رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر وعود السيسي بتسليم المشروعات القومية بعد انتخابات الرئاسة بشهر

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن كل المشروعات التي وعد بها المصريين ستنتهي في 30 يونيو 2018، مؤكدًا أن الدولة تعمل على إنهاء جميع المشروعات التنموية في هذا الموعد.


كما وعد رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، المصريين بتحسين الوضع الاقتصادي خلال سنتين أو ثلاثة، عندما قال: «إن المواطنين سوف يشعرون بالتحسن الاقتصادي، وفائدة القرارات الإصلاحية خلال سنتين أو 3 سنوات».


هذه التصريحات من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، أثارت الجدل لاسيما أن تحقيق هذه الوعود، سيكون بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، التي سيتم إجراؤها خلال الفترة من 8 فبراير 2018، وحتى 8 مايو 2018، أي أن الرئيس الجديد سيكون معروفا قبل 30 يونيو 2018، وهو اليوم الذي وعد فيه الرئيس بتسليم كل المشروعات للمصريين.


عن هذا الموضوع تقول الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن حل المشكلة الاقتصادية في مصر خلال سنتين أو ثلاثة كما قال رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، شيء طبيعي، طبقا للمشروعات القومية الكبرى وتوسيع رقعة الموارد الاقتصادية للدولة، والتوسع في سيناء والوادي الجديد، وتنمية الصعيد، وعمل خطوط عرضية مع البحر الأحمر، وتأمين مصادر الطاقة والبنية الأساسية من الطرق والكباري، وتطوير العشوائيات، وكلها آفاق جديدة للنمو، واستغلال الموارد الاقتصادية بشكل أفضل، وهذا شيء إيجابي جدا، لكن السؤال الجوهري هو مدى قدرة الدولة في عمل توازن بين الفترات القصيرة والمتوسطة والطويلة، مشيرة إلى أن ما تقوم به الحكومة الآن، مشروعات طويلة الأمد، لذلك فإن حجم الإنفاق العام على هذه المشروعات ضخم جدا جدا، وفي بعض الأحيان لا يتم هذا الإنفاق بالرشد الاقتصادي المطلوب.


وتساءلت «الحماقي»: هل لدى الحكومة خريطة أولويات اقتصادية واضحة، وهل هذه الأولويات مقسمة على الفترات الزمنية القصيرة والمتوسطة والطويلة، وهل دور الحكومة والرئاسة ومنظمات المجتمع المدني تسير في اتجاه واحد لتحقيق التنمية، وهل هناك اهتمام بزيادة القدرة الإنتاجية في الفترة القصيرة؟، مشيرة إلى أن الإجابة عن هذه الأسئلة تحدد بشكل كبير إلى أي مدى يمكن تحقيق ما قاله رئيس الوزراء وتحقيق نقلة اقتصادية.


وأكدت أستاذ الاقتصاد، أن الحكومة تخدم على البرنامج الاقتصادي لرئيس الجمهورية، وهو برنامج طويل الأجل، لكن المشكلة في عدم وجود أحزاب سياسية قوية تقترح عددًا من الحلول الاقتصادية، منها: البدء بتشغيل الطاقات العاطلة من أجل زيادة الإنتاج، وتشغيل المصانع المتوقفة، ودعم صغار المزارعين، ودعم صغار الصيادين، من خلال رفع طاقتهم الإنتاجية، بالإضافة إلى ضرورة عمل التمكين الاقتصادي للفقراء، لاسيما وأن نسبة الفقر بعد تعويم الجنيه، أصبحت أكثر من 50%، بعد أن كانت حوالى 29% قبل التعويم، بحيث يتم تحويل هؤلاء الفقراء إلى منتجين مثلما حدث في البرازيل والكثير من الدول، مشيرة إلى أن الدعم النقدي سيؤدي إلى تحويل البلد لـ«شحاتين» وليس منتجين، لافتا إلى أنها لا ترى ذلك يتم بالشكل المطلوب بما يحقق ما يقوله رئيس الوزراء.


وأكدت «الحماقي»، أن مصر تحمل آفاقًا واعدة جدا للنمو، ولديها فرص ربحية غير موجودة في أي مكان في العالم، ولكن مطلوب وجود رؤية واضحة تركز على خريطة الأولويات والفترة القصيرة، واستغلال الطاقات العاطلة المهدرة، وترشيد التكاليف، ورفع كفاءة الأداء، ومتابعة الأداء، وإخلاص في العمل، وتمكين المرأة اقتصاديا، وهذا للأسف غير موجود.


وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن عدم شعور الناس بثمرة المشروعات التي يتم افتتاحها شيء طبيعي جدا، لأنه لا يوجد بلد في العالم تفعل ما تفعله الحكومة المصرية، فلا يوجد بلد تقوم ببناء مساكن لكل الناس غير القادرين دون أن تقوى قدرة غير القادرين على دفع تكلفة هذه المساكن، والصرف على صيانة هذه المنازل، مشيرة إلى أن استخدام نظام الإيجار بدلا من التمليك أفضل بسبب الفساد، لكن لابد أن يصاحب ذلك خطة للتمكين الاقتصادي، منوهة إلى أن إهمال البعد الاقتصادي، وسيطرة البعد السياسي والاجتماعي على متخذ القرار هو ما يغرق البلد أكثر في المشاكل الاقتصادية.


وعن تسليم الدولة لكل المشروعات التي وعدت بها في شهر يونيو 2018 قالت "حماقي"، إنها تؤيد ذلك وتثنى عليه، لأن معنى ذلك أن الحكومة تخضع للمساءلة، لكنها تخشى من وجود بعد سياسي لهذه التصريحات، ولم تستبعد علاقة بين هذه التصريحات وبين الانتخابات الرئاسية القادمة، مشددة على أن الإنتاج هو الكلمة السحرية للنهوض الاقتصادي، مشيرة إلى أن الحكومة تهتم بمظهر الاقتصاد أكثر من جوهره، لكن هناك جهودا لا يمكن إنكارها.


من جانبها تقول الدكتور عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة في جامعة القاهرة، إن كلام رئيس الوزراء عن خروج مصر من أزماتها الاقتصادية خلال سنتين أو ثلاثة ليس له معنى، لأنه كلام مطاط وغير محدد، مشيرة إلى أنه منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم، ويقال إن الدنيا بعد سنتين هتبقى ذي الفل، متسائلة عن الأسس التي بنى عليها رئيس الوزراء هذه التصريحات، مشيرة إلى أنه طبقا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي فمدة البرنامج ثلاث سنوات، مر منهم سنة وباقي سنتين، وبالتالي يمكن أن يكون رئيس الوزراء قد ربط كلامه بانتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي المعد سلفا، لكن ثلاثة سنوات كثيرة جدا، بالإضافة إلى أنه بعد مرور عامين سوف تبدأ الدولة في تسديد الالتزامات المالية المستحقة عليها من برنامج الإصلاح. متسائلة: هل سيتم تمديد البرنامج الاقتصادي سنة أخرى حتى تتحسن الأمور؟


وأضافت «المهدي»، أن بداية المؤشرات سوف تظهر بداية العام القادم، بعد تطبيق الموازنة العامة الجديدة، فلو نجحت الحكومة في تخفيض عجز الموازنة إلى 9%، وزادت الإيرادات بشكل أكبر، وتراجع عجز الميزان التجاري من خلال زيادة الصادرات، وزادت الاستثمارات الأجنبية، وانتعشت السياحة، فهذه كلها مؤشرات إيجابية تبشر بالخير.


وعن سبب عدم انعكاس المشروعات التي يتم افتتاحها إيجابيا على حياة المواطن، أكدت أستاذ الاقتصاد، أن تحسن الوضع الاقتصادي للمواطن يتطلب تخفيض نسبة التضخم، وبالتالى مهما حققت الحكومة من إنجازات لا قيمة لها في ظل ارتفاع معدلات التضخم، والتي وصلت لمعدلات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الأولى، وبالتالي في ظل وضع المواطن الفقير، وثبات الأجور وزيادة معدلات الأسعار بهذه الطريقة لن يتحسن وضع المواطن، وبالتالي على الحكومة أن تفعل شيئًا أمام هذا الوضع الكارثي للتضخم، لأنه طالما أن نسبة التضخم في ازدياد، سيكون هناك ارتفاع في نسبة الفقر بصفة مستمرة ودخول نسبة كبيرة من أبناء الطبقة المتوسطة للطبقة الفقيرة.


وعن افتتاح المشروعات التي وعدت بها الحكومة في 30 يونيو 2018 بعد الانتخابات الرئاسية، قالت «المهدي»، إن هذه تصريحات سياسية أكثر منها اقتصادية، وربما يكون لها علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة، وهذا شيء طبيعي في ظل التنافس السياسي.


أما الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، فقال إن كل المؤشرات الاقتصادية لا تدعم كلام رئيس الوزراء، مشيرًا إلى أنه مطلوب أكثر من مليار جنيه فوائد يوميا وستزيد الفترة القادمة، والعجز بلغ أكثر من 10% ولا يوجد موارد لسد هذه الالتزامات، إضافة أن معدل الاحتياطي في البنك المركزي سينقص الفترة القادمة، كما أن الموارد الدولارية سوف تتأثر بشدة، وسوف تواجه تحويلات المصريين في دول الخليج أزمة، لاسيما تحويلات المصريين في قطر والتي تبلغ 1.6 مليار دولار، بسبب التوترات السياسية في المنطقة.


وحذر «النحاس»، من أن الرئيس القادم – مهما كانت هويته – سيرث تركة صعبة جدا، وسيرث اقتصادًا مثقلًا بالديون والمشاكل، ويعاني أزمة نقد أجنبي خطيرة، ومعدل فقر مرتفع جدًا.