رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل تأتي «عملية أستانا» بجديد على المسار السياسي لحل الأزمة في سوريا؟

محادثا أستانا - أرشيفية
محادثا أستانا - أرشيفية

تنطلق، خلال اليومين المقبلين في العاصمة الكازاخية، جولة جديدة من محادثات أستانا لحلحلة الأزمة السورية وسط خلافات بين الدول الضامنة ومتغيرات جديدة على الأرض وتطلعات باتت ملحة لحل أزمة مستمرة منذ أكثر من ٧ أعوام.

واستبقت الخارجية الكازاخية المحادثات بالإعلان عن تأكيد جميع المدعوين مشاركتهم في الاجتماع بما في ذلك الدول الضامنة الثلاث، روسيا، وإيران، وتركيا، ووفدي الحكومة والمعارضة السورية، والأردن، وممثل الأمم المتحدة، غير أن الملمح الأبرز في هذه الجولة الـ١١ هو الغياب الغربي وخاصة الولايات المتحدة التي اكتفت بالمشاركة في الجولات السابقة كمراقب صامت.

ورغم أن غياب الولايات المتحدة، يشير إلى قلة الاهتمام الدولي بعملية استانا إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي بكامل ثقله وراء هذه الجولة بعد فشل استضافة جولة ثانية من اجتماع سوتشي.

ويرى خبراء ومحللون، أن الاجتماع سيتطرق إلى قضايا عالقة وموضوعات خلافية مهمة أملا في تقريب وجهات النظر والسعي إلى توافقات تخدم المسار السياسي المعطل. 

وينظر إلى عملية استانا كمسار منافس لحوار جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة، والمدعوم من المجتمع الدولي.

وحققت العملية منذ إطلاقها، العام الماضي، اختراقات على الصعيد الميداني مثل إنشاء مناطق خفض التوتر غير أنها لم تحدث خرقا يذكر في جدار الحل السياسي للأزمة.

واستبقت تركيا والنظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد، الاجتماع الذي سيبدأ غدا الأربعاء بتبادل عدد من السجناء، أحد مخرجات اجتماع سوتشي، ورغم أنها إشارة إيجابية، إلا أن إمكانية التوصل لتفاهمات بشأن المخرجات الأخرى للاجتماع، ولاسيما فرض وقف إطلاق النار في إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة، وتشكيل اللجنة الدستورية المدعومة أمميا، لن يكون بالأمر الهين في هذه الجولة، وفقا للمحللين.

وهناك خلاف بين الدول الضامنة روسيا وإيران من ناحية، بشأن التعامل مع المعارضين المسلحين في إدلب، ويأمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أن تبدأ اللجنة الدستورية عملها قبل نهاية عام ٢٠١٨.

ووافقت الدول الضامنة على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب هي الرابعة من نوعها، غير أن إنفاذها جوبه بتحد مختلف عن مثيلاتها الثلاث السابقة. 

وتتهم روسيا المسلحين في إدلب بتقويض وقف إطلاق النار، وترى أن المهمة الأساسية في هذه المرحلة هي القضاء على هذه العناصر المسلحة، وتشاركها إيران في هذا التوجه، غير أن تركيا وقفت ضد شن هجوم عسكري رئيسي على المنطقة لتطهيرها.

ويرجع المحللون الموقف التركي إلى سببين، الأول: هو تجنب الجماعات المسلحة التي تدعمها، حيث ترى أن هذه الجماعات يجب أن تكون جزءا من مستقبل سوريا. 

والثاني: هو أنها تخشى من أن يتسبب الهجوم على إدلب في تدفق أعداد كبيرة من النازحين إلى أراضيها مما سيشكل ضغوطا هائلة عليها.

ويرى مراقبون أن الاتفاق بين الجانبين المتعارضين بشأن التعامل مع المسلحين يمكن أن يكون له تأثير مهم على الاتجاه المستقبلي للوضع في سوريا، خاصة بعد أن استعادت الحكومة السورية سيطرتها على مناطق عديدة كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة والجماعات المتطرفة.

كما يمكن أن يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية تخدم المسار السياسي مع تحقيق اختراقه في عملية تشكيل اللجنة الدستورية.

ويرى سون ده قانغ، نائب مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، أن تسوية الخلافات في هذه المرحلة بين الدول الضامنة بشأن إدلب" أمر مهم للغاية"؛ للقضاء على العناصر المسلحة التي تشكل تهديدا مباشرا للشعب السوري.

وارتفعت في الفترة الأخيرة وتيرة عمليات القصف والمعارك على حدود المنطقة العازلة في إدلب، وسط تبادل الاتهامات بين المجموعات المسلحة وقوات تابعة للجيش السوري في خرق اتفاق وقف إطلاق النار.

وأضاف "سون"، أنه إذا كانت روسيا تريد إقناع تركيا بدعم الهجوم على إدلب، فإنها تحتاج إلى التوصل إلى حل عملي لمشكلة اللاجئين، متوقعا حدوث تقارب أكثر بين روسيا وتركيا وإيران نظرا للضغوط المحتملة الناجمة عن تنمية هذه الدول علاقاتها مع الولايات المتحدة في المستقبل، قائلا: "من المرجح أن ترضخ تركيا في معركة إدلب".

ويتوقع بحسب وزير الخارجية الكازاخي، خيرت عبد الرحمنوف، أن تبحث جولة أستانا "الوضع في إدلب وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار".

ويرى المحللون أن حدوث تقدم في هذه الجولة من المحادثات مرهون بتبدل موقف تركيا والإدارة الأمريكية، التي لا تزال تستثمر في التنظيمات الإرهابية المسلحة، وكذا حدوث تزحزح في موقف الحكومة السورية بشأن الثلث الأخير من اللجنة الدستورية.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ذكر، مؤخرا، أن الاعتراض لا يزال قائما، بشكل رئيسي من الحكومة السورية، على القائمة الثالثة التي كُلفت الأمم المتحدة بتشكيلها وتتضمن ممثلي المجتمع المدني والزعماء الدينيين والقبليين والخبراء والنساء.

ويتوقع أن تضم اللجنة الدستورية 150 عضوا موزعين بالتساوي على ثلاث مجموعات، واحدة تختارها الحكومة، والثانية من قبل المعارضة، والثالثة عن طريق الأمم المتحدة.