رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ماتفوتنيش أنا وحدى

عمر طاهر
عمر طاهر


سألت ابن شقيقتى مداعبا (هو الضمير موجود فين فى جسم الإنسان؟)، كنت أعتقد نفسى بسؤالى هذا «صايع»، لكن ابن أختى فاجأنى بالإجابة «الأصيع» عندما قال (الضمير موجود فى الجسم كله).

لا أجد وصفا للضمير إلا نسخة الفنان محمود مرسى فى مسلسل «أبو العلا البشرى»، فنان كبير يؤدى دورا عظيما من المؤكد أنه كان بديعا على الورق، لكن الحياة لا تسير بهذه الطريقة، تقول الحكمة الأجنبية «الضمير لا يمنعك من ارتكاب الخطأ، لكنه يمنعك من الاستمتاع به»، كان مرسى الذى يلعب دور الضمير فى المسلسل بلا زوجة أو أولاد، تبدو الحياة ثقيلة بالفعل فى صحبة الضمير، العادى فيها هو التأنيب وجلد الذات وأن تجد نفسك تغنى له «ماتفوتنيش أنا وحدى أفضل أحايل فيك.. خلى شوية عليا وخلى شوية عليك»، لكنه مالوش فى «الغنا»، وراحته شروطها صعبة، لكن الحياة بدونها مستحيلة، وعذابه مؤلم مثل نظرة الأم عندما ترتكب خطأ فى حضور الضيوف، والمسكنات فى حضرته عمرها قصير، والألم يزداد بزوال أثرها.

يكون الضمير فى أكسل حالاته فقط فى العلاقات العاطفية، الحقيقة كل ما يمكن أن يفكر يتعرض للعطل على هامش العلاقات العاطفية مثل الضمير أو العقل، وتقول حكمة أجنبية «مشكلة الزواج ليست فى العثور على الشخص المناسب ولكن فى أن تكون الشخص المناسب»، أؤمن بأنه إذا صلح الضمير صلح الغرام، حتى لو كان نهايته الفراق.

تقول الحكمة الإيطالية «الفرق بين الشجاع والجبان أقل من 3 ثوانٍ»، أعتقد أنها المدة التى ينتصر فيها صوت الضمير على أى أصوات أخرى، الضمير ربان أعالى بحار مغرور لا يقبل شراكة فى قيادة المركب، إما أن تشاركه الرحلة بشروطه أو فلتبق وحيدا على شاطئ الندم.

علمتنى إجابة ابن شقيقتى ما لم أكن أتوقعه، ذكرتنى الواقعة بالأستاذ ميخائيل، أستاذ التاريخ فى المدرسة الإعدادية، عندما قال لنا «فى مدرسة الوزارة تتعلم ثم تخوض الاختبار.. فى مدرسة الحياة تخوض الاختبار ثم تتعلم»، يحاول الواحد أن يتعلم ما يجعل ضميره مستريحا، يقول المثل الإنجليزى «هناك نوعان من الناس، نوع يعطى ونوع يأخذ، من يأخذ يأكل جيدا، ومن يعطى ينام جيدا»، ويحاول أيضا أن يتعلم كيف ينظر للجانب المضىء فى تأنيب الضمير، يقول جاكوب ديلان «وخز الضمير أمر جيد، فهو على الأقل يعنى أنك تمتلك واحدا».

نقلًا عن «المصري اليوم»