رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«لسه الدنيا بخير».. مبادرات شبابية لتوفير العلاج مجانًا لـ«غير القادرين»

إحدى صيدليات توزيع
إحدى صيدليات توزيع العلاج مجانًا لغير القادرين

أدوية «السرطان» و«المناعة» و«الكبد» فى المقدمة
فاطمة الزهراء: نضطر إلى تقطيع شرائط الأدوية إلى أقراص تفاديًا لبيعها فى السوق السوداء


«من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».. لايوجد في الدنيا شيء أفضل وأقرب إلى الله من تخفيف معاناة وألم مريض ومساعدته حتى يتخطى أزمته الصحية، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - (عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"...) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

واختص الله – سبحانه وتعالى- عبادًا تقضى على أيديهم حوائج الناس، كل هدفهم في الحياة هو إنقاذ روح إنسان، حتى أنهم يبذلون في سبيل ذلك كل ما يملكونه من مال ووقت ومجهود.

وخلال الأعوام الأخيرة ظهرت مبادرات شبابية تقوم بتجميع الأدوية التي لا يحتاجها أصحابها ثم تعيد فرزها وتوزيعها مجانًا على غير القادرين من المرضى، وتعد أدوية أمراض السرطان والمناعة والقلب والكبد على رأس أولويات القائمين على مثل هذه المبادرات.

أولى هذه المبادرات هي: «صيدليات الخير»

أسست هذا المشروع الخيري طبيبة صيدلانية منذ عدة سنوات، لكنها تركت المشروع للمتطوعين معها؛ نظرًا لسوء حالتها الصحية، «النبأ» من جانبها تحدثت مع إحدى المتطوعين لمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا العمل الخيري.

«أنا فرد في مجموعة كبيرة جدًا تعمل لوجه الله لو مشلناش بعض يبقى ناس كثير هتموت لعدم توافر العلاج».. بهذه الكلمات بدأت «فاطمة الزهراء محمد» إحدى المتطوعين في مشروع «صيديات الخير»، حديثها، مؤكدة على أنهم لايقبلون أي تبرعات نقدية منعًا لوقوع مشاكل مثل السرقة.

وقالت « محمد»، إنها تعمل في المجال الطبي منذ 25 عامًا ولديها خبرة كبيرة فيه، مضيفة: «فكرة توافر العلاج مجانا لغير القادرين كانت تدور في ذهني من 20 سنة ومكنتش عارفة أبدأ منين لحد ما ربنا وصلني للي كنت بحلم بيه».



وأضافت «محمد» أن عدد الشباب المتطوع في مشروع «صيدليات الخير» كبير جدًا، منهم الأطباء وربات البيوت، والموظفين، مشيرة إلى أن أغلبهم لا يعرفون بعض وأنهم يتواصلون عن طريق مجموعتين على الـ«واتس آب» باسم «صيدلية الخير». 

وأوضحت المتطوعة، أن عملية توفير العلاج تتم من خلال التبرع بالأدوية، حيث يتم فرزها أولًا ثم توزيعها على المرضى، بعد أن يتم التحري عن المريض للتأكد من مصداقيته من خلال طلب صورة من تقارير الأشعة والتحاليل وصورة البطاقة الشخصية، وأخرى من روشتة العلاج، وبعد ذلك يتم عمل ملف له في حال إذا كان من أصحاب الأمراض المزمنة أو تلك التي تحتاج إلى فترة طويلة للشفاء منها، ويتم إرسال العلاج له شهريًا من خلال الشباب المتطوع واختصت بالذكر (عمرو متولي) و(مصطفى سيف) المتطوعين في منطقة عابدين لقيامهم بمجهود أكبر، مشيرة إلى أنه في حالة وجود المريض خارج القاهرة بيتم إرسال مندوب للمحافظات، وأن مسألة السفر هذه تتم بالجهود الذاتية.



 فاطمة الزهراء: نضطر إلى تقطيع شرائط الأدوية إلى أقراص تفاديًا لبيعها فى السوق السوداء

وأشارت «فاطمة الزهراء» إلى أن مسألة التحري عن المريض ضرورية بعد تعرضهم للنصب من قبل بعض الأشخاص معدومي الضمير الذين يدعون إصابتهم بأمراض خطيرة كالسرطان، نظرًا لارتفاع ثمن علاج هذه الأمراض وعند حصولهم على الدواء يتم بيعه بنصف الثمن للمرضى، لافتة إلى أن هذا حدث بالفعل في علاج اسمه «جليفيك 100» وهو خاص بمرضى السرطان ويبلغ ثمن العلبة الواحدة منه 11 ألفًا و750 جنيها، حيث تم بيعه في السوق السوداء بـ5 آلاف جنيه، علما بأنها لا تكفي إلا لشهر واحد فقط، لذلك فإن المتطوعين يقومون بتوزيع العلاج دون العلبة الخارجية له، وقد يضطرون أحيانًا إلى تقطيع الشرائط إلى أقراص حتى لا يتم بيعه في السوق السوداء، خاصة وأن مثل هذه الأدوية يتم توفيرها بصعوبة لغلائها من جهة، ولكثرة المرضى المحتاجين لها من جهة أخرى، حتى أنه قد تجبرهم الظروف أحيانًا لتوزيع شرائط العلبة الواحدة على أكثر من مريض.

أما في حالة عدم توافر دواء معين لأحد المرضى فإنه يتم كتابة اسم العلاج على جروب الـ«واتس آب» للبحث عنه، وإذا وجد صعوبة في توفيره وقتها يتم جمع ثمنه من المتطوعين، كل على حسب مقدرته، وشراؤه وتوفيره للمريض، لافتة إلى أن أدوية مرضى السرطان، وفيرس سي، وأمراض المناعة، تأتي على رأس أولويات القائمين على المشروع نظرًا لخطورة تأخر تناول جرعة العلاج على المرضى.

وذكرت «محمد» بعض الأدوية التي يجد المتطوعون صعوبة في توفيرها منها على سبيل المثال وليس الحصر، فيتامين د، نظرًا لوجود نقص به في الصيدليات، و«كيليكسان» والأخير يعد علاجًا لأكثر من مرض.

وأفادت المتطوعة بأنه يوجد أكثر من فرع لـ«صيدلية الخير» في محافظتي القاهرة والجيزة وذلك في مناطق شبرا، وحلوان، وعابدين، ووسط البلد، والزمالك.

وعن كيفية تواصل المرضى أو ذويهم مع القائمين على المشروع من أجل توفير العلاج، أوضحت أن ذلك عن طريق موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من خلال صفحة «لجنة زكاة مسجد الخلفاوي» ومن ضمن القائمين عليها (بدر أحمد).



واختتمت «فاطمة الزهراء» حديثها مشددة على أن المتطوعين لا يقبلون أي تبرعات مادية، وأنه يمكن للمتبرع بالمال الذهاب للجنة زكاة مسجد الخلفاوي وهي لجنة مرخصة يتم جمع التبرعات فيها ويتم تسليم المتبرع إيصالا بذلك، واللجنة من جانبها تقوم بتوزيع المبالغ حسب الحاجة، نظرًا لأنهم يقومون بعدة مشاريع خيرية، مثل: رعاية الأيتام، وزواج الأرامل، ومعارض خيرية للملابس، وغيرها. 


«الصيدلية المجانية للمحتاجين وغير القادرين»
رامى جمال: لا نقبل تبرعات مادية و«الصيدلية المجانية» لديها فروع بـ4 محافظات

«العلاج ببلاش».. مبادرة قام بها شاب يدعى «رامي جمال»، يعمل مساعد صيدلي منذ 10 سنوات إلى جانب عمله في شركة أدوية منذ 8 سنوات.

يروي «جمال» لـ«النبأ» كيف جاءته فكرة هذه المبادرة قائلًا: «منذ عامين تقريبا كنت واقف في الصيدلية اللي كنت شغال فيها وبيدخلي ناس كثير على قد حالهم يسألوني عن ثمن العلاج ولما يعرفوا إنه غالي ما يشتروش، الفكرة جاتلي من هنا ليه مساعدتش الناس دي خصوصا إني مفيش بيت في مصر مفيهوش علاج زيادة عن الحاجة ففكرت أعمل صفحة على الفيسبوك وأجمع الأدوية» #مبادره_العلاج_ببلاش ( الصيدليه المجانيه ).

وأضاف أن الفكرة لاقت إقبالًا كبيرًا جدًا، وأنه استطاع خلال أسبوع الحصول على كمية كبيرة من الدواء، ونظرًا لصعوبة الاحتفاظ به في منزله خاصة في ظل وجود أطفال، فضلًا عن أن أغلب هذه العلاجات تابعة للتأمين الصحي وهو ما قد يجلب له المشاكل، بحث «جمال» عن أقرب جمعية خيرية له في منطقة البصراوي بإمبابة، واسمها «المؤمن الصادق» وتحدث مع المسئول عنها بشأن توفير الدواء مجانًا لغير القادرين فرحب الثاني بالفكرة ووفر له مكانًا ليكون مقرًا لـ«الصيدلية المجانية». 




وأوضح «جمال» أنه لا يقبل أي تبرعات مادية وأن أغلب الأدوية التي يعتمد عليها هى عبارة عن علاج زائد عن الحاجة في المنازل، مشيرًا إلى أنه في حالة التبرع المالي فإن ذلك يتم عن طريق الجمعية الخيرية وبوصل رسمي مختوم بختم الجمعية.

وأشار «رامي جمال» إلى أنه بعد مرور عامين تقريبًا على تنفيذ مبادرته أصبح لـ«الصيدلية المجانية» 7 أفرع في محافظات أخرى غير القاهرة، وهي: الشرقية، المنوفية، الإسكندرية بجانب فروع الوراق، والعمرانية، وإمبابة، لافتًا إلى أن مواعيد صرف العلاج تكون أيام السبت، والإثنين، والأربعاء، من الساعة 3 مساء حتى الساعة 5 المغرب.

وعن وجود صعوبة في توفير بعض الأدوية، أكد جميع الأدوية متوفرة حتى الأدوية الخاصة بمرضى السرطان رغم ارتفاع ثمنها إلا أنه يتم التبرع بها من خلال بعض الأشخاص المقتدرين، مشيرًا إلى أن ذلك يرجع إلى المصداقية في التعامل مع الناس وأنهم على يقين بأن العلاج يصل للمحتاجين فقط.

ولفت «رامي جمال»، أنه يعمل، خلال الفترة الحالية، على جمع أدوية خاصة بمرض «الكهرباء الزائدة على المخ» وخاصة للأطفال، موضجًا أن علاج هذا المرض غالي جدًا، فضلًا عن أنه غير متوفر، والمريض يحتاج هذا الدواء بصفة مستمرة.

أما عن طريقة وصول العلاج للمرضى خارج القاهرة، قال «جمال»: «بنوصل لأقرب وسيلة مواصلات بتجمع ما بينا وبين المريض وبنوصله العلاج»، مؤكدًا على ضرورة إحضار المريض صورة من «روشتة العلاج» وأخرى من البطاقة الشخصية، تفاديًا لبعض مدعي الفقر والمرض.

واختتم «رامي» حديثه بالإشارة إلى أن الصيدلية لم تكتف فقط بتوفير الأدوية، لكن توجد بها أجهزة تعويضية كالقدم الصناعية، وفراش المرضى الهوائي، وأجهزة الأوكسجين، وأدوية مرضى السكري، والكبد، والسرطان، وغيرها من الأجهزة التي يتبرع بها المرضى الذين تعافوا، أو الأسر التي توفى مريضهم.