم الطلاب كيفية التعامل مع البيئة الخاصة بالتبت في المدرسة، يتعلم الطلاب الفنون والموسيقى والرقص والعلوم والآداب بروح الحضارة والتناغم والعملية والاستمتاع بالتعلم والسؤال المستمر والممارسة مع إرساء صفات الأمانة والشجاعة والحيوية والوحدة في نفوس الطلاب. وتغطي المدرسة مساحة ٣٩٢٠٩ أمتار مربعة فيما تبلغ مساحة الانشاءات ٢٣٣٠٢ أمتار.

ونجحت التبت في تحقيق أرقام مبهرة في نسبة الالتحاق بالمدارس. وفي عام 2018، كان صافي معدل الالتحاق بالمدارس الإبتدائية 99.5 بالمائة، بينما كان إجمالي معدلات الالتحاق بالمدارس الإعدادية والثانوية والتعليم العالي 99.5 بالمائة و82.3 بالمائة و39.2 بالمائة على التوالي.

وفي المجال الطبي، يوجد في التبت حاليا 1547 مؤسسة طبية من مختلف الأنواع، متوفر بها 16787 سريرا ويعمل فيها 19035 شخصا من العاملين في المجال الطبي، حيث زادت الأرقام 24 مرة و35 مرة و23 مرة على التوالي مقارنة بتلك قبل الإصلاح الديمقراطي. 

ويبدو تأثير التطور في المجال الصحي جليا في انخفاض معدل وفيات الأمهات في التبت من 50 لكل 1000 في بداية الإصلاح إلى 1.02 لكل 1000 في عام 2017، وانخفاض معدل وفيات الرضع من 430 لكل 1000 إلى 10.38 لكل 1000، وارتفاع متوسط عمر الفرد الى 68.2 سنة من 35.5 سنة قبل 1959، عام إدخال الإصلاحات الديمقراطية.