رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أخطر 5 أزمات تهدد «الموازنة الجديدة» قبل عرضها على البرلمان

شريف إسماعيل والجارحي
شريف إسماعيل والجارحي


يستعد البرلمان، خلال الأسابيع المقبلة، لاستقبال الموازنة العامة الجديدة للعام المالي المقبل 2018 2019، وفقًا للمواعيد المقررة لها في الدستور، بنص المادة 124، والتى تنص على إرسال تلك الموازنة قبل تسعين يومًا من انتهاء السنة المالية.


وتشهد الموازنة العامة للدولة 2018 - 2019، جدلا واسعا قبل عرضها على البرلمان، بعد موافقة الحكومة عليها مؤخرًا، ووفقًا لتصريحات الدكتور عمرو الجارحي، وزير المالية، فإن حجم الإنفاق في الموازنة الجديدة تريليون و412 مليار جنيه، وتستهدف الحكومة في الموازنة الجديدة نسبة 88% من الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي، واستثمارات بإجمالي 100 مليار جنيه مقارنة بـ70 مليار جنيه هذا العام.


وترصد «النبأ» أهم الأزمات التي شهدتها الموازنة الجديدة، وتسببت في إثارة الجدل بين الحكومة والنواب.


مراقبة البنك الدولى

والبداية وللعام الثاني على التوالي يتدخل صندوق النقد الدولي ويطلب الإطلاع على الموازنة الجديدة، كما فعل العام المالي الماضي، ووفقًا للبروتوكول الموقع مع مصر، فإن الصندوق وافق على إقراض مصر 12 مليار دولار مقابل التزام الحكومة ببعض الإجراءات الاقتصادية وعلى رأسها تعويم الجنيه، كذلك مراقبة الصندوق أبواب إنفاقات الحكومة على الموازنة العام للدولة.


ووفقا للمصادر داخل مجلس الوزراء فإن صندوق النقد الدولى طالب بالإطلاع على الموازنة الجديدة قبل إحالتها للبرلمان؛ لمراجع خطة الحكومة في مواجهة عجز الموازنة والتضخم، وسداد الديون الخارجية، كذلك مراجعة الدعم على المواد البترولية، ودعم الرواتب، وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار ومن المنتظر قيام لجنة فنية متخصصة من الصندوق النقد الدولي بزيارة وزارة المالية لمراجعة الموازنة كما حدث بالعام الماضي، وهو الأمر الذي قد يؤخر إحالة الموازنة الجديدة للبرلمان للموافقة عليها.


الاستحقاقات الدستورية

أما ثاني الأزمات التي تواجه الموازنة الجديدة، فهي الاستحقاقات الدستورية الموجهة للصحة والتعليم والبحث العلمي، فوفقا للمواد 18، 19، 21 من الدستور، فقد ألزمت الحكومة بتخصيص نسبة 10% من الناتج القومي الإجمالي لصالح الصحة والتعليم والبحث العلمي، (3% للصحة، و4% للتعليم، 2% للتعليم الجامعي و1% للبحث العلمي)، إلا أن الحكومة خالفت هذا الالتزام في الموازنة الأولى لها أمام البرلمان، للعام المالي 2016 2017، مؤكدة صعوبة تحديد الناتج القومي الإجمالي للدولة، ومن ثم استحالة تحديد النسبة المستقطعة منه لصالح هذه القطاعات.


في الوقت نفسه فإن نواب البرلمان يؤكدون أن الحكومة تسير على خطى العام الماضي برفض تنفيذ الاستحقاقات الدستورية الموجهة للصحة والتعليم والبحث العلمي في الموازنة الجديدة، فيما اقترح النواب استقطاع تلك النسبة من الناتج المحلي لتفادي تلك المشكلة، لكن الحكومة أكدت عدم قدرتها على تحقيق هذا الالتزام للظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة، ما أثار غضب النواب، خاصة أعضاء اللجان المعنية، ومع ازدياد هذا الغضب ترددت أنباء حول توجه الحكومة إلى استقطاع جزء كبير من موازنة قطاعي التعليم والصحة لسداد فوائد الدين العام، الأمر الذي أثار اعتراضات رؤساء اللجان المختصة، حيث أكدوا رفضهم القاطع لهذا التوجه، وشددوا علي ضرورة التزام الحكومة بالنسب الدستورية المقررة لهذين القطاعين، واستقطاع هذا الدين من أي بند آخر.


وهدد نواب بلجان التعليم بتقديم استقالتهم في حالة رفض الحكومة الالتزام بالاستحقاقات الدستورية الموجهة للتعليم، خاصة أن ذلك مخالف للدستور، ويستوجب إقالة الحكومة واتهامها بـ«الخيانة العظمى» ومخالفة اليمين الدستورية باحترام الدستور والقانون فور توليها الحكومة السلطة.


وطالب نواب لجنة التعليم بضرورة رصد 140 مليار جنيه ميزانية للتعليم وفقا للدستور.


أزمة النمو السنوي

وتواجه الموازنة الجديدة عددا من التحديات أهمها رفع معدل النمو الحقيقى السنوى إلى 5،5% من الناتج المحلى، بالإضافة إلى خلق فرص عمل حقيقة لخفض معدل البطالة إلى 10- 11%، بالإضافة إلى رفع نسبة الاحتياطى النقدى الأجنبى، وخفض معدلات التضخم إلى 10%، ورفع معدل الادخار والاستثمار.


لم تتوقف التحديات عند هذا الحد بل تواجه الموازنة تحديا آخر وهو الوصول لتقديرات أكثر واقعية خاصة بسعر الصرف، والبترول، حيث تتعرض الموازنة لمتغيرات السوق المستمرة بشأن سعر الدولار.


ومن المتوقع وفقا لما أكده عدد من أعضاء مجلس النواب، أن يتحدد سعر الدولار فى الموازنة العامة الجديدة للدولة بمتوسط قدره 17.5 جنيه للدولار، حيث يتم تحديده فى العام المالى الجارى بـ16 جنيهًا للدولار، وهو ما تسبب فى وجود عجز بالموازنة سيظهر فى الحساب الختامى.


تدني الموارد العامة

ومن ناحية أخرى، تشهد الموازنة الجديدة تدني حجم الموارد العامة للدولة، والتي لم تتعد 700 مليار جنيه، فيما بلغ حجم إجمالي المصروفات نحو تريليون و200 مليار جنيه، ما أدى إلى زيادة عجز الموازنة، وتضخم حجم الدين العام، نتيجة لتوسع الحكومة في الاقتراض الداخلي والخارجي لسد الفجوة بين بندي المصروفات والإيرادات، حيث تجاوزت فوائد الدين نحو ثلث إجمالي الموازنة العامة للدولة.


وتجنبًا لتفاقم أزمة الدين، طالبت الحكومة بدراسة أساليب جديدة لخفض عجز الموازنة، وخفض نسبة الدين العام وفوائد تمويله، واقترحت لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان استبدال جزء من الدين العام المستحق للبنوك الحكومية بملكية أسهم فى المشروعات القومية الجديدة، بهدف خفض شرائح الدين المحلى.


استثمارات البنية التحتية

كما تشهد الموازنة الجديدة، تمييزا صارخا لحجم المخصصات المالية الموجهة لبند الاستثمار الخاص بمشروعات البنية التحتية، ولصالح محافظة القاهرة والمحافظات القريبة من المركز، حيث إن جملة المخصصات الموجهة لأقاليم الصعيد والوجه البحري لم تتجاوز 25% من الموازنة الاستثمارية للدولة، فضلًا عن تدني إجمالي المخصصات الموجهة لبند الاستثمار، والتي لم تتجاوز نسبة 25% من إجمالي موارد الموازنة.


فيما توقع النائب محمد فؤاد، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الحكومة ستطلب زيادة فى اعتمادات البترول، قائلا: "أتمنى أن يتم تدارك الأمر فى الموازنة الجديدة بدلا من حساب قيمة برميل البترول بسعر أقل من سعره عالميا لخفض عجز الموازنة الأمر الذى يضطر الحكومة لطلب اعتمادات إضافية، لذلك لابد من الحيطة أكثر من اللازم حتى لا يتكرر الأمر فى موازنة العام الجديد".


وتابع قائلا: «أتوقع رفع سعر الدولار بالموازنة العامة الجديدة حيث تم حسابه فى العام المالى الجارى بـ16 جنيهًا، وأتوقع زيادته إلى 17- 17.5 جنيه».


من ناحيته، أكد الدكتور محمود الشريف، الخبير الاقتصادي، أن مراقبة صندوق النقد الدولي لموازنة الدول التي حصلت على قروض منه أمر طبيعي حدث مع العراق والأردن ومع مصر في العام الماضي، وهذا شرط أساسي لموافقة الصندوق على قرض الدول، مشيرا إلى أن الصندوق يهدف من المراقبة لضمان الدول في سداد القروض في مواعيدها من خلال وضع معايير محددة في عمليات الإنفاق وتقليل حجم العجز والتضخم.


وقال الخبير الاقتصادي، إن الموازنة الجديدة تواجه عدة تحديات من أبرزها، ارتفاع فوائد الدين سواء الداخلى أو الخارجى، مشيرا إلى أن فوائد الدين تقترب من 500 مليار، وارتفاعها بالتأكيد سيؤثر على حساب البنود الأخرى بالموازنة، وخاصة دعم المستحقات الدستورية الخاصة بالصحة والتعليم والبحث العلمي.


وأضاف «الشريف» أن الحكومة لا سبيل أمامها لمواجهة فوائد الدين في الموازنة الجديدة سوى اللجوء لـ«خيارين»، أما رفع الضرائب التى تمثل 75% من الإيرادات، أو خفض الدعم والذى سيؤدى بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار، خاصة وأن الموازنة الجديدة سيكون فيها «تباين» واضح بزيادة فوائد الديون مع عدم زيادة الإيرادات ما سيؤدى إلى خفض اعتمادات باقى بنود الموازنة لصالح فوائد الدين.