رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حكايات ثورتي «الورود» و«دورات المياه».. بكين العاصمة الأكثر تطورًا في العالم

ثورة الورود في شوارع
ثورة الورود في شوارع بكين



كانت أول زيارة لي إلى بكين عاصمة الصين في إبريل ٢٠١٧، ولا أنكر إعجابي بتلك المدينة، ولم أكن أتوقع أبدًا أن أرى بكين على هذا القدر من الجمال والنظام؛ فالعاصمة بكين لها عمق تاريخي كبير؛ لما تحتويه من أماكن أثرية، مثل "سور الصين العظيم، والمدينة المحرمة، والقصر الصيفي"؛ لكي يحج إليها ملايين من المواطنين لرؤية مدينتهم المفضلة والافتخار بالتاريخ الكبير.


والمدهش في بكين، هو حجم التطور في وقت قصير؛ فتشعر بأن المدينة متناغمة بين مبانيها الشاهقة وشوارعها العريضة.



إن تنفيذ خطة تطوير بكين مثال يحتذى به؛ فهناك ممرات خاصة لأصحاب الدراجات والموتوسيكلات، بحيث يسير هؤلاء في أمان بعيدًا عن الحارات الخاصة للسيارات، وبجانب ذلك تجد رصيفا كبيرا يسهل للناس التحرك طوال الوقت.


ومترو بكين يدعوك للاندهاش؛ حيث يتكون من 16 خطًا يصل بك إلى معظم المناطق، ويوجد في بكين 7 طرق دائرية، ومؤخرًا افتتح الرئيس الصيني الدائري الثامن؛ مما يجعل بكين المدينة ذات شبكة الطرق الأكبر في قارة آسيا، ولن تجد في بكين "كشك على ناصية"، ولا محالا تجارية عشوائية تحت العمارات؛ فتم بناء مراكز تجارية عملاقة في كل مكان، وتم نقل أصحاب المحلات إلى تلك المراكز.


ولمزيد من فرض الأمن والأمان، تراقب الكاميرات شوارع بكين ليل نهار، ولن تفلت "نملة" من مخالفة القانون.


وما رأيته جديدًا في تلك الزيارة أمرين؛ الأول: هو ثورة الورد، فأينما كنت سترى الورود والأزهار تحيطك في كل الشوارع أنواع وألوان مبهجة ذات أحجام كبيرة. إن بكين مدينة صديقة للبيئة، لها تجربة عالمية في تخفيض معدلات التلوث بها؛ فبعد إن كانت رمزًا للتلوث، أصبحت رمزًا لاستنشاق الهواء النظيف.. فهي مدينة تحترم الطبيعة وتطبق أعلى المعايير العالمية في التشجير، وتستطيع أن تقول إن بكين مدينة خضراء.


والأمر الثاني الذي يدعو للدهشة، هو «ثورة الحمامات»؛ فقد كان سكان بكين من قلة الحمامات العامة وفي تلك المدينة المتزاحمة يحتاج السكان إلى خدمة الحمامات؛ وبالفعل رأيت الحمامات تنتشر في الشوارع ذات شكل حضري جميل في غاية النظافة.


في بكين لا ترى متسول أو سايس، لا ترى مواطن يحجز مكانًا لسيارته بحجارة، لا تجد ناموس أو ذباب، في بكين لا ترى سيارة تسير عكس الإتجاه، لا ترى ورقة على الأرض، لا بلطجية الميكروباص والتوك توك في بكين لا يوجد باعة جائلين.


وتستطيع تقول إن الحياة أصبحت سهلة ومريحة في بكين لأقصى درجة. إن جميع الأجهزة في العاصمة تعمل على مستوى عال لتوفير السعادة للمواطن الصيني.


وبالصدفة فقد تم افتتاح مطار بكين الجديد وهو تحفة معمارية بلا شك.. إن المدينة تعمل للمستقبل، وعملية التطوير لا تتوقف أبدًا، ويستوعب المطار 72 مليون راكب سنويًا، ويتم حاليًا بناء خط مترو يصل بين المطار الجديد ووسط المدينة بطول 41 كم.


حتى لاحظت شبه انعدام لظاهرة البصق في الشوارع، والتي كانت النقطة السوداء في تلك المدينة، وعلمت أن الرئيس الصيني طالب الشعب في أحد خطاباته بضرورة التوقف عن تلك العادة السيئة والمقززة، وبالفعل استجاب الشعب لرئيسهم المحبوب «تشي جين بينغ»، وتخلصت بكين من كميات البصق المجهولة في شوارعها.


وأصبحت بكين من أهم عواصم العالم من حيث جودة الحياة؛ لما تقدمة من خدمات تعليمية وصحية للمقيمين بها، ومازالت عمليات هدم البيوت القديمة أو قليلة الارتفاع مستمرة واستبدالها بأبراج شاهقة في مجموعات مسورة تشبه مجتمعات «الكمباوندز» في مصر.


ويتم العمل حاليًا على إنشاء منطقة أعمال مركزية جديدة في أطراف العاصمة لتكون إضافة جديدة للاقتصاد الصيني؛ نظرًا لارتفاع الطلب على تأسيس الشركات وإقامة فروع أكثر للشركات الكبرى، إن الاجتماع بمناطق الأعمال يجعل من بكين تحت محط أنظار المستثمرين؛ لأنها توفر بيئة أعمال عالية الجودة بأعلى تكنولوجيا، وترتبط بشبكة مواصلات وطرق لتسهيل الحركة.


وبكين لن ينتهي الحديث عنها أبدًا؛ لأنها مدينة متجددة ومتطورة باستمرار، ترى الجديد فيها عند كل زيارة.