رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«القرارات الصعبة».. كيف تنقذ الحكومة الميزانية بـ«صعق مصلحة المواطن»؟!

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


يتحدث السيسي دائمًا عن «القرارات المؤلمة»، ودورها في النهوض بـ«الاقتصاد»، بل يراها «دواءً مرًا» لا مفر منه، ويراهن على صبر المصريين لتحمل هذه القرارات «الصعبة».


ولكن على أرض الواقع، فإن هناك غضبًا اجتماعيًا ضد هذه القرارات، والغالبية العظمى من الشعب، لا تعبر عن هذا الغضب في صورة احتجاجات خوفًا من الإجراءات التي تتخذها الدولة.


في 3 نوفمبر 2016، أعلن «البنك المركزي»، تحرير سعر صرف العملة، وتحديد سعر «استرشادي» للدولار الأمريكي أمام العملة المحلية بقيمة 13 جنيهًا، وبررت الحكومة هذه الخطوة بالسعي نحو تقليص الفجوة بين سعر الدولار الرسمي، وقيمته في السوق السوداء.


كما برر الرئيس هذا القرار قائلًا: «لما خدنا قرار تعويم الجنيه كنا عارفين إنه هتكون ليه تأثيرات صعبة على كل المصريين، بس إحنا كنا عارفين كمان إنه هيدي فرصة حقيقية لمصر إنها تصدر صناعة وزراعة بشكل كبير».


استمرت القرارات «المؤلمة» التي قصمت ظهر المصريين؛ ففي 23 مارس 2017، صدر قرار زيادة سعر تذكرة المترو إلى جنيهين للتذكرة الكاملة، وجنيه ونصف الجنيه لـ«الأنصاف»، وجنيه لذوى الاحتياجات الخاصة.


أما آخر القرار المؤلمة، فكان قرار رفع أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 42 و55 في المئة، كما ارتفع سعر أسطوانة الغاز إلى الضعف، من 15 إلى ثلاثين جنيهًا.


وتعد زيادة الوقود تلك هي الثانية منذ قرار الحكومة تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية، والثالثة منذ تولي السيسي رئاسة الدولة.


ورغم الغضب الشعبي ضد هذه القرارات، إلا أن الحكومة ترى أن تلك القرارات كان محركها الرئيسي «إيجاد حلول جذرية بعيدًا عن المسكنات للمشكلات التي يواجهها الاقتصاد، كإرث ثقيل لعقود ماضية، وتحقيق نمو اقتصادي حقيقي».


والسؤال الآن: هل بالفعل هذه القرارات لها فوائد على الاقتصاد كما يردد السيسي، وكما تقول الحكومة.. أم أن الشعب المصري سيظل يكتوي بنارها إلى الأبد؟


في البداية.. يقول صلاح الدين فهمي، الخبير الاقتصادي، إن هذه القرارات هي في صالح «الاقتصاد القومي»، ولكنها ضد المواطن، مشيرًا إلى أن هذه القرارات، تشبه الطبيب الذي يجري عملية جراحية: «العملية تنجح ولكن المريض يموت»، لافتًا إلى أن المصريين عرفوا الآن ما يسمى بـ«الخميس الأسود» الذي دائمًا ما تصدر فيه القرارات الخاصة برفع الأسعار.


وتابع: «الدولة عندها مشكلة في التضخم.. تضخم رهيب.. البنك المركزي زود الفائدة 2 %، فاللي واخد 15 ألف من البنك مثلا، هيدفع 17، هذه الأمور ترهق المستثمر، والمقترض»، لافتًا إلى أن هذه القرارات في صالح الدولة، ولكن ليست في صالح المواطن.


في نفس السياق، قال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن هذه القرارات تأثيرها سيئ على الاقتصاد، ولن يكون لها مردود في المستقبل، فماذا ستفعل الحكومة لو ارتفعت أسعار المشتقات البترولية عالميًا بصورة كبيرة، هل سيتم التعامل مع المواطنين بالأسعار العالمية، التي بالطبع لن يتحملونها، أم أن الدولة «هترجع الدعم تاني لو شالته».


وتابع: «الدين العام أصبح مثل كرة الثلج الضخمة.. هذا الأمر يحدث وهناك نسبة من الدعم، ولسه مصر في تلت الطريق مع صندوق النقد الدولي»، هناك عجز في الموازنة 10%، ومع استمرار هذه السياسات، الدين «هيزيد»، والفوائد أيضًا، حتى نصل  لمرحلة تكون كل الموارد حتى المخصصة للدعم، سيكون عليها فوائد.


وبشأن حديث الحكومة عن فوائد هذه القرارات، قال «النحاس»: «كلام الحكومة أحلام.. احتمال يكون من تأثير عفاريت عدلي علام»، مشيرًا إلى أن الحكومة عليها البحث عن موارد، تخفض العجز في الموازنة، تخفض أقساط الديون، حتى إذا حدثت أزمة في الاقتصاد العالمي، تظل الدولة «واقفة على رجلها»، ولكن استمرار تضخم الدين «هيكون ليه نهاية سودة».


وأشار «النحاس» إلى أن القرارات «المؤلمة» تعالج خللًا في الموازنة، ولكنها لا تكون سببًا في جلب الاستثمارات، دون معرفة الطريقة الخاصة بـ«تخفيض الدين».


في سياق مختلف قال الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين لـ«الدراسات السياسية والاقتصادية»، إن رفع الدعم يأتي ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تقدمت بها الدولة لـ«صندوق النقد الدولي» منذ 4 سنوات، وهي خطة موضوعة من 2013، أي أنها ليست جديدة.


وتابع: «الدعم الموجه للمواد البترولية كان يستفيد منه غير المستحقين، ويأكل 35 % من الموازنة العامة للدولة، ورفع عن المواد البترولية يؤدي لوجود استقرار نسبي في الموازنة، وليس إصلاحًا كليًا؛ لأن هذه الموازنة توارثت أكثر من 85% من ديونها من النظم الاقتصادية السابقة.


وعن فوائد «القرارات المؤلمة» التي تتخذها الحكومة، قال «عامر»: هذه الفوائد تكون على المدى البعيد، بحيث يتم استقرار الدين، وتقليل حجم القروض.