رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

انتفاضة السودان: لا تكرروا نفس الأخطاء

عمرو الشوبكي
عمرو الشوبكي


قرر الرئيس السودانى فى خطابه الأخير عدم تعديل الدستور بما يعنى أنه لن يترشح فى الانتخابات القادمة، وتنحّى عن رئاسة حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، ليصبح- كما قال- على مسافة واحدة من كل الفصائل السياسية، وأعلن حالة الطوارئ وشكل حكومة تصريف أعمال وعيّن حكومة الولايات من العسكريين.

يقيناً البشير واحد من أسوأ الرؤساء الذين حكموا السودان لمدة 30 عاما وكان نموذجاً للفشل فى السياسة والاقتصاد وحكمة «الإخوانى» مسؤول عن تقسيم البلد وانفصال جنوبه، ومع ذلك فإن التعامل بمراهقة وانعدام مسؤولية مع ما قدمه يذكرنا بإفشال تجربة الانتقال الديمقراطى فى مصر على يد خطاب ثورى إقصائى تصور أن قضية البلاد فى اختفاء مبارك ورفض التنازلات السياسية التى قدمها وقطع أى فرصة أمام الإصلاح السياسى والدستورى (تعديل دستور 71).

رد فعل تجمع المهنيين السودانيين على خطاب البشير صادم حين رفض ما قدمه وقال: «ندعو الشعب السودانى الحر المنتصر وجموع الثوار للخروج الآن للتظاهر فى كل المدن والأحياء والفرقان، فساعة النصر دنت والنظام فى حالة انهيار».

للأسف هناك إصرار على عدم التعلم من الأخطاء التى جرت فى تجارب الثورات العربية الأخرى، وتصور البعض أن الحل الثورى الحقيقى هو عدم إدارة معركة بالنقاط مع السلطة القائمة، وتصور أن الأنقى والأكثر إخلاصاً هو الذى يبقى طول الوقت متظاهراً فى الشارع، صحيح أن البعض يفعل ذلك عن إيمان وقناعة، ولكن البعض الآخر يفعل ذلك بسوء نية، لأنه يستفيد من حالة الفوضى والانهيار التى يمكن أن تصيب البلد.

يقيناً انتفاضة السودان العظيمة هى تعبير عن ضمير أغلب الناس ووجدانهم، ولكنها بالتأكيد لا تعبر عن كل الناس، كما أن حكم البلد يستلزم توافقاً بين القديم والجديد، خاصة أنه لا توجد قيادة سياسية محل توافق من القوى الشعبية والشبابية، بما يعنى أن رفض ما يطرحه البشير واستمرار التظاهر بغرض إسقاطه دون امتلاك أى بديل يعنى فتح طريق مفروش بالورود للحكم العسكرى الذى سيعتبر عن حق أن المؤيدين والمعارضين فشلوا فى حل خلافاتهم بالدعاوى الإقصائية والثورية.

نتيجة أى مظاهرات بدون بديل سياسى هو مزيد من الفوضى والانهيار حتى يبدأ فى التصاعد تيار شعبى يعلن ضيقه من هذه المظاهرات، وينتظر رجل النظام القوى القادم من الجيش والذى سيخلص البلاد من الفوضى والاحتجاجات اليومية.

على القوى الشعبية والشبابية السودانية أن تستفيد من هذه اللحظة التاريخية وتتعلم من أخطاء جيرانها، وتعرف أن بناء دولة القانون فى السودان يعنى قبول حزب المؤتمر الحاكم فى المعادلة السياسية وعودة حزبى الأمة والاتحاد للعب أدوارهما القيادية وظهور قوى جديدة بما يعنى بداية الطريق لبناء دولة قانون يحرسها فقط الجيش.

نقلًا عن "المصري اليوم"