رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عارف الدسوقي: السيسي يهتم بـ«الفقراء».. والقرارات الاقتصادية المؤلمة «حتمية».. (حوار)

عارف الدسوقي - أرشيفية
عارف الدسوقي - أرشيفية


قال الدكتور عارف الدسوقي، أستاذ الاقتصاد بـ«جامعة 6 أكتوبر»، ونائب رئيس حزب «الغد»، إن القرارات الاقتصادية «المؤلمة» كانت حتمية، ولم يكن هناك بديل لها، لافتًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يهتم بـ«الفقراء»، ولكنه يتخذ القرار حتى لو كان «صعبًا أو مرًا».


وأضاف «الدسوقي»، أن الأزمات التي تعاني منها الدولة، هي أزمات «متراكمة»، والسيسي ليس مسئولًا عنها، لافتًا إلى أن مستشاري الرئيس يحتاجون دعمًا ومساندة، فمثلًا السياسة النقدية «ماشية كويس»؛ لأن هناك متخصصين يدرسون القرارات، التي يجب أن تكون آثارها في الصالح العام، وإلى نص الحوار:


لماذا توجه الانتقادات لمشروعات السيسي؟

«اللغط» الدائر حول هذه المشروعات سببه «الاستعجال»؛ فهذه المشروعات نفعها لن يكون بين يوم وليلة، سنغافورة حققت طفرة اقتصادية، ولكن بعد 15 سنة من تأسيس مشروعاتها، فمثلًا مشروع قناة السويس الجديدة، كان الهدف منه استيعاب سفن ذات أحجام أكبر، وهو هدف جيد لا يمكن الاختلاف عليه، وكانت هناك تباينات حول موعد تنفيذ هذا المشروع الذي سيكون له مردود وعائد، من حيث إنه يفيد في استقدام أحجام أكبر من السفن، كان لا أمل في مرورها قبل حفر هذه «التفريعة»، وتم تمويل هذا المشروع من الشعب، ثم الحصول على ثقة التوكيلات الملاحية في الخارج، وهو ما ظهر بعد ذلك في مرور أكبر حاويات بالعالم.


وماذا عن القرارات المؤلمة التي أصدرتها الحكومة؟

المواطن عندما يصيبه مرض، لابد من استخدام العلاج، حتى لو كان مرًا، وهكذا تسير هذه القرارات، ولكن لابد أن تكون الجرعات مناسبة مع المواطنين، مثلًا الشريحة الغنية لا تشعر بالأزمات، الفقراء هم المطحونون، و«الضرب في الميت حرام»، ولكن لابد من دراسة ومعرفة تأثير هذه القرارات قبل إصدارها، حتى يمكن امتصاص غضب الشعب بعد ذلك، ولكن في النهاية، القرارات الاقتصادية المؤلمة «حتمية».


هل السيسي هو المسئول الوحيد عن هذه القرارات؟

لا.. السيسي ليس مسئولًا عن تحريك أسعار الوقود، والحكومة هي المسئولة؛ لأنه كان ينبغي إجراء دراسة عن الآثار المباشرة وغير المباشرة عن هذه القرارات، اليوم القرار يحكمه شيئان: صناعة القرار، واتخاذ القرار. والمستوى الأعلى خاص باتخاذ القرار، وهو المستوى الذي يوجد به السيسي والذي يتخذ القرار حتى لو كان صعبًا أو مرًا، وهو يتخذ القرار من منظور صحته.


أما صناعة القرار، فهي المشكلة؛ لأن المجموعات المسئولة عن هذا الأمر تحتاج إلى دعم ومساندة، وهذا الأمر مسئولية الشعب.


وماذا تحتاج مجموعات صناعة القرار؟

لابد من مجموعات متخصصة تجيد صناعة القرار على أساس قاعدة بيانات صحيحة، وعرض القرار وبدائله، وهناك مثال: فعند تحريك أسعار الوقود، كان على الحكومة دراسة أثار هذا القرار؛ لتفادي الصدمة التي أصيب بها الشعب.


عند اتخاذ قرارات تثير غضب الشعب يظهر الحديث عن مستشاري السيسي.. ما دور هؤلاء في هذه القرارات؟

مستشارو السيسي يحتاجون دعمًا، فمثلًا السياسة النقدية «ماشية كويس»؛ لأن هناك متخصصين يدرسون القرارات، وأن يكون مجمل آثارها في الصالح العام، والأزمات التي تضرب الدولة حاليًا، آثار متراكمة والسيسي ليس مسئولًا عنها، ولكن عليه أن يتعامل معها، ويعالجها.


وماذا عن تطوير المناطق العشوائية؟

المناطق العشوائية لها حق على الدولة، الموقف الشرعي ينطلق من هذه الآية:  

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (التوبة 103)، ولذلك وجب على الدولة العمل على إراحة من يسكنون في هذه المناطق.


يتردد دائمًا أن نظام السيسي يسيطر على الإعلام؟

الدولة حاليًا تعاني من وجود أزمة في الخطاب الإعلامي؛ لأن هناك إعلاما مؤيدا بدون ضوابط، وآخر معارضا بـ«جهل وحماقة»، والمفروض أن يكون الإعلام «محايدًا»، فلو كانت القضية التي تتناولها الصحف مثلا تهم الأمن القومي، لابد أن نتحسس موطئ القدم، ولابد أن أساعد على استقرار البلد، فالسيسي لا يتخذ قرارات لتوجيه الإعلام، هو يترك الأمر لضمائر من يعملون فيه، ولكن نصف الإعلاميين «أفاقون»، يدعون وصولهم «للسلطة اللي فوق»، أما النصف الثاني فيسير طبقًا لهواه، كما أن المصالح تحدد طريقة عمل الإعلاميين.


وماذا عن إعاقة النظام السياسي لعمل الأحزاب السياسية؟

لا توجد أحزاب سياسية في مصر، ولكن هذه المنابر ينطبق عليها قوله تعالى: «الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»، (التوبة 97)، لأن رؤساء الأحزاب يبحثون عن مصالحهم، ويحركون هذه الأحزاب في هذا الاتجاه، ولكن المفروض أن يكون الهدف هو مصلحة مصر، وألا تكون هناك خلافات على تحقيق هذا الهدف، ولكن البحث عن المصالح الشخصية لقيادات الأحزاب، هو السبب الرئيسي في تراجع هذه المؤسسات؛ ولذلك السيسي ضرب بهذه الأحزب «عرض الحائط»، والقيادة السياسية ليست مسئولة عن تراجع دور هذه الكيانات السياسية.


هل النظام بالفعل يسعى لتصفية مرشحي الرئاسة المحتملين؟

هذا الكلام غير صحيح، النظام لا يشوه مرشحين، ولكن أنا أريد أن أطرح أمرًا: إذا كان هناك بالفعل مرشحون محتملون للرئاسة، فليقولوا لنا ما البديل للقرارات الاقتصادية المؤلمة التي ينتقدونها، والحقيقة أن هذه القرارات «حتمية» ليس لها بديل، ولكنها كانت تحتاج «تهيئة» للمناخ العام، ولو كان هناك مرشح حقيقي أمام السيسي، لكانت هذه القرارات سببت «حرجًا» له، ولكن الرئيس لم يجامل الشعب.


هل باع النظام القضية الفلسطينية؟

السيسي والمصريون يدعمون القضية الفلسطينية، ولكن حماس تدعم اغتيال الشعب المصري، وإسرائيل وإيران تمدان حماس بـ«أدوات حفر الأنفاق»، ولذلك العمليات الإرهابية «تتورط» فيها أياد داخلية وخارجية، والرد لابد أن يكون بغلق الحدود مع قطاع غزة.


هل بالفعل السيسي قضى على جماعات الإسلام السياسي؟

لا.. جماعات الإسلام السياسي تعمل بنشاط على طريقة «المجموعات العنقودية»، كل جماعة منهم عبارة عن «كلاب  مسعورة» لاصطياد ضباط الجيش والشرطة، أنا شخصيًا تعرضت لمشكلة، فقد تم وضع «شنطة» متفجرات تحت سيارتي، هذه الجماعات لا تفرق بين شخص له وجهة نظر مغايرة لهم، وبين الأبرياء الذين قد يسقطون بسبب هذه العمليات الإرهابية.


كما أن جماعات الإسلام السياسي تبنت سياسة «تخويف وترهيب» ضباط الشرطة والجيش، والشعب يجب أن يلتحم لـ«مطاردة» هذه الجماعات.


ولكن هناك تقارير دولية تشير لتعرض الموجودين في السجون لانتهاكات؟

لا توجد انتهاكات أو تعذيب.. كان عندي لجنة امتحان لعدد من طلاب الإخوان، وأخذوا حقهم كطلبة، وقوات الشرطة تؤمن هؤلاء لأداء الامتحانات في الأقسام أو حتى في السجون، و«صحتهم حلوة»، كما أن أهالي هؤلاء الطلاب كانوا موجودين معهم، ومصطلح «الإسلام السياسي» قصة غربية يراد بها ضرب الإسلام بالإسلام، ويراد أيضًا تصعيد الحرب لتكون بين «السنة والشيعة».


وماذا عن رجال الأعمال وإجبارهم على التبرع للمشروعات؟

لولي الأمر أن يفرض هذه التبرعات، وهذا الأمر من الواجب أن يكون «طواعية»، وفي الخارج، رجال الأعمال يدفعون الضرائب والالتزامات المالية «طواعية»، السيسي لم يظلم رجال الأعمال.   


هل السيسي يهتم بالفقراء؟

نعم.. السيسي والدولة «يهتمان» بالفقراء.. ولكن الوضع الاقتصادي نقل أعدادًا كبيرة من الشريحة المتوسطة، لـ«شريحة محدودي الدخل»، الطبقة الوسطى «تتآكل»، والنظام يساند هذه الشرائح، مثل قرار إيقاف «ضريبة الأطيان الزراعية»، وهناك دعم للفقراء على الخبز والسلع التموينية.


ما أبرز الملفات التي سيهتم بها السيسي لو فاز بولاية ثانية؟

ملف رفع الدعم خلال حد أقصى 5 سنوات، ملف الإسكان، والدولة بذلت جهدًا كبيرًا في هذا الملف، وخلال الـ5 سنوات من المتوقع أن تنتهي الدولة من ملف العشوائيات، كما أنه لابد من تنفيذ مشروعات استثمارية على مستوى المحافظات الطاردة للسكان حتى لا يأتوا للقاهرة، بمعنى اتخاذ سياسات تساعد على تثبيت السكان في أماكنهم.


ومن الملفات المهمة: ملف المياه، وهذه معركة ستكون حاسمة مع إثيوبيا التي لم تسلم للجنة الفنية رؤيتها حول «سد النهضة»، وهو ملف في منتهى الخطورة، كما أن وزارة الزراعة يجب أن يكون لديها خطة لتغيير «نظم الري»، والاستخدام المقنن للمياه.