رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أيمن عبد المجيد: مجلس «النقابة» لا يملك «دبابات».. وأرفض اللغة «الحنجورية» لحل مشكلات الصحفيين (حوار)

محرر «النبأ» في حواره
محرر «النبأ» في حواره مع أيمن عبد المجيد


قال أيمن عبد المجيد، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إنه من مصلحة أى نظام أن تكون لدية صحافة تبرز السلبيات، وتعرض بواطن القصور، وتنتقد نقدًا بناءً، لافتًا إلى أن فتح حوار مجتمعي عبر النقابات أو الأحزاب يبني المجتمع، ولا يجعل هذه الأشياء «معول هدم» يُسقط الدولة.


وأضاف «عبد المجيد»، في حوار لـ«النبأ»، أن رجال الأعمال المالكين للصحف؛ ليس لهم علاقة بالثقافة ولا الإبداع، ولكنهم يصدرون الصحف ويمتلكون الفضائيات بهدف الدفاع عن مصالحهم، وتحويل تلك الأداة الإعلامية إلى منصات لإطلاق الصواريخ على خصومهم، وإلى نص الحوار:


ما أكبر التحديات التى تواجه مهنة الصحافة باعتبارك رئيس لجنة التدريب بالنقابة؟               

من أكبر التحديات التي تواجه مهنة الصحافة، أنها تسير على خطى القانون 76 لسنة 70، وهو المنظم لـ«شئون الصحافة»، وهو قانون مهترئ، عفى عليه الزمن، لا يواكب التطورات ومستجدات الوقت الراهن والمستقبل، فكان فى السابق يسمح القانون بالالتحاق بالنقابة دون النظر عن التخصص شرط تمتعه بالموهبة، ولكن فقه الواقع الحالي، يختلف اختلافا كليا عما قبل، ففما مضى لم تكن هناك مؤسسات تعليمية متخصصة فى تخريج الإعلاميين والصحفيين، ولكن رغم ذلك كان هناك موهوبون للغاية، وكان هناك من على درجة عالية من الثقافة، ولديه من الموهبة والإبداع أن يصدر صحيفة، على عكس اليوم الذي تصدر فيه الصحف بواسطة رجال أعمال ليس لهم علاقة لا بالثقافة ولا بالإبداع، ولكنهم يصدرون الصحف ويمتلكون الفضائيات بهدف الدفاع عن مصالحهم وحمايتهم، وتحويل تلك الأداة الإعلامية إلى منصات لإطلاق الصواريخ على خصومهم، ولكن رغم تلك السلبيات إلا أن العالم يتجه نحو التخصص، فكلما كنت متخصصًا أكثر كلما كنت أكثر إبداعًا فى مجال تخصصك، وتشهد المرحلة الحالية، وفرة في خريجي الإعلام بما يفوق حاجة السوق، ما يوجب أن تكون المهنة لأبنائها، ولا نغفل أيضًا أن هناك من يتمتع بالموهبة ويحمل مؤهلًا آخر فلا يجب أن نغلق الباب أمامه، إذ يجب تعديل تشريعي أولا يلزم كل من يحمل مؤهلًا عاليًا وليس متخصصًا ولكن يمتلك الموهبة والرغبة في العمل الصحفي وأن يدرس سنتين على الأقل بإحدى كليات الإعلام حتى يتسنى له العمل بالمجال.


النقابة تشترط «الأرشيف» للالتحاق بها وفي نفس الوقت توجه اتهامات انتحال صفة صحفي لغير النقابيين.. كيف ترى حل هذا التناقض؟

هناك عوار واضح في قانون نقابة الصحفيين، وهناك من تباطأ وتجاهل وتخاذل من المسئولين والقائمين على النقابة ولم يسعوا إلى إصلاح قانون النقابة، تحت مزاعم واهية، فكل المجالس السابقة ماطلت فى ذلك بزعم أن البرلمان سيحد من حريته، فنص القانون الحالي يقول إن نقابة الصحفيين، هى صاحبة حق منح تراخيص مزاولة المهنة، ومن يمارس المهنة من غير الأعضاء يعد منتحلًا لصفة الصحفي، ورغم نص القانون إلا أنها تشترط على من يتقدم للقيد أن يثبت عمله بالصحافة فيما يعرف بالأرشيف، فهي بذلك تقول له يجب عليك أن تكون منتحلا للصفة، حتى أعطيك صفة الصحفي، وهذا تناقض وعوار بين، فيجب أن يتحلى المجلس بالشجاعة، ويقدم مشروع قانون بدلًا من القانون الحالي. وبالمناسبة يُدرس حاليًا مشروع قانون سيعرض على الصحفيين لمناقشته، وسيعرض على البرلمان الحالي.


هل قدمت اقتراحات لحل هذه الأزمة؟

قدمت فى برنامج الانتخابي لحل هذه الاشكالية، مقترحًا بعمل أكاديمية للصحفيين، يجري الآن تجهيزها على أرض الواقع، وستكون بالدور السابع بالنقابة، وستتكلف ما يقرب من 30 مليون جنيه، ولن تتحمل النقابة منها جنيهًا واحدًا، ومن وجهة نظرى أنه يجب أن يكون هناك تشريع قانوني ونص يجعل النقابة السلطة فى منح تراخيص مزاولة المهنة فعليًا، لأن الواقع يقول إن من يتقدم للقيد بالنقابة عليه تقديم عقد من المالك (المؤسسة الصحفية التى يعمل بها) ومن هنا أصبح المالك هو من يمنح ترخيص مزاولة المهنة للصحفي، وبالتالي أصبحت لجنة القيد «صورية» فقدمت اقتراحًا أن خريج الإعلام يدرس بهذه الأكاديمية، وخريج الكليات الأخرى يحصل على دبلومة لمدة عامين، ويتم الدمج بين الدراسة العلمية والعملية وتأسيس وكالة صحافة تابعة لنقابة الصحفيين، ويكون هناك رؤساء مجلس تحرير لتلك الوكالة، وأيضا تكون هناك بوابة إلكترونية إخبارية تابعة للنقابة، ومن يلتحقون بهذه الأكاديمية ينتجون أعمالا مهنية يباع منها بعضها للصحف الغربية والعربية، ويوضع ضمن شروط بالقيد بالنقابة أن من يجتاز الدراسة فى هذه الأكاديمية يحصل على كارنيه النقابة، ومن لم يحالفه الحظ فعليه إعادة الكرة مرة أخرى، والدراسة بها ستكون بمقابل مادي، ولكن أيضا ستعود على المتميز من الدارسين بها منافع مادية من جراء بيع أعمالهم الصحفية، فبذلك تم ضبط عملية القيد وتم إيجاد عائد اقتصادى يدر دخلًا للنقابة فالأكاديمية لن يقتصر الأمر بها على الدراسة فحسب، ولكن سيتم افتتاح متحف للصحافة، يلقى الضوء على تاريخها، من خلال قاعات سمعية وبصرية تعرض الأحداث التاريخية للصحافة، وسوف يتم الانتهاء من تلك الأكاديمية هذا العام، وفي النهاية سيتم قطع الطريق على من يأخذ مقابلًا ماديًا من الصحفيين أو يماطل فى تعيينهم، نظير حصولهم على الكارنيه.


ما أبرز المشاكل والمعوقات في الصحافة المصرية التى تحول دون استمرارها في الوقت الراهن؟

يجب أولًا أن نحدد من هو الصحفي، فالعامل البشرى فى هذه المهنة هو عنصر أساسي، ويجب أن يتحلى بالإبداع والموهبة، وهذا العنصر الإبداعي فى وقتنا الراهن يعانى من الندرة، وبالتالى أصبح المنتج النهائي ليس على المستوى المطلوب، ويجب أيضا إعادة صياغة البنية التشريعية الحاكمة للعمل الصحفي، وفي مقدمتها أن تتحمل الحكومة جزءً من تكلفة مستلزمات الإنتاج وأعنى صراحة دعمها للورق، لأن الصحافة مهنة تشكل الوعى ولها بعد قومي لأنها قوة ناعمة لا تستغنى عنها الدولة، أيضا من ضمن المشاكل التى تعانى منها الصحافة هو التمويل وارتفاع مستلزمات الإنتاج، فارتفاع أسعار الورق يضع الصحف المستقلة والحزبية والقومية في تحد مستمر للبقاء والاستمرار، فيجب إصدار تشريع يسقط ديون الصحف القومية، التى تراكمت طوال عقود سابقة، أما الصحف الحزبية فليست ببعيدة عن تلك المشاكل، فهي تحتضر وبدأت أوراق شجرتها تتساقط بسبب ضعف التمويل، نفس الأمر ينطبق على الصحف الخاصة، وأنا هنا أتكلم عن الصحف التى لا يملكها رجال أعمال، فهؤلاء يصدرون تلك الصحف لأهداف أخرى، ولا يعطون لخسائرها بالًا، لأن مهمتها الأساسية هى الدفاع عنهم، وسن مخالبها للنيل من خصومهم.


هل تدافع الصحف القومية عن الشعب أم النظام؟

الصحف القومية كانت في فترات سابقة هى لسان الحاكم، وكان ذلك فى بداية تأميم الصحف التى كانت تمثل بالفعل السلطة، ثم بدأت تدريجيا البعد عن النظام الحاكم والانحياز إلي الشعب، وبعد التعديلات التشريعية الأخيرة، أصبحت الصحف القومية تعبر عن الدولة المصرية وليس الحكومة أو النظام، تلك الدولة التى تمثل الحدود والأرض والشعب ومؤسساته، ومن الواجب أن تدافع عنها الصحف القومية دون الدفاع عن النظام أو الحكومة، ومن مصلحة أى نظام أن تكون لدية صحافة تبرز السلبيات وتعرض بواطن القصور، وتنتقد نقدًا بناءً وفتح حوار مجتمعي عبر النقابات أو لأحزاب ما يبني المجتمع ولا تكون معول هدم يحاول إسقاطها.


هل ترى أن الصحف القومية بها تنوع فى معالجة القضايا الهامة أم تقرأ من «سكربت» واحد؟

هذا يتوقف على قوة الصحفي، وقوة السياسة التحريرية التى ينتمى إليها، فمن الطبيعى أن تتصدر مانشتات الصحف القومية حرب سيناء الشاملة، التى تخوضها مصر اليوم، وأن تلقي الضوء على ما يحدث هناك، لأن هذا حدث فرض نفسه على الجميع، ولا يصح إغفاله بدعوى التنوع والاختلاف، لكن من الممكن أن تعمل بمنظور جديد وتتناول الوضع تحليليا لأن الصحافة التحليلية بمصر لا تزال غائبة وليست على المستوى المطلوب.


ماذا ستفعلون وأنتم مسئولون عن تطوير المهنة بعدما تحول الفيسبوك من منصة اجتماعية إلى منصة إخبارية ما يؤثر بالسلب على قدرات البوابات الإلكترونية للصحف؟

كان هذا يحدث فيما مضى، فبعد ما يعرف بثورات الربيع العربي، والتحرك الجماهيري الذي كان يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي فى متابعة ما يحدث بالشارع ما أثر بالسلب على الصحف المطبوعة، لكن حينما تقوى الصحف عبر تقديم مادة تحليلية وتفسيرية ستعود إلى سابق عهدها، لأن مواقع التواصل الاجتماعي رغم أهميتها ليست بديلة للإعلام ولا تقدم مادة دسمة، ويشوبها سلبيات كثيرة بعدما أصبحت منصة لإطلاق الشائعات، ولا تستطيع أن تتبين منها ما هو صالح وما هو طالح، فهى أقرب إلى الدعاية السوداء منها إلى الحقيقة، ومن الأخطاء الكبيرة هو اعتماد بعض الصحفيين على الفيسبوك كمصدر للمعلومات، دون التحقق منها، فمن هنا يتحول الصحفي من باحث عن الحقيقة إلى مروج للأكاذيب والشائعات فناقل الكفر كالكافر.


هناك اتهامات للمجلس الحالي أن دوره تراجع فى الدفاع عن الحريات فى مقابل تركيزه على الخدمات المقدمة للصحفيين.. ما ردك؟

هذا ليس صحيحًا بالمرة، المجلس الحالى استعاد كرامة الصحفيين، لأنهم فى فترة ما من قبل هذا المجلس كان هناك صدام سياسي، ما ترتب عليه آثار سلبية، على عكس الوقت الحالى، والإستراتيجية التى يتبعها المجلس الحالي تؤكد أنه جزء من الدولة المصرية ومن مؤسساتها المدنية، وهمنا الأول والأساسي هو الدفاع عن مصالح زملائنا الصحفيين وحمايتهم، دون تعريض الدول إلى الخطر أو الدخول معها في صدام، وهذا المجلس هو الأقوى فى الدفاع عن الحريات، لكنه يتسم بالهدوء والحنكة ويتبع اللغة الهادئة في حل المشاكل ويبتعد عن اللغة «الحنجورية» فالمجلس لا يملك «دبابات».. ولكنه يملك قوة الكلمة.


كيف ترى وضع حرية الصحافة حاليًا؟

الصحفي الأكثر مهنية وحرفية هو الأكثر حرية، بمعنى أن الصحفي الذي يجيد مهنته يستطيع أن يكتب ما يشاء دون أن يقع تحت طائلة القانون، فالصحفي الشاطر هو من يذبح دون أن يسيل الدماء أما عن المناخ بوجه عام فهذه الفترة تشهد ارتفاعًا ملحوظًا فى سقف الحريات، وهناك أيضًا إنجازات لا ينكرها إلا «جاحد».


لو تم إلغاء البدل.. كم سيلتحق بنقابة الصحفيين؟

سيتم خفض العدد من غير المهنيين، وسيجعل المهنة قاصرة على المبدعين المحبين لها ولكن قبل وقف البدل يجب إصلاح منظومة الأجور، فمهنة الصحافة تلقي أحمالًا مادية على عاتق الصحفي، مثل متطلبات الوظيفة من إجرائه لعدد لا محدود من المكالمات والاتصالات والانتقالات والمظهر الذي يفرض على الصحفي مستوى معين لمقابلة الشخصيات المختلفة لإجراء الحوارات معها، كل ذلك يجعل هناك أعباءً مادية على الصحفي لمزاولة مهنته، فقبل إلغاء البدل يجب إصلاح منظومة الأجور وهو ما نعمل عليه بنقابة الصحفيين.


في رأيك.. ما العدد الحقيقي الذي يمارس مهنة الصحافة فعليًا من بين أكثر من 10 آلاف صحفي مقيد بالنقابة؟

يجب أن يكون فى التعديل التشريعي المقترح، دورات مؤهلة لكل مرحلة من مراحل التدرج في المهنة، الأولى منها تؤهل للالتحاق بالنقابة، والدورة الثانية تكون للالتحاق بجدول المشتغلين، والدورة التالية تكون فى الإدارة قبل أن يرتقي لرئاسة القسم، والتى تليها تكون قبل أن يكون رئيسًا للتحرير.