رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ما سر تدشين «فيس بوك» مصري.. حماية لـ«الأمن القومي» أم منع «الدردشة السرية» ضد النظام؟

السيسي والفيس بوك
السيسي والفيس بوك


خلال الأيام الماضية، قال المهندس ياسر القاضي، وزير الاتصالات، إن الوزارة انتهت من إعداد مشروع جرائم المعلومات الإلكترونية، بالتنسيق مع وزارة العدل لمكافحة الإرهاب؛ وحماية  بيانات المواطنين والدولة، وعدم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كـ«منابر» لنشر الفكر المتطرف.


وأكد وزير الاتصالات، أنه تم الانتهاء من القانون في وزارة العدل  وتم عرضه على مجلس الوزراء الذي وافق عليه، وتمت إحالته إلى البرلمان لمناقشته، وإقراره.


وأضاف «القاضي»، أنه بعد ثورة 25 يناير تمكنت الجماعات المتطرفة التي يتم تمويلها من بعض الدول من استقطاب أصحاب الفكر غير السوي، عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، وكان يجب على الدولة المصرية التصدي لذلك من خلال سن قوانين وآليات للتحكم في سوق الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما نتج عنه إنشاء مشروع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.


وكشف وزير الاتصالات أنه سيكون لدى مصر «فيس بوك» خاص بها، وبرامج أخرى لحماية البيانات والمعلومات.


في سياق متصل، خصصت السلطات المصرية خطوطا هاتفية لتلقي بلاغات بشأن أي أخبار كاذبة وشائعات تلحق الضرر بالمواطنين أو بأمن البلاد في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي.


هذه التصريحات، وتلك القرارات ما زالت تثير الكثير من الجدل حول الهدف من ورائها وهل يمكن لمصر بالفعل أن تدشن «فيس بوك» خاص بها وهل يمكن ذلك من الناحية التقنية وهل يمكن أن تؤثر هذه الإجراءات على حرية الرأي والتعبير، وهل مصر بصدد استنساخ التجربة الصينية في الفيس بوك؟.


في البداية.. انقسم خبراء الاتصالات حول هذا الموضوع؛ ففريق يرى أن تصميم فيس بوك مصري ليس مستحيلا، وأن مصر تمتلك الخبرات والموارد اللازمة لتنفيذه، ولكنه يحتاج إلى توافر مميزات جديدة يمكنها لفت انتباه الشعب المصري، مثل إمكانية وصول المنشور الواحد لكل متابعي ناشره، دون رسوم، لاسيما وأن الفيس بوك لا يسمح بوصوله لأكثر من 10% من المتلقين.


أما الفريق الأخر فيرى أن إنشاء «فيس بوك» مصري يمثل تحديًا كبيرًا للدولة المصرية، لأنه يحتاج إلى مواصفات خاصة لجذب المصريين، وجعلهم يتركون الـ«فيس بوك» الأصلي.


ويقول الدكتور زكريا عيسى، أستاذ الاتصالات، إنه من الناحية العملية يمكن لأي دولة عمل «فيس بوك» خاص بها مثل الصين، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يحتاج إلى إمكانيات مالية كبيرة، فيمكن عمل ذلك من خلال تأجير مساحة في أي خادم في العالم والناس تشتغل عليه من مصر، مؤكدا أن الدولة لا يمكنها منع الناس من الاشتراك في «الفيس بوك» الأصلي؛ لأنه لا يوجد في الإنترنت شئ اسمه «المنع».


وأضاف «عيسى» أن الدولة يمكنها من خلال هذا التطبيق الخاص بها التحكم في سلوكيات المتعاملين واللعب في متغيراتهم من خلال عدم إظهار بعض المنشورات إلا في دائرة معينة، مثلما يحدث على «اليوتيوب» الذي تظهر فيه الدعاية المضادة للدولة ما قبل الدعاية التي في صالحها، ويمكن من خلال اليوتيوب عمل مشاهدات تفاعلية على عمل معين ليحصل على نسبة مشاهدة عالية، موضحا أن الهدف من عمل تطبيق خاص هو التحرر من سلطان المشغل الرئيسي للفيس بوك، الذي لا أحد يعرف نيته، وهل هو حسن النية أم مغرض أم موجه، مؤكدا أنه لا يمكن لأي دولة التحكم في شبكة الإنترنت أو منع أحد من الدخول والخروج منها، فهي شبكة مفتوحة للجميع.


وتابع: الفيس بوك الخاص يدخل في إطار ما يسمى بـ«التطبيقات الخاصة»، وهي تطبيقات مفتوحة فقط للأعضاء المشتركين فيها، مؤكدا أنه لا يمكن إجبار الناس على الاشتراك في تطبيق معين، مشيرا إلى أن هذا التطبيق الخاص لا يمنع الناس من التواصل مع بعضها في أي مكان على سطح الكرة الأرضية، وأنه لا يوجد شئ في الإنترنت مستحيل من الناحية الفنية.


وأشار إلى أن حجب المواقع الإباحية في المملكة العربية السعودية والإمارات لم يمنع الناس من الدخول إليها بطرق فنية معينة، لافتًا إلى أنه لم يسمع عن شئ اسمه فرض رسوم على «فيس بوك»، مشيرا إلى أن الدولة تستطيع إنشاء تطبيق بفلوس، لكنها لا تستطيع إجبار الناس على الاشتراك فيه بمقابل مادي، لافتا إلى أن الدخول بالرقم القومي يجوز كنوع من تحقيق الشخصية، كاشفا عن أن أي شخص يمتلك «تليفون ذكي» فهو مراقب، وأن النظام العالمي كله مراقب الإنترنت.


من جانبه يقول المهندس حسام صالح، الخبير في تكنولوجيا الاتصالات، إنه لا يوجد شئ اسمه «فيس بوك» خاص، لكن هناك تطبيقات تقوم شركات بتصميمها على الإنترنت، ولا يوجد شئ اسمه فيس بوك مصر أو صيني، مشيرا إلى أن ما يسمى بالفيس بوك الصيني ليس مقتصرًا أو خاصًا بالصينيين فقط كما يعتقد البعض؛ لكنه خاص بالمتحدثين باللغة الصينية، وبالتالي أي شخص في العالم يتحدث تلك اللغة يستطيع الدخول عليه والاشتراك فيه، لافتا إلى أن لغة الإنترنت لغة عالمية، وبالتالي لا أحد يستطيع التحكم فيها، وأنه من الناحية التقنية لا يوجد شئ اسمه «فيس بوك» خاص.


ووصف الدكتور حسن على، أستاذ الإعلام بجامعة المنيا، الحديث عن إنشاء فيس بوك مصري بالتهريج والفرقعة الإعلامية، وأن ما قاله وزير الاتصالات هو للاستهلاك المحلي، مؤكدا أن هذا المشروع غير قابل للتحقيق، لعدم توافر الإمكانيات الفنية والمادية اللازمة لإنشائه مثل الصين، مشيرا إلى أن هذا المشروع لو تم سيكون له تأثير سلبي على حرية الرأي والتعبير وعلى صورة مصر في الخارج، لاسيما وأنه مشروع أمنى بحت، مشككا في توافر الإمكانيات الفنية والمالية اللازمة لتحقيق هذا الحلم.


من جانبه يقول النائب أحمد بدوي وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، إن وزير الاتصالات لم يقل إن الوزارة في طريقها لعمل فيس بوك مصري؛ لكنه قال إن مصر لديها الإمكانيات والكوادر الشبابية القادرة على تنفيذ هذا المشروع، مشيرا إلى أن اللجنة ستبدأ عقد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات لمناقشة هذا الموضوع، لاسيما وأنه يحتاج إلى تشريع.


وأكد «بدوي» أن اللجنة تناقش الآن قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، مشددا على أن الدولة تمتلك الكوادر والخبرات الشبابية التي تمتلك الرؤية والفكر لعمل فيس بوك مصر، وأن مصر ليست أقل من الصين، مؤكدا أن تدشين فيس بوك مصري لن يكون له أي تأثير على حرية الرأي والتعبير كما يزعم البعض.