رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ورطة «الرجل الثانى» تفجر غضب «الطيب».. وقصة الإطاحة بـ«مهندس» تجديد الخطاب الدينى

أحمد الطيب - أرشيفية
أحمد الطيب - أرشيفية


في إطار حملة التخلص من قيادات الأزهر أصحاب المناصب الكبيرة، وفى خطوة غير متوقعة من جانب جميع العاملين داخل مجمع البحوث الإسلامية، غادر الدكتور محيي الدين عفيفي، أمانة مجمع البحوث الإسلامية بعد توليه المنصب لمدة خمس سنوات، ابتداءً من يوليو 2014، عقب انتهاء فترة ندبه أمينًا عاما لمجمع البحوث الإسلامية.


ويترقب جميع العاملين بمجمع البحوث الإسلامية، الذى يضم بين طياته 50 عضوا من كل العلوم والتخصصات، بينهم 20 عضوا من دول عربية مختلفة، من الذى سيقع عليه الاختيار من قبل الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لكى يخلف «عفيفى» فى رئاسة المجمع.


البداية كانت بقرار مفاجئ صدر من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بإلغاء ندب الدكتور محيي الدين عفيفي من منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والعودة للعمل كأستاذ بجامعة الأزهر، وسادت حالة من الغموض داخل مشيخة الأزهر بشأن قرار التخلي عن الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، حيث أرجع البعض داخل المشيخة القرار إلى أن الإمام الأكبر قرر إقالته، في حين أكد المقربون من مكتب «الطيب» أن فترة ندب الدكتور محيي الدين عفيفي انتهت.


المفاجأة أن الدكتور محيي الدين عفيفي يعد من المقربين لـ«الطيب»، ويطلق عليه «مهندس ملف تجديد الخطاب الديني»، وكان دائمًا يساند الإمام الأكبر ضد الانتقادات التي وجهت للأزهر في هذا الملف، كما أن الدكتور محيي الدين عفيفي، واحد من أبرز الشخصيات الرائدة في مجال الدعوة، فبعد نجاحه في تطوير مهام لجان الفتوى وتنوع مقراتها بالمحافظات لتصل إلى 211 مقرًا على مستوى الجمهورية، وجد الأزهر ضالته في التفاعل مع المواطنين من خلال تجربة وعظ المقاهي، مرورًا بالندوات الثقافية في المقار الشرطية وغيرها، إلى أن شهدت تجربة «مقار الفتوى» بمترو الأنفاق والمعروفة بأكشاك المترو نجاحًا كبيرًا رغم المطالب برحيلها. وكان له دوره الرائد من خلال المشاركة في عدد كبير من جلسات الحوار المجتمعي مع الشباب في مختلف محافظات الجمهورية، وتقديم رؤى علمية للنهوض بالعملية التعليمية في كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة وكلية العلوم الإسلامية للوافدين، كما وضع برنامجا تعليميا للارتقاء بالمستوى العلمي للطلاب الوافدين بكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة وكلية العلوم الإسلامية للوافدين.


كما نجح الأخير فى إحداث طفرة كبيرة فى تطوير نشاط المجمع من حيث تدريب وتأهيل الوعاظ لكل المستجدات وقضايا العصر، تلبيةً لاحتياجات المجتمع، فضلا عن جهوده فى تطوير العمل الدعوى بالمجمع، ونجاحه فى زيادة حصيلة مؤلفات المجمع بآراء عصرية مستنيرة، والعمل بكل قوة على تطوير لجان الفتوى بالمجمع فى شتى محافظات الجمهورية. والدكتور محيى الدين عفيفى حاصل على ليسانس الدعوة الإسلامية – كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة عام 1984 م – تقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف، والماجستير – كلية أصول الدين بالقاهرة بالقاهرة 1991 تقدير ممتاز، والدكتوراه – كلية أصول الدين بالقاهرة 1994 م تقدير "مرتبة الشرف الأولى"، كما حصل على درجة أستاذ مساعد 1999م،و على درجة أستاذ 2006 م.


وبحسب ما أكدته مصادر داخل مؤسسة الأزهر الشريف، فهناك صراع بين صانعي القرار بالمؤسسة بشأن اختيار خليفة محيى الدين عفيفي فى رئاسة مجمع البحوث، فيتجه البعض إلى الإتيان بأحد أساتذة جامعة الأزهر الكبار أمينا عاما للمجمع، بينما يرى البعض الإتيان بأحد الشخصيات الأزهرية الكبرى بالمجمع بديلا لـ"عفيفي، ومن المقرر خلال الساعات المقبلة قيام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بإصدار قرار بتكليف الدكتور سعيد عامر الأمين العام المساعد، بمسئولية الأمانة قائمًا بالأعمال، وذلك لحين التوافق على شخصية الأمين العام للمجمع.


على الجانب الآخر فهناك وشروط ولوائح تعيين الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، من أبرزها أن يكون عاملا، أى على قوة العمل، وليس أن يكون قد خرج على المعاش، حتى وإن كان عضوا بالمجمع وهو على المعاش فلا يحق له أن يتعين أمينا عاما بالمجمع. وأنه طبقًا للوائح المنظمة فى هذا الصدد، يصدر شيخ الأزهر قراره بتعيين أمين عام المجمع بموجب قرار رسمي يصدر عنه، حتى وإن كان من غير أعضاء المجمع أو حتى من غير خريجي الأزهر، ولكنه وفقًا لما جرت عليه العادة، فمن الأفضل أن يقع الاختيار على شخصية أزهرية، وذلك لكون المجمع يتصدر مناقشة العديد من القضايا والملفات الدينية، ورأيه يكون عاملا مهمًّا فى كثير من مواقف الأزهر الشريف تجاه قضايا المجتمع والأمة العربية والإسلامية.


وشهدت الفترة الماضية الموافقة وبالإجماع على دخول ستة أعضاء جدد في عضوية مجمع البحوث الإسلامية، هم: الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق، والدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمد أبو زيد الأمير، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحرى، والدكتور محيى الدين عفيفي الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية، والدكتور جمال أبو السرور رئيس المركز الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر".


في السياق ذاته، يواجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أزمة حقيقية، في ما يتعلق بتسكين المناصب القيادية داخل هيئات الأزهر، خاصة بعد حملة التخلص من جميع قيادات الصف الأول بالأزهر، وكانت البداية بالدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، ثم المستشار محمد عبد السلام، المستشار القانوني للمشيخة، ثم مؤمن متولي، الأمين العام لمشيخة الأزهر، وأخير الدكتور محي الدين عفيفي، المفاجأة أن أغلب المؤسسات تدار عن طريق الندب كقائم أعمال وليس بقرارات تعيين رسمية ونهائية، باستثناء رئاسة جامعة الأزهر التى بدأت بقرار ندب ثم انتهت إلى التعيين رسميا لمدة 4 سنوات للدكتور محمد المحرصاوى، من قبل رئاسة مجلس الوزراء، أما دون ذلك كوكالة الأزهر فتدار بالندب كقائم أعمال، وكذلك قطاع المعاهد الأزهرية، الأمر الذى يمثل تحديا كبيرا أمام الطيب، بحسب حديثهم.


ففي سابقة تعد الأولى من نوعها، أن يتولى منصب وكيل الأزهر، الرجل الثاني بمؤسسة الأزهر الشريف بعد شيخ الجامع الأزهر، بصفة قائم بأعمال، فعقب رفض مؤسسات الدولة المعنية، التجديد للدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق، فى سبتمبر العام الماضي، والذى شغل المنصب وكيلا للأزهر لمدة خمس سنوات ابتداء من سبتمبر لعام 2013، كلف شيخ الأزهر، الشيخ صالح عباس، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، بتسيير أعمال وكيل الأزهر الشريف، خلفا للدكتور عباس شومان،وحتى الآن لم يجد الطيب الشخصية المناسبة لتولي منصب وكيل الأزهر بشكل رسمي.


الأمر أيضا يوجد فى رئاسة قطاع المعاهد الأزهرية، تلك الجهة المنوط بها الإشراف التام على جميع المراحل التعليمية بالأزهر تحت الجامعى، ابتداء من رياض الأطفال وصولا إلى الثانوية الأزهرية، فعقب تولي الشيخ صالح عباس، مهام تسيير أعمال وكيل الأزهر الشريف، كلف شيخ الأزهر الإمام الطيب، الشيخ على خليل، رئيس الإدارة المركزية لشئون التعليم بالمعاهد الأزهرية، بتسيير أعمال رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، خلفا لصالح عباس.


وحتى الآن يرفض الطيب إصدار قرار رسمي بالشخصية التي ستتولي منصب رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، رغم أن التوقعات تؤكد تكليف الشيخ على خليل لهذا المنصب ولكن الشيخ يرفض اعتماد القرار ويقال إنه غير مقتنع به.


نفس الأمر يسير في اتجاه أن يترأس أمانة مجمع البحوث الإسلامية شخصية بطريقة تسيير الأعمال، وذلك عقب انتهاء فترة ندب الدكتور محيى الدين عفيفي، الأمين العام السابق لمجمع البحوث، لتصبح بهذه الصورة كبرى المؤسسات التابعة للأزهر، تدار بطريقة تسيير الأعمال، على الرغم أن تعيين قائم بأعمال لرئاسة أمانة مجمع البحوث الإسلامية تعتبر السابقة الأولي على مدار تاريخ الأزهر.


ووفقًا للمعلومات، فإن الإمام الأكبر شيخ الأزهر يواجه أزمه كبرى في إيجاد «الرجل الثاني» بالمشيخة لتولي المناصب الشاغرة، والذي يتميز بالكفاءة والقدرة على إدارة المنصب، بجانب أن «الطيب» يريد شخصيات يثق فيها كما كان الأمر بالنسبة للقيادات السابقة التي تم الاستغناء عنها مؤخرا؛ بعد ضغوط كبيرة من قبل الإعلام وبعض القوى السياسية على مشيخة الأزهر للتخلص من تلك القيادات، ولذلك فإن الإمام الأكبر شكل أكثر من لجنة لاختيار الأصلح لتلك المناصب ومازالت اللجنة ترشح الأسماء إلا أن «الطيب» لم يستقر بعد عليها وهناك تحفظات على بعضها.