رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد موافقة 120 نائبًا وتقديم طلب لـ«عبد العال».. بدء تنفيذ خطة التعديلات الدستورية رسميًا

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


يبدو أنّ الأيام المقبلة ستشهد اشتعال «معركة التعديلات الدستورية»، وإنشاء ما يُسمى بـ«المجلس الأعلى لحماية  الدولة»؛ لاسيما بعد المقال الذي نشره الكاتب الصحفى ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة «أخبار اليوم»، بتاريخ 29 ديسمبر الماضي، أي قبل بداية العام الجديد بيومين فقط، وحمل عنوان: «عام الإصلاح السياسي الذي تأخر» وتضمن 1380 كلمة، وكشف فيه عن عدد من المواد التي يجب تعديلها، وأشعلت هذه الكلمات الرأي العام في مصر وشغلت السياسيين على المستويين الدولي والمحلي.


وكشفت مصادر صحفية وبرلمانية، عن أنّ مجلس النواب اقترب من خطوة تعديل الدستور، وأن الحكومة تخطط لإقرار التعديلات الدستورية خلال النصف الأول من هذا العام، كما أن التعديلات المقترحة ستبقي الرئيس عبد الفتاح السيسي في موقعه على رأس السلطة التنفيذية وقمة المؤسسة العسكرية لما بعد عام 2022، وهو الموعد المقرر لانتهاء فترته الرئاسية الثانية والأخيرة بحكم الدستور الحالي.


مجلس حماية الدولة

وقال ياسر رزق فى مقاله: «إذا سارت الأمور في اتجاه الاكتفاء بزيادة سنوات المدة الرئاسية -كنص انتقالي- إلى 6 سنوات، وعدم توسعة مدد الولاية عن مدتين، أو حتى إذا رُئي -وهو ما أستبعده- الإبقاء على النص الحالي، فإنني أرى أن المصلحة العليا للبلاد التي أحسبها مهددة اعتبارًا من شتاء 2021/2022، تقتضى إضافة مادة إلى الدستور تنص على إنشاء مجلس انتقالي مدته 5 سنوات تبدأ مع انتهاء فترة رئاسة السيسي، هو مجلس حماية الدولة وأهداف الثورة».


وأضاف رزق: «على أن يترأس المجلس عبدالفتاح السيسي بوصفه مؤسس نظام 30 يونيو ومطلق بيان الثالث من يوليو، ويضم المجلس في عضويته الرئيسين السابق والتالي على السيسي، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الشيوخ (إذا أنشئ المجلس)، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس المحكمة الدستورية العليا، والقائد العام للقوات المسلحة، ورئيس المخابرات العامة، ورؤساء المجالس المعنية بالمرأة والإعلام وحقوق الإنسان».


وحدد «رزق» اختصاص المجلس بقوله إنه: «يتولى المجلس كمهمة رئيسية له اتخاذ التدابير الضرورية عند تعرض الدولة لمخاطر تستهدف تقويضها أو الخروج على مبادئ ثورة 30 يونيو».


وزعمت تقارير صحفية، أن أحد أعضاء اللجنة التي قامت بصياغة دستور 2014 -والمعروفة باسم لجنة الخمسين- قال إن بهاء أبو شقة، البرلماني والقانوني الشهير ورئيس حزب الوفد، بدأ بالفعل التواصل مع عدد من أعضاء اللجنة السابقين، في إطار ودي ليقول إن هناك حاجة ملحة لتعديل بعض مواد الدستور بسبب أن الحرب على الإرهاب لم تنته وأن هناك تربصًا بمصر ولا يمكن بحال الاستغناء عن السيسي الآن في وسط معركة لم تتحدد نهايتها.


النموذج الأردني والمغربي

أما الكاتب الصحفى خالد صلاح، رئيس مجلس إدارة وتحرير "اليوم السابع"، فقال إنه لا يدعم  على الإطلاق أى ثورة فى العالم العربى خاصة بعد سيطرة الفاشية الدينية على مصر عام 2011 والتى شاهدناها جميعا ودفعنا ثمنها غاليا، مشددا على أن الديمقراطية الكاملة ليست الحل الآن.


وأضاف، أن الجهل والتطرف الدينى والإخوان والدواعش والقتلة فى العالم العربى هم من يمنعون بناء دولة ديمقراطية تحقق مصالح الشعوب".


وشدد على أن الحلول للكثير من الأزمات الراهنة التى يشهدها عالمنا العربى اليوم لا تخرج عن سيناريوهين، الأول هو المستبد العادل الذي يحقق أحلام الشعوب وفق 4 شروط أساسية، هى توفير الأمن وتحقيق معدلات كبيرة من النمو الاقتصادى وضمان عدالة توزيع الثروة واحترام سيادة القانون.


وأشار خالد صلاح إلى أن السيناريو الثانى هو الملكية الدستورية، كما هو الحال فى الأردن والمغرب بنفس الشروط السابقة قائلا: "ده الحل، وأي حاجة غير كده فى ظروف العرب الحالية كارثة" خاصة فى ظل الوضع الراهن للكثير من الدول العربية والذى لا يخفى على أحد.


دعوى قضائية لتعديل المادة 140

كما أجلت محكمة الأمور المستعجلة، الدعوى المستعجلة التي تطالب بإلزام رئيس مجلس النواب بدعوة المجلس للانعقاد لتعديل نص المادة 140 من الدستور في ما تضمنته من عدم جواز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمرة واحدة لمدة 4 سنوات، وتعديل هذه الفقرة بما يسمح بإعادة انتخاب الرئيس لمدد مماثلة طالما وافق الشعب على ذلك من خلال استفتاء يدعى له جميع عناصر الأمة.


وطالب ممثل هيئة قضايا الدولة، تأجيل الدعوى، للاطلاع والرد والاستعلام من الجهة الإدارية، حيث أجلت المحكمة الدعوى إلى 20 يناير الجارى.


وعلق الدكتور مصطفى السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، على هذه الدعوى، وكتب على صفحته على «الفيسبوك»: «لا أعرف من الذي نصح بعض المواطنين باللجوء إلى محكمة الأمور المستعجلة لمطالبة مجلس النواب البدء بتعديل المادة 140 التي تحدد مدة رئيس الجمهورية بأربع سنوات، وتحظر انتخابه مدتين، لأن قضاء المحاكم المستعجلة لا يختص بالنظر في التعديلات الدستورية، ولا يملك أن يوجه مثل هذا الطلب لمجلس النواب بحكم مبدأ الفصل بين السلطات».


وأضاف: «من ناحية ثانية، في حالة قبول مجلس النواب إجراء استفتاء على هذا التعديل، فسوف يعتبر ذلك تحايلا على المادة 226 التي تحظر انتخاب رئيس الجمهورية لأكثر من مدتين، وتنص على عدم تعديل المادة 140، لأنه في حالة قبول هذا التعديل يبقى الرئيس في منصبه أكثر من ثماني سنوات بخلاف النص الدستوري».


وتابع: «من ناحية ثالثة المبدأ القانوني الخاص بعدم رجعية النصوص القانونية يجعل من الصعب على الرئيس الحالي أن يستفيد من هذا التعديل، لأنه انتخب على أساس دستور 2014 وتعهد باحترامه، ومن ثم لا يجوز له أن يستفيد من تعديل على نص انتخب على أساسه، ولكن ينطبق هذا النص على من سيأتي بعده، وإلا لأصبح من الممكن أن يطعن بعض المواطنين في صحة بقاء الرئيس الحالي في منصبه أكثر من أربع سنوات».


وتساءل: «لماذا يدخلنا البعض في هذه المتاهات الدستورية؟ ولماذا تتورط سلطات دينية في الحديث في هذه الأمور؟ ألا يجب أن نطالب على العكس باحترام الدستور الحالي وتطبيقه بالكامل؟».


كما كتب الفقيه الدستوري نور فرحات، عن الدعوى القضائية التي تطالب بتعديل الدستور، على صفحته الرسمية على «الفيسبوك»: «محام أقام دعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة بطلب إطلاق مدد الرئاسة، يذكرني ذلك بدعوى أقيمت في السبعينيات بطلب تأييد مبادرة السلام بين مصر وإسرائيل التي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات واستجابت لها المحكمة»، وأضاف: «عبث لا بد أن يتوقف، أين دور نقابة المحامين للحفاظ على وقار المهنة ؟».


حجر عثرة

تقف المادة 226 من الدستور حجر عثرة أمام إدخال أية تعديلات على المادة 140 من الدستور، والتي تتعلق بفترة ومدد الرئاسة، حيث تنص هذه المادة على «لرئيس الجمهورية، أو لخٌمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل. وفى جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه. وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى. وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذًا من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات».


لذلك يطالب البعض بإلغاء هذه المادة، لأنها تحجر على إرادة الشعب المصري.


تفاصيل مخاطر مجلس حمالة الدولة

يقول الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، إنه كان من الأجدى لأصحاب هذه الدعوات المطالبة بتطبيق مواد الدستور، بدلا من المطالبة بتعديله أو تغييره، مشيرا إلى أن المطالبة بإنشاء مجلس أعلى لحماية الدولة، مسألة في منتهى الخطورة، لأنها تشبه إلى حد كبير المجلس الأعلى لصيانة الدستور في إيران، لافتا إلى أن فكرة إنشاء مجلس أعلى لحماية الدولة، ستخلق سلطة جديدة غير موجودة في الدساتير، وستسلب سلطة الشعب باعتباره صاحب السلطة الأولى في الدستور، وسلطة المحكمة الدستورية العليا الخاصة بمراقبة مدى مخالفة القوانين للدساتير القائمة، كما أنه يعطى للرئيس السيسي بعد انتهاء ولايته الرئاسية الثانية رئاسة أبدية، وتعمل على خلق سلطة جديدة موازية تسلب اختصاصات السلطات القائمة.


وأضاف «الإسلامبولي»، أنه على أصحاب هذه الدعوات المطالبة باحترام الدستور والأحكام القضائية، وتطبيق الأحكام الانتقالية التي لم يتم تطبيقها حتى الأن، مثل العدالة الانتقالية، وندب القضاة، والإدارة المحلية، وإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد وإنشاء مفوضية لمكافحة التمييز، واصفا هذه الدعوات بـ«الغريبة والمشبوهة»، معتبرا المطالبة بتطبيق النموذج المغربي والأردني في مصر، إقرارا بعد وجود ديمقراطية في مصر، مشيرا إلى أن مقولة أن «الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية»، قالها اللواء عمر سليمان ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف قبل ذلك، واصفا هذا الكلام بالكارثة، وأنه يتنافى مع دولة القانون ودولة المؤسسات ومع مفهوم سيادة القانون.


ويقول المستشار يحيي قدري، القيادي السابق في حزب «الحركة الوطنية المصرية»، إن هناك ضرورة لتغيير بعض مواد الدستور، لأنها وضعت في ظروف ثورية تختلف عن الظروف الحالية، مثل المادة 140، والمواد الخاصة بنسب الصحة والتعليم والبحث العلمي من الموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى أن هذه النسب لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية، كما أنه مع تعديل المادة 140، بحيث تصبح مدة رئيس الجمهورية مساوية لمدة مجلس النواب، رافضا مقترح فتح مدد الرئاسة، كما عبر عن رفضه لفكرة إنشاء مجلس أعلى للدولة أو مجلس أعلى لحماية ثورة 30 يونيو.


وطالب «قدري» بإلغاء المادة 226 لأنها تحجر على حق الأجيال القادمة في تعديل الدستور، كما أنها تمنع الشعب من التعبير عن إرادته، بصفته مصدر السلطات، مؤكدا أنه لا أحد يتخيل أن يتم إنشاء مجلس يعلو فوق سلطات رئيس الجمهورية، وينتقص من سلطاته وصلاحياته، كما أن هذا المجلس المقترح سيؤدي إلى بقاء الرئيس في السلطة مدى الحياة، وهذا مرفوض، محذرا من أن مثل هذه الأفكار يمكن أن تؤدي إلى حدوث هزة في مصر.


ويضيف المستشار نبيل الجمل وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، أن الدستور من صنع البشر وليست قرآنا منزلا، وأن القرآن هو الوحيد الذي يصلح لكل زمان ومكان، لافتا إلى أن مصر في مرحلة تثبيت الدولة، وأن الدستور الحالي وضع في وقت كان فيها شكوك وسموم وتخوين، وأنه إذا كشفت الممارسات العملية وجود أخطاء وعوار في بعض المواد، فلا مانع من تلافي هذه الأخطاء.


من جانبه يقول الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري، إن تعديل الدستور لا يتم إلا عن طريق مجلس النواب ورئيس الجمهورية، ثم الاستفتاء الشعبي، بالإضافة إلى وجود فقهاء دستوريين ومتخصصين في علم السياسة وليس في حرفة السياسة، يحددون أسباب وفلسفة التغيير والمواد التي يجب تعديلها، وبالتالي كل ما يتردد هو ضجة إعلامية، مشيرا إلى أن تعديل الدستور لا يتم بالكلام العاطفي ولا بالضجة الإعلامية.


وأضاف «السيد»، من المؤكد أن هناك نصوصًا عديدة في الدستور مطولة ولا لزوم لها، وأن المناخ الذي تم فيه إعداد هذا الدستور كان مناخا غاضبا، كما أن لجنة الخمسين التي صاغت هذا الدستور كانت تضم أطيافا سياسية متصارعة، لافتًا إلى أن الاعتماد على مجلس تشريع واحد يخالف كل الانظمة الدستورية.  


وأعلن النائب محمود بدر، عن توقيع عدد من أعضاء مجلس النواب على قرار تقديم طلب بالتعديلات الدستورية إلى رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال.


وأضاف بدر أن خمس أعضاء مجلس النواب (120) نائبًا وقعوا على القرار وعرضه على رئيس المجلس غدًا للمضي قدمًا في التعديلات الدستورية.