رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تقارير «الموساد» تكشف عن دور السيسي في تعطيل «صفقة القرن» ومواجهة «ترامب»

السيسي وترامب - أرشيفية
السيسي وترامب - أرشيفية


بعيدًا عن تفاصيل الصفقة التي لم يتم الكشف عنها حتى الآن، تحاول الإدارة الأمريكية بكل الطرق إقناع قادة مصر والسعودية والأردن، بالموافقة على خطة السلام الأمريكية لحل الصراع العربي الإسرائيلي، والمعروفة إعلاميًا باسم «صفقة القرن».


ووضعت الجولة الأخيرة التي قام بها مبعوث ترامب لعملية السلام جيسون غرينبلات، وصهر ترامب ومستشاره الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط جاريد كوشنير، والتي شملت كل من مصر والأردن وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، الكثير من النقاط على الحروف في تلك الصفقة غير المعروفة.


فقد ذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم» الإسرائيلية، أن خطة «صفقة القرن»، باتت شبه جاهزة، ودخلت مراحلها النهائية، وقد يتم الإعلان عنها قريبا، مشيرة إلى أن هذه الصفقة أشرف على إعدادها طاقم أمريكي، على رأسهم جيسون غرينبلات، ودافيد فريدمان، وجاريد كوشنير.


وبعد الجولة التي قام بها الوفد الأمريكي للمنطقة وشملت مصر والأردن والسعودية وإسرائيل، قالت صحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيلية: إن التوقعات لدى طاقم عملية السلام الخاص بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "صفقة القرن" تبدو منخفضة في ختام جولة المحادثات في الشرق الأوسط، التي أجراها المبعوثان الخاصان جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات، إذ تولد لديهما الانطباع، أن فرص نجاح هذه الخطة، التي يعملان لدفعها قدمًا منذ سنة ونصف السنة، ضئيلة جدًا.


وأضافت الصحيفة أن السبب الرئيسي لهذه التوقعات المتدنية هو المقاطعة التامة التي يفرضها الفلسطينيون على الإدارة الأميركية، بما في ذلك العملية التي يقودها كوشنر وجرينبلات أيضًا.


وتابعت الصحيفة العبرية، أن المبعوثين، اصطدما خلال جولتهما الأخيرة في دول المنطقة، بعقبة أخرى تتمثل في معارضة بعض الزعماء العرب، على الأقل، لإمكانية عرض الخطة "من فوق رأس" الفلسطينيين.


مشيرة إلى ما قاله العاهل الأردني الملك عبد الله في أحد لقاءاته في العاصمة الأميركية، عندما حذر من أن نشر الخطة الأميركية من دون تعاون من جانب الفلسطينيين سيكون "كارثة".


وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن صفقة القرن تحتاج إلى بعض التعديلات والإضافات، خاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي لقطاع غزة، وليس من الناحية السياسية فحسب.


ونقلت الصحيفة العبرية عن ثلاثة مسئولين أمريكيين قولهم إن الإدارة الأمريكية تشعر بالإحباط بسبب الإصرار الفلسطيني على مقاطعة الجولة، والرفض العربي للصفقة في شكلها الحالي.


وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن دولًا عربية، دعت الولايات المتحدة إلى الكف عن كشف تفاصيل خطة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي يعمل البيت الأبيض على إعدادها.


ونقلت الصحيفة عن مسئول فلسطيني رفيع المستوى قوله: إن ممثلين عن تلك الدول العربية حذروا وفدًا أمريكيًا زار الشرق الأوسط مؤخرًا من العواقب المحتملة لنشر تفاصيل «صفقة القرن».


وأوضح الممثلون، حسب المسئول، أن دولهم تواجه تحديات داخلية وإقليمية في المنطقة التي تشهد الحرب في سوريا والتدخلات الإيرانية.


وأضاف التقرير، أن الممثلين العرب أكدوا للسلطة الفلسطينية، بأن أي خطة لا تلبي تطلعات الفلسطينيين، تهدد بتصعيد حدة التوتر في الشرق الأوسط.


وكانت صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية، قد زعمت أن مسئولين كبار في كل من الأردن ومصر والسعودية والإمارات، أبلغوا المبعوثين الأمريكيين كوشنر وجيسون جرينبلات، بأن الدول العربية المعتدلة لن تمنع الإدارة الأمريكية من طرح خطة السلام المعروفة بـ«صفقة القرن» حتى بدون موافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.


وزعمت الصحيفة العبرية، أن موقفًا عربيًا مشتركًا بين مصر والأردن والسعودية والإمارات، يقضي بعدم الاعتراض على الخطة المقدمة من الإدارة الأمريكية رغما عن “أبو مازن”، وفقًا لتسريبات مصدر مصري.


رسالة قوية  

ونشرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية كواليس المناقشات والمفاوضات، التي أجراها ممثلا ترامب، جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات بشأن التسوية للقضية الفلسطينية، ما يعرف باسم "صفقة القرن".


ونقلت الصحيفة تصريحات عن مسئولين فلسطينيين قالوا فيها، إن المناقشات مع بعض قادة الدول العربية تضمنت توجيه رسائل قوية إلى الولايات المتحدة وترامب بأن أي خطة سلام في الشرق الأوسط لا تلبي التوقعات الفلسطينية، يمكن أن تزعزع الاستقرار الإقليمي للمنطقة بأسرها.


ونقلت الصحيفة عن أحد كبار المسئولين الفلسطينيين قوله إن: "ممثلو الدول العربية حذروا أعضاء الوفد الأمريكي من أن تداعيات الكشف عن خطة القرن قد تكون وخيمة على كل الشرق الأوسط".


وتابع المسئول الفلسطيني: «كما أبلغ القادة العرب الإدارة الأمريكية بأن بلدانهم تتعامل مع تحديات داخلية لا تقل خطورة عن الحرب في سوريا أو التدخل الإيراني في المنطقة».


وأضاف: «مصر مثلا تواجه تحديات داخلية عديدة بجانب مكافحتها للإرهاب في سيناء، كما تتعامل الأردن مع صعوبات عديدة على الجبهة الداخلية، وتداعيات الحرب في سوريا لا تبسط الأمور بالنسبة لها، كما أن السعودية تواجه تحديات مختلفة فيما يتعلق بالحرب على اليمن ومواجهة النفوذ الإيراني، والإعلان عن خطة القرن بدون القدس وبدون حق عودة اللاجئين، سيكون بمثابة زلزال من شأنه أن يقوض الاستقرار في المنطقة بأسرها، ولن يكون أحد مستعدا لمثل هذا الأمر حاليا».


موقف مصر

موقف مصر من الصفقة عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما أكد بعد لقائه بالوفد الأمريكي برئاسة جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأحد كبار مستشاريه، الذي يقود ملف عملية السلام على دعم مصر للجهود والمبادرات الدولية الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.


ووفقا لبيان صادر عن الرئاسة المصرية، شدد السيسي على أن التسوية يجب أن تكون "طبقا للمرجعيات الدولية المتفق عليها وعلى أساس حل الدولتين وفقًا لحدود 1967، وتكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".


وأضاف السيسي أن "التوصل إلى حل عادل وشامل لهذه القضية المحورية سيوفر واقعا جديدا يساعد في تحقيق الاستقرار والأمن لمختلف دول المنطقة".


قبلها قالت صحيفة الحياة اللندنية، إن مصر أكدت لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» أنها ترفض بشكل مطلق ما بات يعرف بـ"صفقة القرن"، للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرة إلى أن اللواء عباس كامل، رئيس جهاز الاستخبارات العامة، أكد أن مصر لن تتنازل عن شبر واحد من أرض سيناء التي ستبقى مصرية كما ستبقى غزة فلسطينية.


ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية- لم تكشف هويتها- أن اللواء عباس كامل أكد لوفد حماس الذي زار القاهرة مؤخرا بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية أن مصر "ترفض في شكل مطلق" الصفقة الأمريكية التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية، وتدعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية وعاصمتها القدس.


كما أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أخبر جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وجيسون جرينبلات المبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط، برفض "صفقة القرن" وعدم القبول إلا بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس كما يريد الفلسطينيون، مشيرًا إلى أن هناك إجماعا عربيا على رفض الصفقة.


وكشفت تقارير صحفية إسرائيلية، وتقارير أخرى لـ«الموساد»، عن أن الصفقة التي يجهزها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تصطدم بمواقف مصر والأردن.


نشرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية تقريرا، كتبه الكاتب والمحلل الإسرائيلي البارز، تسيبي بارائيل، نقلت فيه عن مصادر وصفتها بـ"العربية المطلعة على المفاوضات" حول "صفقة القرن"، التي يجهزها كوشنر "لإحلال السلام في الشرق الأوسط".


وأكدت الصحيفة العبرية أن مصر لا تقبل بالصفقة الأمريكية بصورة كاملة، مشيرة إلى أن الموقف المصري الرافض التخلي عن القدس الشرقية يتزامن مع انزعاج العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني من الصفقة، خاصة فيما يتعلق بموقفها من القدس الشرقية، وإزالة رعاية الأردن على الأماكن المقدسة، واستمرار سيطرة إسرائيل على وادي الأردن.


أسباب تأجيلها

وقد رأى محللون فلسطينيون أن الولايات المتحدة الأمريكية، أجلت طرح خطتها لتسوية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلاميًا باسم “صفقة القرن”، لعدة أسباب تتمثل في “الرفض الفلسطيني، والوضع الداخلي الإسرائيلي، وعدم وجود راع إقليمي يوافق عليها ويدعمها، ويقفز عن الفلسطينيين، إلى جانب العوامل الإقليمية التي طرأت مؤخرًا مثل الملفات الكورية والإيرانية والسورية”.


يقول المحلل السياسي الفلسطيني مكرم يونس، هذه الصفقة لا تعني الشعب الفلسطيني، فهي تعني أمريكا وإسرائيل وبعض العرب المتخاذلين، مشيرا إلى أن ما تم تسريبه عن هذه الصفقة حتى الآن يدور حول إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، مع اقتطاع جزء من سيناء، وبالتالي الضفة الغربية تذهب كلها لإسرائيل، مع ترحيل سكانها إلى سيناء والدول العربية، وتجنيس الفلسطينيين المتواجدين في أي مكان في العالم، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصفه بـ«المعتوه»، مطية للصهيونية، وينفذ ما يريده نتنياهو وما تريده الصهيونية.


وأضاف «يونس» في تصريحات للنبأ، أن هناك بعض الدول العربية التي ترفض هذه الصفقة لأسباب مختلفة خاصة بها، منها التجنيس، والتنازل عن الأرض، لاسيما وأن الصفقة تخل بالتوازن الديموجرافي في البلدان العربية، مؤكدا أن هذه الصفقة لا تعني الشعب الفلسطيني في أي حال من الأحوال، فهي دبرت من نتنياهو وينفذها ترامب.


ولفت المحلل السياسي الفلسطيني إلى أن الإدارة الأمريكية لم تستبعد الفلسطينيين من التفاوض حول الصفقة، بل على العكس تماما الفلسطينيون هم الذين رفضوا أن تكون أمريكا وسيطا وحيدا لمفاوضات السلام، وبالتالي الفلسطينيون هم الذين رفضوا الوساطة الأمريكية وليس أمريكا، مشيرا إلى أن أمريكا غير قادرة على تنفيذ أي تهديد إذا قال الفلسطينيون لا وساعدهم العرب في ذلك، وبالتالي كل تهديدات ترامب سوف تذهب هباء منثورا أمام رفض الفلسطينيين والعرب.


وشدد «يونس» على أن الحل الوحيد الذي يرضى الفلسطينيين ويوافقون عليه هو إقامة دولة فلسطينية على قطاع غزة والضفة الغربية ذات سيادة وقابلة للعيش، يعني حل الدولتين، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة أبدية لفلسطين، وأن تتم عودة اللاجئين إلى ديارهم، مؤكدا عدم وجود أي جهة أو طرف يستطيع فرض حل آخر على الفلسطينيين، لافتا إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي يجب أن يتم حله، ولكن ليس على طريقة نتنياهو وترامب، ولكن عن طريق تطبيق القرارات الأممية، بما يحقق مصالح الشعب الفلسطيني المشروعة، مشيرا إلى أنه ليس أمام الفلسطينيين الكثير ليفعلوه للوقوف في وجه هذه الصفقة، لكنهم سيظلون متمسكين بأرضهم، وسوف يستمرون في نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، لاسيما وأنه لا يوجد دولا عربية مساندة لهم، مشددا على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتمتع بقدر كبير من النذالة والوقاحة، لأنه لم يجد أحدا يقف في وجهه، لكنه لن يستطيع أن يفرض حلا على الفلسطينيين.


من جانبه يقول الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير في الشئون الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن هناك جدلا كبيرا حول صفقة القرن، وهناك تحركات أمريكية لإتمام هذه الصفقة، تمثلت في زيارة وفد أمريكا بقيادة جاريد كوشنير إلى عدد من الدول العربية من بينها مصر، وهذه الصفقة تعني أن تتنازل مصر عن جزء من سيناء لإقامة دولة فلسطينية، وهذه فكرة إسرائيلية قديمة تم طرحها من جديد مع ترامب الذي يقف دائما في صف إسرائيل، وقد انسحب من المجلس الدولي لحقوق الإنسان لأنه يقف دائما مع الحق الفلسطيني، معنى ذلك أنه قلبا وقالبا مع الإسرائيليين، ودائما مع أي فكرة لصالح إسرائيل، من أجل ذلك قام بإرسال المبعوث الخاص له ومعه صهره جاريد كوشنر وهو يهودي الجنسية، ودائما متشبع بأفكار صهيونية تتعلق بإنشاء دولة إسرائيلية في القدس.


وأضاف «اللاوندي»، أن مصر رفضت تماما هذا الموضوع، رغم المحاولات الأمريكية إقناع الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذه الصفقة، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد لهم أنه لن يفرط في شبر واحد من أرض مصر، ولن يتنازل عن أي أرض مصرية مهما كان السبب، وبالتالي فكرة صفقة القرن تحطمت على صخرة الرفض المصري، عندما أكد الرئيس السيسي أنه لن يتنازل بأي شكل من الأشكال عن شبر من أرض مصر، لاسيما وأن هذا الأمر سوف يجعل اليد الطولى لإسرائيل، مشيرا إلى أن السيسي مصمم على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1978 وعاصمتها القدس الشرقية، وبالتالي صفقة القرن انتهت تماما بعد رفض الرئيس، مؤكدا أن الدول العربية لن تقبل هذه الصفقة مهما كانت الضغوط الأمريكية، لاسيما وأن موافقة الدول العربية عليها سيتم تفسيره على أنها تنازلت عن فلسطين والقدس لصالح إسرائيل.