رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل 50 صفحة كتبها ترامب لإشعال الشرق الأوسط بعد «العيد»

السيسي وترامب
السيسي وترامب


أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، أنّها ستعلن عن خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمعروفة إعلاميًا بـ«صفقة القرن» بعد شهر رمضان مباشرة.


هذا الإعلان أثار الجدل على المستوى العربي والدولي، وتباينت ردود فعل الدول العربية والدولية على هذا الإعلان المفاجئ، لاسيما وأن هذه الصفقة ما زالت غير معروفة سوى لأمريكا.


ويرفض الفلسطينيون مناقشة أي مخطط للسلام مع الولايات المتحدة، منذ اعتراف إدارة ترامب في عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورفض أي اتفاق لا يتناول وضع القدس أو حق اللاجئين في العودة.


العيدية مرفوضة

ووصفت الخارجية الفلسطينية تصريحات واشنطن حول موعد الإعلان عن صفقة القرن بـ«العيدية» التي لا يحتاجها الشعب الفلسطيني، مؤكدةً أن الفلسطينيين لن يبيعوا وطنهم ولن يتخلوا عن حقهم.


وأكدت الخارجية الفلسطينية أن أية خطة أو مقترح أو صفقة لا تبنى على أساس حل الدولتين، مصيرها الفشل و«مزابل» التاريخ، وسيتم رفضها جملة وتفصيلا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا وأوربيًا ودوليا.


وأشارت الوزارة في بيان لها، إلى أنّ فريق الرئيس ترامب يواصل حملته الدعائية المضللة للرأي العام العالمي والمسئولين الدوليين والعالمين العربي والإسلامي، عبر الإدلاء بتصريحات ومواقف إعلامية بشأن ما تسمى «صفقة القرن» ولا تخلو تلك التصريحات من بعض التسريبات والاعترافات الخاصة بمضمونها ومرتكزاتها ومنطلقاتها.


وأضافت الوزارة في بيانها «من الواضح أن مصلحة أمريكا كما تراها إدارة ترامب تتطابق تماما مع مصلحة إسرائيل كدولة احتلال، خاصة وأن المسئول في البيت الأبيض يعترف أيضا أن حل الدولتين ليس أساس صفقة القرن».


وقالت الوزارة إنه من المؤكد أن فريق ترامب ونتنياهو يعمل للقضاء على المشروع الوطني الفلسطيني برمته، وإن الخطة تستهدف تقويض أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها.


الوطن البديل

ونفت الإدارة الأمريكية صحة التقارير التي تتحدث عن أن الخطة الأمريكية الجديدة للسلام في الشرق الأوسط تتضمن قيام اتحاد بين الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل.


وذكر جيسون جرينبلات، مبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط وأحد القائمين على إعداد صفقة القرن، في تغريدة نشرها على حسابه في "تويتر": "الأردن حليف قوي للولايات المتحدة، ولا صحة لشائعات أن رؤيتنا للسلام تتضمن اتحادا بين الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية أو أن هذه الرؤية تسعى إلى أن يكون الأردن وطنا للفلسطينيين. من فضلكم لا تنشروا الشائعات".


وكشف مبعوث الرئيس الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، عن حقيقة تسليم جزء من سيناء لغزة، كجزء من عملية صفقة القرن.


وقال «جرينبلات» في تدوينة على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، إن ما يتداوله البعض في تقارير إعلامية عن تسليم الولايات المتحدة جزءا من سيناء لفلسطين، كجزء من عملية السلام «غير صحيح».


وقال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، ناثان سيلز، إنّ بلاده تتخذ تدابير وقائية، تحسبًا لمعارضة «صفقة القرن».


السيناريو الأقرب

وفي ظل التعتيم الإعلامي على تفاصيل صفقة القرن من الجانب الأمريكي، وضع خبراء فلسطينيون سيناريوهات لهذه الخطة.


ومن بين كل تلك السيناريوهات، يعتقد خبراء فلسطينيون، أن سيناريو إسقاط حل الدولتين ومنح الفلسطينيين حكما ذاتيا في غزة وأجزاء من الضفة هو الأكثر تماشيا مع ما يجري على الأرض.


وقال الكاتب السياسي الفلسطيني، فايز أبو شمالة، لوكالة الأناضول التركية، إنّ «صفقة القرن تعتمد على ما هو قائم، والذي رسمه الاحتلال الإسرائيلي على مدار سنوات بالضفة وغزة والقدس».


وتابع: «التصور الأكثر واقعية لصفقة القرن هو الاعتراف بالمنطقة ج في الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية، ومنح الفلسطينيين ما يشبه الحكم الذاتي في المنطقتين أ وب، مع سيطرة أمنية إسرائيلية بتلك المناطق».


ورأى أن «قضية اللاجئين محسومة بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، وهو رفض عودتهم إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، وإعادة عدد قليل منهم، في حال رغبوا، إلى أراضي الحكم الذاتي الفلسطينية والعمل على توطين البقية».


وتابع أن السلطة الفلسطينية لن تتمكن من اتخاذ أي خطوات عملية لمواجهة الصفقة؛ بسبب النفوذ الإسرائيلي القوي في الأراضي الفلسطينية، وعدم وجود موقف عربي قوي مساند لها.


ورجح الخبير السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، أن "الخطة الأمريكية لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، بينما ستنص على حكم ذاتي محدود بالضفة الغربية، مع استمرار حصار غزة، والعمل على بقاء الانقسام الفلسطيني".


واستدرك: "الموقف العربي لن يكون موحدا، فدول عربية سترفض الصفقة بشكل قاطع، بينما ستقبلها أخرى بل وتروج لها، وفريق ثالث سيعرب عن توجسه منها، ولن يرفضها أو يقبلها".


مصيرها الفشل

وأثار جيرار آرو السفير الفرنسي في الولايات المتحدة، جدلا كبيرا، وهو يغادر منصبه للتقاعد، عندما قال، إنه قريب من جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي لشئون الشرق الأوسط، وأن كوشنر يعتمد، في رؤيته لصفقة القرن، على الحقيقة القائلة بأن الطرف الأقوى في أي مفاوضات هو الذي يفرض شروطه، وأن صفقة القرن ستكون، بالتالي، قريبة جدا لما يريده الإسرائيليون، كاشفا أنها تقع في 50 صفحة، معتبرا أن احتمالات فشلها تصل إلى 99٪، نظرا لأن ترامب يستطيع الضغط على طرف وحيد، في هذه المفاوضات، وهو إسرائيل، خصوصا بعد أن قدم لها كل شيء وأصبح الشخصية الأكثر شعبية لدى الرأي العام الإسرائيلي، وهو رهانه الأول وفقا لـ«كوشنر».

وأكد الكاتب الإسرائيلي، جاكي خوجي الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية في مقاله بصحيفة «معاريف»، أن صفقة القرن لدفع عجلة السلام التي يسعى إليها ترامب مصيرها الفشل.


وأضاف، أنه مع اقتراب إعلان صفقة القرن، فإن الإدارة الأمريكية تتبع طريقة جديدة لإدارة عملية السلام، تقوم على أساس أنه في حال عارض الصفقة أحد الطرفين، الفلسطيني أو الإسرائيلي، فسيتلقى ضربات على رأسه، ثم يتم تدبر الأمور.


وأضاف جاكي، أنه وفقا للتسريبات غير الرسمية الخاصة بالصفقة، فإنها تشمل انتعاشا اقتصاديا بصورة أساسية قائمة على تبرعات بمليارات الدولارات لترميم الاقتصاد الفلسطيني، وسلسلة مبادرات لتطوير التنمية في الضفة الغربية وقطاع غزة.


وأشار إلى أن صفقة القرن ستطلب بعض التنازلات السياسية الإسرائيلية، لكنها لا تصل إلى الحد الذي يسعى إليه الفلسطينيون، فالقدس لن يتم تقسيمها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية لن يتم إخلاؤها، وسيبقى كل ذلك حبرا على ورق، دون أن ينتقل إلى التطبيق من الناحية العملية.


أحلام الفلسطينيين تتبخر

وفي مقال للكاتب الإسرائيلي «آيال زيسر» أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في الجامعات الإسرائيلية، نشرته الصحيفة «إسرائيل اليوم» أوضح أن الفلسطينيين يعتقدون أن صفقة القرن ستجعلهم يرون أحلامهم الوطنية «تتبخر»، وقد كانوا ينتظرون أن يقدم لهم المجتمع الدولي مطالبهم على طبق من ذهب، ويتقبل دعاواهم ضد إسرائيل.


وأكد أن صفقة القرن لا تشمل الإعلان عن دولة فلسطينية، ولا تتضمن انسحابا إسرائيليا من كل أنحاء الضفة الغربية وفق حدود العام 1967، ولذلك ففي أعقاب الرفض الفلسطيني المعلن للصفقة، من المتوقع جدا أن تحذو الدول العربية حذو الموقف الفلسطيني، لأنها لا تستطيع الوقوف في وجه الرأي العام العربي، وتظهر كمن باعت القضية الفلسطينية مقابل مساعدات اقتصادية أمريكية.


مزاعم وخزعبلات وشائعات

وفي الوقت الذي يمتنع فيه البيت الأبيض عن الإفصاح عن ​​تفاصيل الخطة الاقتصادية التي ترتكز إليها التسويات السياسية التي تسعى الإدارة الأميركية إلى إبرامها في إطار "الصفقة". زعمت مصادر مقربة من الفريق المخصص بصياغة "صفقة القرن"، لصحيفة "يسرائيل هيوم" أن الخطة تنص على استثمار نحو 25 مليار دولار في الضفة الغربية وقطاع غزة على مدى عقد من الزمن.


وزعمت المصادر أنه في سياق "الصفقة"، سيتم تحويل مبلغ 40 مليار دولار إضافيًا إلى مصر والأردن ولبنان إذا وافقت هذه الدول على المشاركة في المبادرة.

وأشارت إلى أنه ستتم جباية هذه المبالغ من دول خليجية، بالإضافة إلى مساهمة من الولايات المتحدة.


ونقلت الصحيفة العبرية، عن أحد الدبلوماسيين العرب، "الإدارة الأمريكية تدرك أن الأردن سوف يجد صعوبة في دعم الخطة كما هو مبين حاليًا في تقارير وسائل الإعلام، بدون دولة فلسطينية ودون أي حل لمشكلة اللاجئين".


وأشارت إلى أن العاهل الأردني عبد الله الثاني كان قد قال خلال اجتماع مع زعماء يهود في الولايات المتحدة إنه "لا يعرف تفاصيل الخطة الأمريكية".


وأفادت الصحيفة بأن "الإدارة الأمريكية تُدرك أن الأردن ومصر ودول عربية أخرى سوف تجد صعوبة في دعم خطة لا تشمل دولتين وعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية"، وتأمل واشنطن ألا يكون الرد العربي رفضًا تامًا للخطة.


وزعمت الصحيفة، أن البيت الأبيض يعوّل على علاقات كوشنر الوثيقة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ونظيره الإماراتي محمد بن زايد في نجاح الخطة.

وزعمت “صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أن الولايات المتحدة الأمريكية، طلبت من الأردن توطين مليون لاجئ فلسطيني، مقابل استثمار 45 مليار دولار بالمملكة.


وبحسب الصحيفة سيتم نقل أراضي أردنية للسيادة الإسرائيلية، مقابل نقل أراضي سعودية بنفس الحجم والمساحة، للسيادة الأردنية.


الدم المصري غالي

يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الهدف من هذه الصفقة هو الحفاظ على أمن إسرائيل وتفوقها العسكري على كل الدول العربية لمدة 100 سنة قادمة، مشيرا إلى أن كل ما يقال عن أخذ جزء من سيناء وحصول مصر على مائة مليار دولار مرفوض شكلا وموضوعا، الشعب المصري والدولة المصري لن تفرط في ذرة رمل واحدة من سيناء، سيناء التي استشهد من أجلها أكثر من مائة ألف مصري، وروت دمائهم أرض سيناء في الحروب التي خاضتها مصر مع إسرائيل، بخلاف الذين استشهدوا بسبب محاربة الإرهاب، وهذا الدم المصري غالٍ جدا، وسيناء هي مسرح العمليات القادمة بنص القرآن الكريم، مؤكدًا أن الموافقة على هذه الصفقة يُعد رضوخًا لأمريكا واستسلامًا تامًا لها.


وأضاف «درويش»، أن فرض أمريكا هذه الصفقة بالقوة هو لصالح العرب، لأنه ربما يؤدي إلى  توحيد الدول العربية تحت لواء واحد، وتصبح كلها ضد أمريكا، ورب ضارة نافعة، لأن أي تهديد للأمن القومي يؤدي إلى توحيد الناس، لأن ذلك مسألة حياة أو موت ومسألة هوية وطنية يتم محوها من الوجود، مشيرا إلى أن قيام ترامب بتسليم القدس والجولان لإسرائيل رغم الرفض العربي والدولي يؤكد أن الموضوع منتهٍ، وبالتالي على العرب أن يفيقوا ويتحدوا تحت لواء واحد، لأن الخطة والمؤامرة أكبر من أي دولة عربية، لأنها تقوم على  تدمير الدول العربية بالكامل ومحوها من الوجود، أمريكا ستفعل بالعرب كما فعلت مع الهنود الحمر ومحتهم من الوجود، وعلى العرب أن يقرءوا السجل الإجرامي لأمريكا والغرب، وأن يعلموا أن الغرب هو من زرع الشر والفساد واليهود في العالم العربي.


وتابع: المؤامرة على العرب أكبر من صفقة القرن، العرب غير مدركين لما سيحدث لهم بعد صفقة القرن، وعلى العرب أن يفهموا أن الجيش المصري هو السند الوحيد لهم، وأن الدولة المصرية هي الأم وهي القيادة، وأن يضعوا أيديهم في يد الدولة المصرية ويتوحدوا لتشكيل جيش عربي حر واحد، حتى لا يفرض أحد إرادته عليهم، وهذا النداء هو للشعوب العربي وليس للملوك أو الرؤساء، حتى تشهر بحجم المؤامرة القادمة عليهم.


ويستبعد أحمد عبد الحفيظ، القيادي الناصري، أن تشمل هذه الصفقة على تبادل أراضي كما يتردد، ولكنها ستقوم على إقامة مشروعات اقتصادية مشتركة بين الدول العربية وإسرائيل وتحول إيران إلى العدو الرئيسي، وينتهي موضوع الصراع العربي الإسرائيلي نهائيا، متوقعا أن يتم رفض هذه الخطة من جانب الإسرائيليين والفلسطينيين، لأن الفلسطينيون رفضوا ويرفضون موضوع التوطين خارج الأرض، وإسرائيل مسيطرة ومهيمنة على الأراضي الفلسطينية بالكامل، وبالتالي ليس من مصلحتها هذه الصفقة،  مشيرا إلى أن ما يتم نشره في الإعلام الإسرائيلي مشكوك في صحته.