رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«الطلاق» كلمة السر فى «تعذيب» ربع سكان مصر بالمحاكم

محاكم - أرشيفية
محاكم - أرشيفية


يُعد ارتفاع «نسبة الطلاق» من الأزمات التي ترهق الأسرة المصرية والدولة مؤخرًا، فوفقًا لتقارير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن مصر الأولى عالميًا فى الطلاق، حيث قدر معدّل الحالات 350 حالة فى اليوم الواحد أى حدوث حالة طلاق كل «4» دقائق فى مصر، من أصل 14 مليون قضية طلاق تشهدها المحاكم المصرية سنويًا، بمشاركة 28 مليون شخص أمام المحكمة، أى ما يعادل ربع سكان مصر.


وشهدت معدلات الطلاق خلال الشهر الأخير من العام الماضى ديسمبر 2017 ارتفاعًا بلغت نسبته 29.5%، بينما تراجع معدل الزواج بنسبة 44.8% خلال ذات الشهر.


وبحسب بيانات رسمية صادرة حديثًا عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بلغت عقود الزواج فى ديسمبر الماضى 63.1 ألف تعاقد، مقابل 114.3 ألف تعاقد فى ديسمبر 2016، بانخفاض 44.8% ما بلغ عدد شهادات الطلاق، 18 ألف إشهاد، مقابل 13.9 ألف إشهاد خلال شهر ديسمبر 2016، بارتفاع بلغت نسبته 29.5%، بحسب رصد أولى "بيانات أولية" لجهاز الإحصاء حول تلك المعدلات.


ومؤخرا اقتحمت المؤسسات الدينية هذا الملف، وعلى رأسها ميشخة الأزهر الشريف، فقد؛ استحدث مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية وحدة "لَمِّ الشَّمْل"، بهدف حماية الأسرة المصرية، والحفاظ عليها من التفكك، وهى وحدة متخصصة أنشأها مركز الأزهر العالمى لرصد أسباب الطلاق فى المجتمع، ووضع الخطط المناسبة لعلاجها، والنزول إلى أرض الواقع وعلاج المشكلات معالجة واقعية، والإصلاح بين العائلات والأزواج.


ونجحت وحدة "لم الشمل"، التابعة لمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، فى إنهاء أكثر من (600) خلاف أسري، كاد بعضها يقضى على مستقبل أسرة كاملة، بل إن بعض الخلافات وصل بالفعل إلى الطلاق، لكن المفتين العاملين فى الوحدة نجحوا فى "لم الشمل" مرة أخرى، رغم أن عمر الوحدة لم يتجاوز بعد الأربعة أشهر.


وتقوم آلية عمل الوحدة على تلقى اتصالات هاتفية من أصحاب المشكلات على الرقم (19906)، وأخذ بيانات المتصل، وبيانات الطرف الآخر، سواء كان الزوج أو الزوجة، ثم يبدأ أعضاء الوحدة على الفور فى محاولة الصلح بينهما، عبر الهاتف، وفى حالة عدم الاستجابة هاتفيًا تبدأ الخطوة الثانية وهى الزيارة الميدانية ويتم خلالها التنسيق مع الزوج وأهله والزوجة وأهلها بعد الوقوف على أسباب الخلاف، وإرسال ثلاثة أو أربعة من أعضاء الوحدة للقاء الطرفين، وفى بعض الحالات أمضى أعضاء الوحدة أكثر من 12 ساعة متصلة فى جهود مضنية للصلح.


ونجحت الوحدة فى لم شمل (250) حالة عن طريق التليفون، فيما تطلب إنهاء بعض الخلافات المستعصية إجراء زيارات ميدانية، وقد نجح أعضاء الوحدة من خلال هذه الزيارات فى إنهاء (240) خلافًا، وصل بعضها إلى أعتاب الطلاق.


وتضم الوحدة ستة مفتين، ثلاثة من الرجال وثلاث من النساء، يتلقون الاتصالات الهاتفية الخاصة بأصحاب المشكلات، وتخصص الوحدة مندوبًا لكل محافظة من محافظات الجمهورية من أعضاء مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، بجانب عضو بالوحدة من أبناء المحافظة التى بها المشكلة، لكونه الأكثر دراية بأحوال وعادات وتقاليد المحافظة، بالإضافة إلى واعظ من وعاظ الأزهر فى المحافظة، وفى بعض الحالات تتم الاستعانة بعضو من قطاع المعاهد الأزهرية ليصل العدد إلى أربع.


ويتبع أعضاء الوحدة أساليب مبتكرة وحديثة فى الصلح بين الزوجين المتخاصمين، تشمل إجراء محاكاة لأسباب الخلاف بين الزوجين، فيقوم أحد الأعضاء بعرض أسباب الخلاف من وجهة نظر الزوجة، ويقوم عضو آخر بعرض أسباب الخلاف من وجهة نظر الزوج، وذلك فى حضور الزوجين وأهلهما، ثم يقوم أعضاء الوحدة بعرض الحلول، وبهذه الطريقة يظهر للزوجين الأسباب الحقيقية للخلاف.


وتخصص وحدة "لم الشمل" بمركز الأزهر للفتوى، لكل اتصال استمارة بيانات لتسجيل المشكلة سواء متعلقة بالطلاق أو بالأسرة، وتستمع الوحدة باهتمام للمشكلة، وتسجل كل تفصيلة.


ووفقًا للحالات التي تحلها الوحدة، فإن سبب الطلاق بين الزوجين يرجع إلى إفشاء أسرار المنزل وتدخل غير الزوجين فى تفاصيل الحياة الزوجية  الذى يتسبب فى الانفصال والطلاق بنسبة 44.6%، كما أن نسبة الطلاق تزيد فى الأحياء الفقيرة، نظرا لزيادتها أيضًا فى المدينة عن الريف، لارتفاع سقف الحريّات فيها، وإعالة المرأة نفسها فى بعض الأحيان، ومن الأسباب الأخرى أيضًا انعدام المسئولية وعدم التكافؤ الاجتماعى بين الزوجين والعلاقات التحررية قبل الزواج، وإدمان المخدرات والمسكرات كأسباب رئيسية فى الانفصال، كما كشفت وحدة لم الشمل بالأزهر، أن وسائل التواصل الاجتماعى والإعلامى وعلى رأسها موقع "فيسبوك"، ساهمت بشكل كبير فى حالات الطلاق بنسبة تصل إلى 20% على الأقل، حيث اكتشف مشايخ الوحدة أن الزوج طلق زوجته بعد نشر صور لها ومرافقها على مواقع الفيس الخاصة بهما، بجانب قيام الزوج بطلاق زوجته بعد دخوله عليها وهي "بتكلم رجل غريب شبه عارية".


من جانبه قال الشيخ سليم عبد العزيز عضو وحدة لم الشمل، "إن المشايخ العاملين بالوحدة تواصلوا مع الناس الأول عن طريق الهاتف، لسماع المشكلة وتصنيفها بعد سماع أسبابها وأبعادها وعنوانها، ثم نبدأ نتصل بالطرف الآخر، ثم نحدد ميعاد ونذهب إليه ونحدد جلسة للجمع بين الطرفين، ومعنى تحديد جلسة بين الطرفين أننا توصلنا لنصف الحل، ولازم نسمع من الاثنين، وبنحل بينهما وفي جلسة واحدة، والحمدلله بعد نزع الخلاف بينهما، نضع حلول ونكتبها في استمارة كشروط اتفاق وتصالح، مثل إلزام الزوج بالنفقة والمعاملة بالتي هي أحسن، وزيارة الأهل، وأن يجعل الزوج وقت خروج لزوجته كل فترة، مثل أسبوع أو أكثر حسب ظروفه، كل ذلك بيكتب في استمارة بين الطرفين، وهناك إقرار للتصالح يمضي عليه كل طرف بنفس راضية، ثم هناك شيء مهم عندنا في الوحدة اسمه المتابعة بحيث نتابع مدى التزام الزوجين بالاتفاق الذي تم".


وعن أبرز الخلافات الزوجية وسبب الطلاق أوضح الشيخ سليم، "أن لاختلاف على أشياء تافهة، مثل خروج الزوجة بحرية زائدة مثلما كانت تفعل أثناء خروجها من بيت أهلها، أو أن الزوج يحتاج شيئًا معينًا من الزوجة وهي لا تفعله، ودائمًا هتلاقي اختلاف بين وجهتى النظر في السنة الأولى من الزواج، وننصح الزوجين، أن هذه الخلافات طبيعية ويجب أن نتغلب عليها، ولا يصل الأمر إلى طلاق، وخصوصا إذا كان هناك طفل بعد السنة الأولى من الزواج، فلا بد من المحافظة عليه".


وتابع: وأحيانا تبرز المشاكل من تدخل الأهل في حياة الزوجين، مثل تدخل والدة الزوجة أو والدة الزوج، فهذا سبب من الأسباب، وأيضًا كثرة غياب الزوج عن زوجته بسبب عمله سبب آخر، وأحيانا يكون استخفاف الزوج بزوجته وسخريته بها فيكون سببا من أسباب المشاكل، وهناك حالات طلاق نتيجة عدم وجود شخصية للزوج وتدخل الحمى".


وأشار إلى أن الزوج الأكثر حرصا على عدم الطلاق، حيث إنه أول من يبادر بطلب تدخلنا، وأحيانا تواجهه صعوبات كبير في عدم وقوع الطلاق خاصة من جانب الزوجة التي تتمسك بالانفصال، وأحيانا نجد أن أم الزوجة هي المتحكمة في البيت وترفض الصلح ولكن قد ننجح عن طريق الخطاب الديني في إقناع الفريق كاملا.