رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

القس مكاريوس فهيم قلينى: توجد أديرة «متمردة» على البابا.. وتجمع تبرعات لحسابها الخاص (حوار)

محرر «النبأ» فى حواره
محرر «النبأ» فى حواره مع القس مكاريوس فهيم قليني


أديب وفنان وشاعر وسينارست، وكاتب، صفات اجتمعت فى القس مكاريوس فهيم قليني، راعى كنيسة العذراء والأنبا أنطونيوس فى مدينة بدر، عمل فى بداية حياته بالصحافة، وله العديد من المقالات بالعديد من الصحف، التقت به «النبأ» لمعرفة ما الذى يدور داخل الكنيسة المصرية خلال هذه الفترة.


وأكد «فهيم» فى حوار لـ"النبأ" أن الخطاب المسيحي يحتاج إلى تجديد لمواكبة العصر الذى نعيشه، موضحا أنه تم التركيز على الخطاب الإسلامى فقط دون غيره، لافتا إلى أن قرارات «الشلح» خطر يهدد الكنيسة من الداخل ويدمر «سر الاعتراف».


وطالب فهيم بإحالة الراهب أو الكاهن «للتقاعد» بدلًا من فضحه على الملأ، مشيرًَا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يحترم المسيحيين وقال: «إحنا ما شفناش منه حاجة وحشة».


 ولفت إلى أن هناك قرى كاملة بالصعيد محرومة من بناء كنيسة، منوهًا بأن الأقباط يلجئون لطرق غير قانونية لبناء الكنائس لصعوبة إجراءات الترخيص.


وكشف أن البابا تواضروس سيطلب من الحكومة التعامل مع الأديرة غير المعترف بها، معتبرًا أن زيارة المسيحيين للقدس ليست تطبيعًا، بل من أجل التبرك.


 بداية.. هناك اتهامات توجه إلى الكنيسة بأنها انخرطت في الحياة السياسية.. ما السبب؟

البابا تواضروس الثانى نفى ذلك أكثر من مرة، الأوضاع الدينية للبابا لا تسمح له أن ينخرط فى السياسية، والراحل البابا شنودة الثالث، تحدث أيضا عن موضوع السياسية والكنيسة، وقال «إننا في حيرة شديدة من أمرنا، البابا لو ما اتكلمش في السياسة يقال عليه إنه سلبي، ويتهم المسيحيون بأنهم بعيد عن المواطنة والوطنية، وفى المقابل إذا تم الحديث في السياسية يتهم البابا بأنه ترك الكنيسة وانخرط في السياسية»، هناك خلط من البعض غير قادرين على التميز بين المواطنة والسياسية، فالبابا لا يتدخل في عمل الحكومة داخليا وخارجيا، ولكن ما يعي الكنيسة هو المواطنة بأنه يعيش في مصر كمواطن له حقوقه وواجباتهم ومن حقه أن يدلى برأيه ويشارك فى الانتخابات، وهذا ما حثنا عليه الكتاب المقدس، والسيد المسيح، بالمشاركة في اختيار القرارات التى تهم الدولة، فالكنيسة بعيدة عن السياسية كل البعد ولكنها تتدخل في المواطنة كحق لها فى البلد أن يكون لها رأى وتعبر عنه بكل حرية، ولا تنحاز لطرف دون أخرها وكل ما يهمها هو الدولة المصرية.


البعض ربط  ذلك بما حدث فى الزيارة الأخيرة للبابا إلى أمريكا عندما حث المسيحيين على استقبال الرئيس.. فما تعليقك على ذلك؟

 زيارة البابا إلى أمريكا لتفقد كنائس الغرب والأديرة والرهبان والكهنة من أجل العمل الرعوي، وكان معدا لها مسبقا منذ شهور كثيرة، ولا يوجد أى علاقة بينها وبين سفر الرئيس السيسي لأمريكا، فما حدث تم بمحض الصدفة، فلم يكن هناك تنسيق لذلك، بدليل أن البابا سافر دول كثيرة ثم يزورها الرئيس بعده شهور، كما أن مشاركة المسيحيين في استقبال الرئيس؛ بسبب الحروب الشديدة التى يقودها الخارج ضد مصر، فكان لابد أن نظهر وطنيتنا وتمسكنا بالسيسي، فرئيس الجمهورية جاء لخدمتنا وخدمة الشعب كله، «وماشفناش منه حاجة وحشة»، فما الذى يمنع أن يتم تأييده والوقوف إلى جواره فى وجود هذه التيارات المحاربة له، كما أن هناك دولا أخرى زارها الرئيس لم نرسل أساقفة، ولم تقم الكنيسة بأى حشد، ولكن أمريكا بالتحديد يتم فيها ذلك؛ لأنها معقل من معاقل الجماعات التى تحارب مصر باستمرار فكان لابد أن يكون لدينا موقف خاص.

 

كيف نظرت إلى موافقة رئيس مجلس الوزراء على تقنين أوضاع 120 كنيسة ومبنى؟

طلب تقنين الكنائس موجود منذ سنين وليس جديدا علينا، ولكن القرار جاء متأخرا بحكم الظروف التي مرت بها مصر وتراكمت بعد حكم الإخوان، وبعد الاضطرابات السياسية التي حدثت، فالعدد تزايد وأصبحت هناك كنائس كثر تحتاج إلى تقنين، فالقرار جيد ونتمنى تقنين باقي الكنائس الأخرى.

 

جماعة الإخوان زعمت أنها «رشوة سياسية»، من الحكومة للبابا.. ما تعليقك؟

هذا كلام ليس له أساس من الصحة، ولا يوجد ما يسمى بـ«الرشوة السياسية»، فكل الكنائس التي تم تقنينها موجودة من الأساس، وكنا نطالب بتقنينها، بسبب غلقها، ويوجد إلى يومنا هذا كنائس مغلقة، فهناك أمور كثيرة للكنائس تحتاج إلى ترتيب وتنظيم منعا لحدوث مشاكل طائفية، وهذا القرار ليس بمحض الصدفة، بدليل أن الكنيسة لديها مئات الكنائس لم تقنن أوضاعها بعد، وإذا كانت «رشوة سياسية» كما تتدعى الإخوان فتكون على الكل مش على هذا العدد فقط وتظل باقي الكنائس معلقة، فهذه الجماعة تريد إثارة الفتن والقلاقل.

 

تتهم الكنيسة بأنها السبب وراء وجود كنائس غير مقننة لقيامها بالبناء دون الحصول على تراخيص.. كيف ترى ذلك؟

مشكلة الكنائس سببها الأساسي عدم وجود مصارحة حقيقية، فالمصارحة ستحل جميع مشاكلنا، ولكل وجود الشعارات مثل: «كلنا واحد- والدنيا بخير- ومصر بخير- وعاش الهلال مع الصليب» كل هذه الأمور لا تحل المشاكل وتبقى كما هى، فهناك بلاد وقرى بالكامل فى الصعيد محرومة من وجود كنيسة بها، والشروط التى كانت موجودة منذ الخط الهمايوني وتم تعديلها مؤخرا، يوجد بها اشتراطات مثل موافقات الأمن والمحافظ، وهذا يصعب من بناء الكنائس، فما زال بناء الكنائس الجديدة وإقامتها متأخرا لا يرتبط بالجو العام الموجود بالبلد، ما يضطر المسيحيين إلى اللجوء للطرق غير قانونية، لبناء كنيسة للصلاة، وهذا ما قاله الراحل البابا شنودة الثالث عندما سأل لماذا تبنى كنائس من غير ترخيص فكان رده: «لو فيه كنائس بتحصل على ترخيص بسهولة مش هنلجأ لذلك».

 

هل هذا مبرر معقول لمخالفة القانون ؟

هذا أمر طبيعي، وواقع احنا عايشينه، مش بنطلب حاجة غلط، هناك قرى محرومة من الكنائس، فلابد من إعطاء التراخيص وتسهيل الإجراءات لبناء الكنائس، والمشكلة الأخرى أنه بمجرد التفكير فى وجود كنيسة فى منطقة ما تجد أن هناك مسجدا يتم بناؤه بجوارها من حيث لا ندري، 90% من كنائس مصر تجد بجوارها مساجد، والعكس لا يحدث فاستحالة تجد مسجدًا مبنيًا ويتم بجواره بناء كنيسة، فأحد الأساقفة فى وجه قبلى تقدم لطلب لبناء كنيسة وطلب أنها تكون بجوار مسجد وقال لهم «علشان أريحكم بدل ما تدونا فى مكان وتتعبوا وتبنوا مسجد جمبينا، خلينا جنبكم» ولكن طلبه أترفض، فماذا يفعل المسيحيون فى ظل هذه الإجراءات الصعبة؟ عايزين مكان نصلي فيه، والحل الأمثل للقضاء على هذه الأزمة أن يكون هناك قرار فوري يصدر لبناء الكنائس، مش نستنى لما البلد تخرب وتحدث فتنة طائفية، وبعد كده نصرف ملايين علشان نحل، الغريب فى كل ذلك أنه رغم كل هذه المشاكل إلا أن هناك مميزات رائعة من قبل المسلمين، ففى حالة حصول أية كنيسة على ترخيص بالبناء يسرع المسلمون فى هذه المنطقة بالمساعدة المادية والعملية، فمنهم من يتبرع بمواد بناء وعمال تعمل من غير الحصول على مبالغ مالية، فهذا هو الإسلام الحقيقي.


لماذا الصعيد بالتحديد تكثر فيه الفتن الطائفية؟

السبب أن الصعيد وخاصة المنيا وأسيوط، يتميز بوجود كثافة مسيحية فى جميع القرى، لدرجة أنه توجد قرى مسيحية بالكامل، ويوجد بها بدل الكنيسة اثنتان وثلاثة، وخاصة فى مركز مدينة أبو قرقاص، فالبعض استغل هذه الزاوية لإدخال الفتنة الطائفية بحجة كيف يتمركز المسيحيون فى المنيا وأسيوط، وبدأ أصحاب الأجندات فى تزكية روح الطائفية، ولو رجعنا بالتاريخ سنجد أنه فى عهد السادات خرجت إشاعة أن المسيحيين يسعون إلى الاستقلال بصعيد مصر ويكونون دولة يكون مركزها أسيوط والمنيا، وهذا غير صحيح لأن هذا غير عملي على الإطلاق؛ لوجود آثار مسيحية منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية، كما أن الإجراءات البطيئة فى الحصول على تراخيص لبناء كنائس ساهمت فى انتشار هذه الفتن إذا لجأ المسيحيون لإنشاء مكان للصلاة فيه.


ما الأجندات الخارجية التى تحرك الفتن الطائفية فى صعيد مصر؟

الأجندات الخارجية تشمل أشخاصا ودولا بالخارج، وكلنا يعلم أن ما يسمى بالربيع العربي، والثورات التى حدثت ونتج عنها تخريب هذه البلاد هى أجندات خارجية تحركها دول بعينها لتحقيق مصالحها الشخصية، فتخطط على مستوى عال جدا وتصطاد أصحاب النفوس الضعيفة لتنفيذ مخططهم، وأتعجب من وجود الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسحيين وإحنا بقالنا 1400 سنة عايشين مع بعض، ورغم كده فشلنا فشلا ذريعا فى حل المشكلة الطائفية، والتى تؤثر بالسلب على الاقتصاد المصري.


بعض أقباط المهجر يلعبون على هذه الورقة فى المحافل الدولية.. كيف ترى ذلك؟

الكنيسة لها نسبة كبيرة من المسيحيين في الخارج، فبعضهم خرج بحثا عن لقمة العيش، والبعض الآخر خرج بغير إرادته من مصر، لتعرضه لاضطهاد، وهذا العدد الكبير للمسيحيين فى الخارج كونوا مجموعات مع بعضهم، لمناقشة أوضاع الدولة المصرية، وهذا دفع الكنيسة منذ عهد البابا كيرلس إلى التواصل مع مسيحيي الخارج لتجمعيهم مرة أخرى إلى حضن الكنيسة، منعا لاستغلالهم من قبل الأجندات الخارجية للتأثير عليهم، والكنيسة ترفض تماما استخدام المسيحيين كورقة للتدويل فى الخارج، فنحن قادرون على حل مشاكلنا بأنفسنا في مصر، وجميع الباباوات تم إغراؤهم من الخارج لاستخدام المسيحيين كورقة ضغط على مصر ولكنهم رفضوا ذلك.

 

بعض الحركات القبطية طالبت بأن تكون هناك رقابة من الجهاز المركزى للمحاسبات على أموال الكنيسة.. ما تعليقك؟

 الكنيسة لا تحتاج إلى رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، لعدم حصولها على أموال من الدولة، والكنيسة هيئة مستقلة بنفسها، ومثلها مثل أى مؤسسة أخرى ممكن أن يحدث فيها بعض السلبيات، وظهر ذلك فى الأحداث الأخيرة، لذلك أمر البابا تواضروس فى قراراته بمراجعة الحسابات المالية للرهبان، وأرى أن الراهب لا بد أن يتفرغ لرسالة الكنيسة الدينية ولا تكون له علاقة بالتعاملات المالية، فمن كان يقوم بهذا الدور المجلس الملى، ولكنه متوقف منذ 2011 والأحداث التى مرت بها الدولة أعاقت إجراء انتخابات المجلس، والموجدين به حاليا لتسيير الأعمال، فكان دوره مسئول عن الرقابة المالية للكنيسة وأيضا الأحوال الشخصية، فأتمنى أن يعود المجلس مرة أخرى، لكى يتفرغ للماديات ويكون مسئولا عن كل كبيرة وصغيرة لأى أموال تدخل الكنيسة، ويتفرغ الراهب والكاهن للجانب الروحي فقط، المشكلة أنه كلما عليت الرتبة الكنسية زادت العطايا لهم من قبل الشعب، والمسيح لما يأمرنا بذلك، وأتوقع أن تشهد الفترة القادمة عودة المجلس؛ لأن البابا تواضروس يضع حاليا لائحة جديدة لعمل المجلس الملي واختصاصاته.

 

البابا طلب من الرهبان تقديم إقرار الذمة المالية.. هل تتوقع أن يستجيبوا لهذا الأمر؟

البريء سيقدم إقرار الذمة المالية الخاصة به، دون خوف، والمتهم سيمتنع عن التقدم.


ما المصير الذى سينتظر الممتنع عن تقديم إقرار الذمة المالية؟

 القرار نص على أنه من سيمتنع عن تقديم إقرار الذمة المالية أو من سيثبت أنه متهم ستكون هناك عقوبات شديدة ضده، تصل إلى الطرد والتجريد وشلحه.


البابا أعطى مهلة لبعض الأديرة بتقنين أوضاعها وتكون تحت إدارته.. هل تتوقع حدوث ذلك؟

نتيجة التضييق على بناء الكنائس، بدأ بعض الكهنة فى إنشاء الأديرة بالصحراء، وكان هذا بعلم اللجنة الدينية بالكنيسة، فهناك أديرة نشأت بدون ضبط أو ربط، وعندما أتى البابا تواضروس لترتيب البيت وضبطه، وجد أن هناك أديرة مستقلة من نفسها، وتجمع تبرعات، ولا تخضع للكنيسة، والبابا أعطى مهلة لهم لتقنين وضعهم وجعلها تحت إدارته، ولكن هناك قلة لديها سلبيات ومتمردة على هذه القرارات، وفى اجتماع  المجمع المقدس القادم، سيتم الاعتراف ببعض الأديرة على رأسهم دير الأنبا مكاريوس بوداى الريان، فالبعض سيستجيب، وهناك قلة سترفض.

 

ما مصير الأديرة التى ستمتنع عن الخضوع للبابا؟

سيطلب البابا من الدولة أن تتعامل معها، لأن الكنيسة لا تعترف بها وأصبحت كيانا ليس له علاقة بالكنيسة من قريب أو من بعيد، وأيضا لن يتم الاعتراف بالرهبان الموجودين به، وهذه ستكون مشكلة أخرى ستواجه البابا، ولابد من التوصل إلى حل يرضى جميع الأطراف.

 

لماذا يوجد الكثير من الاعتراضات على قرارات البابا منذ توليه المسئولية؟

البابا تواضروس مثل أى شخص يمسك منصبا جديدا، يكون متحمسا له ولديه رؤية تختلف عن الذي يسبقه، ولو رجعنا إلى الخلف، سنجد أنه عندما تولى البابا شنودة كان يعانى الكثير فى السنوات الأولى لرسامته، لحد ما بدأ المسيحيون يستوعبون الأفكار التي أتى بها، وهذا ما يحدث مع البابا تواضروس الآن، الذى يرى أن هناك أوضاعا لا بد أن تتغير ويتم  إصلاحها، فلازم تكون هناك مقاومة لكل ما هو جديد.


وما حقيقة أن الحرس القديم هم من يقومون بذلك؟

لا يوجد بالكنيسة ما يعرف بالحرس القديم وهذا الاسم غير مستحب، فهدف كل الكهنة واحد، فليس هناك صراع داخل الكنيسة.

 

مقتل الأنبا إبيفانيوس أكد أن هناك صراعا حقيقيا.. لماذا لا يتم الاعتراف بذلك؟

دير أبو مقار له وضع خاص منذ قديم الأزل، لا يعترف بأى تطور، كما أنه أقل الأديرة فى استقبال الرحلات، فله نظام وخصوصياته الخاصه به، حتى أن حدث خلاف بين الراحل البابا شنودة والأنبا متى المسكين، والتى تأثر به الدير، فمقتل الأنبا إبيفانيوس يحيط به الكثير من الأسرار وهو جناية وعقوبتها الإعدام، وهناك مفاجآت ستظهرها الأيام القادمة في هذه القضية.

 

اعترضت على عقوبة «الشلح».. ما السبب فى ذلك؟

 طلبت من البابا الراحل شنودة هذا الأمر، وجددت طلبى من البابا تواضروس الثانى، بإلغاء عقوبة «الشلح» لأى راهب أو كاهن، واعتراضي لأسباب جوهرية، الكنيسة يوجد بها ما يعرف باسم «سر الاعتراف»، المقصود به «يأتي أى شخص يعترف بارتكابه خطيئة لرجل الدين»، المشكلة بعض الأشخاص بيكون ليس لديهم الوعى، فيحكون تفاصيل الذنب الذى ارتكبه، وطالما أن الكاهن موجود فى الخدمة، فغير مسموح له أن يخرج هذا السر إلى الخارج حتى لو وضعوا سيفا على رقبته، أما إذا تم شلحه أصبح حرا ولا توجد سلطة عليه، وله الحرية أن يحكى  كل التفاصيل، لأنه تم فضحه على الملأ، وكذلك الأسرار الكنسية الأخرى، فأرى أن البديل لـ«الشلح» الإحالة للتقاعد، وهذا يعد تسترًا على أى راهب أخطأ، فالشلح يمثل فضيحة كبرى للشخص الذى وقع عليه، وهذا ما حدث بالفعل فى جريمة الأنبا إبيفانيوس عندما تم شلح الراهب، اعترف فى تحقيقات النيابة أنه مارس العلاقة الحميمة مع سيدات وإحداهن حملت منه، فقرارات «الشلح» خطر يهدد الكنيسة من الداخل ويؤدى إلى تدمير سر الاعتراف.، وباقى الأسرار الكنسية الأخرى.

 

إذا ما العقوبة التي يتم توقيعها على المخطئ؟

إذا أخطأ راهب في الأمور المالية، يتم إبعاده عنها ويتكلف بأمور أخرى، فحاليا تتم عقوبة المخطئ داخل الكنيسة بعدم الصلاة، وأن يجلس فى الدير ولا يخرج منه لمدة 3 سنوات، على عكس الفترات القديمة، العقوبة فيها كانت «روحانية»، فمثلا عندما كان يخطئ الراهب كان تتم معاقبة بصلاة قداسات لمدة 25 يوما فى الشهر، ويقوم بعمل دراسة لسفر أشعيا، ولو عجبت هذه الدراسة الكاهن تتم مسامحته، كانت هذه العقوبة ترتقي بالمستوى الروحي للشخص المخطئ، أما المنع والحرمان تصل بالراهب إلى اليأس والإحباط.

 

ما موقف الكنيسة ممن يقدم على الانتحار وخاصة شهدنا حالات لبعض الرهبان؟

الانتحار محرم وفقا للكتاب المقدس، ومصير من يقدم عليه جهنم وبئس المصير، لأن المنتحر فقد رجاؤه فى الله دنيا وآخرة، وما يحدث فى العصر الحديث نتيجة ضعف الراهب ووصوله إلى مرحلة اليأس، وهم قلة، ومرتبطة بحادث معين، ولا أعتقد أن هذا الأمر سيتكرر مرة أخرى.

 

ما السبب بمطالبتك بتقنين الزي الكنسي؟

الزى الديني المسيحي ينقسم إلى نوعين: الأول وهو الزي العام ويكون لونه أسود يرتديه القساوسة والقمامصة والأساقفة والمطرانة وحتى البابا، والثاني هو الزي الداخلي ويكون لونه أبيض وهو الذي يتم ارتداؤه خلال الصلاة داخل الكنيسة، وطالبت بتقنين الزى الكنسي، لأنه من الممكن أن يقوم إرهابي بارتدائه ويرتكب به جرائم تنسب للكنيسة، فلا بد أن يكون هناك قانون خاص يوقع عقوبة على من يرتدى الزى الكنسي من العامة، مثل ما هو مطبق مع ذى الجيش والشرطة، منعا لوقوع الجرائم.

 

البابا صرح بأن الحج للقدس ليس «حرام»، هل هذا قرار منه بالسماح بالسفر؟

البابا  كان يقصد أن كبار السن فقط هم من يسمح لهم بالسفر إلى القدس، وقرار منع الزيارة صدر منذ عهد البابا كيرلس ومشي عليه البابا شنودة والبابا تواضروس، والرئيس أبو مازن طلب من البابا تواضروس، بالسماح بزيارة القدس، وأيضا كبار السن اشتكوا من هذا القرار، لذلك سمح البابا لكبار السن بالسفر، وزيارة المسيحيين إلى القدس ليست تطبيعا، والهدف منها التبرك فقط، وهي ليست إلزامية، والكنيسة ما زالت ملتزمة بقرار منع سفر الشباب إلى القدس.


هناك من يتهم الكنيسة بأنه يوجد بها كهنة متشددون على غرار «داعش».. ما تعليقك؟

 تشدد بعض الأفراد موجود فى كل الطوائف المسيحية، والتشدد معناه أن رجل الدين المسيحي يتمسك بعقيدته «زيادة عن اللزوم»، وليس لديه استعداد أن يغير فيها أى شيء أو أن تتم مناقشته، فلا يريد مواكبة العصر، ويظل متمسكا بما  كانت تمشي عليه الكنيسة منذ قرون، وهذا التشدد لن ينفع فى شيء، ونحن نحتاج إلى عشرات السنين لكي نقدر أن نغير هذه الأفكار لدي بعض رجال الدين حتى تكون مواكبة للعصر الذي نعيشه.

 

هل معنى ذلك أن الخطاب الديني المسيحي يحتاج إلى تجديد؟

بالطبع، الخطاب الديني المسيحي يحتاج إلى تجديد وتطوير، وطلبت بهذا أكثر من مرة، ولكن للأسف نحن نركز فقط على تجديد الخطاب الإسلامي، ونسينا الخطاب المسيحي، فمصر شهدت بعض التغيرات منها الفتن الطائفية، ولكن للأسف الكنيسة تمشي على أمور ثابتة لا تغيرها، فمثلا صلاة القداس يوم الأحد ستجد أن جميع القراءات  ثابتة في جميع الكنائس على مستوى الجمهورية، مثل قصة "الرجل المشلول"، الظروف التي نعيشها تحتاج إلى أن نجدد هذا الكلام، لزيادة الوعي عند الناس، فلابد أن تشمل العظات ما يحدث من تغيرات اجتماعية التي نعيش فيها، وما يحدث في الحياة اليومية.

 

هناك فيديوهات لبعض الكهنة يزعمون أنهم يخرجون الشيطان من الجسد.. هل هذا معترف به كنسيا؟

إخراج الشيطان من الجسد موجود بالفعل ومعترف به، والسيد المسيح أعطى للرسل والحواريين والتلاميذ هذه الموهبة، فهى موهبة من عند الله، والآباء لا يحصلون على أية مبالغ مقابل قيامهم بهذا العمل، فهذا شرط أساسي أن تقدم مجانا للحصول على هذه الموهبة من الله.


ما موقف الكنيسة من أعمال السحر وتحضير الأرواح؟

 السحر مرفوضا تماما فى الدين المسيحي، والكتاب المقدس حرمه لدرجة أنه يقول من يعمل أعمال سحرية، كان في القدم ربنا يوصى بقتلهم، ووضعهم فى النار، ومن يقوم بعمل السحر أو تحضير الأرواح يتم طرده من الكنيسة تماما؛ لان ليس هذا عمل الكنيسة، فكل هذا بدعه و«شغل شياطين».


ما السبب الحقيقي وراء حب المسيحيين للسيسي؟

الرئيس السيسي احترم وجود المسيحيين كمركز ثقل في الدولة، بدليل إصراره أن يحضر البابا مع كافة الأطياف أثناء إعلان 37، كما أنه الرئيس الوحيد الذي حضر أعياد الميلاد، «لازم الناس تحبه، لأنه أحبنا، وما شافوش منه حاجة وحشة».