رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالصور.. «6» رحلات ترصد حكاية «أم روح حلوة» في مواجهة التنمر

محررة النبأ مع إسراء
محررة النبأ مع إسراء


منذ ما يقرب من العشرين عام، ولدت إسراء، في أسرة بسيطة، كانت الابنة الأولى لوالديها، وشاء القدر أن تولد الطفلة مصابة بما يسمى بالـ«الشفة الأرنبية»، وهذا المرض نادرا، لا يصاب به الكثيرين، وقد كان لها نصيب منه، ليغير مجرى حياتها، ويميزها عن غيرها.

الرحلة «1» تنمر الأقارب

ورضي والديها بما قسمه الله لهما مع مولودتهما الأولى، على الرغم من نظرات الشفقة التي عانوا منها في بداية الأمر سواء ممن يعرفونهم أو ممن هم غرباء عنهم، لكنهما حاولوا تقبل كل ذلك، وعزموا على معالجة ابنتهما بكل ما لديهم من جهود مادية ومعنوية، حتى كان عمرها مع أول عملية تجريها في حياتها لا يتعدى العشرة أيام، ولم يتوقفوا عند ذلك الحد، بل وصل مجموع العمليات التي أجرتها «إسراء» حتى وصلت لعامها العشرين عشر عمليات، 6 منهم نجحت، والأربعة الأخرين باؤوا بالفشل.


ورزق الله والد «إسراء» بأربعة أطفال غيرها، لكنها تظل أول فرحته، لن ينسى عندما وصلت ابنته لسن السادسة وحان دخولها المدرسة للتعلم وتكتسب مهارات الحياة كغيرها ممن هم في مثل عمرها، لكن كانت المفاجأة بعدم قبولها في أي مدرسة حاولوا أن يتقدموا فيها بطلب التحاقها للتعليم، وصل عدد المدارس التي رفضت استقبالها لـ25 مدرسة، وكان السبب أنهم يروا أن مدارس التأهيل لذوي الاحتياجات الخاصة هي الأولى بها، برغم أن قدراتها العقلية طبيعية 100%.



الرحلة «2» التنمر المدرسي

ومن جانبها، حاورت «النبأ»، «إسراء»، لتوضيح تجربتها مع التنمر فقالت:«أنا عندي إعاقة جسدية، وليست ذهنية، وأهلي حاولوا على قد ما يقدروا إني التحق بالمدرسة، لحد ما قدموا الملف بتاعي من غير صور، وساعدهم واحد قريبنا، واتقبلت في المدرسة، ما روحتش المدرسة أول سنة لحد أيام الامتحانات، أمي كانت بتعلمني في البيت، ولما وصلت المدرسة أول أيام امتحانات كل العيال سابوا اللجنة وخرجوا يصرخوا ويقولوا «في عو جو الفصل»، وأنا قاعدة مكاني بعيط وما اتكلمتش، وامتحنت ونجحت وحاولت اتعود أروح الدرسة في سنة تانية، وأواجه كلام الناس، زي ما بواجه نظرات قرايبنا اللي كانت بتوجعني لما احسهم بيشفقوا عليا، وبدأ يكون عندي صحاب من سنة تالتة ابتدائي».


وتابعت: «كان في مدرسين كتير بيحفزوني أكمل تعليمي، ويدعموني ويشكروا في حسن خطي بالرغم من كوني بثلاثة أصابع، حتى أثار ذلك غيرة بعض زملائي فطلبت من الأستاذ ألا يمدح في خطي بهذا الشكل حتى لا أسبب مضايقتهم، وواجهت غيرهم من المعلمين اللي كانوا بيجرحوني لما يقلدوا نبرة صوتي بشكل استهزائي، أنا شكلي عارفاه، ومقدرة نظرات عدم تقبلي، لكن بسمع صوتي طبيعي، ليه يقلدوه بالشكل دا ويوجعوني!، كنت بعيط كتير، لما ييجي أستاذ ويقولي "أخرك معانا السنة دي ومش هتكملي، لإنك مش هتقدري تكملي، تتعلمي ليه وانتي كدة"، وكنت بنجح كل سنة ولما اقابلهم يعيدوا عليا نفس الجملة».



الرحلة «3» التنمر في الشارع

وواصلت: «من 3 سنين، نشرت فيديو علي فيسبوك، بتكلم فيه عن أنواع الناس اللي بقابلها في حياتي، منهم الإيجابي اللي بيتعامل معايا بشكل طبيعي، ولو معايا شنط تقيلة يشيلها عني، ومنهم السلبي اللي بيخاف مني، مشهدي في أغنية "قتل عمد"، بيوضح الصورة زي ماهي كدة، ممكن أعدي جمب ولدين في الشارع، فيفضلوا يرددا "خطيبتك يالا، شوف خطيبتك ياض"، ويضحكوا، ولو ركبت الميكروباص وقعدت جمب ست كبيرة، الاقيها تمسك إيدي وتحطها على رجليها وتقولي "انتي بركة، اشفيلي رجليا ببركتلك"، وفي ستات بتضرب أولادها الصغيرين لما يبصوا عليا، ودا بيخليهم يخافوا مني أكتر، الفيديو جاب 3 ملايين مشاهدة، ومن وقتها والناس عرفتني بحكايتي، واستقبلوني في برامج تليفزيونية بتواجه التنمر».


وتوضح «إسراء»، أنها استقبلت دعوات لحضور ندوات كثيرة في التنمية البشرية، لتوضيح تجربتها من خلال كل المواقف الحياتية التي تعرضت لها علي أرض الواقع، وكيف أنها استقبلت كلام والدة صديقة لها عندما كانت تريدها أن تكتب واجبها المدرسي فقالت لها "لو ما كتبتيش الواجب هوديكي لأم إسراء تعمل فيكي اللي عملته فيها دا بالظبط"، ومع ذلك قررت أن تكمل حياتها بشكل طبيعي ولا يوقفها أحد، لم تستسلم للتنمر، حتى تعيش حياة طبيعية كغيرها ممن خلقهم الله ليؤدوا رسالتهم في الحياة.

وتعتبر «أم روح حلوة» كما أطلقوا عليها معجبيها من السوشيال ميديا، أن ما يجعلها مختلفة عن غيرها من البشر هو الشكل الظاهري، وأنه طالما اختارها الله لهذا الاختبار، فليس من حق أي أحد أن يعترض على ذلك، حتى أنها تذكرت كيف واجهت الأيام التي قاموا فيها معلمينها بوضعها في لجان خاصة حتى لا يحدث «هرج ومرج»_على حد وصفهم _ من الطلبة أثناء الامتحان والسبب عدم تقبلها بشكل طبيعي، كما كانت تواجه أثناء خروجها في أحد الأماكن العامة من المتواجدين بها، ومن يقوم من جلسته مرددا "لا مش قادر استحمل القعدة هنا، جسمي قشعر من المنظر"، ويترك المكان ويغادر.




الرحلة «4» تنمر أول حب في حياتها

تذكرت «ام روح حلوة»، أول حب في حياتها وهي صغيرة، لأنها كأي فتاة تمتلك من المشاعر ما يؤهلها للتعلق بالجنس الأخر ممن تراه مناسبا لذلك، لكنها عندما فكرت أن تبوح له، صدمت بسماعه يقول لها "انتي اللي زيك ما ينفعش يحب يا إسراء، خلصي عملياتك الأول وبعدين حبي براحتك، إحنا الأولاد بنحب الجمال، ربنا خلقنا كدة زي ما خلقك كدة بالظبط"، وذكرت ذلك في كتابها «روح حلوة».


الرحلة «5» محاولة دعم

وبالرغم من كونها عانت منذ ولادتها من التنمر، إلا أنها كانت سببا قويا في دعم غيرها ممن تواجههم المشاكل المشابهة، اتصل بها ذات مرة مهندسا تعرض لحادث أدى لتشوه وجهه، واصيب بالاكتئاب بعد رفضه من الشركة التي كان يعمل بها، لأنه اصبح غير مناسب لواجهة الشركة، تابع مع دكتور للأمراض النفسية، وكان على وشك الانتحار، فقام طبيبه بعرض صفحتها على فيسبوك، وقال له "انظر وتعلم"، من وقتها وهو يعتبرها دعم له، حتى قال لها في رسالة نصية "خليكي قوية زي ما انتي، لإنك طول ما انتي موجودة مقوياني".



الرحلة «5» كتاب «روح حلوة»

قررت «أم روح حلوة» أن تكتب كل المواقف التي عاشتها في حياتها وعانت منها من تنمر غيرها في كتاب يحكي كل ذلك ويعظ من يهمه الأمر، وأطلقت عليه كتاب «أم روح حلوة»، لتحكي فيه ايضا عن كل من قابلتهم في ندوات التنمية البشرية يعانوا من مشاكل ما، ولا يسمع بهم ولا عنهم أحد، فترى أنه من حق أي إنسان أن يعيش حياته متحديا ظروفه حتى يواجه أي تنمر يمكن أن يكون حائل بينه وبين تحقيق حلمه.


واختتمت «أم روح حلوة»، حديثها عن مدى حبها لأخولتها قائلة: "انا أكبر واحدة في أخواتي، كلهم بيحبوني، لأن الأخت الكبيرة دايما بتشارك في تربيتهم، ولما بيقروا أي انتقاد ليا من أي حد سواء على السوشيال ميديا أو على أرض الواقع بيزعلوا عليا لكن عمرهم ما بيزعلوني، واللي شايف إني بستغل مرضي في الشهرة، ما يعرفش إن تقويم الأسنان ليه 6 سنين لدلوقتي شغالة عليه، وبتابع مع دكاترة في التأمين الصحي، لاستكمال إجراء العمليات المطلوبة لعلاجي، ومرة تنجح وأخرى تفشل، لكني سأظل متمسكة بالحياة.