رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«ألغام» تهدد خطة «بوتين» فى عقد «قمة الإنقاذ» بين السيسى والأسد

بوتين والأسد والسيسي
بوتين والأسد والسيسي وأردوغان - أرشيفية


خلال الفترة الماضية، كشفت تقارير إعلامية عن سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعقد لقاء قمة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي، والسوري بشار الأسد، وقالت التقارير، إن «هناك مساعى روسية حثيثة لعقد لقاء قمة بينهما، لما للقاهرة من ثقل معنوي قد يمهّد لعودة سوريا إلى الجامعة العربية».


وبحسب التقارير الصحفية، فإن «الاتصالات الروسية في هذا الشأن قطعت شوطا لا بأس به، وأن ما يحول دون عقد اللقاء حتى الآن هو قلق القاهرة من رد فعل الرياض».


وتضيف التقارير أن «المساعي الروسية تحظى بتشجيع من القيادة المصرية التي تعتبر أن معركة البلدين ضد الإرهاب واحدة، خصوصا أن معلومات أجهزة الأمن المصرية تشير إلى أن هناك أكثر من 70 ألف مصري عادوا إلى مصر من سوريا على مدى سنوات الأزمة التي عصفت بالأخيرة، ويشكّل هؤلاء خلايا نائمة تهدّد الأمن المصري».


ومما يدعم مثل هذه التقارير أنه في ديسمبر 2017 صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيبلغ الرئيس السيسي عن الحوار الذي أجراه مع الرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارته لقاعدة حميميم العسكرية.


«النبأ» تفتح ملف العلاقات المصرية الروسية بعد ثورة 25 يناير 2011، والثورة السورية، والدور الذي يمكن لمصر أن تلعبه لحل الأزمة السورية، وإمكانية عقد لقاء قمة بين السيسي وبشار الأسد، وأسباب سعى فلاديمير بوتين لعقد هذا اللقاء، وموقف أمريكا والسعودية المتوقع من عقد هذا اللقاء، وتطور العلاقات المصرية السورية بعد ثورة 25 يناير 2011.


لبيك يا سوريا

اتخذ الإخوان موقفا متشددا من بشار الأسد بعد وصول الرئيس المعزول محمد مرسي لرئاسة مصر، حيث قام بقطع العلاقات مع سوريا، وإغلاق السفارة السورية بالقاهرة، أثناء خطاب حماسي بمؤتمر نصرة الثورة السورية، بالصالة المغطاة باستاد القاهرة، وقال مقولته الشهيرة: "لبيك يا سوريا..هنا العلا وهناك المجد والحسب.. ركنان للطاغي لا زالت ربوعهما قلب الهلال عليه خافق يجب".


ثورة 30 يونيو                                       

وبعد قيام ثورة 30 يونيو 2013، وعزل مرسى عن الحكم وإسقاط حكم «الجماعة»، تحسنت العلاقات المصرية السورية، بسبب موقف الرئيس السيسي الداعم والمؤيد للرئيس بشار الأسد والجيش السوري.


وعندما سئل «السيسي» عن موقفه من الأزمة السورية قال، «الأزمة السورية معقدة جدا، وهناك آراء ومواقف مختلفة على أساليب المعالجة لقضية مستمرة منذ 4 سنوات ومرشحة للزيادة، ونحن قلنا وجهة نظرنا منذ البداية وهي البحث عن حل سلمي سياسي والحفاظ على وحدة الأراضي السورية».


وأضاف: «هناك فرق بين البحث عن حلول أو البحث عن استمرار الأزمة لسنوات. ومعنى حل سياسي سلمي لن يكون الحل لصالح طرفا واحدا وإنما لصالح الجميع، وأعني المعارضة والنظام في ظل البحث عن مخرج حقيقي، ثم نبدأ في معالجة الملفات الأخطر التي تؤثر على الأمن القومي العربي».


سقوط الجماعة

بعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أشاد بشار الأسد في أكثر من تصريح بالعلاقات المصرية السورية في عهد السيسي، كما أشاد أكثر من مرة بموقف الرئيس السيسي الداعم لوحدة الأراضي السورية ووحدة الجيش السوري.


كما قالت بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد، إنه "لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا"، مؤكدة أن "سقوط الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي وقدوم الرئيس عبد الفتاح السيسي كان مهما جدا لسوريا وللمنطقة وللعالم وكان أهم انتكاسة أصيبت بها حكومة أردوغان التي كانت على تنسيق عال مع الإخوان المسلمين في مصر".


الأسد والسيسي وأردوغان والإخوان

يقول الخبراء والمراقبون إن هناك أكثر من سبب يجعل التعاون بين الرئيسين السوري والمصري أمرًا ضروريًا الآن، منها الخطر الذي تمثله جماعة الإخوان على النظامين، وكذلك الخطر الذي تمثله التنظيمات والجماعات الإرهابية على الدولتين، ثانيا هو حالة الاتفاق بين القاهرة ودمشق على كراهية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي يعد أحد المعادين لنظامي السيسي وبشار، حيث تستضيف تركيا قيادات الإخوان وتبث من أرضها قنوات تهاجم النظام المصري، كما أنها تناهض نظام الأسد وتقدم دعمًا لوجيستيًا لجماعات المعارضة المسلحة.


وأثنى بشار الأسد في أكثر من لقاء على موقف الرئيس السيسي من القضية السورية، كما هاجم «أردوغان»، حيث قال في إحدى المقابلات الصحفية، إنه لم يتحدث بشكل شخصي مع السيسي، إلا أنه يعتبر مصر وجيشها وحكومتها  تسير على نفس الجبهة مع سوريا ضد الإرهاب، وأن «مصر والعراق تحارب نفس الإرهابيين، ومن ثم فإننا نعتبرهم دولًا يمكن التعاون معها».


مهمة معقدة

يقول الدكتور مختار غباشي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن هناك أنباء تتواتر منذ فترة عن عقد لقاء بين السيسي وبشار الأسد، لكن لم يتم تأكيد هذه الأنباء أو نفيها سواء من الجانب المصري أو الجانب السوري، مشيرا إلى أن مصر أعلنت موقفها مرارا وتكرارا أنها مع الدولة السورية، ومع الشعب السوري، وهي بشكل أو بآخر مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد، لكن توقيت اللقاء غير معلوم حتى الآن.


وأضاف «غباشي» أن هدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من عقد هذا اللقاء هو محاولة سحب مصر إلى جانب سوريا، مع روسيا وإيران، لكن هناك إشكالية في هذه المسألة، وهي أن حديث روسيا عن هذا اللقاء قد يغضب تركيا، وهي طرف أصيل في الأزمة السورية، وبالتالي هناك أسئلة كثيرة جدا تطرح نفسها بخصوص هذا اللقاء، أهمها هو كيف ستوازن روسيا بين علاقتها مع تركيا وتقاربها مع مصر؟.


وأشار إلى أن هناك إشكالية أخرى تواجه عقد مثل هذا اللقاء، وهي علاقة مصر بأمريكا ودول الخليج وبالتحديد السعودية والإمارات والبحرين، وهي دول تعارض بقاء بشار الأسد في السلطة، عكس الموقف المصري الذي يرى أن بشار الأسد يجب أن يبقى في السلطة، وأن تغييره يجب أن يكون في يد الشعب السوري، وبالتالي لابد أن تسبق هذا اللقاء - لو تم - مشاورات مصرية أمريكية سعودية، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يتطلب وجود ترتيبات كبيرة جدا قبل عقده.


ولفت إلى أن مصر كان يجب أن تكون طرفًا أصيلًا في هذه الأزمة وفي طرح الحلول الخاصة بها سياسيا وعسكريا، وكان لازما على مصر أن تكون على قدم المساواة من حيث التأثير في الملف السوري مع كل من إيران وروسيا وتركيا، مؤكدًا أن وجود مصر في المحور الأمريكي السعودي يصعب عليها لعب دور فاعل في الملف السوري، ويعقد مهمتها في سوريا، منوها إلى أن عقد مثل هذا اللقاء ستكون له تداعيات كثيرة وكبيرة جدا، وعلى مصر أن تكون مستعدة لها.


غضب أمريكا والسعودية

ويقول الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن أفكار الرئيس السيسي كانت موجودة في قمة طهران التي جمعت رؤساء روسيا وإيران وتركيا، والتي ناقشت الأفكار المصرية فيما يتعلق بالأزمة السورية والتى تدور حول الحل السياسي، وعلى ضرورة جلوس كل الفرقاء السوريين على مائدة المفاوضات، وأن الحل العسكري لن يحل المشكلة بل إنه سيعقدها، وهذا ما شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على البحث في عقد هذا اللقاء بين الرئيس السيسي وبشار الأسد.


وتمنى «اللاوندى» أن تصدق مساعي الرئيس الروسي وينجح في عقد هذه القمة المهمة، لاسيما أن بشار الأسد يعول كثيرا على الدور المصري في حل الأزمة، مؤكدا أن مصر لا تخشى غضب السعودية من عقد هذا اللقاء، لاسيما وأن مصر تريد أن تؤكد من خلال هذا اللقاء أنها على مسافة واحدة من كل الدول العربية، وأن وقوفها مع سوريا لا يعني أنها تتخلى عن السعودية أو الإمارات أو البحرين، لافتا إلى أن روسيا حريصة على عقد هذا اللقاء، لأنها تريد أن تكون مصر متواجدة في قلب الأحداث، بسبب ثقلها السياسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه.