رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريوهات محاكمة القرضاوي والقيادات الهاربة من «الإخوان والمعارضة»

القرضاوي - أرشيفية
القرضاوي - أرشيفية


فجأة وبدون مقدمات، قررت الشرطة الدولية «الإنتربول»، رفع اسم الداعية الشيخ يوسف القرضاوي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من قوائم المطلوبين من جانب السلطات المصرية.


ولم تقتصر قائمة المطلوبين على «القرضاوي»، ولكن شملت نحو 40 شخصية من القيادات المحسوبة على جماعة الإخوان والمقربة منها، مثل محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان، وصلاح عبد المقصود، وزير الإعلام الأسبق فى عهد الإخوان، ومحمد جمال حشمت، والدكتور جمال عبدالهادى مسعود، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة أم القرى سابقًا، ونائب رئيس حزب «الوسط».


وضمت الأسماء أيضًا، محمد الصغير، عضو مجلس الشورى السابق عن حزب «البناء والتنمية»، وطاهر عبد المحسن أحمد سليمان، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشورى السابق، ومحمد أحمد يوسف محمد، عضو مجلس الشورى السابق عن حزب «الحرية والعدالة»، وطارق الزمر، القيادي البارز بـ«الجماعة الإسلامية»، وأيمن عبدالغني، أمين شباب حزب الحرية والعدالة، وزوج ابنة خيرت الشاطر.


وجاء ضمن الأسماء، الناقد الرياضى علاء صادق، والصحفي رامى جان، وأحمد المغير، أحد شباب جماعة الإخوان، ويحيى حامد، وزير الاستثمار الأسبق، وجمال عبدالستار، أستاذ بجامعة الأزهر، والأمين العام لرابطة علماء أهل السنة، والمستشار وليد شرابي، منسق حركة قضاة من أجل مصر، والمؤرخ محمد الجوادي، ووائل قنديل، الكاتب الصحفى، ومحمد القدوسى، كاتب ومحلل سياسي.


وشملت أيضا أسماء محمد الخطيب، مراسلة بشبكة رصد الإعلامية، وعلاء عمر محمد مُعد برامج بقناة الجزيرة، وإبراهيم محمد هلال، رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة، فضلًا عن محمد عبد المقصود، نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، والداعية وجدي غنيم.


ولم تقتصر قائمة الملفات التي تم تدميرها، وإلغاء أسماء المطلوبين بها على القرضاوي وقيادات الإخوان والجماعة الإسلامية والمقربين منهم، ولكنها طالت عناصر محسوبة على نظام مبارك ورجال أعمال معروفين بتوجهاتهم المؤيدة للرئيس السيسي ومن بينهم رجل الأعمال الهارب في بريطانيا أشرف السعد، ومجدي راسخ، صهر الرئيس المخلوع حسني مبارك، ووزير المالية في عهد مبارك، يوسف بطرس غالي، إضافة إلى رجل الأعمال حسين سالم.


ولم يتبق على قوائم الإنتربول الدولي سوى شخص واحد مطلوب من السلطات المصرية هو الدكتور محمد محسوب، وزير الشئون البرلمانية السابق.


وكشفت مصادر مطلعة سر إزالة قيادات الإخوان من القائمة، مشيرة إلى أن الموضوعين على قائمة «الإنتربول» تقدموا بمخاطبات مستمرة لإزالة أسمائهم، منوهة إلى أن السلطات المصرية تقدمت بوضع أسماء عديدين على قوائم الإنتربول، وتم القبض عليهم بالفعل، وأثبتت التحريات براءتهم من التهم الموجهة لهم، ومنهم أحمد منصور، المذيع بقناة الجزيرة، وآخرهم عبد الرحمن عز، الناشط السياسي المقرب من «الجماعة».


وأشارت المصادر، إلى أن مخاطبات متعددة تم توجيهها للإنتربول الدولي من منظمات حقوقية دولية لرفع أسماء المصريين من قوائمه، في حين لم تثبت مصر الاتهامات الموجهة لهم.


وأوضحت المصادر أن «القرضاوي» على سبيل المثال، أثبتت تحريات الإنتربول الدولي أنه لم يكن موجودا في مصر عندما تمت الجرائم المتهم فيها.


وأوضحت المصادر أن المصري الوحيد الذي تم الإبقاء عليه هو محمد محسوب؛ لأنه تم إدانته في قضية نصب واحتيال، حيث كان يعمل محاميًا، ولديه موكل سعودي أعطى له ٢٠٠ ألف دولار أتعابا للترافع في إحدى القضايا الدولية، ولكنه تكاسل في الترافع، فأقام دعوى ضده بتهمة النصب، وقضت المحكمة السعودية لصالح الموكل السعودي، وتم وضع اسم «محسوب» على قوائم الإنتربول بتهمة النصب والاحتيال، في حين حصل «محسوب» على حق اللجوء السياسي، ويقيم حاليًا في فرنسا التي هي مقر «الإنتربول الدولي»، ورغم ذلك لم يتم القبض عليه.


في المقابل نفى مصدر أمني مسئول بقطاع الأمن العام بوزارة الداخلية، في بيان صحفي، إلغاء النشرة الدولية الحمراء الصادرة لملاحقة المحكوم عليه يوسف على عبد الله القرضاوي، مشيرًا إلى أنه بالتنسيق مع منظمة الإنتربول والكشف عن النشرة على قاعدة البيانات، تبين أنها مازالت سارية، ولَم تلغ.


وأوضح المصدر، أنه تم عقد اجتماع مغلق بمقر المنظمة بفرنسا؛ لمناقشة موقف المحكوم عليه يوسف القرضاوي، وانتهى الاجتماع إلى استمرار سريان النشرة الدولية الصادرة بطلب إنتربول القاهرة، مع عدم الإذعان للضغوط والشكاوى التي تقدم بها المحكوم عليه للجان حقوق الإنسان لإلغاء النشرة، مشيرًا إلى أن هناك نشرة دولية أخرى صادرة لملاحقة المحكوم عليه القرضاوى بناء على طلب إنتربول بغداد بالعراق لاتهامه بالتحريض على قتل رئيس مجلس وزراء العراق السابق نور المالكي، ومازالت سارية.


وبالبحث على موقع الإنتربول الدولي على شبكة الإنترنت تبين حذف صفحة القرضاوي تماما، وخلت قوائم المطلوبين سواء من مصر أو العراق من اسم القرضاوي أو أي من قيادات الإخوان.


وحول تلك التطورات قال الدكتور جمال حشمت، القيادي بجماعة الإخوان، إن الجزء الأهم في هذه المسألة هو قرار عدم اعتداد الإنتربول الدولي بتقارير الإنتربول المصري، ورفع الأسماء التي طلب الإنتربول المصري وضعها على قوائمه، مشيرا إلى أن التقارير الأمنية المصرية «مُسيّسة» إجمالا، منوها بأن الأحكام القضائية كانت أحكاما قاسية، ومبالغا فيها، على حد قوله.


وأوضح «المصدر»، أن هذا الإجراء بعد بدء تنفيذه سيمنح المصريين الرافضين للنظام في مصر، حرية الحركة، خاصة لو تزامن هذا مع ملاحقات قانونية لكل المشاركين في جرائم الحرب وقتل المدنيين في مصر.


من جانبه يرى السياسي والمحامي عمرو عبد الهادي، أن ممارسات النظام في مصر أحرجت الأنظمة الغربية التي تدعمه، فقد تقدم الإنتربول المصري لتوقيف حالات مصرية عديدة وحين توقيفهم وإجراء التحريات بمعرفة الإنتربول الدولي، يثبت أن البلاغات كيدية ولا صحة لها، وهو ما حدث في حالات متعددة آخرهم الصحفي عبد الرحمن عز.


وأشار إلى أن تكرار مثل هذه الحالات فضلا عن المذكرات المقدمة من جهات حقوقية دولية وتقارير حقوق الإنسان في المنظمات الكبرى جعلت الإنتربول الدولي يتحرى عن الأسماء التي قدمت مصر طلبا بتوقيفها، وثبت أن كل الجرائم المقدمة ذات طابع سياسي بسبب رفضهم للنظام المصري، وليس بها قضايا جنائية فتم رفع أسمائهم من القوائم باستثناء الدكتور محسوب المتهم في قضية جنائية.


من جانبه يقول نجاد البرعي، المحامي والناشط الحقوقي، إنه فى الفترة الماضية تم توريط القضاء المصري عبر سن بعض التشريعات في تصفية حسابات سياسية، مشيرا إلى أن الإدراج على الشارة الحمراء في قوائم الإنتربول الدولي يتم عن طريق تقديم حكم قضائي، ولا يعترفون بالأحكام الغيابية وخاصة أحكام الإعدام.


وأضاف «البرعي»، أنه عندما يرى المجتمع الدولي أن هناك أحكامًا جماعية بالإعدام، وأن هناك آلاف المحبوسين احتياطيا لسنوات بدون محاكمة، وعندما تأتي لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة وتقول إن التعذيب في مصر ممنهج ويستخدم لانتزاع اعترافات من المتهمين، فلن تقوم أي دولة بتسليم المتهمين خوفا من تعرضهم للتعذيب أو الحبس الإحتياطي لسنوات بدون محاكمة.


وأكد الناشط الحقوقي، أنه لا توجد دولة محترمة في العالم ستقوم بتسليمك متهمين لتقديمهم للمحاكمة، وهي تعلم أنهم سيتعرضون للإعدام، وأي كلام يقال بخلاف ذلك غير صحيح،  مشيرا إلى أن الذي قال إن هناك تعذيبًا ممنهجًا في مصر هي لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، وليس هيومن رايتس ووتش، لافتا إلى أنه تم قبل ذلك حذف نشطاء منظمات المجتمع المدني من على قوائم الإنتربول، بعد أن كانوا مطلوبين، وقال أن ذلك محاكمات سياسية.


وتابع «البرعي»، سياسات مصر في الخارج سيئة في كل شيء، مشيرا إلى أن هناك مشكلة كبيرة في أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وهناك مشكلة كبيرة من تقرير لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة ومن قرار الإنتربول، لاسيما وأن هذه منظمات دولية ومصر عضو فيها، مشيرا إلى أن الوسيلة الوحيدة للقبض على هؤلاء المطلوبين بعد شطبهم من قوائم الإنتربول هى عن طريق الخطف عن طريق المخابرات كما حدث مع إمام أحد المساجد في إيطاليا في الفترة الأخيرة، والذي حصل على تعويضات من روما والقاهرة، لافتا إلى أن الحديث عن دور قطرى وأمريكي في الموضوع يحتاج إلى أدلة.


من جانبه يقول العقيد حاتم صابر، الخبير في شئون الإرهاب الدولي، إن الإنتربول الدولي هو منظمة دولية تتبع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي تحرك المنظمة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر العدل والمساواة في العالم، والكل يعلم أن هذا مجرد شعارات وذرائع لتحقيق مصالح أمريكا، مؤكدا وقوف قطر والولايات المتحدة الأمريكية، وراء هذا القرار، وبالتالي شطب المطلوبين من قوائم الإنتربول هو مواءمات سياسية، ولن يكون لها أي تأثير على الحرب على الإرهاب في مصر، مشيرا إلى أن وجود «القرضاوي» على قوائم المطلوبين أو عدم وجوده لا يمثل مشكلة لمصر، لكن الذي يمثل مشكلة هو أفكار «القرضاوي» الذي تم حرقه تمامًا.


وأضاف «صابر»، أن الاتهامات الموجهة للمطلوبين والمتعلقة بالإرهاب، ما زالت قائمة على المستوى المحلي، لكن تم تعطيل هذه الأحكام والاتهامات على المستوى الدولي، بسبب المواءمات السياسية بين قطر وأمريكا، مشيرا إلى أن من حق الذين تم شطب أسمائهم من قوائم المطلوبين، التنقل بحرية مطلقة بين دول العالم، لاسيما وأن الكثير من دول العالم حسب نظامها الداخلي تحظر تسليم المتهمين للدول الأخرى مثلما حدث مع أحمد منصور وعبد الرحمن عز اللذين اعتقلتهما السلطات الألمانية لساعات ثم أفرجت عنهما، وبالتالي الأمر يتعلق بالنفوذ والبطش السياسي أكثر مما يتعلق بالقانون أو حقوق الإنسان، مؤكدا أن الوسيلة الوحيدة للقبض على هؤلاء المطلوبين وتقديمهم للمحاكمة في مصر بعد شطب أسمائهم من قوائم الإنتربول الدولي هى من خلال اعتقالهم في إحدى الدول الصديقة أو الحليفة لمصر. 

                  

أما المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، فقال إن «الإنتربول» هو منظمة دولية أمنية تنفذ القرارات الخاصة بالقبض على مرتكبي الجرائم الجنائية ذات الطبيعة الدولية، مشيرا إلى أن شطب هؤلاء يعتبر عملًا غير مبرر؛ لأنه ينطوي على أغراض سياسية تتضمن عدم الاعتراف بأن الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وأن من ينتمون إليها لا يجوز وضعهم على قوائم الضبط الخاصة بهذه المنظمة الدولية، وهذا أمر يخالف القانون الدولي والمصالح الدولية والاتجاهات الصحيحة لمقاومة الإرهاب على المستوى الدولي.


وأكد «الجمل»، أن هذا القرار لن يكون له أي تأثير على أحكام القضاء المصري في الخارج، ولكن سيكون له تأثير على المتهمين الذين ينتمون للجماعة الإرهابية في الخارج، مشيرا إلى أن القرار لا يسقط التهم الموجهة إليهم، ولكنه فقط يمنع اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبطهم وتقديمهم للمحاكمة، وبالتالي المقصود هو عدم اتخاذ إجراءات لضبط ومحاكمة الإرهابيين المنتمين للجماعة الإرهابية بهذا التحايل.