رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

صفقة «كبرى» بين «3» دول تُنهى لعبة المخابرات الدولية فى أزمة «خاشقجى»

خاشقجى وبن سلمان
خاشقجى وبن سلمان - أرشيفية


يومًا بعد يوم، تزداد الأزمة الخاصة بمقتل الصحفى السعودي جمال خاشقجي «تعقيدًا»؛ نظرًا لتشابك أطرافها، وتعدد الدول والأنظمة التى تستغل هذه الأزمة فى «ابتزاز» السعودية، والحصول على مكاسب سياسية ومالية تضمن لها البقاء فى «اللعبة» مع الكبار على الساحة السياسية الدولية.


وكان التقرير الأخير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى أى إيه» كفيلًا بإشعال الأزمة من جديدة؛ لاسيما أنه وجه الاتهام رسميًا لـ«محمد بن سلمان» بالتورط فى قتل «خاشقجى».


فى الوقت نفسه، يُصر دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، على رفض هذا الطرح؛ بل وتجاهل تقرير وكالة الاستخبارات المركزية حول قضية خاشقجي.


وأعلنت النيابة العامة السعودية، خلال الأيام الماضية، أن من أمر بقتل «خاشقجى» هو رئيس فريق التفاوض معه، دون ذكر اسمه، وأن الجثة تمت تجزئتها من جانب من قتلوه، وتم نقلها إلى خارج القنصلية.


لعبة المخابرات العالمية فى قضية «خاشقجي»

وفي ظل هذا الغموض تحدثت تقارير صحفية، الفترة الماضية، عن دور لأجهزة المخابرات العالمية، على رأسها الموساد الإسرائيلي والمخابرات البريطانية والتركية، في هذه الجريمة.


اتهم الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية، إدوارد سنودن، شركة "NSO Group Technologies"، بالتورط في مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي.


ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن سنودن قوله، إن قتلة خاشقجي استخدموا برنامجا إلكترونيا معنونا باسم «Pegasus» وخاصا بتنفيذ عمليات التجسس؛ للتصنت على اتصالات قام بها الصحفي السعودي.


وأوضح سنودن: "يمكن أن البعض منكم سمع عن الصحفي السعودي المنشق جمال خاشقجي، الذي دخل قنصلية السعودية وتم خنقه على الفور هناك.. كيف جرى التخطيط لهذا الأمر وكيف حصل ذلك؟.. السعوديون علموا بأنه كان ينوي القدوم إلى القنصلية لأنه اتفق على عقد لقاء هناك.. لكن كيف كشفوا عن مخططاته ونواياه؟".


وأشار سنودن إلى أن السعوديين الذين شاركوا في عملية قتل خاشقجي تمكنوا من جمع معلومات ضرورية عن الصحفي من خلال التجسس على "أحد أصدقائه الذي يقيم منفيا في كندا".


ولفت الاستخباراتي الأمريكي السابق إلى أن الحديث يدور عن شركة "NSO"، وأوضح أنها "تعمل على تطوير آليات الاختراق الإلكتروني"، واصفا إياها بأنها "الأسوأ من الأسوأ في مجال بيع هذه الآليات للاختراق الإلكتروني والتي تستخدم بصورة نشطة حاليا لانتهاك حقوق الإنسان".



وأكد سنودن أن هذه البرمجية "لا تستخدم فقط للقبض على المجرمين ومنع الهجمات الإرهابية وإنقاذ حياة الناس، وإنما أيضا لكسب الأموال".


كما تساءل الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وقال "هل قتل الموساد جمال خاشقجي؟

وكتب الصحفي الإسرائيلي، يوسي ميلمان، على تويتر، أنه يأمل ألا يكون هناك أي دور للموساد في قتل الكاتب والصحفي جمال خاشقجي.

وتابع أنه بسبب صورة الموساد كمنظمة للاغتيالات، التي يزعم أنها خاطئة، فإن عددًا غير قليل من الأجهزة الاستخبارية تتوجه إلى الموساد للحصول على المساعدة في تصفية الخصوم.


كما اتهم الناطق الرسمى لمنظمة العدل والتنمية لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا زيدان القنائى إسرائيل بالوقوف وراء مقتل أو اختطاف الصحفى السعودى جمال خاشقجى.


ويقول الخبراء، إن طريقة اغتيال خاشقجي، وسرعة سفر المنفِّذين، تعيد إلى الذاكرة سرعة هروب منفذي عملية اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" محمود المبحوح في يناير 2010 بأحد فنادق مدينة دبي الإماراتية، وقد تبيَّن أن الموساد الإسرائيلي هو من نفَّذ العملية عن طريق عملاء يحملون جوازات سفر غربية، نجحوا جميعهم في مغادرة الإمارة قبل اكتشاف أمرهم، وهي الطريقة التي قام بها أعضاء الفرقة السعودية الـ15.


وذكرت صحيفة " صنداي إكسبريس" البريطانية، أن الاستخبارات البريطانية كانت على علم بـ"المؤامرة " ضد الصحفي جمال خاشقجي، قبل نحو ثلاثة أسابيع من مقتله.


ونقلت الصحيفة عن مصادر استخبارية أن الأوامر "لم تصدر مباشرة من الحاكم الفعلي للمملكة، ولي العهد محمد بن سلمان (33 عامًا)، ولا يُعرف ما إذا كان على علم بها".


وزعمت المصادر بأن جهاز الاستخبارات البريطانية (إم أي 6) حذّر نظراءه السعوديين، وطالبهم بإلغاء المهمة "باعتبارها غير جيدة"، غيّر أن السعوديين تجاهلوا الطلب البريطاني، وفقًا لما أظهرته الأحداث، بحسب المصادر البريطانية.


لكن وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، قال: "لن نتحدث عن مسائل استخباراتية". ومع ذلك أوضح أنه لم يكن على علم بمثل هذه المؤامرة.


وزعمت صحيفة "واشنطن بوست" بأنّ أجهزة الاستخبارات الأمريكيّة كانت على عِلم بمخطّط سعودي أمر به ولي العهد محمد بن سلمان، يهدف إلى استدراج الصحافي جمال خاشقجي إلى السعودية للقبض عليه.


وزعمت "واشنطن بوست" أن مسئولين أمريكيين قالوا إن مسئولين سعوديين ناقشوا خلال مكالمات تم اعتراضها، خطة لاستدراج خاشقجي من مقر إقامته في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة واعتقاله.


كما زعمت صحيفة واشنطن بوست أن مسئولين بوكالة الاستخبارات الامريكية استمعوا لتسجيل يثبت أن الصحفي السعودي جمال خاشقجي قُتل وقُطعت جثته من قبل عملاء سعوديين داخل قنصلية بلاده بإسطنبول.


كما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر وصفته بالمطلع، أن وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) تزعم  أن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان هو من أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.


كما زعمت صحيفة "واشنطن بوست"، أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) خلصت إلى أن ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، هو من أمر باغتيال الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول.


وزعمت "واشنطن بوست" إلى أن النتيجة التي توصلت إليها الاستخبارات الأمريكية عن تورط محمد بن سلمان في قتل خاشقجي تتناقض مع تأكيدات الحكومة السعودية بعدم تورط ولي العهد في ذلك.


وكشف رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو بأن وكالات الاستخبارات في بلاده قد استمعت إلى تسجيلات لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.


ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مسئول ألماني بارز أن "جهاز الاستخبارات الفيدرالي استمع إلى تسجيل خاص بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي خلال زيارة إلى أنقرة"، موضحًا أن التسجيل "كان مُقنعًا للغاية"، بحسب قوله.


لغز جثة خاشقجي

ورغم مرور أكثر من شهر على قتله داخل قنصلية بلاده في اسطنبول باعتراف المملكة العربية السعودية، لا تزال عمليات البحث عن جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، جارية وسط مطالبات تركية ودولية للرياض بالكشف عن مكان الجثة، حيث تم وضع عدد من السيناريوهات للكشف عن هذا اللغز الذي حير العالم، لاسيما وأن الكثير من الخبراء يؤكدون على أن العثور على الجثة سيزيل الكثير عن الغموض الذي يلف مقتل الصحفي السعودي، ويساهم في الوصول إلى الشخص الذي أصدر الأمر بقتله.


ويشير الكثير من الخبراء والمراقبين إلى أن تصميم الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وتركيا على العثور على جثة الصحفي جمال خاشقجي هدفه ممارسة المزيد من الضغط على السعودية من أجل الحصول على المزيد من الأموال منها، وأن جثة الصحفي السعودي هي آخر ورقة في يد هذه الدول من أجل تركيع المملكة وابتزازها.


فقد تحدثت وسائل إعلام تركية وأمريكية وعالمية، نقلا عن مسئولين أتراك، عن أن الجثة تم تقطيعها، ثم تم التخلص منها من خلال إذابتها بمادة الأسيد.


كما نشرت وسائل إعلام تركية وأمريكية وعالمية، روايات عديدة تشير فيها إلى أن الجثة تم تسليمها إلى متعاون محلي في تركيا، لكن لم يتم الكشف عن هذا الشخص حتى الآن.


وذكر موقع "ميدل إيست أي" البريطاني، أنّ جزءًا من جثة «خاشقجي»، قد يكون نقل إلى الرياض بواسطة العقيد السابق في المخابرات السعودية ماهر مطرب.


وذكر وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن قتلة «خاشقجي»، ربما نقلوا أجزاء جثته إلى خارج تركيا بحقائب متمتعين بالحصانة الدبلوماسية.


وقال أكار: «18 شخصا شاركوا في عملية قتل خاشقجي، بينهم الـ15 الذين جاءوا إلى مدينة اسطنبول التركية من السعودية في الأول من أكتوبر الماضي. والسلطات السعودية اعتقلت المشتبهين الـ18".


وتابع أكار: "من المحتمل أنهم غادروا البلاد بعد 3 أو 4 ساعات من ارتكاب الجريمة. وربما أخذوا أجزاء الجسد معهم بحقائب".


وبين وزير الدفاع التركي: "ونظرا للحصانة الدبلوماسية قاموا بذلك بسهولة جدا، حيث لم يواجهوا مشاكل بشأن الحقائب".


انقسام أمريكى

في الوقت الذي يرفض فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والبيت الأبيض توجيه أي اتهام لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في هذا الخصوص، يصر الكثير من الأعضاء البارزين في الكونجرس الأمريكي على تحميل الأمير محمد بن سلمان المسئولية.


قال السيناتور الجمهوري البارز بمجلس الشيوخ الأمريكي، ليندسي غراهام، إنّه لا يصدق قيام 18 شخصًا بقتل وتقطيع جمال خاشقجي، من دون علم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مؤكدا على عدم وجود نية لديه مجددًا للعمل مع محمد بن سلمان.


وقال السيناتور الجمهوري الأمريكي راند بول: "أعتقد أن الأدلة دامغة بأن ولي العهد السعودي كان متورطًا، ولا أعتقد أننا نستطيع أن نغضّ الطرف عن هذا"، مطالبا بلاده بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، وعدم الاكتفاء بفرض عقوبات على الأشخاص الذين تم اعتقالهم على خلفية الجريمة.


وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، بوب كوركر: "كل شيء يشير إلى أن "بن سلمان" هو من أمر بقتل خاشقجي، وينبغي على إدارة ترامب أن تتوصل إلى تحديد المسئول قبل أن يعدم ولي العهد من يبدو أنهم نفذوا أوامره".


كما قدمت المسئولة عن تنسيق السياسات الأمريكية تجاه السعودية في البيت الأبيض، كريستين فونتينروز، استقالتها من منصبها، بسبب موقف البيت الأبيض والرئيس ترامب من قضية جمال خاشقجي.


أمريكا وتركيا المستفيد الأول

يقول الشيخ نبيل نعيم القيادي السابق في تنظيم الجهاد الإسلامي، المستفيد الأول من هذا الموضوع هو أمريكا وتركيا والإخوان والجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن الضغط العسكري على هذه الجماعات سوف يقل الفترة القادمة، بسبب تفرغ أمريكا وتركيا والدول الأخرى لقضية مقتل جمال خاشقجي،  لافتا إلى أن ما ترتكبه الجماعات الإرهابية وتنظيم داعش أسوأ بكثير مما حدث مع الصحفى السعودي؛ لأن هذه الجماعات تقوم بقتل الناس وهم أحياء، لكن هذا الموضوع هز صورة المملكة في الخارج.


وأكد «نعيم»، أن جماعة الإخوان المسلمين التي وصفها بـ«المجرمة» هي من أكثر المستفيدين ماديا وسياسيا من هذه الجريمة، ومن أكثر المستفيدين من رحيل الأمير محمد بن سلمان عن السلطة في المملكة، لأنه كان يسعى لاستئصالهم والتخلص منهم، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تعودت على استغلال مثل هذه الأحداث للاستفادة منها ماديا وسياسيا، وهم سوف يحاولون الضغط على المملكة حتى تتفاوض معهم وتتركهم يمارسون أنشطتهم في المملكة.


تقوية للإسلام السياسي

من جانبه يقول الشيخ أحمد صبح زعيم المنشقين عن الجماعات الإسلامية، إن الجماعات الإرهابية وجماعة الإخوان المسلمين استفادوا استفادة عظيمة جدا من قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، مشيرا إلى أن الإخوان المسلمين استفادوا كثيرا من هذا الموضوع، لاسيما وأن الدولة السعودية المتهمة بالوقوف وراء هذه الجريمة الشنعاء منوط بها حماية الإسلام، متهما المخابرات الأمريكية بالوقوف وراء مقتل الصحفي السعودي، لتوريط المملكة العربية السعودية، مؤكدا على أن ما حدث لجمال خاشقجي هو تقوية للإسلام السياسي وتقوية للإرهاب، وهدم لكل ما تقوم به مصر والدول الأخرى لمحاربة الإرهاب والجماعات الإرهابية.


إبرام صفقة كبرى

ويضيف الدكتور سعيد اللاوندي خبير الشئون الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن البحث عن جثة الصحفي جمال خاشقجي هو من قبيل ذر الرماد في العيون، مؤكدا أن هذه القضية سوف تنتهي بإبرام صفقة كبرى بين السعودية وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن تركيا هي من أكبر الرابحين من هذه الأزمة، مستبعدا تماما الاقتراب من الأمير محمد بن سلمان بسبب علاقته القوية بالولايات المتحدة الأمريكية، ومرونته في التعامل مع إسرائيل.