رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مفاتيح نهضة الصين.. كيف نجحت الصين في «40» عامًا من استيراد الكبريت إلى تصنيع الصواريخ؟

كتاب الكلمات المفتاحية
كتاب الكلمات المفتاحية لفهم الصين في 12 لغة


منذ أربعين عامًا بدأت الصين خطة الإصلاح الكبرى، التى حولتها من دولة تستورد الكبريت، إلى دولة تصنع الصواريخ. لو سافرت منذ 40 عاما للصين ستكون السيارة التى تنقلك من المطار إلى الفندق هى الوحيدة التى تراها فى الطريق، والآن الصين أكثر بلد تسير فيها أحدث السيارات والبلد الأكثر تصنيعًا للسيارات فى العالم.



والسؤال الذى يطرح نفسه دائمًا، هو كيف نجحت الصين فى 40 عاما فى التحول من الفقر والجهل والمرض إلى عالم من الرفاهية والعلم والسعادة؟، لقد وضعت تلك الدولة حلما لها، وحلم الصين له أفق ورؤية ودافع وثرى وعميق وبعيد، وجوهره الأساسى هو تحقيق الرخاء والقوة للبلاد ونهضة الأمة وسعادة الشعب، ولذلك كان يجب عليهم تعظيم الروح الصينية وحشد القوة.


 وبنت الصين حلمها حول فكرة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية التى تعتمد على زرع الثقة بالنفس والعمل الشاق وتطبيق الشفافية والصرامة والتأكد من وصول الخير لجميع أفراد الشعب الصينى.


والعصى التى تستطيع بها تحقيق النهضة هو ضمان وجود حزب اشتراكى قوى ونزيه ووطنى، والحزب الحاكم يقود كافة القطاعات فى كل البلاد ويضع المخطط ويتابعها يحاسب القائمين والمسئولين على النتائج.


والحزب يأتى من الناس لخدمة الناس، ولضمان صين قوية؛ قرروا بناء حزب قوى متصل بالقواعد الجماهيرية.


والتنمية هى أهم قضية للحزب الصينى، ويعد الابتكار القوة المحركة الأولى للتنمية المستدامة السليمة، والانفتاح الطريق الوحيد المؤدى للازدهار ومشاركة الثمار والتمتع بها الغاية النهائية.


ومقرر أن يكون العام القادم ٢٠٢٠ لن يكون هناك أى فقير صينى، وهذا هو معيار النجاح عند الحزب الحاكم، وهكذا أثبتت الصين لشعبها أن التنمية سينال ثمارها جميع أفراد الشعب وليس  فئات محددةأاو معينة.


وحوكمة الدولة فرضت نفسها فى إطار الرؤية والحلم وسيادة القانون، أصبحت واجب وأساس لبناء دولة كبرى، وتم إنجاز منظومة قوانين تواكب التطورات العصرية ذات فاعلية، وأيضًا منظومة لمراقبة تطبيق القانون بشكل صارم وعادل على جميع أفراد الشعب مهما كانت مناصبهم أو ثرواتهم.


 والترتيب الإستراتيجى للمسيرة الجديدة الصينية يستمر من ٢٠٢٠ إلى ٢٠٣٥ لإنجاز  مجتمع الحياة الرغيدة وعندئذ تشهد الصين طفرة كبرى فى قوتها الاقتصادية والعلمية وتكون فى مقدمة الدول المبتكرة وتصبح جميع الأنظمة فى كل المجالات أكثر اكتمالًا.


والمرحلة الثانية من عام ٢٠٣٥ إلى ٢٠٥٠ تصبح الصين دولة شامخة وسط أمم العالم، حيث تصبح جميلة متحضرة وقوية، ولتحقيق تلك الخطط تم التمسك بوضع التعليم فى المقام الأول ووضع العلوم فى المكانة الهامة فى التنمية الاقتصادية  والاجتماعية وتعزيز القوة العلمية والتكنولوجية وتحويلها إلى قوة إنتاجية ورفع نوعيتها ومساهمتها فى الاقتصاد.


وترتبط النهضة بالتعليم والتكنولوجيا باستراتيجية الاعتماد على الاكفاء، حيث يلعب الأكفاء دورا كبيرا فى قيادة الأمة فى شتى المجالات فيتم حشد الاكفاء من داخل البلاد وخارجها للمشاركة فى العمل استنادًا على النظرة  الثاقبة على تميز الأكفاء والحرص عليهم وتشجيعهم وتوفير الإمكانيات.


 والرؤية الصينية تطلب توجيه الأكفاء إلى المناطق النائية والبعيدة لتشكيل وضع جديد فى تلك المدن، فى هذا الإطار يتم تحرير العقل والإسراع بخطى إصلاح نظام العلوم والتكنولوجيا وتحطيم كل الحواجز فى المفاهيم التى تقيد التنمية، وتهيئة بنية عادلة، وتحسين السياسات المحفزة والارتقاء بمنظومة البحوث العلمية.


وطبقت الصين إستراتيجية نهضة الأرياف التى تؤكد على التمسك بمنح الأسبقية لتنمية الزراعة وتعزيز الاندماج بين المدن والأرياف وتوفير حياة كريمة للفلاحين والعمل على زيادة دخلهم، وهكذا تضمن الصين الأمن الغذائى للدولة التى يسكنها مليار و٣٠٠ مليون نسمة.


وتضع الصين نصب أعينها قضية التنمية المستدامة وتتعلق تلك الإستراتيجية بالتنمية طويلة المدى للصينيين، وتتعلق باستمرارية التقدم لتحقيق السعادة للأجيال القادمة. والفكرة هى وضع الإنسان فى المقام الأول والخط الرئيسى له هو التناغم بين الإنسان والطبيعة، ومحورة هو التنمية الاقتصادية، ونقطة الانطلاق هى رفع جودة معيشة الشعب، ونقطة الاختراق له هى الابتكار التكنولوجى.


الحلم الصينى هدفه أن يشعر كل مواطن بالمكسب المادى والمعنوى عندما يكون كسبًا حقيقيًا ملموسًا فى الواقع ويمكن امتلاكه.


الحزب الصينى الحاكم يعلم أن بقاءه مرهون برضا الجماهير ولذلك عليه أن يخدم الشعب على خير وجه، ولذلك يعزز بناءه ويجدد ويطور من نفسه ليكون قويًا عصريًا باستمرار، فالمثل الصينى يقول المنتجات الجيدة تحتاج إلى حديد جيد"، ويعمل الحزب الحاكم على رفع منزلة الأخلاق ليكون كل مواطن مراقبا على نفسه أولًا.


ويحارب الحلم الصينى أربعة انحرافات، وهى "الشكلية" و"البيروقراطية" و"نزعة المتعة" و"البزخ والإسراف"، وهى الظواهر التى يكرها الشعب الصينى.


ومكافحة الفساد من أهم القضايا التى رسخت نجاح الحلم الصينى ولديهم مقولاتهم الخاصة "ضرب النمور والذباب"، "وحيد الثعالب" ويقصد "بالنمور" كبار الفاسدين المسئولين، ويقصد "بالذباب" الكوادر الفاسدة على مستوى القاعدة أما "الثعالب" فهم موظفو الدولة الهاربون فى الخارج بسبب قضايا فساد.


وتم نشر شبكة موسعة خارج الصين واسعة ومحكمة لمطاردة المجرمين واستعادة المسروقات، ولذلك يقولون فى الحزب الحاكم الاشتراكى "إذا لم نغضب الفاسدين، فسوف نغضب الشعب".


ويعمل الحزب على وضع السلطة فى قفص اللوائح والأنظمة وتشكيل آليه عدم إمكانية الفساد، وإقامة منظومة لمراقبة السلطة وجعل الشعب يراقب السلطة وجعل السلطة تمارس أعمالها بشفافية تحت اشعة الشمس.


وأخيرًا هل علمت عزيزى القارئ سر التفوق الصينى، أو كيف استطاعت الصين تحقيق ما يوصف بالمعجزة فى ٤٠ عاما، فنحن نعلم أن الغرب بنى تطوره وتقدمه على جثث دول أخرى، بسبب حملات الاحتلال والسياسات الاستعمارية القذرة التى سرقت ثروات الشعوب الأخرى فى مناطق كثيرة من العالم، لكن الصين وصلت إلى مرتبة عالية وتفوقت بفصل أبنائها وثرواتها الخاصة.


والآن تطرح الصين مبادرة الحزام والطريق وهى كما وصفت الجيل الجديد من العولمة، وتريد الصين إحياء طريق الحرير القديم وتهدف إلى تحقيق منافع مشتركة مع العديد من الدول وعلى رأسها مصر، فتجربة الصين تؤكد أن المستقبل والتعاون معهم سيكون مثمرًا والصين تريد مشاركة الخير مع العالم عن طريق إقامة مشروعات عملاقة تحقق تنمية مستدامة لكافة الشعوب.


ولذلك فالصين ستكون محور حديث العالم عشرات السنوات القادمة، وهذا يفسر زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسى المتكررة إلى الصين فهو يعلم أن هناك فرصا كبيرة متاحة تستطيع أن تستفيد بها مصر فى حالة تعاون مصر مع الصين التى تعتبر أهم دولة فى العالم حاليًا فى مجالات البنية التحتية والبناء وتشيد الطرق والكبارى، كما أن ٦٠% من حركة القطارات فى العالم على الأراضى الصينية.


ولكن الوضع يحتاج من الرئيس "السيسي" تشكيل لجان من الأكفاء لديهم خبرات وعلاقات مع الجانب الصينى وعلى الرئيس البحث عنهم والجلوس معهم والاستماع إليهم، وفهم السيكولوجية الصينية سيوفر علينا الوقت وسينجز أحلام الرئيس بشكل أسرع، كما أن حجم التبادل المصرى الصينى مازال قليلًا مقارنة بدول أخرى أقل من حجم ومكانة مصر.