رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

صاحبة مبادرة «احتواء مصابي الحروق» تكشف معاناة ضحايا حادث محطة مصر بعد خروجهم من المستشفى «فيديو وصور»

هند البنا
هند البنا

صاحبة مبادرة «احتواء مصابي الحروق» تكشف عن معاناة ضحايا حادث محطة مصر بعد خروجهم من المستشفى

بعد حادث محطة مصر، الذي وقع، الأربعاء الماضي، وأسفر عن وفاة أكثر من عشرين شخصا، وإصابة ما يزيد عن الخمسين بحروق بليغة، شوهت ملامحهم،  يمكنك أن تتخيل شكل حياة التي سيعيشها المصابون عقب التعافي، بعدما تتعرف على «هند البنا»، أحد مصابي الحروق، ومؤسسة حملة«احتواء مصابي الحروق».

تعرضت «البنا» لحادث حريق منذ عشرين عاما، في منزل أبيها، ومن وقتها وهي تواجه التنمر في حياتها، ومعاناة رفض الناس لها، نتيجة ما خلفه الحادث من آثار لازالت موجودة على جسدها حتى قررت أن تنظم مبادرة منذ ما يقرب من أربعة أشهر، أطلقت عليها اسم «احتواء لمصابي الحروق».

حصلت «هند» على بكالوريوس خدمة اجتماعية، إلا أنها لم تحصل على وظيفة، وتأخر زواجها بسبب  إصابة يديها.
حكت «هند» ل«النبأ»، قصتها ومن خلال هذا الفيديو المقدم، توضح «هند» قصتها وهدف الحملة التي تقوم بها، لاحتواء مصابي الحروق بشكل عام، ومصابي حادث مصر بشكل خاص.




تقول مؤسسة حملة «احتواء مصابي الحروق»: «أنا هند البنا، بنت من إسكندرية، أتقهرت كثير، وحسيت بحزن أكثر، وألم من الناس بسبب حادث الحرق الذي تعرضت وأنا عمري 16 سنة، وأنا حاليا عندي 36 سنة، أي منذ عشرين عاما، بعد تغيير أشياء كثيرة بي، نتيجة التأثيرات الحياتية التي تؤثر علينا يوميا، منها حادث الحريق الأخير في محطة مصر، والذي تسبب في تذكري بكل المواقف الماضية التي مرت علي، بالإضافة للرفض الذي تعرضت له من المجتمع الذي أعيش به، في كل وظيفة أقدم لها، أتعرض للرفض، وليس لتشويه وجهي، بل لتشويه يدي، وكم مرة سمعت جملة «أنا أسف ماعنديش شغل ليكي»، وكأنه يعتذر لي عن عدم تقبل وجودي بينهم في المجتمع والدنيا، حتى أنني لم أتزوج حتى الآن بسبب إصابتي، ارتبطت أكثر من مرة ولا يكتمل الموضوع لنهايته بسبب إصابتي».

وتستطرد: «كل من ارتبطت بهم، كنت مصنفة مصابة حروق لدى أهله، إذا علي التنازل عن الكثير من حقوقي، باعتباري "محروقة"، مواطن درجة ثانية، تقبل بنصف كل شيء، نصف المرتب، وتقبل بالتنازل عن معظم حقوقك في الارتباط، لأنك "محروق"، يالها من كلمة ثقيلة، كرهت سماعها طوال العشرون عاما الماضية، سبب مبادرتي التي قمت بتنفيذها منذ 4 أشهر هو مصابي الحروق، ومن قبل حادث محطة مصر، لأن إصابة الحروق هي موضوع صعب ومؤذي جدا ومؤلم للنفس، فلن تتخيل معنى أن يسقط جلدك ويحترق ويفقد البلازما، ويتم تشويه جسدك، مما يؤثر على نفسيتك بعد تيقنك أنك لن تعود كسابق عهدك، لن تعود كما كنت».



وتكمل «البنا» قصتها: «أحزنني التعامل مع الحملة بكل هذا الهدوء، جئت من الإسكندرية إلى القاهرة لدعم مصابي الحروق، ولتأهيلهم مسبقا لكمية التنمر التي سيتعرضون لها عاجلا أم أجلا، أنا متطوعة، وحملتي تقوم على الجهود الذاتية، بالإضافة لجهود بعض الناس، لا أملك المال الذي يساعدني على فتح مقر للحملة، حملتي قائمة على التبرعات ولا تقتصر على توزيع البسكوت والعصير، بل هدفي هو دعمهم، هو محاولة مني _حتى لو صغيرة_ لتغيير مزاجهم النفسي، «حملة احتواء لمصابي الحروق»، تدرك جيدا أن مصابي الحروق لا يحتاجون فقط للدعم النفسي، بل أيضا للعلاج لمدة طويلة، يمكن أن تستمر لشهور، وللمال والعمل، لصعوبة إيجاد فرص عمل جيدة ومناسبة لمصابي الحروق تتناسب مع مؤهلاتهم وليس مع إصابتهم».



وتتابع: «نتيجة للحرق الذي تعرض له مصابي الحروق، أصبح يصنف من المعاقين، لذا أطالب المجتمع المدني والحكومة من خلال حملتي «احتواء لمصابي الحروق»، بضرورة الالتفات لمصابي الحروق، وإعطاؤهم حقوقهم، أنا كمثال لمصابي الحروق، نتيجة لتشويه يدي، ومع أنني أحمل شهادة «بكالوريوس خدمة اجتماعية»، لا أعمل، ولم أتزوج، أكتب أحيانا، وأغني أحيانا، في محاولة مني للتخفيف عن نفسي، ومع ذلك كل هذا لا يمنع كوني أصبحت درجة ثانية في المجتمع، كم مرة ارتبطت ويعتذر لي عن عدم تقبل والدته أو إخوته لإصابتي، وهنا يكمن السؤال  متى سيقوم المجتمع والناس والدولة بدعم مصابي الحروق نفسيا وماديا؟».

وتتساءل «هند»: «هل ستوفر لهم الدولة عمل؟، أو تضمن لهم زواجهم بشكل طبيعي؟، والإجابة عن هذه الأسئلة هي الهدف الأساسي من المبادرة «احتواء لمصابي الحروق»، والتي تختلف عن حملات أي مؤسسة أخرى التي تتوقف على كونها للعلاج فقط، فهدفي هو التأهيل النفسي، لمواجهة عدم توفير فرص العمل أو الزواج، أو تعليم حرف، لتأمين مستقبل أفضل لنا، هدفنا هو أن يتقبلنا المجتمع، يقوم الإعلام بتقديمنا بشكل يليق بنا كأناس طبيعيين، لا باعتبارنا منفرين، لا يحب الكثير من المجتمع أن يشاهد صور لنا، فمثلا أثناء عرض أي مسلسل مصري، واحتوائه لعنصر مصابي حروق، وعرضه بالشكل الذي يليق به، كنوع من تسليط الضوء عليه، سيوفر لنا الكثير من الجهد لتقبل مجتمعنا لنا كجزء منه، يتعاملون معنا بشكل طبيعي، مصاب الحروق هو إنسان مثلك، وليس عفريت لتخاف من التعامل معه، تقبلني بإصابتي ألا يكفيني معاناتي النفسية والجسدية، وكمية التنمر التي أتعرض لها؟، احتووا مصابي الحروق، لأن حقهم مهدر».



وبعد أن قامت الحملة بقيادة «البنا» مع أعضاء المبادرة المتطوعين لها، بالتجول على مستشفيات المصابين، حتى استقر بهم الحال بمستشفى الحسين، اختتمت «هند» حديثها وهي تبكي، على مصابي حريق محطة مصر، باعتبارها أكثر من يشعر بمعاناتهم، وبمدى صعوبة مواجهة الحياة والمجتمع بعد الأثر الذي سيبقى معهم حتى بعد فترة العلاج،  متمنيةأن تحقق هدف حملتها في تقبل المجتمع لمصابي الحروق على أنهم جزء منه، لا كونهم مواطنين من الدرجة الثانية.