رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بيزنس السحر والشعوذة.. «ياما في الجراب يا حاوي»

السحر والشعوذة -
السحر والشعوذة - أرشيفية


على الرغم من التطور العلمي والتكنولوجي الذي شهدته البلاد خلال الفترة الماضية؛ إلا أنه يوجد كثير من المواطنين يؤمنون بالسحر وتسخير الجن؛ لقضاء العديد من الحوائج سواء المسموح بها أو حتى الأشياء غير الأخلاقية؛ ما فتح المجال أمام العديد من الدجالين والمشعوذين الذين وجدوا اعتقادات الناس بهذه الأمور بابًا للنصب عليهم، والاستيلاء على أموالهم بجميع أساليب النصب المستخدمة.


وأصبحت حالات النصب على المواطنين من قبل «المشعوذين» والدجالين لها العديد من الطرق المختلفة، ونكشف عبر السطور التالية، أسرار عالم النصب والشعوذة والنصب على المواطنين.


الإحصائيات تكشف المستور

وكشفت الدراسات التي أعدها المركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن هناك أكثر من 500 ألف شخص يعملون في مجال «الدجل والشعوذة» بمصر، منهم 87% ينصبون  على المواطنين، ويستولون على أموالهم في المحافظات المختلفة، كما يستفيد من ورائها عدد آخر من مهن أخرى مثل "العطارين" الذين يوفرون البخور وبعض الطلبات الغريبة للمشعوذين.


وأشارت الإحصائيات الخاصة بالدراسة، إلى أنه على الرغم من الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها مصر وارتفاع الأسعار؛ إلا أنه يوجد أكثر من 60% من المواطنين الذين يصنفون تحت خط الفقر، ويعطون أموالهم القليلة للنصابين و«المشعوذين»،  حيث تنفق مصر أكثر من 25 مليار جنيه حجم التجارة في أعمال السحر والشعوذة.

 

كما كشفت الدراسات أن إجمالي الأموال التي تستخدم في أعمال السحر والنصب تصل في العديد من الوقائع إلى مليار جنيه كل عام، ينفقها المصريون على هذه الأعمال، وغالبًا ما يتعرضون للنصب.


وأرجعت الدراسات أسباب استمرار عمل الدجالين في النصب على المواطنين على الرغم من التطور التكنولوجي الهائل الذي تشهده البلاد، إلى اعتقادات المصريين بقدرات هؤلاء الدجالين على القيام بأعمال السحر المختلفة، ويأتي هذا الأمر من خلال إيمانهم بالجن وأعمال السحر في زمن الفراعنة، ثم مع الرومانيين في المسيحية ومع العرب في الإسلام، مشيرة إلى أن خوف المواطنين من العوالم الأخرى مثل الجن والشياطين جعلهم يؤمنون بدور الدجال وقدرته على التواصل مع العوالم الأخرى؛ بل وقدرته على استعباد الجن وتسخيره في فعل ما يريده من أعمال.


وأوضحت الدراسات أن كل هذه المعتقدات جعلتهم يؤمنون بدور هؤلاء الدجالين في حل كثير من المشاكل المستعصية من خلال أعمال السحر وتسخير الجن بالطرق المختلفة،  مثل حل مشاكل، تأخر سن الزواج، أو عدم الإنجاب والعقم، أو علاج الضعف الجنسي، أو المشاكل الزوجية، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 385 طريقة يستخدمها «الدجالون» في النصب على المواطنين، وإيهامهم بقدرتهم على أعمال السحر وتسخير الجن، موضحة أن هذا الأمر جعلهم يستغلون عمليات النصب للتربح بشكل محترف.


وكشفت الدراسات أن أكثر المحافظات التي ينتشر فيها الدجالون هي: القاهرة والجيزة والقليوبية، ثم تأتي بعد ذلك محافظات الدلتا: من المنوفية والبحيرة والشرقية، ثم تأتي بعد ذلك محافظات الصعيد، كما أوضحت أن الفئات الأقل دخلا هي الأكثر تعرضًا لعمليات النصب من الدجالين؛ لإيمانهم الكبير بالسحر، وتصل نسبتهم إلى 68%، بالإضافة إلى أن هناك نسبة كبيرة الأثرياء وأصحاب الطبقات الراقية في المجتمع لعمليات نصب من قبل الدجالين والمشعوذين.


الأجهزة الأمنية تشن حملاتها على الدجالين

من جانبها شنت الأجهزة الأمنية العديد من الحملات المكثفة على  شبكات تجارة الوهم؛ لضبط كل من يلقب نفسه باسم "شيخ روحاني" أو "دكتور في عالم السحر"، في جميع المحافظات؛ لمنع عمليات النصب على المواطنين.


ونجحت قوات الأمن خلال الفترة الماضية في ضبط العديد من هذه العصابات، حيث تم ضبط أكثر من 3856 شخصًا يعملون في مجال السحر والشعوذة في جميع أنحاء الجمهورية، ويوهمون المواطنين بقدرتهم على تسخير الجن وفك أعمال السحر، والذين اعترفوا بالنصب على المواطنين.


وكان أبرز من تم القبض عليهم، الشيخ "سعيد المغربي" أشهر دجال في القاهرة والذي ينصب على ضحاياه، مدعيًا قدرته على استخدام السحر الأسود لجلب الحبيب، وعلاج العقم وتحقيق الأحلام، وتم القبض عليه في منزله بجوار مسجد السيدة زينب، مدعيًا أنه أتى من المغرب من أجل العمل في السحر بمصر، واستطاع النصب على العديد من المواطنين،  حتى وصلت الأموال التي كانت معه إلى أكثر من 2 مليون جنيه.


اعترافات صاحب صفحة الدكتور طارق الرفاعي

والحادثة الأبرز التي كشفتها الأجهزة الأمنية هي سقوط "طاهر. إ. أ"، 51 سنة، عامل بالهيئة العامة للمطابع الأميرية، ومقيم روض الفرج، بالقاهرة، صاحب صفحة الدكتور طارق الرفاعى لأعمال السحر، والمتهم بالنصب على العديد من السيدات؛ عن طريق الدجل والشعوذة، والاستيلاء على مبالغ مالية منهن، ومعاشرتهن جنسيًا.

 

وقال المتهم فى اعترافاته أمام النيابة العامة: "أنشأت صفحة على فيس بوك تحمل اسم الدكتور طارق الرفاعي لأعمال السحر، وخلال فترة قصيرة انتشرت أخباري، وأصبح يتواصل معي كثير من السيدات؛ لحل مشاكلهن الزوجية، وعلاجهن من العقم، وتزويج العانس، حتى أصبحت من أشهر المشايخ في أعمال السحر على فيس بوك، واستطعت خلال فترة قصيرة الحصول على مبالغ مالية ضخمة".


وقال أيضًا: «عاشر ستات كتير جنسيًا مقابل حل مشاكلهم».

الشيخ مبروك في الإسكندرية

كما كشفت واقعة القبض على "مصطفى م.ب"، 44 سنة، والشهير بالشيخ "مبروك"، أشهر دجال في الإسكندرية، عن مفاجآت خطيرة، حيث أكدت تحقيقات الأجهزة الأمنية أن المذكور، اشتهر باسم الشيخ مبروك، حيث ادعى أنه على علاقة قوية بالعالم السفلي، ويستطيع تسخير الجن فيما يريد، وتوجه إليه العديد من الأشخاص، ولعبت الصدفة دورها معه عندما كانت تحل مشاكل الأشخاص الذين ذهبوا إليه؛ ليأخذ من هذا الأمر «ذريعة» يستطيع من خلالها إيهام ضحاياه بقدراته «الخارقة».


وأضافت التحقيقات، أن الشيخ «مبروك» استطاع خلال فترة وجيزة، تحقيق شهرة واسعة، ليس فقط في منطقة سكنه بالعجمي في الإسكندرية؛ بل وصلت إلى القاهرة، لافتة إلى أن أهالي المنطقة المتواجد بها، يرون الحكايات عن شقته المليئة بالسحر والعفاريت، واستغل الدجال المذكور هذا الأمر، وتوسع أكثر من خلال الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبح يتوافد عليه الناس من كل مكان؛ لتسخير الجن في حل مشاكلهم، كما أنه احترف التنقيب عن الآثار، وإقناع عملائه بقدرته على استخراجها عن طريق «السحر السفلي».


حكايات من دفتر النصب على المواطنين

وكشفت هدى أحمد عبد الناصر، إحدى الذين تعرضوا للنصب على يد دجال يدعى أنه الشيخ محمد النوبي، في تحقيقات الأجهزة الأمنية، بعد أن تم القبض عليه في القطامية يمارس أعمال السحر والشعوذة، عن تفاصيل عمليات النصب عليها.


وقالت "هدى" في التحقيقات، إنها كانت تعانى من عدم إتمام الزواج رغم ارتباطها أكثر من مرة، فذهبت إلى الشيخ بعد أن سمعت عن قدرته على تسخير الجن، والعمل على حل المشاكل، مشيرة إلى أنها ذهبت مع والدتها في المرة الأولى، وأكد لها إتمام الزواج من خطيبها التي معه حاليًا، مقابل بعض الأعمال له، وطلب منها مبلغ 25 ألف جنيه.


وأضافت في التحقيقات، أنه وضع يده على رأسها، وطلب منها أن تغمض عينيها، ثم أخذ يتمتم ببعض الكلمات غير المفهومة، ثم أخبرها أن مشكلتها محلولة، لكن عليها أن تنفذ كل ما يريده، وطلب منها بعض الأدوات التي تحضرها من عند العطار.


وأوضحت أنها عندما ذهبت إليه وأعطته الأموال، أخبرها أنه سوف يجعل خطيبها يقع في حبها ولا يستطيع الاستغناء عنها، مشيرة إلى أنه طلب منها أن تأتي بهذه الأشياء لزوجها وهي: "صورة شخصية – تاريخ الميلاد – اسم الأم – وأي شيء يرتديه، وخصله من شعره، وبعض النقاط من دمائه"، مشيرة إلى أنها اقتنعت بقدرته على تسخير الجن، وحضرت جميع الأشياء له في المرة الثالثة؛ إلا أنه أثناء دخولها العقار المتواجد به وجدت قوات الشرطة تقبض عليه، وعلمت أنها تعرضت لعملية نصب.