رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار «انقلاب» قطر على جبهة محمود عزت.. ودعم «شباب الإخوان»

محمود عزت - أرشيفية
محمود عزت - أرشيفية


تعقدت الأزمة داخل جماعة الإخوان المسلمين، واتسعت «الفجوة» بين فريقين، أحدهما يمثل جبهة القيادات التاريخية، بقيادة محمود عزت، نائب المرشد، ومعه محمود حسين، الأمين العام للجماعة، وإبراهيم منير، نائب المرشد، ومعهم قطاع كبير، يصل تقريبًا إلى نصف مكاتب «الجماعة».


وجبهة أخرى يمثل مركز قوتها شباب «الجماعة»، وتعرف بـ«الجبهة الشبابية»، أو جبهة محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد الراحل، وينتمي لها أغلب شباب الجماعة، فضلًا عن عدد من الرموز البارزة من بينهم عمرو دراج، وزير التعاون الدولى الأسبق، وجمال حشمت، وعلى بطيخ، وأشرف عبد الغفار، عضوا مجلس الشورى العام، ومعهم تقريبًا نصف مكاتب «الجماعة» الأخرى فى داخل مصر.


خلال المرحلة الماضية، اتخذ الفريقان مسارين متوازيين، فقرر كل منهما أن يسير فى طريق مختلف، معتبرًا نفسه الممثل الوحيد للجماعة الأصلية، في حين ينظر للجبهة الأخرى على أنها «منشقة»، فعقدت الجبهة الشبابية انتخابات شاملة، لاختيار ممثلين منتخبين، وشكّلت مكتب إرشاد مؤقت أطلقت عليه اسم المكتب العام، وأصدر مؤخرا عددا من المراجعات، في حين يستعد لطرح رؤية لمواجهة النظام باعتبارها الرؤية الأصلية للجماعة، في مقابل ذلك عقدت جبهة محمود عزت، انتخابات واستكملت المناصب الشاغرة، ورفضت رؤية الجبهة الأخرى ومراجعاتها ولم تطرح بديلا لها.


وسط هذا الصراع، بقي للدول التي تأوي الإخوان في الخارج دور رئيسي في توجيه بوصلة «الجماعة»، وترجيح أي من الكفتين، وفي الوقت الذي قررت تركيا التي استقبلت العدد الأكبر من الإخوان الفارين من مصر عدم التدخل في شئون «الجماعة»، شرعت قطر في لعب دور أكثر قوة لحسم الصراع داخل الجماعة.


في السنوات الأولى التي تلت الإطاحة بجماعة الإخوان من الحكم ظلت قطر داعمة لـ«الجماعة» ومساندة للفعاليات والمظاهرات وغيرها من أشكال الاحتجاج ضد الجماعة، وقت أن كانت جماعة موحدة، ومع تصاعد الأزمة في نهاية ديسمبر 2015، قررت الانحياز لجبهة القيادات التاريخية باعتبارها القيادة الشرعية للجماعة.


طوال العام الماضي، دعمت قطر تلك الجبهة وسهّلت نقل الأموال لها أملًا في قدرتها على لم شمل الجماعة مرة أخرى وبقائها موحدة في وجه النظام المصري، الذي بدأ يخسر عددا كبيرا من مؤيديه نتيجة السياسات الاقتصادية التي أضرت بالفقراء، وحاولت الجمع بين القيادات، وتوصلت إلى صيغة مقبولة وهي تخلي الجميع عن مناصبهم وإجراء انتخابات شاملة لتكوين قيادة جديدة منتخبة وموحدة، ولكنها فوجئت بإصرار جبهة القيادات التاريخية على الاستمرار في مكانها وعدم الاستجابة لرغبتها.


حرصت قطر على عدم خسارة «الجبهة التاريخية»؛ لأنها تمثل ثقلا كبيرا داخل الجماعة، ولكن مع عدم استجابتهم لرغباتها، قررت توجيه «دفة» الدعم للجبهة الشبابية، التي بدأت في كسب أرضية في الجماعة، وبدأت في رعاية الجبهة، وتشكيل هياكلها الجديدة.


بعد تشكيل الهياكل الجديدة سعت قطر لدفع «الجبهة الشبابية»؛ لوضع خطة لمواجهة النظام في مصر مقابل دعمها في ذلك وساعدتها في عمل مراجعات عن الفترة الماضية لكسب مزيد من الشرعية وأفردت وسائل الإعلام المملوكة لها لصالح تلك الدعوة وأصبحت الرموز المنتمية للجبهة مثل عز الدين دويدار وجمال حشمت وعصام تليمة، وجمال عبد الستار، ضيوفًا دائمين على قنوات الجزيرة والعربي المملوكتين لقطر، في حين أفردت المجال في المواقع الإلكترونية المملوكة لها مثل موقع الجزيرة نت، وهافينجتون بوست عربي، لكتابات المنتمين للجبهة الشبابية وأبرزهم عباس قباري، مسئول ملف التقييمات في «الجماعة».


دعمت قطر كذلك تشكيل هياكل علمية وبحثية معاونة لـ«الجماعة»، وأسست مركزا للدراسات يرأسه عمرو دراج، وزير التعاون الدولي الأسبق، حمل اسم المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومهمته عمل أبحاث سياسية لنشرها، ودراسات لتحديد خطة للجبهة لكيفية مواجهة النظام من خلال الاستفادة بالتجارب التاريخية والطرق العلمية في المواجهة، وانضم له عدد من علماء الدين مثل وصفي أبوزيد والباحثين بالتاريخ مثل محمد إلهامي، والباحثين السياسيين المستقلين مثل عصام عبد الشافي وباحثين من دول أخرى مثل الباحث الفلسطيني سعيد الحاج.


وحرصت قطر على دعم قناة «مكملين» التي تحتضن رموز منتمية لـ«الجبهة الشبابية»، مثل حمزة زوبع وأحمد سمير، مقدمى البرامج بالقناة، وأطلق رجال أعمال قطريون قناة أخرى رديفا لها لتقوية موقف الجبهة، وأفردت القناة مساحات واسعة للقيادات بالجبهة الشبابية، وكذلك أوعزت قطر لكثير من الصحفيين غير المنتمين للجماعة والمقيمين في قطر بـ«تعضيد» موقف الجبهة الشبابية، والثناء على تحركاتها، وهو ما فعله كثير منهم، وكان أبرزهم الكاتبين الصحفيين سليم عزوز وسامي كمال، اللذين أيدا مواقف الجبهة وتحركاتها.


أغضبت تلك التحركات قيادات الجبهة التاريخية التي بدأ عدد من قياداتها التلميح لدور قطر في هدم «الجماعة» بتأييدها لـ«الجبهة الشبابية»، ما يضعف قدرتها على السيطرة على الأمور داخل «الجماعة»، وكان تخلي قطر عن الجبهة سببا في الأزمات الاقتصادية التي أدت لانهيار المنبر الإعلامي الرسمي للجبهة، وهو قناة «وطن»، بعد أن توقف رجال الأعمال القطريون عن دعمها، في المقابل قررت الجبهة التعامل بحذر مع قطر، واللجوء للإخوان أنفسهم لحسم هذا الصراع عن طريق التأكيد المستمر بأنهم من يملكون القيادة التاريخية للجماعة، والتمسك ببقائهم في قيادة الجماعة مهما كانت التطورات، ورغم خسارتهم الدعم القطري.