رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

التفاصيل الكاملة لمقتل رئيس دير أبو مقار «ملف شامل»

رئيس الدير
رئيس الدير


حالة من الذهول سيطرت على الأجواء الكنسية في مصر عقب مقتل الأنبا إبيفانيوس، أسقف ورئيس دير أبو مقار بوادي النطرون؛ والذي عُثِر عليه مقتولًا إثر ضربه على رأسه داخل أحد ممرات الدير في فجر الأحد، أثناء ذهابه لصلاة القداس.


بدوره انتقل المستشار أحمد حامد، المحامى العام الأول لنيابات جنوب دمنهور الكلية، إلى دير القديس مكاريوس الكبير، الشهير بـأبومقار، فى وادى النطرون، لإجراء المعاينة التصويرية الثانية لموقع مقتل الأنبا أبيفانيوس، أسقف الدير، بعد العثور عليه غارقًا فى دمائه، أمس الأول.


وأسفرت المعاينة الأولية التى أجرتها نيابة وادى النطرون، أن الأنبا عثر عليه مقتولا فى ممر مظلم لا تتوافر فيه أى إضاءة ويقع بين مسكنه القلاية وإحدى كنائس الدير، مشيرة إلى وقوع الكنيسة على بعد ما بين 300 و400 متر من القلاية.


ووفق المعاينة، فإن أبيفانيوس خرج من مسكنه، وسار نحو 150 مترا فى طريقه إلى الكنيسة، لحضور صلاة القداس، حتى باغته الجانى وقتله داخل الممر.


وأظهرت مناظرة النيابة العامة للجثة، إصابة المجنى عليه بتهشم فى الجمجمة من الخلف، وخروج أجزاء من المخ، نتيجة التعدى عليه بأداة حادة لم يعثر عليها فى مسرح الجريمة.


ورفع خبراء الأدلة الجنائية عقب معاينة النيابة، الآثار البيولوجية من مسرح الجريمة، بجانب عينة من الدماء، وانتدبت النيابة الطب الشرعى لتشريح الجثة، لتحديد أسباب الوفاة وتوقيتها.


وعن احتمالية تسلل أحد من الخارج وتنفيذ الجريمة، أسفر فحص النيابة عن أن الدير مؤمن بشكل كامل، إذ يرتفع سوره وتتمركز عدة سيارات شرطة خارجه وتتواجد بصفة مستمرة خدمات مباحث ونظامية وقوات أمن مركزى، بجانب كاميرات مراقبة على باب الكنيسة التى كان المجنى عليه متوجها إليها، والتى تم تحريزها والتحفظ عليها، ويتولى المحامى العام مراجعتها وتفريغها بنفسه لبيان مدى التقاطها الواقعة أو المساعدة فى تحديد هوية الجانى.


واستمعت النيابة لأقوال 12  شاهدا من المقيمين برفقة الأنبا أبيفانيوس بالدير، الذين أكدوا عدم وجود عداوات له، فيما قرر خادمه الخاص أنه رآه آخر مرة فى قلايته عصرا، حين قدم له الغداء، ولم يره بعدها حتى عثر عليه مقتولًا فى الرابعة والنصف فجرا.


وقال الرهبان المرافقون لجثمان الأنبا الراحل فى مشرحة مستشفى دمنهور العام،: «فوجئنا أثناء صلاة القداس الإلهى بتأخر وصوله لرئاسة القداس، كعادته اليومية باستيقاظه مبكرا فى الساعات الأولى من الصباح، فخرجنا للبحث عنه لنجده على السلالم عقب خروجه من قلايته فى حالة مع دماء كثيرة أسفل رأسه».


وتابعوا: «اتصلنا بالإسعاف ومركز شرطة وادى النطرون، مشيرين إلى أن مرتكب الجريمة استخدم آلة حادة هشم بها رأس الأسقف الراحل».


من جانبه قال الراهب شنودة المقاري، أحد رهبان دير أبو مقار بوادي النطرون، عبر قناة سي تي في التابعة للكنيسة:، «كل الفرضيات مطروحة بخصوص الجانى، واستبعد أن يكون يكون عملا إرهابيا، وأدعو الجانى إلى تسليم نفسه لأقرب قسم شرطة»، مضيفًا: «الأسقف أصبح الشهيد رقم 50 فى تاريخ الدير».


وأشار «المقارى» إلى أن المسافة بين «قلاية» رئيس الدير والكنيسة حوالى 120 مترًا، وأنه كان من المقرر أن يشهد القداس فيها فى حوالى الساعة 3.30 صباحًا، وأن أحد الرهبان الذى يقيم معه فى بلوك رقم 5 اكتشف الإصابة، على مسافة 20 مترًا من قلاية رئيس الدير، وجرى على الكنيسة وأبلغها، وتم نقله إلى العيادة بالدير.


وأضاف أنه بعد الحادث وصل إلى الدير حوالى 60 شخصًا من رجال النيابة والمباحث وأمن الدولة، وظلوا بالدير حتى وقت متأخر، وقضى 12 منهم ليلة الأحد فى الدير.


وأوضح «المقارى» أنه توجد ثغرة تجعل كل الفرضيات مطروحة، وهى أن كل أبواب الدير تغلق كل يوم، ما عدا ليلة السبت والتى يليها صباح الأحد، (ليلة الحادث) فالسور الأثرى يظل مفتوحًا لوجود عدد من الضيوف الزائرين من خارج الدير، مشيرًا إلى أن المسافة بين المضيفة وقلاية رئيس الدير حوالى 80 مترًا.


وقال إنه لا توجد شبكة متكاملة من الكاميرات فى الدير، ولكن البوابة لها كاميرات خاصة بها، وكذلك منطقة الكنائس، ولكن سور القلالى والطرق ليس بها كاميرات، وقواعد الدير لا تسمح بدخول أى شخص من خارج الدير إلى منطقة القلالى.


وأشار إلى أن الدير شهد منذ أسبوع واقعة تجاوز أحد الأفراد سور الدير وتسلقه واختبأ بالداخل، ثم تبين بعد ذلك أنه مختل عقليا، مضيفا: «عثرنا عليه وأخرجناه».


بدوره قال الراهب باسيلوس المقارى، المسئول عن مطبعة دير الأنبا مقار بوادي النطرون، إن المنطقة كانت خالية من كاميرات المراقبة لكونها كانت منطقة رهبان، ولا يدخل ولا يخرج منها إلا الرهبان، مؤكدا إلى أنهم أصدروا قرارًا بتركيب كاميرات لمراقبة المنطقة بالكامل عقب وقوع الحادث.


وأوضح "المقاري" أن واقعة مقتل الأنبا مقار بوادي النطرون نتيجة اعتداء مجهول عليه بآلة حادة أدت إلى مقتله، لافتا إلى أن وكيل النيابة والشرطة عاينوا مكان الحادث بكل حرص، وحققوا مع الرهبان لمعرفة القاتل، ولكن لم يتوصلوا لنتيجة حتى الآن.

 

تعليمات مشددة من  البابا تواضروس للرهبان.. والمتحدث: ما أثير على مواقع التواصل الاجتماعى غير صحيح

أعرب قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عن حزنه على رحيل الأنبا ابيفانيوس أسقف دير أبو مقار الذي توفي بشكل غامض فجر الأحد.


وقال البابا تواضروس في عظة الجنازة التي بدا فيها حزينًا باكيًا: "أمام هذا المصاب الجلل لا يهتز إيماننا بالله ضابط الكل، هو الذي يضبط الحياة، وهذا المصاب هزني أنا شخصيًا، الأنبا إبيفانيوس نموذج مشرق، فقد كان كوكبًا مضيئا، وهو أول أسقف يقام في عهدي".


وأضاف البابا: "كنت أسترشد به كثيرا في قراراتي فقد كان غزير المعرفة ولم تكن معرفته سطحية في كل دراساته وحياته والمخطوطات التي يحققها كان عميق المعرفة وكنت أكلفه بحضور المؤتمرات ليمثل الكنيسة فقد كلفته بـ20 مؤتمرا فى 5 سنوات ليمثل فيها وجه الكنيسة القبطية ويمثل مصر واستضاءت بمعرفته الأرض".


ووصف البابا تواضروس الانبا ابيفانيوس بغزير المعرفة مضيفًا: "نقيم حلقات دراسية للرهبان والراهبات ويتعلم الآباء الكثير منه ويرشدهم ويجيب على الأسئلة وجعل المعرفة في متناول كل الناس، فالأسقفية ليست جاها ولا منصبا ولا ملابس بل قامة دراسية ومعرفية".


واستكمل البابا: "فقد كان نموذجا وقامة واحتل هذه المكانة وكان يشرف الكنيسة القبطية أمام كنائس العالم"، متابعًا: "أنتج كتبًا كثيرة وطبعها الدير في مجالات معرفية مختلفة، زرت هذا الدير بعد تعيينه وقضيت يومًا في رحاب الآباء الأحباء ونفتخر بهذا الدير".


واستطرد البابا: "قلما نجد هذا النوع من الآباء الأساقفة، وكان يتمتع بالبساطة في ملبسه ومسكنه وطعامه فقد كان بسيط الحياة جدا وكان يفضل الجلوس في الصفوف الأخيرة".


ونعى البابا الأنبا ابيفانيوس، قائلا: "خسرناك فعلًا ولكن اسمك الذي مستمد من النور سيظل نورًا في المجمع المقدس واسمك سيظل خالدًا وطوبى لهذا الدير الذي أنجب هذه الشخصية المباركة الدير الذي انجب قديسين وأساقفة".


وقال للحاضرين في الجنازة: "أشهد أمام الله وأمامكم أن هذا النموذج رفيع في الحياة الروحية، وقد كان طبيبًا متميزًا وهادئًا ودخل إلى الدير في عمر الثلاثين وتتلمذ على يد الآباء وصار محبوبًا بينهم".


وتابع البابا تواضروس: "لم تدم أسقفيته إلا خمس سنوات لكنه قدم الكثير، فإن لم نتعز ونتعلم من هذا الإنسان الملائكي الذي أهدته لنا السماء فسوف نخسر كثيرًا".


ووجه البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عدة نصائح إلى رهبان دير الأنبا مقار العامر قائلًا: "أرجو لآباء الدير السلام فى قلوبهم فأنتم رهبان تنتمون لهذا الدير العريق وشيوخه فأنتم تلاميذ القديس مكاريوس الكبير، لا تنتموا لأى أحد آخر".


وأضاف: وعندما دخلتم الدير وصار بينكم شيوخ الجميع ينتمى لأب الرهبنة الكبير فاحفظوا سلامكم ورهبنتكم وأخرجوا منكم أى انحراف بعيد عن هذه الرهبنة التى هى أمانة فى حياة كل منا.


واستطرد: فلتحفظوا السلام والهدوء والمحبة بينكم وتطردوا على كل ضعف. مؤكدًا: ونحن نتنظر نتائج التحقيقات ولم نصل إلى شيء. متابعا: "الرهبان ليس من حقهم الظهور الإعلامى بأى صورة من الصور، لقد انقطعتم عن العالم فلا تعودوا بأي صورة من الصور من أجل أبديتكم وخلاصكم ليحفظكم إله السلام ويحفظ الدير".


وأكد القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أنه لابد من انتظار نتيجه التحقيقات التى تجريها النيابة العامة والأجهزة المعنية، نافيا ما أشيع على مواقع التواصل الاجتماعى بشأن توجيه الاتهام لبعض الرهبان فى الدير أو العاملين به.


وأشار "حليم" إلى أن الكنيسة أصدرت بيانا أكدت فيه أنه نظرا لأن غموضا أحاط بظروف وملابسات رحيله، تم استدعاء الجهات الرسمية وهى تجري حاليا تحقيقاتها حول هذا الأمر  ونتتظر ما سوف تسفر عنه نتائج التحقيقات.

 

محاولة فاشلة لاغتيال البابا يوساب الثانى بعد خطفه.. ومقتل 3 قساوسة آخرين

وشهدت الكنيسة القبطية حوادث قتل مماثلة، ويذكر التاريخ الكنسي حالات قتل لرؤساء أساقفة ومطارنة بالكنيسة خلال السنوات الماضية، إلا أنها قيدت ضد مجهول وهم: “الأنبا ثاؤفيلس، مطران القدس والشرقية ومحافظات القناة، والذي رشح مرتين للكرسي البابوي، وقتل عام 1945 في أرض دير الأنبا أنطونيوس بمنطقة “بوش”، بعد إصابته بطلق ناري.


كذلك واقعة مقتل الأنبا مرقس، وهو أول أسقف مصري لجنوب إفريقيا، والذي وجد مقتولًا بالرصاص داخل سيارته المسجلة باسم دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، عام 1953، قبل وصوله للطريق العمومي الواصل بطريق الدير.


الثالثة: “الأنبا يوأنس، مطران الجيزة والقليوبية وسكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذي قتل بالسم حسب مراجع كنسية، عام 1963، إذ كان يستعد لحضور أكليل “زفاف”، وأصيب بـ”الكحة”، فأحضر له الشراب من غرفته وشربه قبل أن يشعر بهبوط في الدورة الدموية ويتوفى بعدها بدقائق، وقيل إن “سم شديد الخطورة وضع في زجاجة الدواء”، وطلب وقتها البابا كيرلس السادس من النيابة التحقيق، وتم تشريح الجثمان، إلا أنه لم يتم تحديد هوية المتهم”.


كما شهد تاريخ الكنيسة المعاصر حالة لعزل خليفة مار مرقس، وهو البابا يوساب الثانى البابا الـ 115 على سدة مارمرقس فى الفترة من 1946 حتى 1956، وعقب وفاته ظل الكرسى البابوى شاغرًا ما يقرب من العامين ونصف العام.


حيث قامت جماعة الإصلاح القبطية، والتى كانت تهدف إلى الإصلاح، بخطف البابا يوساب الثاني، فى فجر أحد أيام يوليو عام 1954م؛ وقام خمسة شبان أقباط بهجوم مسلح على المقر البابوي، اقتحموا خلاله بوابة دار البطريركية بكلوت بيه، وصولًا إلى غرفة البابا، ليجد نفسه محاطا بثلاثة مسلحين يشهرون الأسلحة، ويطلبون منه أن يسرع بارتداء ملابسه لأنه سيذهب معهم.


البابا الـ115 على سدة مار مرقس استجاب لطلباتهم، واستعد أن يذهب معهم، ليجد نفسه مجبرًا على التوقيع على ثلاثة قرارات بالغة الخطورة، تضمنت تنازل البطريرك عن العرش البابوي، وتعيين الأنبا ساويرس، مطران المنيا بدلًا منه، ودعوة المجمع المقدس والمجلس الملى العام لانتخاب بطريرك جديد، وتوصية لتعديل لائحة انتخاب البطريرك، بحيث يشترك فى انتخابه جمهور رعاياه من العلمانيين.


وبعد أن وضع المسلحون من أعضاء الجماعة البابا فى الدير، قاموا بإصدار بيان يعلنون فيه تنازل البابا عن الكرسي، كما أنه وقع إقرارا بالفساد المستشرى فى الكنيسة، وتطلب من الشعب القبطى أن يقوم بانتخاب بطريرك آخر، وتحذر الدولة من التدخل فى شئون الأقباط الداخلية.


ورغم الظروف السياسية فى البلاد، أرسلت الحكومة وزير التموين، جندى عبدالملك، إلى المقر البابوى للتفاوض مع الجماعة التى قامت بالعملية، حيث كان يعتقد أن الأمر يتعلق بمسألة قبطية داخل الكنيسة.


ولكن الوزير قام بإبلاغ وزير الداخلية لشكه فى وجود مخطط جنائي، بعدها اقتحمت الشرطة المبنى، وألقت القبض على الجناة ومعهم 37 من أتباعهم، وسارعت بتحرير البابا وأعادته إلى المقر البابوي، وحكم على مؤسس الجماعة بالسجن لمدة ثلاث سنوات.


الجماعة لم تكن بدايتها صادمة مع خليفة مار مرقس 115، فور منحها ترخيص عملها من قبل وزارة الشئون الاجتماعية، رحب البابا بها ظنًا منه أنها نشأت لمواجهة الفكر الإسلامى المتطرف، الذى قامت به جماعة الإخوان، إلا أنها فى النهاية دبرت محاولة لقتله فى 20 سبتمبر 1955، قام بها عبد المسيح باشا، أحد المتهمين فى قضية الاختطاف.


وفى نوفمبر 1956 اعتقل إبراهيم فهمى هلال مؤسس جماعة الأمة القبطية مع آخرين لأسباب سياسية تتناول إصلاح وتسوية قضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين.


ورغم رفض غالبية الأقباط إجبار البابا وخطفه تحت تهديد السلاح، فإنه فى 21 سبتمبر 1955، جرد البابا يوساب الثانى رسميًا من مهامه البابوية، وأُرسل إلى دير المحرق بالقوصية التابعة لمحافظة أسيوط، حيث اشتد النزاع بينه وبين المجمع المقدس، بسبب رفضه بعض المطالب الإصلاحية، وذلك فى 25 سبتمبر 1954 لدرجة إغلاق باب البطريركية فى وجه أعضاء المجمع لمنعهم من الاجتماع.


وبعدها قام المجمع يوم 27 سبتمبر 1955 بتعيين لجنة ثلاثية من الأساقفة مكونة من الأنبا أغابيوس مطران ديروط وصنبو وقسقام، والأنبا ميخائيل مطران أسيوط، والأنبا بنيامين مطران المنوفية، للقيام بأعمال البطريرك الذى سافر إلى دير المحرق باختياره.


3 سيناريوهات لجريمة القتل.. والدير معروف بوجود خلافات داخلية به منذ البابا الراحل شنودة

كشف أحد المصادر عن وجود 3 سيناريوهات محتمله لجريمة مقتل رئيس الدير، الأولى أن يكون مرتكب الجريمة أحد رهبان الدير، أو أحد العمال الذين يعملون في المزارع الملحقة بالدير، أو عمل إجرامي تم من خارج الدير"، مشيرًا إلى أن الشرطة والنيابة يعملان على تتبع خيوط واستبعد المصدر فرضية العمل الإرهابي وراء الجريمة كون أن الأسقف ليس بالشخصية العامة الشهيرة ولا يمكن تمييزه عن باقي رهبان الدير، لافتا إلى أن الهدف من الجريمة هي "قتل رئيس الدير" وليس "السرقة"، وهو ما يعني أن الجاني ستوجه إليه تهمة "القتل العمد مع سبق الأصرار والترصد".


ويعد الأنبا “إبيفانيوس” من أشهر تلاميذ الأب متى المسكين الذي دافع عنه أمام هجوم تيارات “المتشددين” في الكنيسة، والأب متى المسكين، من أشهر رهبان دير أبو مقار الذي شهد الدير هجوما من بعض التيارات داخل الكنيسة التي توصف بالمتشددة بسبب كتابات الأب متى المسكين، والذي دخل في صدام مع البابا شنودة الثالث والأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ والبراري، وهو صدام فكري، ترجم في كتب، حيث منعت الكنيسة 48 كتاب للمسكين وصفت بانها تحتوى على خلافات فكرية، فضلًا عن علاقات المسكين مع الرئيس الراحل أنور السادات وتبريره قرار “السادات” بعزل البابا وتشكيل لجنة بابوية لإدارة شؤون الكنيسة وقتها.


وكان البابا شنودة منذ وصوله للكرسي البابوي دائم الحرص على زيارة دير أبو مقار، إلا أن تلك الزيارات توقفت عند عام 1978، ولم يزور الدير حتى وفاة الأب متى المسكين عام 2006، وزار البابا دير أبو مقار عام 2009، وذلك بعد 3 سنوات من وفاة المسكين، وتقدم الأنبا ميخائيل مطران أسيوط الراحل ورئيس الدير منذ عام 1946، باستقالته من رئاسة الدير، وقام البابا شنودة خلال تلك الزيارة بالباس الرهبان "قلنسوة" –غطاء رأس للرهبان- معتمدا من المجمع المقدس كان الأب متى المسكين لا يعترف به ويرفض ارتداءه، وحدث بعد وفاة المسكين انشقاقات داخل رهبان الدير، وحتى وفاة البابا شنودة عام 2012، وعودة الأنبا ميخائيل للإشراف على الدير من جديد، قبل أن يطلب من البابا تواضروس فور توليه المسئولية اختيار رئيس جديد للدير وهو ما تم عبر الانتخابات التي شارك بها رهبان الدير، وأسفرت عن اختيار الراهب أبيفانيوس المقاري، والذي أوصاه البابا قبل رسامته في 10 مارس 2013 بـ"لم شمل الدير".


وتصاعدت خلال الفترة الماضية، داخل الكنيسة صدامات وخلافات حول بعض التعليم الكنسي، والذي كانت تصوب الهجوم على اتباع وتلاميذ الأب متى المسكين، وانتهت بتشكيل المجمع المقدس في مايو الماضي لجنة لمراجعة التعليم الكنسي بالكنيسة.


ويعد الأنبا إبيفانيوس، من تلاميذ الأب متى المسكين، فيكفي ما قاله الأسقف عام 2016 عن "المسكين" في مؤتمر "بوزيBose" بإيطاليا، بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة المسكين: "من الصعب على غير الدارسين لتاريخ الكنيسة القبطية في العصر الحديث أن يُدركوا مدى الأثر الذي تركه الأب متى المسكين في نظرة الأقباط للكنائس الأخرى، أو مدى تأثير الأب متى المسكين على الحياة الرهبانية، وعلى حقل الدراسات الآبائية والإنجيلية في مصر، ومنذ أول يوم لتكريس حياته للرهبنة، وضع الأب متى المسكين في قلبه أن يحيا حياة رهبانية تقوم على مبادئ الإنجيل ووصايا قدِّيسي الرهبنة، أحدثت كتابات الأب متى المسكين تغييرًا ملحوظًا في مجال التعليم في الكنيسة القبطية، والسبب الحقيقي وراء هذا التغيير، أنَّ الأب متى المسكين لم يتتلمذ على اللاهوت القبطي المعاصر أو المستحدث الذي كان منتشرًا في ذلك الوقت؛ إذ أنه بتدبيرٍ إلهي، حسب تعبيره، حصل على مجموعة كاملة لأقوال الآباء مُترجمة إلى اللغة الإنجليزيـة، فقرأها بنهَمٍ. فانطبع فكر الآباء على تفكيره، واصطبغت حياته بسِيَر قدِّيسي الكنيسة، فخرجت كتاباته لها طعم كتابات آباء الكنيسة، دون الحاجة لذِكْر نصوص كثيرة حرفية لهم.. لقد آمن الأب متى المسكين أنَّ الوحدة المسيحية يمكن أن تتحقَّق، ليس عن طريق الحوار المسكوني بالدرجة الأولى، ولكن عـن طريق قدِّيسي كلِّ كنيسة، الذيـن بصلواتهم وسيرتهم سوف يُلهمون قادة الكنائس ما يُعينهم على إتمام الوحدة.. نُصلِّي أن تعود الرهبنة لأُصولها الأولى، كما اشتاق أبونا متى المسكين وسَعَى في سبيل ذلك كل حياته، وهذا أيضًا ما يتمنَّاه البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إذ صرَّح مرارًا وتكرارًا أنَّ هذا هو ما يرجوه للرهبنة، لأن نهضة الكنيسة لن تتحقَّق دون النهوض بحياة الرهبنة".


وأوضحت المصادر أن دير أبو مقار من أشد الأديرة حساسية داخل الوسط الكنسي، نظرا للانقسام المستمر داخله بين مؤيدي البابا الراحل شنودة الثالث، والقمص الراحل متى المسكين.


وفى مايو الماضى عقد اجتماع المجمع المقدس الأخير للكنيسة القبطية، وهو المجمع الذى شهد قرارات تاريخية وتغييرات هيكلية فى المناصب الكنسية، حيث عين البابا تواضروس الأنبا إبيفانيوس مراقبًا للجنة البابوية للحوار إيمانًا من البابا بقدرات «إبيفانيوس» ومدرسة متى المسكين الرهبانية فى التقارب مع الكنائس الأخرى، حيث كان الراهب لديه إيمانه العميق بالحوار لا الشقاق، بالتقارب لا الصراع بين الكنائس الأخرى، والذى عول عليه البابا فى الفترة الأخيرة، إلا أن الموت خطفه قبل بداية مهتمه.


وأشار المصدر إلى أن سياسات البابا الأخيرة أغضبت الكثيرين من أبناء الحرس القديم، وخاصة بعد اعتماده بنسبة كبيرة على تلاميذ الأب متى المسكين لتنفيذ خطته الإصلاحية بالكنيسة، موضحا أن هذا الحادث يدق ناقوس خطر كبير حول تعطيل حركات البابا تواضروس الإصلاحية.


بدوره قال المستشار نجيب جبرائيل، مستشار الكنيسة، إنه حتى الآن لم تشر أصابع الاتهام إلى من المسئول عن مقتل الأنبا إبيفانيوس، مشيرا إلى أن قيادات الدولة ظلت لمدة 42 ساعة تعمل ولكنها لم تتوصل إلى القاتل حتى الآن، متوقعا أن يتم الكشف عن القاتل خلال 24 ساعة القادمة.


وأكد "جبرائيل"، أن التاريخ الكنسي لم يشهد إحدى محاولات اغتيال من قبل الرهبان لأحد من الأسقافة، موضحا أنه توجد خلافات فكرية فى العقائد ولكن لا تصل لحد القتل، واصفا حادث مقتل الأنبا إبيفانيوس بالجريمة البشعة.


ورجح مستشار الكنيسة، أن يكون الحادث إرهابيا لإرسال رسالة للبابا تواضروس أنهم من الممكن أن يستهدفوه فى أى وقت حتى لو كان فى العباسية، مضيفا أنه نتائج التحقيقات ستكشف عن الجانى الحقيقي.