رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«5» أزمات تُعكر «مزاج» أصحاب المعاشات فى 2019

أصحاب المعاشات -
أصحاب المعاشات - أرشيفية


يبدو أنّ أزمات أصحاب المعاشات ستظل قائمة خلال العام الجديد، لاسيما في ظل عدم وجود بوادر تشير إلى حدوث انفراجة قريبة لمشكلات مازالت تعصف بـ«9» ملايين صاحب معاش، رغم التصريحات التى تطلقها الحكومة حول حدوث «طفرة» في هذا الملف.


من ناحيتها، ترصد «النبأ» أهم المشكلات العالقة لهذه الفئة، التى  تكشف عن عدم تطابق التصريحات الحكومية مع ما تم تحقيقه على أرض الواقع لفئة تمثل وأسرهم ثلث الشعب المصري.


أموال المعاشات

تعد أموال المعاشات هي صُلب الأزمة لتلك الفئة، فلا يكاد يذكر حديث عن الأوضاع المادية، وموجة غلاء الأسعار التى تنهش في "عظام" هذه الفئة إلا ويتم اتهام الحكومة بإهدار أموال صناديق التأمينات باعتبارها السبب الأساسي فيما وصلت إليه الحالة الصعبة لهم، رغم نفي الحكومة.


وأجبرت الاتهامات وزارة التضامن الاجتماعي، ومجلس الوزراء برئاسة مصطفى مدبولى على إصدار بيانات رسمية تؤكد عدم صحتها، ولكن هذه البيانات لم تفلح في تحقيق هدفها، بل اعتبرها الملايين من أصحاب المعاشات استفزازية، وبها إنكار للواقع الحالي.


وقالت غادة والي في آخر رد لها، إن تلك الأموال مصانة ومضمونة طبقًا لما جاء بالدستور المصري، مشددًة على أن الدولة ستظل مستمرة في الوفاء بالتزاماتها تجاه أصحاب المعاشات والحفاظ على أموالهم.


وأشارت الوزارة إلى أن أموال المعاشات في صكوك الخزانة العامة تصل إلى 362 مليار جنيه، ويتم الحصول على فائدة 9% مقابل ذلك المبلغ، مؤكدة أن أموال المعاشات في بنك الاستثمار القومى تصل إلى 57 مليار جنيه والعائد 11%، وقيمة المديونية 224 مليار جنيه.


من ناحيته، قال البدري فرغلي، رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، إنه لايوجد شئ في الأفق يبعث الطمأنينة لـ9 ملايين صاحب معاش، متابعًا نحن لا نثق في السياسات الحالية، وننتظر الأسوأ من الحكومة.


وأضاف في تصريحات لـ"النبأ"، أن هناك عددًا من التساؤلات بشأن هذا الملف لا أحد يجيب عليها، وهي أين ذهبت أموالنا، وكيف يمكن استثمارها بفوائد 8% في حين أن قيمة الفوائد تصل إلى 16 و20%، متابعًا "يقولون إنها آمنة ونحن لا نصدقهم، فنحن  نريدها آمنة لنا وليست آمنة لهم، أموالنا في زنزانة يجب الإفراج عنها".


وواصل: سنستمر ليس في قضايانا أمام المحاكم فقط، ولكن بكل الوسائل المشروعة، مشيرًا إلى أن مواجهة أصحاب المعاشات لوزيرة التضامن صعبة جدًا، مضيفًا "توجه لنا  ضربات مستغلة الأوضاع الحالية، لذا لا يملك البرلمان محاسبتها وسؤالها؛ لأنها تحت الحماية"، بحسب قوله.


الرعاية الصحية

تحتل أزمة سوء الخدمات المقدمة لفئة أصحاب المعاشات بـ«منظومة التأمين الصحي»، صدارة ملف مشكلات أصحاب المعاشات، خاصة أن معظم أفرادها مصابون بـ«الأمراض المزمنة»؛ نظرًا لكبر سنهم.


ويشتكي أصحاب المعاشات من سوء المعاملة، وكذلك عدم توافر الأدوية واللجوء إلى الأدوية البديلة التى تنخفض في فاعليتها عن الأساسية بحجة نقصها في السوق، أو توفيرًا للنفقات باعتبارها أدوية مستوردة وبالتالي يلجأون إلى شرائها من خارج مظلة التأمين الصحي.


كما تشتكي هذه الفئة من الازدحام الشديد الذي يجعل مستشفيات التأمين الصحي مكتظة بطوابير طويلة من المرضى، والتى يضطر معها الطبيب إلى الاكتفاء بسماع الشكوى من المريض دون إجراء أي فحوصات دقيقة عليه.


بدوره، قال الأمين العامة للنقابة العامة لأصحاب المعاشات، إبراهيم أبو العطا إن الأزمة ليست فقط في ضعف الإمكانيات، ولكها ترتبط أيضًا بسوء المنظومة التى تجعل الخدمة لا تقدم بالشكل المقبول، مشيرًا إلى أن كبر سن صاحب المعاش وعدم قدرته على بذل الجهد كان يلزم الدولة بتوفير الخدمة بشكل جيد وفي أقرب مكان.


وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" أن هناك أزمة أخرى تتعلق بالبيروقراطية وكذلك التأخر الشديد في الإجراءات بشكل لا يتوافق مع الحالة الصحية للمريض، مضيفًا هناك فئة من أصحاب المعاشات لا تستفيد من المستشفيات الطبية بسبب الأخطاء القانونية وعدم الوعى لديهم بأهمية الاشتراك في هذه الخدمة.


نقابة المتقاعدين

فجر رفض الحكومة لمشروع قانون إنشاء نقابة للمتقاعدين، أزمة كبيرة في أوساط هذه الفئة التى تمثل وأسرهم أكثر من ثلث الشعب المصري، بحجة عدم دستوريته، ولمخالفته لنص قانون الحريات النقابية الذي تم إقراره ويقسمها إلى مهنية أو عمالية، وبالنسبة للنقابات المهنية تكون لكل مهنة نقابة تنشأ بقانون، أما النقابات العمالية، فهناك قانون المنظمات النقابية العمالية الذي ينظمها.


وبحسب القانون، تصبح النقابات الممثلة لأصحاب المعاشات غير شرعية، ومهددة بالحل وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا أمام فئة كبيرة تعتبر رفض الحكومة في إنشاء نقابة عدم اعتراف بها، وتهميش ظل على مدار عقود طويلة.


وأشعل هذا الرفض حالة من الغضب الشديد، بين الكيانات الممثلة لأصحاب المعاشات، جعلتهم يصبون جام غضبهم على الحكومة وصعدت حالة المواجهة مع وزير القوى العاملة، محمد سعفان، لا سيما أنه تعهد وقت إقرار القانون بإنشاء قانون مواز لأصحاب المعاشات يعطيهم الحق في إنشاء نقابة خاصة بهم.


وأعلن سعيد الصباغ رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات، أن البديل المتاح للخروج من هذه الأزمة هو التقدم بمشروع قانون آخر لإنشاء اتحاد للمعاشات، وكذلك اللجوء للقضاء لرفع دعوى قضائية ضد وزارة القوى العاملة.


وأضاف: القانون 2013 الخاص بالنقابات العمالية حرم أصحاب المعاشات من وجود كيان يتولى الدفاع عنهم، والتزام وزير القوى العاملة بسّن قانون للمتقاعدين بالتوازي مع قانون نقابة النقابات العمالية.


المعاشات المتدنية

أزمة أخرى تحتل قمة أولويات هذه الفئة، لم يتم حلها وتشكل صداعا مزمنا في رأس الدولة، وتتعلق بالقيمة المتدنية لأجور أصحاب المعاشات، والتى لا تتجاوز في مجملها حفنة من الجنيهات، لا تكفى إشباع الحد الأدنى من المتطلبات اليومية في ظل "غول"  الارتفاعات المتزايد الذي يستوحش على جيوب الفقراء من هذه الفئة التى لا يتجاوز الحد الأدنى لها 750جنيها، خاصة أن بعضهم كان يتقاضى قبل خروجه على التقاعد أضعاف هذا المبلغ.


ويفسر الخبراء الاكتواريون هذا التفاوت، بانخفاض قيمة الاشتراك الذي يدفعه الموظف على مدار سنين الخدمة والذي ينتج عنه هذا الانخفاض الكبير في قيمة المعاش، وهو الأمر الذي يجعل هناك حاجة ملحة إلى تغيير القوانين القائمة التى تنظم عمل التأمينات الاجتماعية.


ويرى الأمين العام لأصحاب المعاشات، إبراهيم أبو العطا، أن أزمة غلاء الأسعار لا ترتبط بأصحاب المعاشات بمفردهم ولكن تمس جميع فئات المجتمع المصري.


وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" أن العلاوة الدورية بشكلها المعتاد لن تسهم في حل أزمات هذه الفئة، لأنها نمطية مضيفا "نحن بحاجة إلى منح أصحاب المعاشات مزايا عينية تقدر بوضع قيمة مخفضة على عدد من السلع، على سبيل المثال تخصيص أسعار معينة في مرافق الكهرباء والمواصلات العامة.


قانون التأمينات الموحد

على مدار عامين ماضيين، ظلت وزارة التضامن تتحدث عن مشروع قانون التأمينات الموحد باعتباره المنقذ الوحيد لجميع أزمات أصحاب المعاشات وأنه سيتم إقراره قريبا، وهو الأمر الذي يشكل غموضًا كبيرًا،  وضبابية حول الأسباب الحقيقية لعدم إصدار القانون حتى الآن رغم ضغوط البرلمان وأصحاب المعاشات.


وبحسب تصريحات غادة والي، فإن هذا القانون يهدف إلى وضع حد أدنى للمعاشات فى ضوء القدرة المالية، ومعالجة أثر التضخم على المعاشات عن طريق زيادتها السنوية بمعدل التضخم، ما يسهم فى رفع مستوى المعيشة لأصحاب المعاشات، كما يساهم فى تنظيم العلاقة بين الهيئة والخزانة العامة للدولة، وبما يؤدى إلى فض التشابكات المالية بينهما.


بدوره، قال مسلم أبو الغيط، نائب رئيس حركة الدفاع عن أصحاب المعاشات، إن القانون الحالي ينظم عمل التأمينات بشكل جيد، لأنه يوفر 755 مليار جنيه لأصحاب المعاشات، ولكننا بحاجة بتعديلات لرفع الاشتراك والتأمين على كامل الأجر باعتبارها أكبر صاحب عمل.


وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" أن قانون بصناديق جديدة يعنى نهب الأموال الحالية لأصحاب المعاشات، مرجعًا تأخر الحكومة في إصدار قانون التأمينات الموحد لخوفها من مواجهة أصحاب المعاشات.