رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مهازل «المهرجانات الفنية».. بطولة «فنانين نص كم» وإخراج وزارة الثقافة!

أحمد الفيشاوي
أحمد الفيشاوي


«شرم الشيخ الإفريقي الآسيوي» تحول إلى«فنكوش».. و«الميزانية المحدودة» سبب فشل «الإسكندرية للأغنية»

طارق الشناوي: وزارة الثقافة هي المسئولة.. والأمر أصبح «سخيفًا»

على الرغم من أن "المهرجانات الفنية" في كل دول العالم، تسعى إلى تحسين صورة الدولة، والنهوض بالسينما بشكل خاص والفن والثقافة بشكل عام، من خلال حسن التنظيم والاستقبال الجيد للضيوف، إلا أن الحال في مصر هو العكس تمامًا.

وخلال السنوات الأخيرة الماضية؛ أصبحت مشاكل المهرجانات أمرًا لا يطاق، وعلى الرغم من اختلاف الأسباب؛ ما بين عشوائية التنظيم، أو عدم اختيار الضيوف المناسبة، أو ضعف الميزانية؛ إلا أن النتيجة كانت واحدة في النهاية.

وما زاد الأمر سوءًا هو أن القائمين على المهرجانات، أصبحوا يتعاملون معها على أنها "سبوبة" ليس أكثر، فـباتت لا تحقق أي عائد مادي أو ثقافي، بل وتسىء إلى سمعة مصر، وتشوه شكلها أمام الضيوف الأجانب، الذي يأتون من الخارج خصيصًا على أمل حضور فعاليات ذات قيمة، لكن للأسف عادة ما يخيب ظنهم، ولا يأتي في محله.

مهرجان "الجونة" السينمائي، والذي انتهت فعالياته مساء، أمس الجمعة، كان هو الأحدث في مسلسل هذه المهازل؛ إذ أصبح حديث الجميع منذ الليلة الأولى لانطلاقه؛ بسبب ما حدث فيها من عدة أمور لفتت الأنظار، وجعلته أشبه بالـ"مُسخة"، خاصة على "السوشيال ميديا".

كان الفنان أحمد الفيشاوي هو صاحب الطامة الكبري في المهرجان؛ إذ تأخر عن صعود المنصة وقت عرض فيلمه "الشيخ جاسكون"، ثم اقتحم المسرح معتذرًا بأنه كان في "دورة المياة"، وبدلًا من تمني مشاهدة سعيدة للجمهور، تفوه بـ"لفظ خارج"، أثار غضب الجميع.

وقال "أحمد" عن الشاشة التي كانت ستعرض الفيلم": "مش عارف إزاي هنشوف الفيلم على الـ*** دي"؛ نظرًا لعدم استقرارها بسبب وجود عاصفة هوائية، الأمر الذي أصاب الحضور بالصدمة والإحراج.

وعلى الرغم من اعتذار "الفيشاوي"، بل وإدارة المهرجان نفسها عن ما صدر منه، إلا أن هذا الخطأ سيظل "وصمة" في تاريخه، تُضاف إلى كل مواقفه التي اعتاد فيها إثارة الجدل والمشاكل على الساحة الفنية.

أما الفنان أحمد فهمي، فـكان اختياره لتقديم افتتاحية المهرجان غير موفق؛ بسبب اعتماده على السخرية اللاذعة والمبالغ فيها، والتي جعلت الكثير يصفه بأنه "ثقيل الدم"، وأن ما يفعله لا يتناسب مع أجواء مهرجان بحجم "الجونة".

لم تخل فقرة "فهمي" من "الإيفيهات" الكوميدية؛ والتي شملت السخرية من العديد من النجوم؛ وعلى رأسهم الفنان عمرو دياب، والفنان محمد رمضان، وكذلك تسريحة شعر الفنانة "لطيفة".

وكالعادة، شهد مهرجان "الجونة" أزمة كبرى بسبب الصحفيين؛ بعدما منعتهم إدارة المهرجان من حضور حفل الافتتاح، وأجبرتهم على مشاهدته من داخل الفندق على التلفزيون، فيما سمحت للتابعين لرجل الأعمال نجيب ساويرس، بالدخول وإجراء اللقاءات الحصرية مع الفنانين على السجادة الحمراء.

وفي محاولة من مدير المهرجان انتشال التميمي، لامتصاص غضب الصحفيين، وجه لهم دعوة لحضور حفل عشاء مع "ساويرس"، لكن عددًا كبيرًا منهم رفضها، بل وأبلغوه أنهم غير مرحبين بلقاء "ساويرس"، مثلما لم يرحب هو بهم في حفل الافتتاح.

الأمر لم يقتصر عند هذا الحد، بل إن رد فعل الصحفيين أثار غضب "انتشال"، ورفض الاعتذار لهم، مبررًا ما حدث من منعهم للدخول، بأنه أمر طبيعي بهدف تأمين المهرجان ولا يستدعي إثارة الأزمات، ما ضاعف استياءهم منه.

في سياق متصل، كانت إطلالات بعض الفنانين غير موفقة أو مناسبة للمهرجان؛ وعلى رأسهم الفنانة هنا شيحة، والفنانة رزان مغربي، والفنانة ريهام عبد الغفور، وكذلك كندة علوش، ويسرا.

أما ملابس الفنانة إلهام شاهين؛ فـكانت سببًا في توجيه سيل من الانتقادات الساخرة إليها؛ فـعلى الرغم من أن تكلفة فستانها وصلت إلى 68 ألف جنيه، لكنه كان غير موفق تمامًا؛ إذ كان مزينًا بالورود وأوجه الكلاب.

وكذلك شهد المهرجان حضور مجموعة من الفنانين، الذين لا يملكون أي تاريخ يؤهلهم للظهور على السجادة الحمراء، ومنهم الفنانة الشابة "سلمى أبو ضيف"، ولكن برر البعض وجودها؛ بمشاركتها في فيلم "الشيخ جاكسون" بمشهدين.

لم يكن "الجونة" السينمائي هو الوحيد الملىء بالمشاكل والكوارث؛ فـالحال لم يختلف كثيرًا بالنسبة لعدة مهرجانات سابقة؛ ومنها: "شرم الشيخ الإفريقي الآسيوي"، الذي ترأسته الفنانة القديرة سهير المرشدي؛ إذ كان "فضيحة" بمعنى الكلمة.

وعلى الرغم من محاولة إدارة المهرجان أن تنقذ الموقف؛ لاستكمال فعالياته، إلا أنها فشلت في ذلك، بعدما تبرأ الجميع منه، لتكون "العشوائية" هي الراعي الرسمي للحدث.

وكانت بداية مهازل المهرجان مع الصحفيين، والذين لم يتم تسكينهم في أماكنهم الصحيحة حتى بعد مرور 4 ساعات على وصولهم، فضلًا عن حدوث حالة واسعة من الهرج والمرج وقت الانتهاء من إجراءات الحجوزات؛ وذلك بسبب عدم سداد قيمة حجز الغرف الخاصة بهم.

المشكلة الثانية كانت مع رحيل مهندس الصوت لحفل الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها، قبل الحفل بساعتين، دون إبداء أي أسباب، وهو ما نتج عنه غياب المحافظ اللواء خالد فودة، بعد غضبه من سوء التنظيم.

أما الفضيحة الكبرى؛ فـكانت هي إلغاء عدد كبير من عروض الأفلام، التي كان من المقرر عرضها في قاعات السينما؛ نظرًا لعدم دفع إدارة المهرجان مستحقات القاعات.  

جاء ذلك بالإضافة إلى مشاكل الصحفيين والإعلاميين، والذي تم منعهم من متابعة وتغطية الأحداث لصالح قنواتهم الفضائية وصحفهم؛ خوفًا من تسريب كل هذه الفضائح، وهو ما تم في النهاية.

وفي اليوم الثاني من فعاليات "شرم الشيخ الإفريقي الآسيوي"، فوجئ الجميع بانسحاب وفد الإعلاميين المرافق للمهرجان، بشكل جماعي، وسط غياب تام من وزارة الثقافة والمحافظ ورعاة المهرجان، الذي فشل في ثاني أيامه، ليصبح "فنكوشًا" ليس أكثر.

أما مهرجان "الإسكندرية للأغنية"، والتي انتهت فعالياته يوم 21 من سبتمبر؛ فـكانت أبرز مشاكله هي قلة الإمكانيات والميزانية المحدودة، والتي أدت إلى إلغاء المسابقة الرسمية، وكذلك الندوات التي كان من المقرر أن يديرها كل من الفنان عمرو يوسف والفنانة أمينة خليل.

الدورة الثامنة والثلاثون من مهرجان "القاهرة السينمائي"، التي كانت برئاسة الناقدة ماجدة واصف، جاءت بنفس الوضع؛ إذ كان فشله ذريعًا على جميع الأصعدة، ليكون حلقة جديدة في مسلسل "مهازل المهرجانات".

الأمر بدأ من على السجادة الحمراء، والتي تحولت في حفل الافتتاح إلى "سويقة"، مرورًا بمشاكل الصحفيين، ووصولًا إلى الملابس وإطلالات النجوم التي كانت في غير موقعها المناسب.

وكذلك كان غياب النجوم العالميين عن المهرجان وحضور أنصاف الفنانين؛ أمثال سما المصري، سببًا في إثارة جدلًا واسعًا، بالإضافة إلى عرض مجموعة من الأفلام الصينية دون ترجمة، الأمر الذي أدى إلى استياء المشاهدين.

وعلى الرغم من فشل هذه الدورة، إلا أن وزير الثقافة حلمي النمنم، يستعد لرعاية الدورة التاسعة والثلاثين من المهرجان، والمقرر إقامتها في الفترة من 7 وحتى 12 من شهر نوفمبر 2017، على أمل تجنب الأخطاء السابقة، وتفادي سقطاتها.

من جانبه، قال الناقد الفني طارق الشناوي لـ"النبأ" إن هناك عدة أسباب أساسية تؤدي إلى فشل أغلب المهرجانات الفنية في مصر؛ وعلى رأسها غياب المعايير التي يتم على أساسها اختيار الضيوف المشاركين في أي مهرجان.

وأضاف إن إهمال وزارة الثقافة وغيرها من الجهات المعنية بالأمر وعدم تدخلها لإنقاذ سمعة مصر، من بين هذه الأسباب.

وأشار "الشناوي" إلى أنه من الأمور المؤسفة للغاية هو أن أغلب المشاكل التي تشهدها المهرجانات تكون بسبب قلة الميزانية والأموال، موضحًا أن "فشل المهرجانات الفنية" أصبح عرضًا مستمرًا "سخيفًا"، معربًا عن آماله في انتهائه قريبًا.