رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد عزم أنقرة التنقيب: سيناريوهات المواجهة بين مصر وتركيا وقبرص واليونان على غاز شرق المتوسط

النبأ

 

أثار إعلان تركيا عزمها تنفيذ أعمال تنقيب عن الغاز في مياه البحر الأبيض المتوسط التي تعتبر جزءا من المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص، ردود أفعال غاضبة ومتحفظة، لاسيما من جانب الدول المعنية بالقرار التركي، وعلى رأسها مصر واليونان.

هذه الخطوة التركية أثارت انتقادات شديدة من قبل اليونان والاتحاد الأوروبي وكذلك مصر، حيث طالبت اليونان تركيا بالوقف الفوري لأي أنشطة حفر في المنطقة ووصفتها بغير القانونية، فيما حذرت مصر من "انعكاس أي إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار في شرق المتوسط".

مصر

أصدرت السلطات المصرية بيانا، حذرت فيه تركيا من نوايا البدء في الحفر بمنطقة بحرية غرب قبرص.

وأكدت الخارجية المصرية في بيان أن مصر تتابع باهتمام وقلق التطورات الجارية، حول ما أعلن عن نوايا تركيا البدء في أنشطة حفر في منطقة بحرية تقع غرب جمهورية قبرص.

وحذرت الخارجية من انعكاس أي إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط.

كما أكدت على ضرورة التزام أي تصرفات لدول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه.

الاتحاد الأوروبي

 وأعرب الاتحاد الأوروبي على لسان مفوضة السياسة الخارجية، عن قلقه البالغ حيال إعلان تركيا نيتها القيام بأنشطة تنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص، مؤكدا أنه سيرد بشكل ملائم على أي عمل غير قانوني لأنقرة.

أنقرة تتحدى

وعلى الرغم من تحذيرات كل من مصر واليونان والاتحاد الأوربي من بدء أعمال التنقيب عن الغاز في البحر غرب قبرص، أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، عزم بلاده "حماية حقوقها" في شرق المتوسط وبحر إيجه.

وقال أكار، في حديث لوكالة "الأناضول" التركية الرسمية، إن بلاده "مصممة على حماية حقوقها النابعة من القانون الدولي في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه، والدفاع عن حقوق القبارصة الأتراك بصفتها (تركيا) دولة ضامنة، وعدم السماح بفرض أمر واقع".

ودعا وزير الدفاع التركي الجانب اليوناني إلى التحلي بالحكمة والتعاون مع جارته تركيا، ولفت إلى أن مصادر الطاقة الموجودة في إيجه وشرق المتوسط ينبغي أن تكون جسرا للسلام والحوار والاستخدام المشترك.

وشدد أكار على أن رسم حدود الصلاحيات البحرية بين الدول المتشاطئة، ينبغي أن يتم بالتوافق، وأكد أن تركيا لن تغض النظر حيال محاولات اغتصاب الحقوق في المنطقة.

كما أعرب أكار، حسب "الأناضول"، عن ثقة تركيا بإمكانية "حل كافة المشاكل في إطار القانون الدولي وحسن الجوار والنوايا الحسنة والاحترام المتبادل، عن طريق الحوار والتفاوض، بالوسائل السلمية"، مشيرا إلى تطلع أنقرة لتحلي الجانب اليوناني بموقف بناء أيضا.

وشدد أكار على أن تركيا لا تطمع في أي شبر من أراضي أي دولة أخرى، ودعا إلى الابتعاد عن الخطوات التي من شأنها زعزعة الثقة المتبادلة، والسلام والاستقرار.

 

كما نشرت الخارجية التركية، بيانا ردت فيه على تصريحات مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، بشأن أنشطة أنقرة شرقي المتوسط.

وقالت الخارجية التركية إنها ترفض ما جاء على لسان موغيريني فيما يتعلق بأنشطة أنقرة للبحث عن موارد النفط والغاز شرقي المتوسط.

وقالت الخارجية إن أنشطة تركيا المتعلقة بالهيدروكربون في منطقة شرق البحر المتوسط، ​​تعتمد على حقوقها المشروعة المنبثقة عن القانون الدولي.

وتابعت بالقول: "كما أكدنا من قبل في مناسبات عديدة.. سنحمي حقوقنا ومصالحنا داخل الجرف القاري، وكذلك حقوق القبارصة الأتراك حول جزيرة قبرص.. حتى الآن لم تمتنع تركيا عن اتخاذ الخطوات اللازمة في هذا السياق، ولن تفعل ذلك في المستقبل".

وأفادت الخارجية في بيانها بأن الإدارة القبرصية اليونانية هي التي لم تمتنع عن تعريض أمن واستقرار منطقة شرق المتوسط ​​للخطر بطريقة غير مسئولة، وذلك بتجاهل الحقوق غير القابلة للتصرف للقبارصة الأتراك الذين هم المالكون المشتركون لجزيرة قبرص، بشأن الموارد الطبيعية.

كما أشارت أنقرة إلى أن قبرص رفضت كل اقتراح للتعاون، وأصرت على الأنشطة من جانب واحد في المنطقة على الرغم من كل التحذيرات التركية.

واختتمت الخارجية التركية بيانها بالقول إنه "لا يحق لأولئك الذين لم يتخذوا أي خطوات نحو حل هذه المشكلة لسنوات تقديم المشورة إلينا".

خلفيات القرار التركي

يأتي هذا التصعيد التركي بعد قيام القاهرة باتخاذ خطوات متعددة بخصوص غاز شرق المتوسط.

الخطوة الأولى:  تعمل مصر وفق خطة محكمة لتتحول بموجبها إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي بمنطقة حوض شرق البحر المتوسط، وساعدها في ذلك اكتشافها الضخم لحقل غاز "ظهر" عملاق الغاز بالبحر المتوسط والأكبر على الإطلاق بالمنطقة، باحتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، بالإضافة إلى التعاون المصري الإسرائيلي من ناحية والمصري القبرصي من ناحية أخرى، لنقل الغاز إلى القاهرة وإعادة تصديره إلى دول الاتحاد الأوروبي، عبر محطات الإسالة على ساحل البحر المتوسط بمصر.

الخطوة الثانية: وقّعت شركات مصرية اتفاقاً ضخماً مع الشركاء في حقول الغاز الإسرائيلية لنقل 64 مليار متر مكعب من غاز إسرائيل إلى مصر بقيمة 15 مليار دولار على مدى 10 سنوات مقبلة.

 

فيما وقّعت الحكومة المصرية اتفاقاً مع قبرص يقضي بنقل غاز حثل أفروديت القبرصي إلى محطات الإسالة المصرية بما يسمح بإعادة تصديره مرة أخرى إلى دول الاتحاد الأوروبي بما يحقق مصلحة الدولتين مصر وقبرص.

وفي شهر يناير 2019، قامت مصر بتأسيس"منتدى غاز شرق المتوسط" بمشاركة 7 دول هي: مصر،  إيطاليا، واليونان، وقبرص، والأردن، وإسرائيل، وفلسطين، على أن تكون العضوية مفتوحة لمن يرغب بذلك.

وذكرت وزارة البترول المصرية في بيان بعنوان "إعلان القاهرة لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط" أنه في وسع أي من دول شرق البحر المتوسط المنتجة أو المستهلكة للغاز، أو دول العبور ممن يتفقون مع المنتدى في المصالح والأهداف، الانضمام إلى المنتدى لاحقا، وذلك بعد استيفاء إجراءات العضوية اللازمة.

وقالت الوزارة إن هدف المنتدى الرئيسي هو "العمل على إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية".

ويستهدف المؤسسون لهذا المنتدى إلى "إنشاء منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية بما يتفق ومبادئ القانون الدولي، وتدعم جهودهم في الاستفادة من احتياطاتهم واستخدام البنية التحتية وبناء بنية جديدة، وذلك بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم".

وطلب الوزراء، بحسب نص الإعلان، من كبار المسئولين في الدول السبع "بدء محادثات رسمية حول هيكل المنتدى"، وعرض اقتراحاتهم بهذا الصدد على الاجتماع الوزاري المقبل المقرر عقده في أبريل 2019.

واتفق وزراء الطاقة لتلك الدول المشاركون في المنتدى، على أن الأهداف الرئيسية لمنتدى غاز شرق المتوسط ستتضمن ما يلي:

1. العمل على إنشاء سوق غاز إقليمي يخدم مصالح الأعضاء، من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية.

2. ضمان تأمين العرض والطلب للأعضاء، مع العمل على تنمية الموارد على الوجه الأمثل، والاستخدام الكفء للبنية التحتية القائمة والجديدة مع تقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية.

3. تعزيز التعاون من خلال خلق حوار منهجي منظم وصياغة سياسات إقليمية مشتركة بشأن الغاز الطبيعي، بما في ذلك سياسات الغاز الإقليمية.

4. تعميق الوعي بالاعتماد المتبادل والفوائد التي يمكن أن تجنى من التعاون والحوار فيما بين الأعضاء، بما يتفق ومبادئ القانون الدولي.

5. دعم الأعضاء أصحاب الاحتياطات الغازية والمنتجين الحاليين في المنطقة في جهودهم الرامية إلى الاستفادة من احتياطاتهم الحالية والمستقبلية، من خلال تعزيز التعاون فيما بينهم ومع أطراف الاستهلاك والعبور في المنطقة، والاستفادة من البنية التحتية الحالية، وتطوير المزيد من خيارات البنية التحتية لاستيعاب الاكتشافات الحالية والمستقبلية.

6. مساعدة الدول المستهلكة في تأمين احتياجاتها وإتاحة مشاركتهم مع دول العبور في وضع سياسات الغاز في المنطقة، مما يتيح إقامة شراكة مستدامة بين الأطراف الفاعلة في كافة مراحل صناعة الغاز.

7. ضمان الاستدامة ومراعاة الاعتبارات البيئية في اكتشافات الغاز وإنتاجه ونقله، وفي بناء البنية الأساسية، بالإضافة إلى الارتقاء بالتكامل في مجال الغاز، ومع مصادر الطاقة الأخرى خاصة الطاقة المتجددة وشبكات الكهرباء.

المصدر: وكالات+ روسيا اليوم